lunes, 29 de agosto de 2016

الكبر: أعظم أمراض النفوس

0 comentarios
الكبر أعظم أمراض النفوس :

   الكِبر حين يَستشري في النفْس، ويَتمكَّن من قلب الإنسان، ويَملِك عليه حِسَّه وفِكْره، يكون أسوأَ ما يُصيب الإنسان من أمراض القلب؛ فما مِن خُلُق من الأخلاق المذمومة، إلاَّ وتَجِد صاحبَ الكِبْر مُتَّصِفًا به.

التكبر إحساس بالارتفاع والكمال ولا كامل غير الله لذلك هو صفات الله تعالى وحده :

أن الكبر والعز والعظمة والعلاء لا يليق إلا بالملك القادر، فأما العبد المملوك الضعيف العاجز الذي لا يقدر على شيء فمن أين يليق بحاله الكبر؟ فمهما تكبر العبد فقد نازع الله تعالى في صفة لا تليق إلا بجلاله،
·   ومثاله: أن يأخذ الغلام قلنسوة الملك فيضعها على رأسه ويجلس على سريره، فما أعظم استحقاقه للمقت وما أعظم تهدفه للخزي والنكال!
     عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة قالا : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى : " العز إزاره والكبرياء رداؤه فمن ينازعني عذبته " .رواه مسلم ( 2620 ) .
-  قال النووي : هكذا هو في جميع النسخ ، فالضمير في " ازاره " ، " ورداؤه " : يعود إلى الله تعالى للعلم به ، وفيه محذوف تقديره : " قال الله تعالى : ومن ينازعني ذلك أعذبه " .ومعنى " ينازعني " : يتخلق بذلك فيصير في معنى المشارك .وهذا وعيد شديد في الكبر مصرح بتحريمه . " شرح مسلم " ( 16 / 173 ) .
وكل من حاول الكبر والارتفاع خفضه الله تعالى في الأسفلين وجعله في الأذلين لأنه خالف الأصل فجازاه الله تعالى بنقيض قصده ، وقد قيل : الجزاء من جنس العمل .

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((قال الله - عزَّ وجلَّ -: الكبرياء رِدَائي، والعَظَمة إزاري، فمَن نازَعَني واحدًا منهما، قذفْتُه في النار))، ورُوِي بألفاظ مختلفة منها: (عذَّبْتُه) و(قصَمْتُه)، و(ألْقَيْتُه في جهنَّمَ)، و(أدخَلْتُه جهنَّمَ)، و(ألْقَيْتُه في النار) .

التكبر سمة الفارغين الصغار وسمة الكبار والعظماء التواضع
لا يتكبر إلا الفارغون مثل البالون: لا يرتفع في السماء إلا إذا كان فارغا كالدخان يعلو في السماء وهو وضيع .
وعلى ضوء ذلك يمكن القول بأن ذلك الذي يتبع العقل ويسير بإيحاء منه لا يُمكن أن يُصاب بالغرور والتكبر ؛ لأن العقل أدرك وقبل أي موجودٍ آخر عظمة الفعل الإلهي ، فمن الطبيعي أن إدراك عظمة الفعل الإلهي ، يمحو كل نوعٍ من أنواع التكبر والغرور ، وعظمة الفعل الإلهي ظاهرةٌ بلا ريب في الأمور المحسوسة والمعقولة والمعنوية ومن الممكن هذه العظمة عن طريق العقل .
  أما أولئك الذين يتحدثون عن عظمة الله وفعله بوحيٍ من التقليد ، فإنما يتحدثون في الحقيقة عن عظمة تقليدية . فالغرور والتكبر يُعدَّان جزءاً من أخلاق وطبيعة أولئك الذين حُرموا من ادراك فعل الحقِّ تبارك وتعالى وعظمته  والحرمان من إدراك ذلك يُعدُّ هو الآخر ظاهرةٌ ناجمةٌ عن الإبتعاد عن العقل والمعرفة.

التكبر حالة من الزهو الفراغ والإعجاب الممقوت :
فكأن الإنسان مهما رأى نفسه بهذه العين - وهو الاستعظام - كبر وانتفخ وتعزز. فالكبر عبارة عن الحالة الحاصلة في النفس من هذه الاعتقادات، وتسمى أيضاً عزة وتعظماً،
-  وكذلك قال عمر للذي استأذنه أن يعظ بعد صلاة الصبح أخشى أن تنتفخ حتى تبلغ الثريا.
  ولذلك قال ابن عباس في قوله تعالى "إن في صدوركم إلا كبر ما هم ببالغيه" قال عظمة لم يبلغوها، ففسر الكبر بتلك العظمة.
  - ولذلك قال المسيح عليه السلام: إن الزرع ينبت في السهل ولا ينبت على الصفا، كذلك الحكمة تعمل في قلب المتواضع ولا تعمل في قلب المتكبر، ألا ترون أن من شمخ برأسه إلى السقف شجه، ومن طأطأ أظله وأكنه.  
·        من تواضع العلماء الربانيين :
- وقال موسى بن القاسم: كانت عندنا زلزلة وريح حمراء فذهبت إلى محمد بن مقاتل فقلت: يا أبا عبد الله أنت إمامنا فادع الله عز وجل لنا، فبكى ثم قال: ليتني لم أكن سبب هلاككم، قال: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: إن الله عز وجل رفع عنكم بدعاء محمد بن مقاتل.
- وقال المغيرة كنا نهاب إبراهيم النخعي هيبة الأمير وكان يقول إن زماناً صرت فيه فقيه الكوفة لزمان سوء.
- وكان عطاء السلمي إذا سمع صوت الرعد قام وقعد وأخذه بطنه كأنه امرأة ماخض، وقال هذا من أجلي يصيبكم، لو مات عطاء لاستراح الناس.
  * قال إبراهيم بن أدهم: ما فزت في الدنيا قط إلا مرة؛ بت ليلة في بعض مساجد قرى الشام، وكان في البطن فجرَّ المؤذن رجلي حتى أخرجني من المسجد.

عقوبة المتكبرين في الآخرة :

والذي يتكبر على الناس يكون يوم القيامة مداساً تحت أقدام الناس فيذله الله تعالى جزاء ما كان منه من الكبر .
  - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده : عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يُحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذرِّ في صُوَر الرجال يغشاهم الذل من كل مكان فيساقون إلى سجن في جهنم يسمى " بولس " تعلوهم نار الأنيار يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال". رواه الترمذي ( 2492 ) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي ( 2025 ) .
  وقال أبو هريرة: قال النبي صلى الله عليه وسلم "يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة في صور الذر تطؤهم الناس لهوانهم على الله تعالى"[1]
  - وقال سليمان بن داود عليهما السلام يوماً -للطير والإنس والجن والبهائم: اخرجوا، فخرجوا في مائتي ألف من الإنس ومائتي ألف من الجن، فرفع حتى سمع زجل الملائكة بالتسبيح في السموات، ثم خفض حتى مست أقدامه البحر، فسمع صوتاً: لو كان في قلب صاحبكم مثقال ذرة من كبر لخسفت به أبعد مما رفعته.
  وقال صلى الله عليه وسلم "تحاجت الجنة والنار فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقاطهم وعجزتهم؟ فقال الله للجنة: إنما أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها"[2]
وعن حذيفة- رضي الله عنه - قال: \"كنَّا مع النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في جنازة، فقال: ((ألا أُخبركم بشرِّ عباد الله؟ الفظُّ المستكبر، ألا أُخبركم بخير عباد الله؟ الضعيف المستضعَف ذو الطِّمْرَيْنِ لا يُؤْبَه له، لو أقْسَمَ على الله لأَبَرَّه))\"؛ رواه الإمام أحمد، ورُواته رُواة الصحيح، إلاَّ محمد بن جابر.

   فقد أخرَج الإمام أحمد عن أبي سَلَمة بن عبدالرحمن بن عوف، قال: الْتَقَى عبدالله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهم - على المروة فتحدَّثا، ثم مَضَى عبدالله بن عمرو،وبَقِي عبدالله بن عمر يبكي؛  فقال له رجل: ما يُبْكيك يا أبا عبدالرحمن؟قال هذا - يَعني: عبدالله بن عمرو - زَعَم أنَّه سَمِع رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يقول: ((مَن كان في قلبه مِثقالُ حَبَّة من خَرْدَل مِن كِبْرٍ، كبَّه الله لوجْهه في النار))، ورُواة هذا الحديث رُواة الصحيح.
- عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((احتجَّتِ النار والجنة، فقالتْ هذه: يَدخُلُني الجبَّارون والمتكبِّرون، وقالت ْهذه: يدخُلُني الضُّعفاء والمساكين، فقال الله لهذه: أنتِ عَذَابي أعذِّبُ بكِ مَن أشاء، ورُبَّما قال: أُصيبُ بكِ مَن أشاء، وقال لهذه: أنتِ رحْمَتي أرحمُ بكِ مَن أشاء، ولكل واحدةٍ منكما مِلْؤُها))؛ صحيح الإمام مسلم.
  وفي صحيح مسلم وسُنن النَّسائي عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ثلاثة لا يُكَلِّمهم الله يوم القيامة، ولا يُزَكِّيهم، ولا يَنظر إليهم، ولهم عذابٌ أليم: شيخٌ زانٍ، ومَلِكٌ كذَّاب، وعائلٌ مُستكبر)).
  وأخْرَج مسلم والترمذي عن عبدالله بن مسعود- رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((لا يدخل الجنة مَن كان في قلبه مِثقالُ ذَرَّة من كِبْر))، فقال رجل: إنَّ الرجلَ يحبُّ أن يكونَ ثوبُه حسنًا، ونَعْلُه حَسَنةً، قال: ((إنَّ الله جميلٌ يحبُّ الجمالَ، الكِبْر: بَطَرُ الحقِّ، وغَمْطُ الناس)).

حقيقة ومعناه الكبر من خلال شرح الرسول له :

الكبر بطر الحق :

من الحجب والموانع الأساسية التي تقف كالسد المنيع أمام هداية الإنسان وتحول بالتالي دون وصوله إلى الهدف الأصيل والمعرفة الحقيقية بخالق الكون، ومع ما يترتّب على هذه المعرفة من الآثار واللوازم،   هوالتكبر.
﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ﴾ . 
  - والله - تبارك وتعالى - يقول: ﴿ سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ﴾ [الأعراف: 146].
إنَّ الآيات والأحاديث الواردة في الكِبر وتحريمه، من شأْنها أن تجعَلَ المسلم - ذا القلب الحي والإيمان الصادق، والضمير اليَقِظ - يَقِف صاغرًا أمام عَظَمة الله وجلاله، ويندمُ خاشعًا ذليلاً على كلِّ ما فَرَط منه مِن كِبْر أو خُيَلاء، ويَضْرَع إلى الله تائبًا مُّنيبًا راجيًا إيَّاه أن يَرْحَمَ ضَعفه، ويَشفي مِن مرضِ الكِبْر نفسَه، ويَرزقه التواضُعَ للحقِّ، والتطامُن للخَلْق، وأنْ يُنيرَ له طريقَ الهدى، ويردَّه عن أسباب الهلاك والرَّدَى.
  -  ويقول - تعالى -: ﴿ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ ﴾ [غافر: 60].
  -  ويقول - تعالى -: ﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [القصص: 83].
  -  قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾  غافر: 56 .
  - ويقول الله تعالى  : ﴿ إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ ﴾  النحل: 22- 23

فالآية الأولى تدلُّ على أنَّ قلبَ المتكبِّر وبَصيرته يعميهما الله - تعالى - فلا يَهتدي إلى الحقِّ أبدًا، وفي آيتي سورة النحل دَلالة على أنَّه لا يَستكبر عن الحقِّ إلا مَن لَم يؤمِن بالآخرة، ويَكفيه خِزْيًا أنَّ الله - تعالى - لا يُحبه، ومعلوم أنَّ الله لا يُكرم إلاَّ مَن أحبَّه ورَضِي عنه.

وقال تعالى " وقال الذين لا يرجون لقائنا لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا لقد استكبروا في أنفسهم وعتوا عواً كبيراً.

  *  التكبر يدعو إلى مخالفة أوامر الله تعالى :
   ولذلك ترى المناظرين في مسائل الدين يزعمون أنهم يتباحثون عن أسرار الدين ثم إنهم يتجاحدون تجاحد المتكبرين، ومهما اتضح الحق على لسان واحد منهم أنف الآخر من قبوله، وتشمر لجحده واحتال لدفعه بما يقدر عليه من التلبيس وذلك من أخلاق الكافرين والمنافقين، إذ وصفهم الله تعالى فقال "وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون"
فكل من يناظر للغلبة والإفحام لا ليغتنم الحق إذا ظفر به فقد شاركهم في هذا الخلق..

  *  وكذلك يحمل ذلك على الأنفة من قبول الوعظ كما قال تعالى "وإذا قيل له اتق الله أخذته العزة بالإثم"
  -  وقال ابن مسعود: كفى بالرجل إثماً إذا قيل له اتق الله قال: عليك نفسك!
  -  وقال صلى الله عليه وسلم لرجل "كل بيمينك" قال: لا أستطيع، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "لا استطعت" فما منعه إلا كبره، قال: فما رفعها بعد ذلك"[3] أي اعتلت يده.

-  ومن هنا قال بعض السلف التواضع أن تقبل الحق من كل من جاء به وإن كان صغيرا فمن قبل الحق ممن جاء به سواء كان صغيرا أو كبيرا وسواء كان يحبه أو لا يحبه فهو متواضع ومن أبى قبول الحق تعاظما عليه فهو متكبر.

 -وسُئِلَ الفضيل بن عياض رحمه الله عن التواضع فقال: "أن تخضع للحق وتنقاد له، ولو سمعته من صبي قبلته، ولو سمعته من أجهل الناس قبلته". 

كيف كان العلماء يتواضعون أمام الحق  :

    ومثل هذا ما جاء عن قاضي المدينة سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف (ت 127هـ): قال ابنُ أبي ذئب: قضى سعدٌ على رجل بقضيةٍ برأي ربيعة بن أبي عبد الرحمن، فأخبرتُه عن النبي بخلاف ما قضى به. فقال سعدٌ لربيعة: هذا ابن أبي ذئب - وهو عندي ثقة - يخبرني عن النبي بخلاف ما قضيتُ به؟
فقال له ربيعةُ: قد اجتهدتَ ومضى حكمُك.
فقال سعدٌ: واعجباً! أنفذُ قضاء سعد بن أم سعد وأردُّ قضاء رسول الله؟! بل أردُّ قضاء سعد بن أم سعد وأنفذ قضاء رسول الله. فدعا سعد بكتاب القضية فشقَّه، وقضى للمقضي عليه.

ونتقدم مع الزمن لنشهد عجائب في هذا الباب، وقد بلغ الأمرُ ببعضهم إلى طلب بيان الخطأ - إن كان - من عارفه، من غير نظرٍ إلى سنِّه، كما حصل للإمام البخاري مع عدد من شيوخه، ومنهم ابنُ أبي أويس الذي قال له:
انظرْ في كتبي وجميع ما أملك لك، وأنا أشكرُ لك أبداً ما دمتُ حياً.

وهناك مَنْ كان يدفعُ الذهب لمَن يراجعُ عمله كما جاء عن المحدِّث التاجر دَعْلج بن أحمد بن دعلج المعدَّل (ت 351هـ):
قال الخطيبُ البغدادي: بلغني أنه بعث بـ "مُسنده" إلى ابن عقدة لينظرَ فيه، وجعل في الأجزاء بين كل ورقتين ديناراً.

ثم روى أنَّ الحسن بن زياد اللؤلؤي (ت 204هـ) استُفتي في مسألة فأخطأ، فلم يعرف الذي أفتاه فاكترى منادياً فنادى أن الحسن بن زياد استفتي يوم كذا وكذا في مسألة فأخطأ، فمن كان أفتاه بشيء فليرجع إليه. فمكث أياماً لا يفتي حتى وجد صاحبَ الفتوى فأعلمه أنه قد أخطأ وأن الصواب كذا.

♦ وجاء مثل هذا عن العز عبد السلام (ت 660هـ) فقد أفتى مرة بفتيا، ثم ظهر له أنه أخطأ، فنادى في مصر والقاهرة على نفسه: مَنْ أفتى له فلانٌ بكذا فلا يعمل به فإنه خطأ.

روى الإمامُ أحمدُ عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: حدَّث سفيان الثوري عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي أنه قال: لا تصحب الملائكةُ رفقةً فيها جرس.

فقلتُ له: تعستَ يا أبا عبد الله - أي عثرتَ -.
فقال: كيف هو؟
قلت: حدَّثني عبيدُ الله بن عمر عن نافع عن سالم عن أبي الجراح عن أم حبيبة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال: صدقتَ.

جاء عن الإمام أبي خارجة عنبسة بن خارجة الغافقي (ت 210هـ) أنه قرأ: إنَّ المشط يذهب الوباء -بالتصحيف–، وحضره رجل أعرابي فقال له: يا أبا خارجة، انظر في هذا الحرف، إنما هو «الوناء» - بالنون - فتفكر أبو خارجة قليلاً ثم قال: نعمْ والله، هو الوناء وهو الضعف والكلل، ودليل ذلك قوله تعالى ﴿ وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي [طه: 42] - يعني: تضعفا.
الكبر غمط الناس                                                    

وغمط الناس هو احتقارهم وازدراؤهم وذلك يحصل من النظر إلى النفس بعين الكمال وإلى غيره بعين النقص ...
-  قال أبو بكر الصِّدِّيق - رَضِي الله عنه -: \"لا يَحْقِرَنَّ أحدٌ أحدًا من المسلمين؛ فإنَّ صغيرَ المسلمين كبيرٌ عند الله – تعالى ".
الأفراد الذين يرغبون بدافع من الإثرة والأنانية أن يحمّلوا المجتمع أضعاف ما هم عليه من القيمة الحقيقية، والذين لم يعرفوا حدودهم الواقعية فيدفعهم ذلك ا لى أن يروا أنفسهم فوق الجميع، ويتوقعوا المزيد من الشكر والتقدير والإحترام من الناس... فإنهم غافلون عن أن الناس ليسوا يهملون توقعاتهم الفارغة هذه فحسب، بل يستهزؤون بهم ويحتقرونهم بسبب من تكبرهم وأنانيتهم.
إن الأناني الذي يرى المجتمع أن قيمته الحقيقية خمس درجات، ويعتقد هو خطأ بأن قيمته خمسون درجة يستطيع للإستمرار في علاقاته مع الناس أن يسلك أحد طريقين:

الأول: أن يعترف بقيمته الواقعية التي هي عبارة عن خمس درجات، ويغض النظر عن توقعاته الفارغة، وينصرف عنها تماماً.

الثاني: أن يستمر في غيّه، ويصرّ على خطئه فيتصور أن قيمته الحقيقية عبارة عن خمسين درجة.

وعلى هذا، فالكِبْر يَستدعي توافر أمورٍ ثلاثة:
1- إنسان متكبِّر.
2- موجود يتكبَّر الإنسان عليه.
3- سبب لهذا الكِبْر.

    فلا يُتَصَوَّر أن يوجَد إنسان مُتكبِّر، دون أن يوجَدَ مَن يتكبَّر عليه؛ لأنه يرى نفسَه فوقَه في صفات الكَمال، كما أنه لا يُعتبر مُتَكبِّرًا بمجرَّد استعظامه لنفسه؛ فقد يَستعظم نفسه، ولكنَّه يرى غيرَه أعظمَ منه، كما أنه لا يُعتبر مُتكبِّرًا بمجرَّد احتقاره غيرَه؛ فقد يَحتقر غيرَه، ويَحتقر نفسَه مثلَ احتقاره.
    وإنما يوجَد الكِبر من أمورٍ ثلاثة، هي: أن يرى لغيره منزلةً ويَرى لنفسه مَنزلة، ويرى أنَّ منزلتَه فوقَ منزلة غيره، فبهذه الثالثة يَحصل خُلُق الكِبْر الباطني، ويُسَمَّى أيضًا: عِزَّة وتعظُّمًا، وتَعَالِيًا وانتفاخًا...
اعلم أن الكبر خلق باطن، وأما ما يظهر من الأخلاق والأفعال فهي ثمرة ونتيجة، وينبغي أن تسمى تكبراً.
ويخص اسم الكبر بالمعنى الباطن الذي هو استعظام النفس ورؤية قدرها فوق قدر الغير، وهذا الباطن له موجب واحد وهو العجب الذي يتعلق بالمتكبر - كما سيأتي معناه - فإنه إذا أعجب بنفسه وبعلمه وبعمله أو بشيء من أسبابه استعظم وتكبر.
تجليات الكبر في الأعمال الظاهرة وآثاره :
    فإنه مهما عظم عنده قدره بالإضافة إلى غيره حقر من دونه وازدراه وأقصاه عن نفسه وأبعده وترفع عن مجالسته ومؤاكلته، ورأى أن حقه أن يقوم ماثلاً بين يديه إن اشتد كبره فإن كان أشد من ذلك استنكف عن استخدامه ولم يجعله أهلاً للقيام بين يديه ولا بخدمة عتبته، فإن كان دون ذلك فأنف من مساواته وتقدم عليه في مضايق الطرق وارتفع عليه في المحافل وانتظر أن يبدأه بالسلام واستبعد تقصيره في قضاء حوائجه وتعجب منه، وإن حاج أو ناظر أنف أن يرد عليه وإن وعظ استنكف من القبول، وإن وعظ عنف في النصح، وإن رد عليه شيء من قوله غضب وإن علم لم يرفق بالمتعلمين واستذلهم وانتهرهم وامتن عليهم واستخدمهم، وينظر إلى العامة كأنه ينظر إلى الحمير استجهالاً لهم واستحقاراً.
والأعمال الصادرة عن خلق الكبر كثيرة وهي أكثر من أن تحصى فلا حاجة إلى تعدادها فإنها مشهورة. فهذا هو الكبر وآفته عظيمة وغائلته هائلة، وفيه يهلك الخواص من الخلق، وقلما ينفك عنه العباد والزهاد والعلماء فضلاً عن عوام الخلق..
...و يظهر الكبر في شمائل الرجل، كصعر في وجهه ونظره شزراً وإطراقه رأسه وجلوسه متربعاً أو متكئاً وفي أقواله حتى في صوته ونغمته وصيغته في الإيراد، ويظهر في مشيته وبتختره وقيامه وجلوسه وجركاته وسكناته، وفي تعاطيه لأفعاله وفي سائر تقلباته في أحواله وأقواله وأعماله. فمن المتكبرين من يجمع ذلك كله ومنهم من يتكبر في بعض ويتواضع في بعض.
·        فمنها التكبر بأن يحب قيام الناس له أو بين يديه.
  -  وقد قال علي كرم الله وجهه: من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى رجل قاعد وبين يديه قوم قيام.
  -  وقال أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله ﭬ وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له لما يعلمون من كراهته لذلك[4] .
·        ومنها لا يزور غيره وإن كان يحصل من زيارته خير لغيره في الدين وهو ضد التواضع.
   -  روي أن سفيان الثوري قدم الرملة فبعث إليه إبراهيم بن أدهم: أن تعال فحدثنا، فجاء سفيان فقال له: يا أبا إسحاق تبعث إليه بمثل هذا؟ فقال أردت أن أنظر كيف تواضعه؟
     ·        ومنها أن يستنكف من جلوس غيره بالقرب منه إلا أن يجلس بين يديه والتواضع خلافه.
 -  قال ابن وهب: جلست إلى عبد العزيز بن أبي رواد فمس فخذي فخذه فنحيت نفسي عنه فأخذ ثيابي فجرني إلى نفسه وقال لي: لم تفعلون بي ما تفعلون بالجبابرة وإني لا أعرف رجلاً منك شراً مني؟
 -  وقال أنس: كانت الوليدة من ولائد المدينة تأخذ بيد رسول الله ﭬ فلا ينزع يده منها حتى تذهب به حيث شاءت[5] .
     ·        ومنها أن يتوقى من مجالسة المرضى والمعلولين ويتحاشي عنهم وهو والكبر:
-  دخل رجل -وعليه جدري قد تقشر - على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ناس من أصحابه يأكلون، فما جلس إلى حد إلا قام من جنبه، فأجلسه النبي صلى الله عليه وسلم إلى جنبه[6]
-  وكان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لا يحبس عن طعامه مجذوماً ولا أبرص ولا مبتلي إلا أقعدهم على مائدته.
      ·        ومنها أن لا يتعاطى بيده شغلاً في بيته، والتواضع خلافه:
- روي أن عمر بن عبد العزيز أتاه ليلة ضيف وكان يكتب فكاد السراج يطفأ، فقال الضيف: أقوم إلى المصباح فأصلحه؟ فقال: ليس من كرم الرجل أن يستخدم ضيفه، قال: أفأنبه الغلام؟ فقال: هي أول نومة نامها، فقام وأخذ البطة وملأ المصباح زيتاً فقال الضيف: قمت أنت بنفسك يا أمير المؤمنين؟ فقال: ذهبت وأنا عمر ورجعت وأنا عمر ما نقص مني شيء! وخير الناس من كان عند الله متواضعاً.
   * ومنها أن لا يأخذ متاعه ويحمله إلى بيته، وهو خلاف عادة المتواضعين، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك[7].
  -  وقال علي كرم الله وجهه: لا ينقص الرجل الكامل من كماله ما حمل من شيء إلى عياله.
  -  وقال ثابت بن أبي مالك: رأيت أبا هريرة أقبل من السوق يحمل حزمة حطب وهو يومئذ خليفة لمروان، فقال: أوسع الطريق للأمير يا ابن أبي مالك!
  - وقال بعضهم: رأيت علياً رضي الله عنه قد اشترى لحماً بدرهم فحمله في ملحفته، فقلت له: أحمل عنك يا أمير المؤمنين فقال: لا، أبو العيال أحق أن يحمل.

·        التكبر باللباس والمظهر اليوم :
-  عن ابن عمر أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا ينظر الله إلى مَن جرَّ ثوبَه خُيلاءَ))؛ صحيح مسلم.
-  ورُوِي أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَن تعظَّم في نفسه أو اخْتَال في مِشْيته، لَقِي الله وهو عليه غَضْبان))؛ البيهقي.
-  ويُرْوَى أن مُطَرِّف بن عبدالله بن الشِّخِّير رأى المهلب وهو يتَبَخْتَر في جُبَّة خَزٍّ، فقال: يا عبدالله، هذه مِشْية يُبغِضُها الله ورسوله، فقال له المهلب: أما تَعرفني؟ فقال: بل أعرفُك أوَّلُك نُطفة مَذِرَة، وآخِرُك جِيفة قَذِرة، وأنت تَحمل العَذِرَة، فمَضَى المهلب وتَرَك مِشْيته، وكان المهلب مَلِكًا.

-  ومرَّ بالحسن شابٌّ عليه بَزَّة حَسَنة، فدعَاه، فقال له: ابن آدمَ، مُعجَبٌ بشبابه، مُحِبٌّ لشمائله، كأنَّ القبرَ قد وارَى بدنَك، وكأنَّك قد لاقيتَ عمَلك، وَيْحَك داوِ قلبَك؛ فإنَّ حاجةَ الله إلى العباد صلاحُ قلوبهم، والاختيالُ دليلُ فسادها.
  -  ويقول - تعالى -: ﴿ وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ * وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ ﴾ [لقمان: 18 - 19].
ويقول - تعالى -: ﴿ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولاً * كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا ﴾ [الإسراء: 37 - 38].
-  ورأى محمد بن واسع ولده يختال فدعاه وقال: أتدري من أنت؟ أما أمك فأشتريتها بمائتي درهم وأما أبوك فلا أكثر الله في المسلمين مثله!

 في استئصال أصل الكبر وعلاجه علميا وعمليا ولا يتم الشفاء إلا بمجموعهما

1.     أما العلمي فهو:

 أن يعرف نفسه ويعرف ربه تعالى ويكفيه ذلك في إزالة الكبر فإنه مهما عرف نفسه حق المعرفة علم أنه أذل من كل ذليل وأقل من كل قليل وأنه لا يليق به إلا التواضع والذلة والمهانة وإذا عرف ربه علم أنه لا تليق العظمة والكبرياء إلا بالله أما معرفته ربه وعظمته ومجده فالقول فيه يطول وهو منتهى علم المكاشفة...
    وأما معرفته نفسه فهو أيضا يطول ولكنا نذكر من ذلك ما ينفع في إثارة التواضع والمذلة...

-         وقد قال تعالى: قتل الإنسان ما أكفره من أي شيء خلقه من نطفة خلقه فقدره ثم السبيل يسره ثم أماته فأقبره ثم إذا شاء أنشره.

·        فقد أشارت الآية إلى أول خلق الإنسان وإلى آخر أمره وإلى وسطه فلينظر الإنسان ذلك ليفهم معنى هذه الآية ...

  أرأيت من جنى على بعض الملوك فاستحق بجنايته ضرب ألف سوط فحبس إلى السجن وهو ينتظر أن يخرج إلى العرض وتقام عليه العقوبة على ملأ من الخلق وليس يدري أيعفى عنه أم لا كيف يكون ذله في السجن أفترى أنه يتكبر على من في السجن وما من عبد مذنب إلا والدنيا سجنه وقد استحق العقوبة من الله تعالى ولا يدري كيف يكون آخر أمره فيكفيه ذلك حزنا وخوفا وإشفاقا ومهانة وذلا فهذا هو العلاج العلمي القامع لأصل الكبر.
-  وقال أبو يزيد: ..تواضع كل إنسان على قدر معرفته بربه عز وجل ومعرفته بنفسه.

2.     وأما العلاج العملي فهو التواضع لله بالفعل ولسائر الخلق بالمواظبة على أخلاق المتواضعين كما وصفناه وحكيناه من أحوال الصالحين ومن أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان يأكل على الأرض ويقول إنما أنا عبد آكل كما يأكل العبد
    -  وقيل لسلمان لم لا تلبس ثوبا جديدا فقال إنما أنا عبد فإذا أعتقت يوما لبست جديدا أشار به إلى العتق في الآخرة.
·        ولذلك أمر العرب الذين تكبروا على الله ورسوله بالإيمان وبالصلاة جميعا وقيل الصلاة عماد الدين وفي الصلاة أسرار لأجلها كانت عمادا ومن جملتها ما فيها من التواضع بالمثول قائما وبالركوع والسجود وقد كانت العرب قديما يأنفون من الإنحناء فكان يسقط من يد الواحد سوطه فلا ينحني لأخذه وينقطع شراك نعله فلا ينكس رأسه لإصلاحه حتى
   فلما كان السجود عندهم هو منتهى الذلة والضعة أمروا به لتنكسر بذلك خيلاؤهم ويزول كبرهم ويستقر التواضع في قلوبهم وبه أمر سائر الخلق فإن الركوع والسجود والمثول قائما هو العمل الذي يقتضيه التواضع...

أسباب التكبر وعلاجها :


اعلم أنه لا يتكبر إلا متى استعظم نفسه، ولا يستعظمها إلا وهو يعتقد لها صفة من صفات الكمال. وجماع ذلك يرجع إلى كمال ديني أو دنيوي، فالديني هو العلم والعمل، والدنيوي هو النسب والجمال والقوة والمال وكثرة الأنصار. فهذه سبعة أسباب.

   - الأول: العلم؛ وما أسرع الكبر إلى العلماء  فلا يلبث العالم أن يتعزز بعزة العلم يستشعر في نفسه جمال العلم وكماله ويستعظم نفسه ويستحقر الناس وينظر إليهم نظره إلى البهائم ويستجهلهم ويتوقع أن يبدءوه بالسلام، فإن بدأه واحد منهم بالسلام أو رد عليه ببشر أو قام له أو أجاب له دعوة رأى ذلك صنيعة عنده ويداً عليه يلزمه شكرها، واعتقد أنه أكرمهم وفعل بهم ما لا يستحقون من مثله، وأنه ينبغي أن يرقوا له ويخدموه شكراً له على صنيعه، بل الغالب أنهم يبرونه فلا يبرهم ويزورونه فلا يزورهم ويعودونه فلا يعودهم ويستخدم من خالطه منهم ويستسخره في حوائجه، فإن قصر فيه استنكره كأنهم عبيده أو أجراؤه...
    فالعلم من أعظم ما يتكبر به، ولذلك قال تعالى لنبيه عليه السلام "واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين"
   وقال عز وجل "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك"   
-  قال المسيح عليه السلام: طوبى لمن علمه الله كتابه ثم لم يمت جباراً. [8]
     *  وأما العالم فإنه يتفاخر ويقول: أنا متفنن في العلوم ومطلع على الحقائق ورأيت من الشيوخ فلاناً وفلاناً، ومن أنت وما فضلك ومن لقيت؟ وما الذي سمعت من الحديث؟ كل ذلك ليصغره ويعظم نفسه.
    *  وأما مباهاته: فهو أنه يجتهد في المناظرة أن يغلب ولا يغلب ويسهر طول الليل والنهار في تحصيل علوم يتجمل بها في المحافل كالمناظرة والجدل وتحسين العبارة وتسجيع الألفاظ، وحفظ العلوم الغريبة ليغرب بها على الأقران ويتعظم عليهم، ويحفظ الأحاديث ألفاظها وأسانيدها حتى يرد على من أخطأ فيها فيظهر فضله ونقصان أقرانه، ويفرح مهما أخطأ واحد منهم ليرد عليه ويسوء إذا أصاب وأحسن خيفة من أن يرى أنه أعظم منه.
- وصلى حذيفة بقوم فلما سلم من صلاته قال: لتلتمسن إماماً غيري أو لتصلن وحداناً فإني رأيت في نفسي أنه ليس في القوم أفضل مني..  فإذا كان مثل حذيفة لا يسلم فكيف يسلم الضعفاء من متأخري هذه الأمة؟
  فما أعز على بسيط الأرض عالماً يستحق أن يقال له عالم ثم إنه لا يحركه عز العلم وخيلاؤه، فإن وجد ذلك فهو صديق زمانه، فلا ينبغي أن يفارق بل يكون النظر عليه عبادة فضلاً عن الاستفادة من أنفاسه وأحواله؛ لو عرفنا ذلك ولو في أقصى الصين لسعينا إليه رجاء أن تشملنا بركته وتسري إلينا سيرته وسجيته، وهيهات! فأنى يسمح آخر الزمان بمثلهم؟[9]

·        الكبر بالعلم وهو أعظم الآفات وأغلب الأدواء وأبعدها عن قبول العلاج إلا بشدة شديدة وجهد جهيد :
 وذلك لأن قدر العلم عظيم عند الله عظيم عند الناس وهو أعظم من قدر المال والجمال وغيرهما بل لا قدر لهما أصلا إلا إذا كان معهما علم وعمل ولذلك قال كعب الأحبار إن للعلم طغيانا كطغيان المال
  - وكذلك قال عمر رضي الله تعالى عنه العالم إذا زل زل بزلته عالم فيعجز العالم عن أن لا يستعظم نفسه بالإضافة إلى الجاهل لكثرة ما نطق الشرع بفضائل العلم ولن يقدر العالم على دفع الكبر إلا بمعرفة أمرين :
        *  أحدهما أن يعلم أن حجة الله على أهل العلم آكد وأنه يحتمل من الجاهل ما لا يحتمل عشره من العالم فإن من عصى الله تعالى عن معرفة وعلم فجنايته أفحش إذ لم يقض حق نعمة الله عليه في العلم
   فكم من عالم يشتهي في الآخرة سلامة الجهال والعياذ بالله منه فهذا الخطر يمنع من التكبر فإنه إن كان من أهل النار فالخنزير أفضل منه فكيف يتكبر من هذا حاله..
·        فلا ينبغي أن يكون العالم عند نفسه أكبر من الصحابة رضوان الله عليهم  
-       وقد كان بعضهم يقول يا ليتني لم تلدني أمي
-       ويأخذ الآخر تبنة من الأرض ويقول يا ليتني كنت هذه التبنة
-       ويقول الآخر ليتني كنت طيرا أوكل ويقول الآخر ليتني لم أك شيئا مذكورا ...

      * الأمر الثاني أن العالم يعرف أن الكبر لا يليق إلا بالله عز وجل وحده وأنه إذا تكبر صار ممقوتا عند الله بغيضا وقد أحب الله منه أن يتواضع وقال له إن لك عندي قدرا ما لم تر لنفسك قدرا فإن رأيت لنفسك قدرا فلا قدر لك عندي ...
ويجب أن يعلم أن مثل هذا أن العلم لا حد له ولا عد وأن أكثر العلماء تواضعا أرسخهم علما :

- قال الإمام الماوردي رحمه الله تعالى في كتابه النفيس أدب الدنيا والدين) قلما تجد بالعلم معجبا وبما -أدركه منه مفتخرًا إلا من كان فيه مقلاً ومقصرًا ؛ لأنه قد يجهل قدره , ويحسب أنه نال بالدخول فيه أكثره

- قال الشعبي: العلم ثلاثة أشبار, فمن نال منه شبرا شمخ بأنفه وظن أنه ناله ومعنى هذا أنه تكبر, ومن نال الشبر الثاني صغرت إليه نفسه وعلم أنه لم ينله ومعنى هذا انه تواضع , وأما الشبر الثالث يظن أنه ما يعلم )..
فأما من كان فيه متوجهًا , ومنه مستكثرًا, فهو يعلم بُعد غايته , والعجز عن إدراك نهايته .

   ثانيا التكبر بالعمل والعبادة:
 وليس يخلو عن رذيلة العز والكبر واستمالة قلوب الناس الزهاد والعباد ويترشح الكبر منهم في الدين والدنيا.
     -   أما في الدنيا فهو أنهم يرون غيرهم بزيارتهم أولى منهم بزيارة غيرهم، ويتوقعون قيام الناس بقضاء حوائجهم وتوقيرهم والتوسع لهم في المجالس وذكرهم بالورع والتقوى وتقديمهم على سائر الناس في الحظوظ - إلى جميع ما ذكرناه في حق العلماء - وكأنهم يرون عبادتهم منة على الحق.
     -   وأما في الدين فهو أن يرى الناس هالكين ويرى نفسه ناجياً وهو الهالك تحقيقاً - مهما رأى ذلك - .
    -  قال صلى الله عليه وسلم "إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم"[10]  
    -  قال صلى الله عليه وسلم "كفى بالمرء شراً أن يحقر أخاه المسلم"[11]  
  فالخلق يدركون النجاة بتعظيمهم إياه لله، فهم يتقربون إلى الله تعالى بالدنو منه وهو يتمقت إلى الله بالتنزه والتباعد منهم، كأنه مترفع عن مجالستهم، فما أجدرهم إذ أحبوه لصلاحه أن ينقلهم الله إلى درجته في العمل! وما أجدره إذ ازدراهم بعينه أن ينقله الله إلى حد الإهمال!
   -  وكذلك روي أن رجلاً في بني إسرائيل أتى عابداً من بني إسرائيل فوطئ على رقبته وهو ساجد فقال: ارفع فوالله لا يغفر الله لك فأوحى الله إليه أيها المتألي بل أنت لا يغفر الله لك[12]
    وهذه الآفة أيضاً قلما ينفك عنها كثير من العباد، وهو أنه لو استخف به مستخف أو آذاه مؤذ استبعد أن يغفر الله له، ولا يشك في أنه صار ممقوتاً عند الله، ولو آذى مسلماً آخر لم يستنكر ذلك الاستنكار وذلك لعظم قدر نفسه عنده، وهو جهل وجمع بين الكبر والعجب واغترار بالله ..
    وقد ينتهي الحمق والغباوة ببعضهم إلى أن يتحدى ويقول: سترون ما يجري عليه؟ وإذا أصيب بنكبة زعم أن ذلك من كراماته وأن الله ما أراد به إلا شفاء غليله والانتقام له منه، مع أنه يرى طبقات من الكفار يسبون الله ورسوله، وعرف جماعة آذوا الأنبياء صلوات الله عليهم فمنهم من قتلهم ومنهم من ضربهم، ثم إن الله أمهل أكثرهم ولم يعاقبهم في الدنيا، بل ربما أسلم بعضهم فلم يصبه مكروه في الدنيا ولا في الآخرة، ثم الجاهل المغرور يظن أنه أكرم على الله من أنبيائه وأنه قد انتقم له بما لا ينتقم لأنبيائه به. ولعله في مقت الله بإعجابه وكبره وهو غافل عن هلاك نفسه فهذه عقيدة المغترين.
·        بيان علاجه :
فإن قلت فكيف يتواضع للفاسق المتظاهر بالفسق وللمبتدع وكيف يرى نفسه دونهم وهو عالم عابد وكيف يجهل فضل العلم والعبادة عند الله تعالى وكيف يغنيه أن يخطر بباله خطر العلم وهو يعلم أن خطر الفاسق والمبتدع أكثر؟
 فاعلم أن ذلك إنما يمكن بالتفكر في خطر الخاتمة بل لو نظر إلى كافر لم يمكنه أن يتكبر عليه إذ يتصور أن يسلم الكافر فيختم له بالإيمان ويضل هذا العالم فيختم له بالكفر والكبير من هو كبير عند الله في الآخرة والكلب والخنزير أعلى رتبة ممن هو عند الله من أهل النار وهو لا يدري ذلك فكم من مسلم نظر إلى عمر رضي الله عنه قبل إسلامه فاستحقره وازدراه لكفره وقد رزقه الله الإسلام وفاق جميع المسلمين إلا أبا بكر وحده ...
  فإذن من حق العبد أن لا يتكبر على أحد بل إن نظر إلى جاهل قال هذا عصى الله بجهل وأنا عصيته بعلم فهو أعذر مني وإن نظر إلى عالم قال هذا قد علم ما لم أعلم فكيف أكون مثله وإن نظر إلى كبير هو أكبر منه سنا قال هذا قد أطاع الله قبلي فكيف أكون مثله وإن نظر إلى صغير قال إني عصيت الله قبله فكيف أكون مثله وإن نظر إلى مبتدع أو كافر قال ما يدريني لعله يختم له بالإسلام ويختم لي بما هو عليه الآن فليس دوام الهداية إلي كما لم يكن ابتداؤها إلي فبملاحظة الخاتمة يقدر على أن ينفي الكبر عن نفسه ...
·        وأعرفك ذلك بمثال لتعلم انه ليس من ضرورة الغضب لله أن تتكبر على المغضوب عليه وترى قدرك فوق قدره:
 فأقول إذا كان للملك غلام وولد هو قرة عينه وقد وكل الغلام بالولد ليراقبه وأمره أن يضربه مهما أساء أدبه واشتغل بما لا يليق به ويغضب عليه فإن كان الغلام محبا مطيعا لمولاه فلا يجد بدا أن يغضب مهما رأى ولده قد أساء الأدب وإنما يغضب عليه لمولاه ولأنه أمره به ولأنه يريد التقرب بامتثال أمره إليه ولأنه جرى من ولده ما يكره مولاه فيضرب ولده ويغضب عليه من غير تكبر عليه بل هو متواضع له يرى قدره عند مولاه فوق قدر نفسه لأن الولد أعز لا محالة من الغلام.
·        وأما الأكياس من العباد فيقولون:
-  ما كان يقوله عطاء السلمي حين كان تهب ريح أو تقع عاصفة: ما يصيب الناس ما يصيبهم إلا بسببي ولو مات عطاء لتخصلوا.
-  وما قاله الآخر بعد انصرافه من عرفات: كنت أرجو الرحمة لجميعهم لولا كوني فيهم..
    - ولذلك قال الحارث بن جزء الزبيدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعجبني من القراء كل طليق مضحاك، فأما الذي تلقاه ببشر ويلقاك بعبوس يمن عليك بعلمه، فلا أكثر الله في المسلمين مثله.

  الثالث: التكبر بالحسب والنسب :
 فالذي له نسب شريف يستحقر من ليس له ذلك النسب وإن كان أرفع منه عملاً وعلماً، وقد يتكبر بعضهم فيرى أن الناس له أموال وعبيد ويأنف من مخالطتهم ومجالستهم، وثمرته على اللسان التفاخر به فيقول لغيره: يا نبطي ويا هندي ويا أرمني من أنت ومن أبوك؟ فأنا فلان ابن فلان، وأين لمثلك أن يكلمني أو ينظر إلي؟ ومع مثلي تتكلم؟ وما يجري مجراه.
  - كما روي عن أبي ذر أنه قال: قاولت رجلاً عند النبي ﭬ فقلت له: يا ابن السوداء! فقال النبي صلى الله عليه وسلم    "يا أبا ذر طف الصاع طف الصاع ليس لابن البيضاء على ابن السوداء فضل"[13] فقال أبو ذر رحمه الله: فاضطجعت وقلت للرجل قم فطأ على خدي.
 - ومن ذلك ما روي أن رجلين تفاخرا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما للآخر: أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم "افتخر رجلان عند موسى عليه السلام فقال أحدهما أنا فلان بن فلان حتى عد تسعة فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام: قل للذي افتخر بل التسعة من أهل النار وأنت عاشرهم"[14]

·        علاج من بعتريه الكبر من جهة النسب :
فمن يعتريه الكبر من جهة النسب فليداو قلبه بمعرفة أمرين أحدهما أن هذا جهل من حيث إنه تعزز بكمال غيره ولذلك قيل لئن فخرت بآباء ذوي شرف لقد صدقت ولكن بئس ما ولدوا.. فالمتكبر بالنسب إن كان خسيسا في صفات ذاته فمن أين يجبر خسته بكمال غيره بل لو كان الذي ينسب إليه حيا لكان له أن يقول الفضل لي ومن أنت وإنما أنت دودة خلقت من بولي أفترى أن الدودة التي خلقت من بول إنسان أشرف من الدودة التي من بول فرس هيهات بل هما متساويان ...
  الثاني أن يعرف نسبه الحقيقي فيعرف أباه وجده فإن أباه القريب نطفة قذرة وجده البعيد تراب ذليل وقد عرفه الله تعالى نسبه فقال الذي أحسن كل شيء خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين
- لذلك لما تفاخرت قريش عند سلمان الفارسي رضي الله عنه يوماً فقال سلمان لكنني خلقت من نطفة قذرة ثم أعود جيفة منتنة ثم أتى الميزان فإن ثقل فأنا كريم وإن خف فأنا لئيم .
  - كرجل لم يزل عند نفسه من بني هاشم وقد أخبره بذلك والداه فلم يزل فيه نخوة الشرف فبينما هو كذلك إذ أخبره عدول لا يشك في قولهم أنه ابن هندي حجام يتعاطى القاذورات وكشفوا له وجه التلبيس عليه فلم يبق له شك في صدقهم أفترى أن ذلك يبقي شيئا من كبره لا بل يصير عند نفسه أحقر الناس وأذلهم فهو من استشعار الخزي لخسته في شغل عن أن يتكبر على غيره فهذا حال البصير إذا تفكر في أصله وعلم أنه من النطفة والمضغة والتراب..
  
الرابع: التفاخر بالجمال :
وذلك أكثر ما يجري بين النساء ويدعو ذلك إلى التنقص والثلب والغيبة وذكر عيوب الناس
 - ومن ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: دخلت امرأة على النبي صلى الله عليه وسلم فقلت بيدي هكذا أي أنها قصيرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم "قد اغتبتها"[15]
  وهذا منشؤه خفاء الكبر لأنها لو كانت أيضاً قصيرة لما ذكرتها بالقصر، فكأنها أعجبت بقامتها واستقصرت المرأة في جنب نفسها فقالت ما قالت.
·      التكبر بالجمال ودواؤه :
 أن ينظر إلى باطنه نظر العقلاء ولا ينظر إلى باطنه نظر البهائم ومهما نظر إلى باطنه رأى من القبائح ما يكدر عليه تعززه بالجمال فإنه وكل به الأقذار في جميع أجزائه الرجيع في أمعائه والبول في مثانته والمخاط في أنفه والبزاق في فيه والوسخ في أذنيه والدم في عروقه والصديد تحت بشرته والصنان تحت إبطه يغسل الغائط بيده كل يوم دفعة أو دفعتين ويتردد كل يوم إلى الخلاء مرة أو مرتين ليخرج من باطنه ما لو رآه بعينه لاستقذره فضلا عن أن يمسه أو يشمه كل ذلك ليعرف قذارته وذله هذا في حال توسطه وفي أول أمره خلق من الأقذار الشنيعة ...
     -  قال أنس رحمه الله كان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يخطبنا فيقذر إلينا أنفسنا ويقول خرج أحدكم من مجرى البول مرتين...
   -  وكذلك قال طاوس لعمر بن عبد العزيز ما هذه مشية من في بطنه خراء إذ رآه يتبختر وكان ذلك قبل خلافته..
-  وكان الأحنف بن قيس يجلس مع مصعب بن الزبير على سريره، فجاء يوماً ومصعب ماد رجليه فلم يقبضهما، وقعد الأحنف فزحمه بعض الزحمة فرأى أثر ذلك في وجهه فقال: عجباً لابن آدم يتكبر وقد خرج من مجرى البول مرتين.
  وقال الحسن: العجب من ابن آدم، يغسل الخرء بيده كل يوم مرة أو مرتين ثم يعارض جبار السموات.
   -  ولو ترك نفسه في حياته يوما لم يتعهدها بالتنظيف والغسل لثارت منه الأنتان والأقذار وصار أنتن وأقذر من الدواب المهملة التي لا تتعهد نفسها قط فإذا نظر أنه خلق من أقذار وأسكن في أقذار وسيموت فيصير جيفة أقذر من سائر الأقذار لم يفتخر بجماله الذي هو كخضراء الدمن
-  ...ولم يكن قبح القبيح إليه فينفيه ولا كان جمال الجميل إليه حتى يحمد عليه كيف ولا بقاء له بل هو في كل حين يتصور أن يزول بمرض أو جدري أو قرحة أو سبب من الأسباب فكم من وجوه جميلة قد سمجت بهذه الأسباب فمعرفة هذه الأمور تنزع من القلب داء الكبر بالجمال لمن أكثر تأملها

   الخامس الكبر بالمال؛ وذلك يجري بين الملوك في خزائنهم وبين التجار في بضائعهم وبين الدهاقين في أراضيهم وبين المتجملين في لباسهم وخيولهم ومراكبهم، فيستحقر الغني الفقير ويتكبر عليه ويقول له: أنت مد ومسكين وأنا لو أرد لاشتريت مثلك واستخدمت من هو فوقك، ومن أنت؟ وما معك وأثاث بيتي يساوي أكثر من جميع مالك؟
  وأنا أنفق في اليوم ما لا تأكله في سنة؟ وكل ذلك لاستعظامه للغنى واستحقاره للفقر، وكل ذلك جهل منه بفضيلة الفقر وآفة الغنى،
 - وإليه الإشارة بقوله تعالى "فقال لصاحبه وهو يحاوره أنا أكثر منك مالاً وأعز نفراً" حتى أجابه فقال "إن ترني أنا أقل منك مالاً وولداً فعسى ربي أن يؤتيني خيراً من جنتك ويرسل عليها حسباناً من السماء فتصبح صعيداً زلقاً أو يصبح ماؤها غوراً فلن تستطيع له طلباً"..
 - ومن ذلك تكبر قارون إذ قال تعالى إخباراً عن تكبره "فخرج على قومه في زينته قال الذين يريدون الحياة الدنيا يا ليت لنا مثل ما أوتي قارون إنه لذو حظ عظيم"

·      الغنى وكثرة المال وفي معناه كثرة الأتباع والأنصار والتكبر بولاية السلاطين والتمكن من جهتهم
 والعلم وهذا أقبح أنواع الكبر فإن المتكبر بماله كأنه متكبر بفرسه وداره ولو مات فرسه وانهدمت داره لعاد ذليلا والمتكبر بتمكين السلطان وولايته لا بصفة في نفسه بنى أمره على قلب هو أشد غليانا من القدر فإن تغير عليه كان أذل الخلق..
    وكل متكبر بأمر خارج عن ذاته فهو ظاهر الجهل كيف والمتكبر بالغنى لو تأمل لرأى في اليهود من يزيد عليه في الغنى والثروة والتجمل فأف لشرف يسبقك به اليهودي وأف لشرف يأخذه السارق في لحظة واحدة فيعود صاحبه ذليلا مفلسا
 السادس: الكبر بالقوة وشدة البطش والتكبر به على أهل الضعف.
·      وعلاجه:
     أن يعلم ما سلط عليه من العلل والأمراض وأنه لو توجع عرق واحد في يده لصار أعجز من كل عاجز وأذل من كل ذليل وأنه لو سلبه الذباب شيئا لم يستنقذه منه . وأن بقة لو دخلت في أنفه أو نملة دخلت في أذنه لقتلته وأن شوكة لو دخلت في رجله لأعجزته وأن حمى يوم تحلل من قوته مالا ينجبر في مدة فمن لا يطيق شوكة ولا يقاوم بقة ولا يقدر على أن يدفع عن نفسه ذبابة فلا ينبغي أن يفتخر بقوته ثم إن قوى الإنسان فلا يكون أقوى من حمار أو بقرة أو فيل أو جمل وأي افتخار في صفة يسبقك فيها البهائم
السابع: التكبر بالأتباع والأنصار والتلامذة والغلمان وبالعشيرة والأقارب والبنين، ويجري ذلك بين الملوك في المكاثرة بالجنود، وبين العلماء في المكاثرة بالمستفيدين.
وبالجملة فكل ما هو نعمة وأمكن أن يعتقد كمالاً وإن لم يكن في نفسه كمالاً أمكن أن يتكبر به، حتى إن المخنث ليتكبر على أقرانه بزيادة معرفته وقدرته في صنعة المخنثين، لأنه يرى ذلك كمالاً فيفتخر به وإن لم يكن فعله إلا نكالاً، وكذلك الفاسق قد يفتخر بكثرة الشرب وكثرة الفجور بالنسوان والغلمان ويتكبر به لظنه أن ذلك كمالاً وإن كان مخطئاً فيه.
 قال عروة بن الزبير رضي الله عنهما: رأيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه على عاتقه قربة ماء، فقلت: يا أمير المؤمنين، ألا ينبغي لك هذا. فقال: (لما أتاني الوفود سامعين مطيعين - القبائل بأمرائها وعظمائها - دخلت نفسي نخوة، فأردت أن أكسرها).
  - نظر سيدنا عبد الله بن عمر إلى أبيه وهو آخذ قربة ماء على ظهره أيام خلافته، فقال: ما هذا يا أمير المؤمنين؟! قال: رأيت الناس يأتوني من كل حدب وصوب ويقولون: يا أمير المؤمنين! يا أمير المؤمنين! فأرادت نفسي أن تستشرف، فأردت أن أضعها مكانها.
التجربة العملية لاختبار آفة الكبر من النفس :
فهذه معارف بها يزال داء الكبر عن القلب لا غير إلا أن النفس بعد هذه المعرفة قد تضمر التواضع وتدعي البراءة من الكبر وهي كاذبة فإذا وقعت الواقعة عادت إلى طبعها ونسيت وعدها فعلى هذا لا ينبغي أن يكتفي في المداواة بمجرد المعرفة بل ينبغي أن تكمل بالعمل وتجرب بأفعال المتواضعين في مواقع هيجان الكبر في النفس.
وبيانه أن يمتحن النفس بخمس امتحانان هي أدلة على استخراج ما في الباطن وإن كانت الامتحانات كثيرة...
      الامتحان الأول أن يناظر في مسألة مع واحد من أقرانه فإن ظهر شيء من الحق على لسان صاحبه فثقل عليه قبوله والانقياد له والاعتراف به والشكر له على تنبيهه وتعريفه وإخراجه الحق فذلك يدل على أن فيه كبرا دفينا...
     - وعلاجه يكلف نفسه ما ثقل عليه من الاعتراف بالحق وأن يطلق اللسان بالحمد والثناء ويقر على نفسه بالعجز ويشكره على الاستفادة ويقول ما أحسن ما فطنت له وقد كنت غافلا عنه فجزاك الله خيرا كما نبهتني له فالحكمة ضالة المؤمن فإذا وجدها ينبغي أن يشكر من دله عليها فإذا واظب على ذلك مرات متوالية صار ذلك له طبعا وسقط ثقل الحق عن قلبه ..
     الامتحان الثاني أن يجتمع مع الأقران والأمثال في المحافل ويقدمهم على نفسه ويمشي خلفهم ويجلس في الصدور تحتهم فإن ثقل عليه ذلك فهو متكبر...
     -  وعلاجه: فليواظب عليه تكلفا حتى يسقط عنه ثقله فبذلك يزايله الكبر
 وههنا للشيطان مكيدة وهو أن يجلس في صف النعال أو يجعل بينه وبين الأقران بعض الأرذال فيظن أن ذلك تواضع وهو عين الكبر فإن ذلك يخف على صدور المتكبرين إذ يوهمون أنهم تركوا مكانهم بالاستحقاق والتفضل فيكون قد تكبر وتكبر بإظهار التواضع أيضا بل ينبغي أن يقدم أقرانه ويجلس بينهم بجنبهم ولا ينحط عنهم إلى صف النعال فذلك هو الذي يخرج خبث الكبر من الباطن...
    الامتحان الثالث: أن يجيب دعوة الفقير ويمر إلى السوق في حاجة الرفقاء والأقارب والأهل فإن ثقل ذلك عليه فهو كبر فإن هذه الأفعال من مكارم الأخلاق والثواب عليها جزيل فنفور النفس عنها ليس إلا لخبث في الباطن
  - ويروى عن عبد الله بن سلام أنه حمل حزمة حطب فقيل له يا أبا يوسف قد كان في غلمانك وبنتك ما يكفيك قال أجل ولكن أردت أن أجرب نفسي هل تنكر ذلك..
- وعن أبي الفتح بن شخرف قال: رأيت علي بن أبي طالب رضي الله عنه في المنام فقلت له يا أبا الحسن عظني، فقال لي: ما أحسن التواضع بالأغنياء في مجالس الفقراء رغبة منهم في ثواب الله!
   الامتحان الربع: أن يلبس ثيابا بذلة فإن نفور النفس عن ذلك في الملأ رياء وفي الخلوة كبر
   -  وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه له مسح يلبسه بالليل .
وقد قال صلى الله عليه وسلم من اعتقل البعير ولبس الصوف فقد برئ من الكبر حديث من اعتقل البعير ولبس الصوف فقد برئ من الكبر.. أخرجه البيهقي في الشعب من حديث أبي هريرة بزيادة فيه وفي إسناده القاسم اليعمري ضعيف جدا
    - وقال صلى الله عليه وسلم إنما أنا عبد آكل بالأرض وألبس الصوف وأعقل البعير وألعق أصابعي وأجيب دعوة المملوك فمن رغب عن سنتي فليس مني






El Profeta (saws) dijo: "Nadie de que tenga el peso de un átomo de arrogancia en su corazón entrará en el Paraíso."
Un hombre dijo, "Oh Mensajero de de Allah, qué si a un hombre le gusta como luce su ropa y sus zapatos?"
Él dijo, "Allah es hermoso y Él ama la belleza. La arrogancia significa rechazar la verdad y menospreciar a las personas."  *(Sahih Muslim)*
La arrogancia es uno de los mayores motivos de tener incredulidad en Allah y rechazar aquello con lo que los Mensajeros vinieron (sobre ellos ser paz y bendiciónes).
La persona que se hace arrogante entonces él no escucha a los Profetas, ni tiene cuidado de los Versos de Allah.
 - dice allah : {Y cuando se les recitan Nuestros signos se dan la vuelta con soberbia como si no los oyeran, como si tuvieran sordera en los oídos. Anúnciales un castigo doloroso.
    La arrogancia no es permitida desde ningún ángulo, una fea característica que Allah aborrece.
   No hay nadie más bajo que una persona arrogante y nadie se llega a hacer arrogante excepto de un rasgo despreciable y carácter y alma degradados.
El segundo rasgo de arrogancia descrito en el Hadith sobre es "menospreciar a las personas.
¿Qué tan menudo se siente ofendido si las personas no le dan un tratamiento especial en una reunión social? Quiere usted ser sentado a la cabeza de la mesa, en el mejor asiento , o en el lugar estratégicamente más importante?
-  Al profeta Muhammad (saws) le desagradaba cuando las personas se ponían de pie a su llegada a una reunión (At-Tirmidhi) Esto es indicativo de la humildad; por consiguiente, no es necesario decir que si usted espera o desea que las personas se levanten cuando usted llega, es debido a la arrogancia.
*   " de cómo trata usted a quienes le sirven y a las personas pobres indica su verdadera naturaleza y modales (Akhlaaq). ¿Los ignora a menos que usted los necesite para algún trabajo? ¿Se aparta físicamente de ellos, para que sus gérmenes u olor no le manchen?

¿Usted se considera mejor que ellos porque usted es más educado, higiénicamente limpio, "civilizado" y de "buenas amaneras"? ¿Son ellos como la mosca que zumba alrededor de su cabeza y trata de alejarlos con un golpe si se acercan demasiado? Si es así, esto es debido a la arrogancia.
  Vestir arrogantemente *
El Profeta (saws) dijo: "Mientras que un hombre estaba caminando, arrastrando su vestido con orgullo, con su pelo muy bien peinado, Allah hizo que la tierra se abriera para tragarlo y se seguirá hundiendo en la tierra hasta el Día de la resurrección. " *(Al-Bukhari, no. 3297 y Muslim, no. 2088)*
Si usted viste muy bien como un medio de expresarle gratitud a Allah por las bendiciones que le ha concedido a usted, es loable, como indica el Hadith que establece que "Allah ama la belleza "; sin embargo, si su intención es intentar lucir bien por orgullo y eclipsar a otros, entonces es por arrogancia.

dice allah en su sagrado libro ; (Ni andes por la tierra con insolencia, pues es verdad que Allah no ama al que es presumido y jactancioso. (Luqman,18)
y dice   (Y no camines por la tierra con arrogancia porque no podrás traspasar la tierra ni alcanzar la altura de las montañas. (Al Isra´,37) 
  -  por ello que este sabio (Luqman) aconsejó a su hijo que no volviera su cara lejos de los hombres por orgullo. De modo que él no se

haga arrogante hacia la gente. Una persona te habla mientras estás altivamente girándote lejos de él. Humíllate. Eres una pobre persona, débil, creada de la tierra, creada de un esperma que es de poco valor, excretas y vas al baño muchas veces cada día ¡¿cómo puedes ser arrogante?! Como puedes ser arrogante hacia la gente mientras estás en este estado. ¡¿Quiénes eres tú?!
Entonces, si una espina te pincha, gritas debido a ello, ¿cómo puedes ser arrogante hacia la gente?.
·        Esperando ser saludado *
¿Esta usted deseoso de comenzar el saludo de salam a otros musulmanes cuando se encuentra con ellos? ¿O usted espera, a que sea la otra persona quien lo salude primero?
Recuerde que el más humilde tiende a iniciar el saludo entre dos musulmanes.
·        Todo se trata de mí *
¿Parece que usted habla sin parar sobre usted mismo en un monólogo al tener una conversación normal, y cotidiana con algunas personas? ¿Sus conversaciones siempre se centran alrededor del "yo" (alrededor de sí mismo)? ¿Cuánto interés usted tiene para escuchar? ¿Con qué frecuencia usted muestra preocupación por otros? ¿Llama usted a otros para preguntar acerca de su bienestar?
·        Negárse a comer la comida simple (sencilla) *


Comer comida simple como las lentejas o las sobras son considerados demasiado humildes por algunas personas.
 Considere esto: nuestro Profeta (saws) nunca comió ni vivió lujosamente en toda su vida.
Las casas eran simples, la comida era sencilla y la ropa era remendada varias veces.













[1]  حديث أبي هريرة يحشر الجبارون والمتكبرون يوم القيامة في صور الذر الحديث أخرجه البزار هكذا مختصرا دون قوله الجبارون وإسناده حسن.
[2]  حديث تحاجت الجنة والنار فقالت النار أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين الحديث متفق عليه من حديث أبي هريرة.
[3]  حديث قال لرجل كل بيمينك قال لا أستطيع قال لا استطعت الحديث أخرجه مسلم من حديث سلمة بن الأكوع.
[4]  حديث أنس لم يكن شخص أحب إليهم من رسول الله وكانوا إذا رأوه لم يقوموا له الحديث تقدم في آداب الصحبة وفي أخلاق النبوة.
[5]  حديث أنس كانت الوليدة من ولائد المدينة تأخذ بيد رسول الله الحديث تقدم في آداب المعيشة.
[6]  حديث الرجل الذي به جدري وإجلاسه إلى جنبه تقدم قريبا.
[7]  حديث حمله متاعه إلى بيته أخرجه أبو يعلى من حديث أبي هريرة في شرائه للسراويل وحمله وتقدم.
[8]   إحياء علوم الدين
[9] أبو حامد في الإحياء
[10]  حديث إذا سمعتم الرجل يقول هلك الناس فهو أهلكهم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة.
[11]  حديث كفى بالمرء شرا أن يقر أخاه المسلم أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة بلفظ امرؤ من الشر.
[12]  حديث الرجل من بني إسرائيل الذي وطئ على رقبة عابد من بني إسرائيل وهو ساجد فقال ارفع فوالله لا يغفر الله لك الحديث أخرجه أبو داود والحاكم من حديث أبي هريرة في قصة العابد الذي قال للعاصي والله لا يغفر الله لك أبدا وهو بغير هذا السياق وإسناده حسن.
[13]  حديث أبي ذر قاولت رجلا عند النبي ﭬ فقلت له يا ابن السوداء الحديث أخرجه ابن المبارك في البر والصلة مع اختلاف ولأحمد من حديثه أن النبي ﭬ قال له انظر فإنك لست بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى.
[14]  حديث أن رجلين تفاخرا عند النبي ﭬ فقال أحدهما للآخر أنا فلان بن فلان فمن أنت لا أم لك الحديث أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائد المسند من حديث أبي بن كعب بإسناد صحيح ورواه أحمد موقوفا على معاذ بقصة موسى فقط.
[15]  حديث عائشة دخلت امرأة على النبي ﭬ: فقلت بيدي هكذا أي أنها قصيرة الحديث تقدم في آفات اللسان.

0 comentarios:

Publicar un comentario