martes, 6 de septiembre de 2016

من قام رمضان إيمانا واحتسابا

0 comentarios
  
  صلاة الليل في رمضان لها فضيلة ومزية على غيرها، لقول النبي : { من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه } [متفق عليه]

وقيام رمضان شامل للصلاة في أول الليل وآخره، وعلى هذا فالتراويح من قيام رمضان، فينبغي الحرص عليها والاعتناء بها، واحتساب الأجر والثواب من الله عليها، وما هي إلا ليالٍ معدودة ينتهزها المؤمن العاقل قبل فواتها ).

وتشرع صلاة التراويح جماعة في المساجد، وكان النبي أول من سنّ الجماعة في صلاة التراويح في المسجد، ثم تركها خشية أن تُفرض على أمته، فلما لحق رسول الله بجوار ربه، واستقرت الشريعة؛ زالت الخشية، وبقيت مشروعية صلاتها جماعة قائمة.
وعلى المسلمين الاهتمام بهذه الصلاة وأداؤها كاملة، والصبر على ذلك لله عز وجل.

   - قال الشيخ ابن عثيمين: ( ولا ينبغي للرجل أن يتخلف عن صلاة التراويح لينال ثوابها وأجرها، ولا ينصرف حتى ينتهي الإمام منها ومن الوتر ليحصل له أجر قيام الليل كله ).

 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، أَنّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : " الْقُرْآنُ وَالصِّيَامُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ ، يَقُولُ الْقُرْآنُ : رَبِّ مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، وَيَقُولُ الصِّيَامُ : رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ ، فَيُشَفَّعَانِ " .


فضل صلاة الليل :

-  وقال : { أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل } [رواه مسلم].


-  وقال :عليه الصلاة والسلام :  أتاني جبريل فقال: يا محمد، عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه،  واعمل ما شئت فإنك مجزي به، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغناؤه عن الناس } [رواه الحاكم والبيهقي وحسنه المنذري والألباني].

قيام الليل درب الصالحين وشرف العابدين وهو فضل الله يوتيه من يشاء:
   -  قال تعالى : ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفاً وطمعاً ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون ) ..

- وفي سورة الذاريات يبرز في سمات عباد الله المتقين التي استحقوا بها جنة الآخرة: {إنَّ الْـمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ 15 آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ رَبُّهُمْ إنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ 16 كَانُوا قَلِيلاً مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ 17 وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الذاريات: 15 - 18].

   قال عليه الصلاة والسلام: {عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين قبلكم، وقربة إلى الله تعالى، ومكفرة للسيئات، ومنهاة عن الإثم،ومطردة للداء عن الجسد } [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني].

   -وفي سورة آل عمران ورد الثناء على طائفة من أهل الكتاب بسبب هذا الفعل: {لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ} [آل عمران: 113]

·        ووصفهم الله تعالى عباد الرحمن بقوله : ( والذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً )

    - قال مخلد بن الحسين : ما انتبه من الليل إلا أصبت إبراهيم بن أدهم رحمه الله يذكر الله ويصلي إلا أغتم لذلك ، ثم أتعزى بهذه الآية { ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء

ولا حظ للعصاة منه
- قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى : إذا لم تقدر على قيام الليل وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ، كبلتك خطيئتك .
 قال رجل لإبراهيم بن أدهم رحمه الله : إني لا أقدر على قيام الليل فصف لي دواء؟!! فقال : لا تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل ، فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف، والعاصي لا يستحق ذلك الشرف .

-       قال سفيان الثوري رحمه الله : حرمت قيام الليل خمسة أشهر بسبب ذنب أذنبته .



حال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القيام :

   -  أمر الله تعالى نبيه بقيام الليل في قوله تعالى: { يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً (2) نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } [المزمل: 1-4].

   -  وقال سبحانه: { وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً } [الإسراء: 79].

  -  وعن عائشة رضي الله عنها قالت: { كان النبي يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه. فقلت له: لِمَ تصنع هذا يا رسول الله، وقد غُفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: أفلا أكون عبداً شكوراً؟ } [متفق عليه].

  وهذا يدل على أن الشكر لا يكون باللسان فحسب، وإنما يكون بالقلب واللسان والجوارح، فقد قام النبي بحق العبودية لله على وجهها الأكمل وصورتها الأتم، مع ما كان عليه من نشر العقيدة الإسلامية، وتعليم المسلمين، والجهاد في سبيل الله، والقيام بحقوق الأهل والذرية، فكان كما قال ابن رواحة:

وفينا رسول الله يتلو كتابه *** إذا انشق معروفٌ من الصبح ساطعُ
أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقناتٌ أن ما قال واقع
يبيت يجافي جنبه عن فراشه *** إذا استثقلت بالمشركين المضاجع

  -  وعن حذيفة قال: { صليت مع النبي ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها، يقرأ مُتَرَسلاً، إذا مرّ بآية فيها تسبيح سبّح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مر بتعوّذ تعوذ... الحديث } [رواه مسلم].

  -  وعن ابن مسعود قال: { صليت مع النبي ليلة، فلم يزل قائماً حتى هممت بأمر سوء. قيل: ما هممت؟ قال: هممت أن أجلس وأَدَعَهُ ! } [متفق عليه].

    *  قال ابن حجر: ( وفي الحديث دليل على اختيار النبي تطويل صلاة الليل، وقد كان ابن مسعود قوياً محافظاً على الاقتداء بالنبي ، وما هم بالقعود إلا بعد طول كثير ما اعتاده ).


-  وعن عبد الله بن عمير قال: (دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت: حدثينا بأعجب شيء رأيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبكت، فقالت: قام ليلة من الليالي فقال: يا عائشة! ذريني أتعبد لربي، قلت: والله إني لأحب قربك، وأحب ما يسرك، ثم قام فتطهر فقام يصلي، فلم يزل يبكي حتى بل حجره، ثم بكى فلم يزل يبكي حتى بل الأرض، وجاء بلال يؤذنه للصلاة، فلما رآه يبكي قال: يا رسول الله! تبكي وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! قال: أفلا أكون عبداً شكوراً، لقد نزلت علي الليلة آيات ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ} [البقرة:164]).

-  وسيدنا علي يقول: ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، وما كان فينا أحد إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث تحت شجرة يصلي ويبكي ويدعو إلى الصباح، وبهذا يتنزل النصر.

حال السلف في القيام :


وتتضح هذه الحقيقة ثالثـاً في سـيرة سـلفنا الصالح - رحمهم الله - في إحياء ليلهم بالصلاة وتدبُّر القرآن والدعاء والاستغفار..

  -  فقد وصفهم صاحبهم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بقوله: (لقد رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أرى اليوم شيئاً يشبههم، لقد كانوا يصبحون شعثاً غبراً صفراً؛ قد باتوا لله سجداً وقياماً، يتلون كتاب الله، يراوحون بين جباههم وأقدامهم...
                                                  
- وقال عنهم أيضاً ابنه الحسن - رضي الله عنهم أجمعين -: (إن من كان قبلكم رأو القرآن رسائل من ربهم فكانوا يتدبرونها بالليل، ويتفقدونها في النهار)

بل كانوا يحرصون على ذلك حتى بالسفر. قال ابن أبي مليكة سافرت مع ابن عباس - رضي الله عنهما - من مكة إلى المدينة فكان يقوم نصف الليل فيقرأ القرآن حرفاً حرفاً، ثم يبكي حتى تسمع له نشيجاً.

-  قال الحسن البصري: ( لم أجد شيئاً من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل ).

-  وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلى، ثم يقول: اللهم إن جهنم لا تدعني أنام، فيقوم إلى مصلاه.

-  وكان طاوس يثب من على فراشه، ثم يتطهر ويستقبل القبلة حتى الصباح، ويقول: طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين !!

-  وكان زمعة العابد يقوم فيصلي ليلاً طويلاً، فإذا كان السحر نادى بأعلى صوته: يا أيها الركب المعرِّسون، أكُل هذا الليل ترقدون؟ ألا تقومون فترحلون !! فيسمع من هاهنا باكٍ، ومن هاهنا داع، ومن هاهنا متوضئ، فإذا طلع الفجر نادى: عند الصباح يحمد القوم السرى !!

  - قال يزيد بن أبان الرقاشي رحمه الله : إذا نمت فاستيقظت ثم عدت في النوم فلا أنام الله عيني .

لماذا  كان لقيام الليل هذه الفضل كله :



هو ليل السكون وحلاوة العبادة والتأمل والبعد عن مشاغل الدنيا :
  - قال ثابت البناني : ما شيء أجده في قلبي ألذُّ عندي من قيام الليل.

ولهذا قال تعالى : {هِيَ أَشَدّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا } أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار , لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش,
·        إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيراً في القلب، وأبين قولا؛ لفراغ القلب من مشاغل الدنيا.


-    قال معمر : صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء الآخرة فسمعته يقرأ في صلاته : {تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا } فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ، ثم خرجت إلى بيتي ، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا }.

وفيه يخلو كل محبوب بمحبوبه :
·        ومن اختار الله على أفضل شيء يحبه وهو النوم والكسل قربه الله وفتح عليه .  

  - وعن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: «إنَّ أَقْرَبَ مَا يَكُونُ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ العَبْدِ جَوْفَ اللَّيْلِ الآخِرِ، فَإنْ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَكُونَ مِمَّنْ يَذْكُرُ الله عَزَّ وَجَلَّ فِي تِلْكَ السَّاعَةِ فَكُنْ، فَإنَّ الصَّلاةَ مَحْضُورَةٌ مَشْهُودَةٌ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ..». أخرجه الترمذي والنسائي.

 -  أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسين بن زياد رحم الله ، فقال له : يا حسين : ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول الرب : كذب من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ؟!! أليس كل حبيب يخلو بحبيبه ؟!! ها أنا ذا مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل ،.....، غداً أقر عيون أحبائي في جناتي .

ومن اختلا بالله بماذا يرجع ؟ :
                                                                                                                                                                                                                                                                                             
-  قال عليه الصلاة والسلام : « بشر المشائين في الظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة » [رواه أبو داود والترمذي وصححه الألباني]. 

   - قال سعيد بن المسيب رحمه الله : إن الرجل ليصلي بالليل ، فيجعل الله في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم ، فيراه من لم يره قط فيقول : إن لأحبُ هذا الرجل !! .

   - قيل للحسن البصري رحمه الله : ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟ فقال لأنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره .

فالذي يتخرج من مدرسة الليل رقيق، تطيب القلوب وترق من النظر إليه، وقد ذكر شيخنا الألباني حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أولياء الله الذين إذا رءوا ذكر الله تعالى لرؤيتهم)، فكيف بمن عاشرهم؟! كيف بمن تربى على أيديهم؟ فمجرد الرؤية تجعل الرجل يذكر الله، بل والله مجرد سماع كلام بعضهم، فأينا يقرأ كلام ابن القيم ولا يرق قلبه.

وكان الناس إذا رأوا وجه محمد بن سيرين سبحوا وعظموا الله من آثار النور الذي على وجهه.

وهذا الحافظ عبد الغني المقدسي رفيق الإمام ابن قدامة في العلم وابن خالته، كان إذا خرج من بيته اصطف الناس لرؤية وجهه، وبات معه رجل شمسي -ممن يعبد الشمس- فلما رأى نحيبه طيلة الليل وتهجده زفر الرجل زفرة خرج الكفر بها من صدره.
فالمتهجدون بالليل من أحسن الناس وجوهاً؛ لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من نوره، وسيماهم في كلامهم مثلما هي في وجوههم.

وكلام السلف قليل كثير البركة، وكلام غيرهم كثير قليل البركة، فقد قالوا لـ يوسف بن عبيد: هل رأيت من يعمل بعمل الحسن؟ قال: يا سبحان الله! والله ما رأيت من يتكلم بكلامه حتى أرى من يعمل بعمله! إن الحسن كان إذا تكلم أدمى القلوب، ووعظ غيره لا يبكي العيون.

في الليل تقضى الحاجات وتتنزل الرحمات


 -    عن جابر رضي الله عنه قال: سمعت النبي- صلى الله عليه وسلم- يقول: «إنَّ فِي اللَّيْلِ لَسَاعَةً لا يُوَافِقُهَا رَجُلٌ مُسْلِمٌ يَسْأَلُ الله خَيْراً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، إلَّا أَعْطَاهُ إيَّاهُ، وَذَلِكَ كُلَّ لَيْلَةٍ». أخرجه مسلم.

                                                 وتحت هجيع الليل ترتفع المقامات :
فهل النائمون ملئ جفونهم مثل الواقفين بين يدي الله

وإن الناظر في النصوص الشرعية عن حقيقة هذه العبادة تتجلى له مقاصدها في عدة إشراقات قرآنية، وفضائل نبوية تظهر أولاً في كتاب الله - عز وجل - بكون التهجد بالصلاة هو الصلة الدائمة بالله المؤدية للمقام المحمود الذي وعده محمداً صلى الله عليه وسلم فما أحوج الآخرين من أمته للاقتداء به لينالوا علوَّ المقام ورفعة الدرجات؛ ففي سورة الإسراء: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مُّحْمُوداً} [الإسراء: 79]!


فهل يستوي القائمون والنائمون :؟!!

-  وفي إشراقة أخرى في سورة الزمر يأتي تفضيل القانت الخاشع على غيره: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً}. [الزمر: ٩]

وفي بيان عذب منه صلى الله عليه وسلم بيَّن لأمته أنَّ فاعل ذلك محبوب عند الله؛ فبين أن اللهَ يُحِبُّ ثَلَاثَةً ويبغض ثلاثا، وذكر منهم: «رَجُلٌ سَافَرَ مَعَ قَوْمٍ، فَارْتَحَلُوا، حَتَّى إِذَا كَانَ مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ وَقَعَ عَلَيْهِمُ الْكَرَى، أَوِ النُّعَاسُ، فَنَزَلُوا، فَضَرَبُوا بِرُؤوسِهمْ، ثُمَّ قَامَ، فَتَطَهَّرَ، وَصَلَّى رَغْبَةً لِلَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَرَغْبَةً فِي مَا عِنْدَهُ»[1]

أن مدرسة الليل هي مدرسة الإخلاص حيث لا مراقب ولا معاتب ولا متابع إلا الله تعالى
ففي واضحة النهار كل يظهر لك أنه يصلي ويتصدق ...أما بالليل إذا نامت العيون ؟!!

   - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما ينصر الله عز وجل هذه الأمة بضعيفها؛ بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم.

ولما اصطف الناس لفتح كابل قال قتيبة بن مسلم: أين محمد بن واسع شيخ القراء؟ قالوا: في أقصى الميمنة رافع إصبعه إلى السماء، قال: أبشروا قد جاءكم النصر، لهذه الإصبع أحب إلي من ألف سيف شهير، وشاب طرير...

  محمد بن واسع رحمه الله يقول: والله إني لأعرف رجالاً تبتل مخدة أحدهم من أثر دموعه، وزوجه معه في الفراش لا تشعر.

  وكان محمد بن أعين رفيقاً لـ عبد الله بن المبارك في غزواته كلها، وكان كريماً عليه، قال محمد بن أعين: فذهب ليرني أنه ينام، قال: فوضعت رأسي على رمح، وذهبت أريه أني نائم، فلما ظن أني قد نمت قام فصلى إلى قبل طلوع الفجر، ثم أيقظني عند الفجر، فقلت له: إني لم أنم الليلة، فعرفت الغضب في وجهه، وما زال مجافياً لي إلى الممات.

إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا :
من مثل هذه البيوت يتخرج الرجال والأبطال ..
اعلم بارك الله فيك أن كل الأبطال تخرجوا من مدرسة الليل ، ففي الظلام تعلموا الإخلاص والإقدام ..اعلم أنك لن تكون فارساً مغواراً بالنهار حتى تتعلم الفروسية والرهبانية بالليل ..
أحبتي كثير هم الذين يقومون لكن أين قيام من قيام .. من وقف دقيقة ليس كمن وقف ساعة ...

يقول الشاب عن صاحب ذلك الجسم النحيل كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن.. كان يقوم في الليلة الواحدة بخمسة أجزاء من القرآن وما تخلف عن ذلك ليلة واحدة مهما كانت الظروف ومهما كانت الأحوال ..قلت : هكذا هم الصادقون .. قلت : هكذا هم الصادقون ...


وهذا سيدنا عباد بن بشر في غزوة ذات الرقاع تناوب هو وعمار بن ياسر الحراسة، وكانت النوبة على عباد بن بشر، فأتى رجل من المشركين فضربه بسهم من الخلف وهو يصلي، فنزع السهم وأقبل على صلاته، فضربه بالسهم الثاني، فنزع السهم وأقبل على صلاته، فلما ضربه بالسهم الثالث استيقظ عمار وولى الرجل هارباً، فعاتب عمار رضي الله عباداً وقال: يرحمك الله! ما الذي منعك من أول سهم أن توقظني؟ قال: إني كنت في سورة فكرهت أن أقطعها.


أسرنا مسؤولياتنا :
يجب على شبابنا أن يتربو على صلاة الليل حتى يكونو رجالا لا على اللعب واللهو :
                                                     
- عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ فِى حَيَاةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - إِذَا رَأَى رُؤْيَا قَصَّهَا عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَتَمَنَّيْتُ أَنْ أَرَى رُؤْيَا أَقُصُّهَا عَلَى النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ وَكُنْتُ غُلاَمًا شَابًّا عَزَبًا وَكُنْتُ أَنَامُ فِى الْمَسْجِدِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَرَأَيْتُ فِى النَّوْمِ كَأَنَّ مَلَكَيْنِ أَخَذَانِى فَذَهَبَا بِى إِلَى النَّارِ فَإِذَا هِىَ مَطْوِيَّةٌ كَطَىِّ الْبِئْرِ وَإِذَا لَهَا قَرْنَانِ كَقَرْنَىِ الْبِئْرِ وَإِذَا فِيهَا نَاسٌ قَدْ عَرَفْتُهُمْ فَجَعَلْتُ أَقُولُ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ النَّارِ - قَالَ - فَلَقِيَهُمَا مَلَكٌ فَقَالَ لِى لَن تُرَاعْ. فَقَصَمنهَا عَلَى حَفْصَةَ فَقَمنهَا حَفْصَةُ عَلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ النَّبِىُّ: «نِعْمَ الرَّجُلُ عَبْدُ اللَّهِ لَوْ كَانَ يُصَلِّى مِنَ اللَّيْلِ». قَالَ سَالِمٌ فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ بَعْدَ ذَلِكَ لاَ يَنَامُ مِنَ اللَّيْلِ إِلاَّ قَلِيلاً.

·        فلقد كان السلف يحرصون أيضاً على أمر أهلهم بالصلاة والقيام، كما كان يفعله أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -

-  حيث كان يصلي من الليل ما شاء الله، حتى إذا كان آخر الليل أيقظ أهله للصلاة، يقول لهم: الصلاة الصلاة، ثم يتلو قوله - تعالى -: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ} ..

·        وكانوا يتعاهدون مع نسائهم وخدمهم حتى مع وجود ما يشغلهم من أضياف ونحوه، ونعم البيت القرآني الذي يتربى على هذا.

-  فعـن أبـي عثمـان النهـدي قال: (تضيفـت أبا هريرة - رضي الله عنه - سبعاً، فكان هو وامراته وخادمه يعتقبون الليل أثلاثاً، يصلي هذا ثم يوقظ هذا ويصلي هذا ثم يوقظ هذا).

   -   قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " رَحِمَ اللَّهُ رَجُلا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ فَصَلَّى وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ ، فَإِنْ أَبَتْ نَضَحَ فِي وَجْهِهَا الْمَاءَ ، رَحِمَ اللَّهُ امْرَأَةً قَامَتْ مِنَ اللَّيْلِ وَصَلَّتْ وَأَيْقَظَتْ زَوْجَهَا ، فَإِنْ أَبَى نَضَحَتْ فِي وَجْهِهِ الْمَاءَ "

   -  قَالَ : وَفِي رِوَايَةٍ : " إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنَ اللَّيْلِ فَلْيُوقِظْ أَهْلَهُ ، فَإِنْ لَمْ تَسْتَيْقِظْ فَلْيَنْضَحْ عَلَى وَجْهِهَا الْمَاءَ "

   -  قَالَ : وَفِي أُخْرَى : " مَنِ اسْتَيْقَظَ وَأَيْقَظَ امْرَأَتَهُ فَصَلَّيَا رَكْعَتَيْنِ جَمِيعًا كُتِبَا مِنَ الذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ " .

أمتنا اليوم امة الكسالى والخاملين والنعاسين :
                                                                                                                           
-  والنبي عليه الصلاة والسلام يقول : بورك لأمتي في بكورها

-  وذكر عند النبي رجل نام ليلة حتى أصبح فقال: { ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه !! } [متفق عليه].

من هنا يأتي النصر

     كلمة قالَها صلاح الدِّين وهو يتفقَّد أحوال الجند ليلاً، فوجد خيمة بِها عددٌ من الجند يقرَؤون كتاب الله ويَقُومون الليل، فسجَّل له التاريخ هذه القَوْلة: "من هنا يأتي النصر"، ومرَّ على أُخْرى، فوجدها نائمة، فقال: "من هنا تأتي الهزيمة".


     خيمة تَقُوم اللَّيل، تتبتَّل لِخَالقها، تأخذ من الزَّاد الإيماني ما تستطيع به أن تقاوم جند الباطل وأعداء الحق، جند يعلمون أنَّهم إذا تساوَوْا مع أعدائهم في المعاصي فاقهم عدوُّهم بالعُدَّة والعتاد، فكان ذلك سبب هزيمتهم


 - ولما رأى معقل بن حبيب رحمه الله : قوماً يأكلون كثيراً فقال : ما نرى أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة .








[1] حديث مرفوع عن ابي ذر 

0 comentarios:

Publicar un comentario