lunes, 28 de diciembre de 2015

دلائل نبوته عليه الصلاة والسلام

0 comentarios
أنكرت النبوة طوائف ذكرها العلماء ، وأهم هذه الطوائف :
" البراهمة ، والصابئة ، وبعض معطلة العرب “ [1].
" ومن المنكرين أيضاً من لاح ذلك من على أفعاله وأقواله كالمصرِّين على الخلاعة وعدم المبالاة ونفي التكاليف ، ودلالة المعجزات ، وهؤلاء آحاد ، وأوباش من الطوائف لا طائفة معينة يكون لها ملة ونحلة “.[2]
·         ومن البراهمة من يرى نبوة آدم فقط ومنهم من قال بنبوة إبراهيم فقط [3]( .
وسنتناول بالتعريف كلاً من هذه الفرق وشبههم والرد عليها .
أولاً : البراهمة :
هم قبيلة بالهند فيهم أشراف أهل الهند ، ويقولون إنَّهم من ولد " برهمي " ملك من ملوكهم قديم وهم يقولون بالتوحيد إلا أنَّهم أنكروا النبوات.[4]
v     شبهة البراهمة في إنكارهم للنبوة  :
      *  قالوا إنَّ ما جاء به النبي إمَّا أن يكون موافقاً للعقل حسناً عنده فيقبل ويفعل، وإن لم يأت به نبي ، أو مخالفاً له قبيحاً عنده فيرد ويترك ، وإن جاء به النبي ، وإن كان لا حسناً عند العقل ولا قبيحاً يفعل عند الحاجة ، لأنَّ مجرد الاحتمال لا يعارض تنجز الاحتياج ، ويترك عند عدمها للاحتياط .
       *    قالوا أيضاً إنَّ هناك أفعال أمر بها الأنبياء كأفعال الصلاة من القيام والقعود ، والركوع ، والسجود ، وأعمال الحج نحو التلبية والهرولة والطواف كلها مستقبحة من جهة العقل منكرة .[5]
وقد أجاب التفتازاني:[6] عن هذه الشبهة فقال : " إنَّ ما يوافق العقل قد يستقل بمعرفته فيعاضده النبي ، ويؤكده بمنزلة الأدلة على مدلول واحد ، وقد لا يستقل فيدله عليه ، ويرشده ، وما يخالف العقل قد لا يكون مع الجزم فيدفعه النبي ، أو يرفع عنه الاحتمال وما لا يدرك حسنه ، ولا قبحه قد يكون حسناً يجب فعله أو قبيحاً يجب تركه ، هذا مع أنَّ العقول متفاوتة بالتفويض إليها ، مظنة التنازع والتقاتل ، ومفضٍ إلى اختلال النظام "  .[7]
فنحن إذاً نسلِّم بأنَّ العقل له قدرة على إدراك ومعرفة الحسن والقبيح في الأمور ، ومعرفة النافع والضار ، ولكن مع ذلك فإن هناك أموراً لا يستطيع الإنسان أن يدركها بمجرد عقله مثال ذلك معرفة أسماء الله ، وصفاته ، وتفاصيل ما أعدّه الله لأوليائه من النعيم في الجنة وما أعدَّه لأعدائه من العذاب ، والعقاب ، كما أنَّ الإنسان لا يستطيع أن يتوصَّل بعقله إلى معرفة المنهج الذي يعيش على ضوئه في الحياة ليصل عن طريقه إلى تحقيق السعادة والاطمئنان .
والذي يدركه الإنسان بعقله يدركه مجملاً فهو لا يستطيع أن يدرك تفاصيل ما جاء به الشرع ، والعقول أيضاً قد تحار في الفعل الواحد الذي قد يشتمل على مصلحة ، ومفسدة في آن واحد فتأتي الشرائع وتبين الصواب فيها وتأمر بما فيه المصلحة ، وكذلك الفعل قد يكون في الظاهر مفسدة ، ولكنه في باطنه يحوى مصلحة لا يدركها العقل فتأتي الشرائع وتبين ذلك .
 فمن ذلك يتضح لنا أننا بحاجة إلى الرسل كي نعرف وجهتنا في هذه الحياة ، وعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى لنعبده على الوجه الذي يحبه ويرضاه .
ونظراً لما لبعثة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من فوائد عظيمة على البشريـة ، قال تعالى : { لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ}.
     *  أمَّا عن الشق الثاني من الشبهة وهو قولهم إنَّ أعمال الصلاة والحج والطواف وغيرها من الأمور التعبدية مستقبحة من جهة العقل فالجواب عنه : أنّ هذه الأمور التعبدية اعتبرها الشارع ابتلاءً للمكلفين وتطويعاً لأنفسهم ، وتأكيداً لملكة امتثالهم الأوامر والنواهي ، ولعلَّ فيها حكماً ومصالح لا يعلمها إلا الله ([9]) .
  - ولذلـك فـإنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال – كما رُوي عنه حين قبَّل الحجر الأسود – " والله إنَّى أعلم أنَّك حجر لا تنفع ولا تضر ، ولولا أنَّي رأيت رسول الله يقبلك ما قبلتك " .
ثانياً : الصابئة :
الصابئ : هو التارك لدينه الذي شرع له إلى دين غيره .
    والصابئون سموا بذلك لأنَّهم فارقوا دين التوحيد ، وعبدوا النجوم وعظَّموها ، ولهم مذاهب ينفردون بها ، ويقرون بالصانع وببعض الأنبياء.[8]
  ولقد عرف " الشهرستاني [9]"الصابئة بأنهم الذين يقرون بالمحسوس والمعقول ، ويقولون بالحدود والأحكام العقلية ، ولا يقولون بالشريعة ولا النبوات ، وبعض الصابئة أقرَّ بنبوة بعض الأنبياء وهما " شيث " و " إدريس " عليهما السلام .وقيل لهم صابئة لميلهم عن سنن الحق ، وزيغهم عن نهج الأنبياء وفي اللغة صبأ الرجل : إذا مال وزاغ .
   - والصابئة : طوائف فمنهم أصحاب الروحانيات عبدة الملائكة ، ومنهم أصحاب الهياكل وهم عبدة الكواكب ، ومنهم أصحاب الأشخاص وهم عبدة الأوثان .[10]
  -  فأصحاب الروحانيات أنكروا بعث الرسل في الصورة البشرية فقالوا " الأنبياء أمثالنا في النوع ، وأشكالنا في الصورة ، يشاركوننا في المادة يأكلون مما نأكل ، ويشربون مما نشرب ، ويساهموننا في الصـورة أناس بشر مثلنا فمن أين لنا طاعتهم ؟ وبأية مزية لهم لزمـت متابعتهم ؟.[11]
1)      ونظراً لأنَّ هذه الشبهة مما أثارها مشركو قريش في إنكارهم لنبوة الرسول صلى الله عليه وسلمفإننا سنرد عليها عند الحديث عن منكري نبوته صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً : معطلة العرب :
  وهم أصناف منهم من أقرَّ بالخالق ، وابتداء الخلق ، ونوع الإعادة وأنكروا الرسل وعبدوا الأصنام .
1)      ومن شبهاتهم : إنكارهم لبعث الرسل في الصورة البشرية .[12]
2)      ومن شبهات المنكرين للنبوة بشكل عام شبهة التمسك بالتقليد والتبعيَّة لما كان عليه الآباء والأجداد...
2)      ومن الشبه التي أثارها منكرو النبوات أنَّهم طعنوا في معجزات الأنبياء التي يجريها الله على أيديهم ، فقالوا إنَّه قد يوجد مثلها في أهل الشعبذة والمخرفة ، وليس ذلك من دلائل صدقهم ، فكذلك أحكام المعجزات.[13]
-  والردُّ على هذه – كما قال " الماوردي "  – من وجهين :
  أحدهما : أن الشعوذة تظهر لذوي العقول ، وتندلس على الغر الجهول ، فخالفت المعجزة التي تذهل لها العقول .
  الثاني : أن الشعوذة تستفـاد بالتعليم ، فيتعلمها من ليس يحسنها فيصير مكافئاً لمن أحسنها ، ويعارضها بمثلها ، والمعجزة مبتكرة لا يتعاطاها غير صاحبها ، ولا يعارضه أحد بمثلها كما انقلبت عصا موسى حية تسعى ، تلقف ما أفكه السحرة فخروا له سجداً ([17]) .
وهكذا نجد أنَّ ما أثاره أهل الباطل من شبهات في إنكارهم للنبوات ليست سوى شبهات واهية لا تصمد أمام المناقشة الجادة ، والاستدلال العقلي السليم ، وفعلاً فقد جادل الرسل عليهم السلام أقوامهم ، وبيَّنوا لهم وجه الحق والصواب ، إلا أنَّهم أصمَّوا آذانهم عن سماع الحق ، فاستحقوا لذلك عذاب الله .
ولاشك أنَّ بعثة الرسل عليهم الصلاة والسلام من أعظم ما منَّ الله به على عباده ، فالبشرية في أمس الحاجة إلى تعاليم الرسل عليهم الصلاة والسلام الموحاة من عند الحكيم الخبير بما يصلح عباده ، وإنَّه ليظهر لنا هذا الأمر بوضوح في عصرنا الحاضر ، الذي بلغت فيه البشرية ذروة التقدم المادي في جميع مجالات الحياة ، واغترَّ البشر بعقولهم فرفضوا تعاليم الأنبياء ، وأقاموا دولهم على الإلحاد تحت ستار " العلمانية " و " العقلانية " وغيرها من المذاهب الباطلة التي تمردت على شرائع الله ، وأنكرتها فـإن نظرة واحدة على أحوال هذه الدول المتحضرة مادياً ، تدلنا على مدى شقائهم ، وتخبطهم حيث ظهرت الانحرافات الخلقية في تلك المجتمعات وتردت إلى أبشع صورة مما لا يكاد يخطر على بال أحد ، وما ذاك إلا لبعدهم عن منهج الله .
فنحن إذن بحاجة إلى رسالات الرسل لصلاح قلوبنا ، وإنارة نفوسنا واستقامة حياتنا ، لئلا ننحرف فنقع في المستنقع الآسن لا سمح الله .
بعض من الأدلة على نبوة محمد عليه الصلاة والسلام  : 
دلالة أخلاقه وأحواله صلى الله عليه وسلم على نبوته

ومن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم كرم أخلاقه وجميل صفاته، فمثل هذه الكمالات إنما هي بعض منحة الله له، وهي دليل يقنع العقلاء على نبوته صلى الله عليه وسلم، فما كان لهذه الأخلاق أن تكون لدعي يفتري على الله الكذب.
قال ابن تيمية: "ودلائل صدق النبي الصادق وكذب المتنبي الكذاب كثيرة جداً، فإن من ادعى النبوة وكان صادقاً؛ فهو من أفضل خلق الله وأكملهم في العلم والدين، فإنه لا أحد أفضل من رسل الله وأنبيائه صلوات الله عليهم وسلامه ...
وإن كان المدعي للنبوة كاذباً فهو من أكفر خلق الله وشرهم .. ولما كان هذا من أعلى الدرجات وهذا من أسفل الدركات؛ كان بينهما من الفروق والدلائل والبراهين التي تدل على صدق أحدها وكذب الآخر ما يظهر لكل من عرف حالهما، ولهذا كانت دلائل الأنبياء وأعلامهم الدالة على صدقهم كثيرة متنوعة، كما أن دلائل كذب المتنبئين كثيرة متنوعة"..]

وبهذا النوع من الدلائل آمن الرهط الأول من المسلمين بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن تظهر على يديه معجزاته الباهرة، فأول أهل الأرض إيماناً به خديجة رضي الله عنها، استدلت لنبوة زوجها بما عرفته من كمال أخلاقه، وعظيمِ خلاله، فقالت له وقد رجع إليها من غار حراء خائفاً: (كلا والله ما يخزيك الله أبداً، إنك لتصل الرحم، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق).[2 
ذكره فى الكتب السماويَّة السابقة :
    - عن عطاء بن يسار قال : لقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قلت : " أخبرنى عن صفة رسول الله صلى الله عليه و سلَّم فى التوراة . قال : أجل . والله ﺇنه لموصوف فى التوراة ببعض صفاته فى القرآن : يا أيها النبىِّ , ﺇنا أرسلناك شاهداً و مبشراً و نذيراً و حِرزاً للأميين . أنت عبدى و رسولى , سميتك المتوكل .  ليس بفظ و لا غليظ و لا سخَّاب فى الأسواق و لا يدفع بالسيئة السيئة و لكن يعفو و يغفر و  لن يَقبضَه اللهُ  حتى يقيمَ به الملة العوجاء بأن يقولوا : لا ﺇله ﺇلا الله و يُفُتح به أعينٌ عُمْىٌ و آذانٌ صُمٌ و قلوبٌ غلفٌ " رواه البخارىِّ فى البيوع ..

  -  و قد سجَّل القرآن الكريم أن ذكره صلى الله عليه و سلَّم موجود فى الكتب السابقة فقال : ( و ﺇنه لفى زبر الأولين ) سورة الشعراء / 196 .    
       -  و قال سبحانه: ( الذين يتبعون الرسول النبىِّ الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة و اﻹنجيل يأمرهم بالمعروف و ينهاهم عن المنكر و يحل لهم الطيبات  و يُحرِّم عليهم الخبائث و يضع عنهم ﺇصرهم و الأغلال التى كانت عليهم فالذين آمنوا به و عزَّروه و نصروه و اتبعوا النور الذى أُنْزِلَ معه أولئك هم المفلحون ) سورة الأعراف /157..  
      -  و قال تعالى : ( و ﺇذ قال عيسى بن مريم يا بنى ﺇسرائيل ﺇنى رسول الله ﺇليكم مصدِّقاً لما بين يدىَّ من التوراة و مبشراً برسولٍ يأتى من بعدى اسمه أحمد ) سورة الصف / 6
  معرفة أهل الكتاب له :
    قال تعالى : ( الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم و ﺇنَّ فريقاً منهم ليكتمون الحق و هم يعلمون ) سورة البقرة .. عن أنس رضى الله عنهقال : بلغ عبد الله بن سلام مقدم النبى صلى الله عليه و سلَّم المدينة فأتاه فقال : ﺇنى سأئلُك  عن ثلاثٍ لا يعلمُهنَّ ﺇلا نبىِّ :  قال : ما أول أشراط الساعة ؟ و ما أول طعام يأكله أهل الجنة ؟ و من أى شئ ينزع الولد ﺇلى أبيه و من أى شئ ينزع ﺇلى أخواله ؟ .. فقال رسول الله صلى الله عليه و سلَّم : خبَّرنى بهنَّ آنفاً جبريل . فقال عبد الله : ذلك عدوُ اليهود من الملائكة . فقال رسول الله صلى الله عليه و سلَّم : أمَّا أول أشراط الساعة فنار تَحشُرُ الناسَ من المشرقِ ﺇلى المغرب و أمَّا أولُ طعام يأكله أهل  الجنة فزيادة كبد الحوت و أما الشبه فى الولد فانَّ  الرجلَ ﺇذا عَشِىَ المرأة فسبقها ماؤه كان الشبه له و ﺇذا سبق ماؤها  كان الشبه لها . قال : أشهد أنك رسول الله " / رواه البخارى فى الأنبياء / 
   و فى رواية أن عبد الله بن سلام قال ﻹخوانه : " يا معشر اليهود , اتقوا الله . فوالله الذى لا ﺇله ﺇلا هو ﺇنكم لتعلمون أنه رسول الله و أنه جاء بحق " / رواه البخارى فى مناقب الأنصار .
وفي مسند أحمد شاهد آخر من شهادات أهل الكتاب بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك فيما يرويه عن سلمة بن سلامة البدري  رضي الله عنه  قال: كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل، فخرج علينا يوماً من بيته قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم بيسير، فوقف على مجلس عبد الأشهل، وأنا يومئذ أحدث من فيه سناً.. فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، فقال ذلك لقومٍ أهلِ شرك أصحابِ أوثان، لا يرون أن بعثاً كائن بعد الموت.
فقالوا له: ويحك يا فلان، ترى هذا كائناً؟ إن الناس يبعثون بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار؟ يجزون فيها بأعمالهم؟ قال: نعم والذي يحلَف به ..
قالوا له: ويحك، وما آيةُ ذلك؟ قال: نبي يبعث من نحو هذه البلاد. وأشار بيده نحو مكة واليمن.
قالوا: ومتى تُراه؟ قال سلمة: فنظر إليّ، وأنا من أحدثهم سناً، فقال: إن يستنفد هذا الغلام عمُرَه [أي إن عاش حتى يهرم] يدركْه.
 قال سلمة: فوالله ما ذهب الليل والنهار حتى بعث الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم وهو [أي اليهودي] حي بين أظهرنا، فآمنا به، وكفر به بغياً وحسداً.
 فقلنا: ويلك يا فلان، ألست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال: بلى، وليس به.

هرقل ونبوة محمد :

 - وممن عرف هذا الحق ملكُ الروم هرقل، ويروي لنا أبو سفيان بن حرب خبره، فقد كان بالشام حين أرسل النبي صلى الله عليه وسلم كتابه إلى هرقل الذي علم بوجود قافلة لقريش يتاجرون بالشام، وذلك في زمن هدنة الحديبية.
فأرسل إليهم، فجاؤوا إليه بإيلياء، فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم، ثم دعاهم ودعا بترجمانه فقال: أيكم أقرب نسباً بهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ فقال أبو سفيان: فقلتُ (أي أبو سفيان، وكان على الكفر حينذاك): أنا أقربهم نسباً.
 فقال: أدنوه مني، وقربوا أصحابه، فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: قل لهم: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كَذَبَني فكذِّبوه.
يقول أبو سفيان: "فوالله لولا الحياء من أن يأثروا علي كذباً لكذبت عنه.
 ثم كان أول ما سألني عنه أن قال: كيف نسبه فيكم؟ قلتُ: هو فينا ذو نسب.
قال: فهل قال هذا القولً منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا.
 قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا.
 قال: فأشراف الناس يتبعونه أم ضعفاؤهم؟ فقلت: بل ضعفاؤهم.
 قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون.
 قال: فهل يرتد أحد منهم سخطةً لدينه بعد أن يدخل فيه؟ قلت: لا.
 قال: فهل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ قلت: لا.
 قال: فهل يغدر؟ قلتُ: لا، ونحن منه في مدة لا ندري ما هو فاعل فيها.
 قال أبو سفيان: ولم تمكني كلمة أدخل فيها شيئاً غير هذه الكلمة.
 قال هرقل: فهل قاتلتموه؟ قلتُ: نعم.
 قال: فكيف كان قتالكم إياه؟ قلتُ: الحرب بيننا وبينه سجال، ينال منا، وننال منه.
 قال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده، ولا تشركوا به شيئاً، واتركوا ما يقول آباؤكم، ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة.
 فقال للترجمان: قل له: سألتكَ عن نسبه، فذكرتَ أنه فيكم ذو نسب، فكذلك الرسل تبعث في نسب قومها.
وسألتك: هل قال أحد منكم هذا القول؟ فذكرتَ أن لا، فقلتُ: لو كان أحد قال هذا القول قبله؛ لقلتُ رجل يأتسي بقول قيل قبله.
وسألتك: هل كان من آبائه من ملك؟ فذكرت أن لا، قلتُ: فلو كان من آبائه من ملك؛ قلتُ: رجل يطلب ملك أبيه.
وسألتك: هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟ فذكرت أن لا، فقد أعرف أنه لم يكن ليذر الكذب على الناس ويكذب على الله.
وسألتك: أشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ فذكرتَ أن ضعفاءهم اتبعوه، وهم أتباع الرسل.
وسألتك: أيزيدون أم ينقصون؟ فذكرت أنهم يزيدون، وكذلك أمر الإيمان حتى يتم.
 وسألتك: أيرتد أحد سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الإيمان حين تخالط بشاشته القلوب.
وسألتك: هل يغدر؟ فذكرتَ أن لا، وكذلك الرسل لا تغدر.
وسألتك: بم يأمركم؟ فذكرتَ أنه يأمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وينهاكم عن عبادة الأوثان، ويأمركم بالصلاة والصدق والعفاف.
فإن كان ما تقول حقاً فسيملك موضع قدميَّ هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج ، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلُص إليه لتجشمتُ لقاءه، ولو كنتُ عنده لغسلتُ عن قدمه".

قال المازري: "هذا الذي قاله هرقل أخذه من الكتب القديمة, ففي التوراة هذا أو نحوه من علامات رسول الله صلى الله عليه وسلم, فعرفه بالعلامات, وأما الدليل القاطع على النبوة فهو المعجزة الظاهرة الخارقة للعادة".[7]

دعا هرقل بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث به دحيةَ إلى عظيم بصرى، فدفعه إلى هرقل، فقرأه فإذا فيه ((بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد، فإني أدعوك بدعاية الإسلام، أسلم تسلم، يؤتك الله أجرك مرتين، فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين، و ]يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً ولا يتخذ بعضنا بعضا أرباباً من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون[)) (آل عمران: 64).
قال أبو سفيان: فلما قال ما قال، وفرغ من قراءة الكتاب؛ كثر عنده الصخب، وارتفعت الأصوات، وأخرجنا.
 فقلت لأصحابي حين أخرجنا: لقد أمِرَ [أي بلغ] أمرُ ابن أبي كبشة[8] أنه يخافه ملكُ بني الأصفر، فما زلتُ موقناً أنه سيظهر حتى أدخل الله عليَّ الإسلام.
ويمضي الخبر ليخبرنا أن هرقل جاءه رجل أرسل به ملك غسان يخبر عن خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل هرقل عن النبي هذا، هل هو مختون أم لا؟ فأخبروه أنه مختون، وأن العرب يختتنون، فقال هرقل: "هذا ملك هذه الأمة قد ظهر".
ثم كتب هرقل إلى صاحب له بروميَّة، وكان نظيره في العلم.
 وسار هرقل إلى حمص فلم يرم [أي يصل] حمص حتى أتاه كتاب من صاحبه، يوافق رأي هرقل على خروج النبي صلى الله عليه وسلم وأنه نبي.
فأذن هرقل لعظماء الروم في قصر له بحمص، ثم أمر بأبوابها فغلقت، ثم اطلع فقال: "يا معشر الروم، هل لكم في الفلاح والرشد وأن يثبُت ملككم فتبايعوا هذا النبي؟ فحاصوا حيْصَة حُمُر الوحش إلى الأبواب، فوجدوها قد غُلِّقَت.
فلما رأى هرقل نفرتهم، وأيس من الإيمان، قال: ردوهم علي.
 وقال: إني قلت مقالتي آنفاً أختبر بها شدتكم على دينكم. فقد رأيتُ، فسجدوا له ورضوا عنه.[9]

   قال النووي: " ولا عذر له في هذا ; لأنه قد عرف صدق النبي صلى الله عليه وسلم, وإنما شح في المُلك, ورغب في الرياسة , فآثرها على الإسلام .. ولو أراد الله هدايته لوفقه كما وفَّق النجاشيَّ وما زالت عنه الرياسة ".

العلماء أثبتوا نبوة الرسول صلى الله عليه و سلَّم من خلال مسلكين :
    -  المسلك الأول " عقلى " قالوا أن الرسول صلى الله عليه و سلَّم ﺇدَّعى النبوة و ظهرت المعجزة على يديه .
    -  المسلك الثانى أن كل من ادَّعى النبوة و ظهرت المعجزة على يديه فهو نبىِّ حقاً .
فاذن , الرسول صلى الله عليه و سلَّم نبىٌ حقاً . 
لو لم يكن الرسول صلى الله عليه و سلَّم ادَّعى النبوة فَلِمَ المشركون حاولوا قتله و حاربوه ؟ .. ﺇذا كانت النبوة أمر ظاهر للكل فَلِمَ نُقِلَ ﺇلينا تواترا .. 
    فالرسول صلى الله عليه و سلَّم له معجزات حسيَّة عقليَّة ما زالت موجودة حتى الآن .. ﺇذا كان هو ادَّعى النبوة فاذن هو صادق فى حق الرسالة فقد قال سبحانه : ( الذين يتَّبعون الرسول النبىِّ الأمىِّ الذى يجدونه مكتوباً عندهم فى التوراة و اﻹنجيل ) .. لو أن الرسول صلى الله عليه و سلَّم ليس نبيَّاً حقا و ادَّعى النبوة فَلِمَ ألهمه الله تعالى بهذه الكمالات لمدة 23 سنة ؟ ! .
إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيب :
1)      اقتدوا بالذين من بعدى أبى بكر و عمر " / رواه اﻹمام أحمد فى مسنده عن حذيفة.
2)      خلافة النبوة ثلاثون سنة ثم يؤتى الله ملكه من يشاء " / رواه أبو داود فى السنة.
3)      قوله لسيدنا عمَّار : " تقتلك الفئة الباغية " رواه ا ﻹمام أحمد فى مسنده عن أم سلمة و مسلم /   و قُتِلَ يوم صفين و هذا يدل على أن عمَّاراً سيموت مقتولاً و أن الباغية هى التى سَتَقْتُلَهْ و هو يدل على انقسام الأمة و أن ﺇحدى الفئتين باغية .
4)      أخبرَ عن موت النجاشىِّ فى اليوم الذى مات فيه و صلى عليه بأصحابه / رواه البخارى فى الجنائز .
5)      نعى زيداً و جعفراً و ابن رواحة للناس فأصيب حتى أخذ سيفٌ من سيوف الله حتى فتح الله عليهم / رواه البخارى فى فضائل الصحابة.
6)      أخبر أم حرام بنت ملجان زوج عبادة بن الصامت أنها ممن سيركب البحر غزاةً فى سبيل الله و قد حدث ذلك فى زمن معاوية فى فتح قبرص سنة ثمان و عشرين / رواه البخارى فى الاستئذان . 
7)      قال صلى الله عليه و سلم : " ﺇنكم ستفتحون مصر و هى أرض يسمى فيها القيراط فاذا فتحتموها فأحسنوا ﺇلى أهلها فان لهم ذمة و رحماً أو قال : ذمة و صهراً " / رواه مسلم فى فضائل الصحابة /  القيراط : جزء الدينار و الدرهم و غيرهما / الرحم : هاجر أم اسماعيل / الصهر : لكون ماريَّة أم ﺇبراهيم منهم / بيت ماريَّة فى الفيوم ﺇلى الآن .
8)      لما صعد جبل أحد و معه أبو بكر و عمر و عثمان فرجف فقال : " اسكن أحد " فليس عليك ﺇلا نبىِّ و صدِّيق و شهيدان " / رواه البخارى فى فضائل الصحابة .
9)      عن أبى هريرة عن النبىِّ صلى الله عليه و سلَّم قال : " هلك كِسرى ثم لا يكونُ كِسرى بعده و قيصرٌ ليَهْلِكُنَّ ثم لا يكون قيصرٌ بعده و لَتُقْسَّمَنَّ كنوزُهما فى سبيل الله " / رواه البخارى فى الجهاد .
10)  فى الصحيحين عن حذيفة بن اليمان قال : " قام رسول الله صلى الله عليه و سلَّم فينا مقاماً , ما ترك فيه  شيئاً ﺇلى قيام الساعة ﺇلا ذكره عَلِمَهُ من َعلِمَهُ و جَهَلَهُ من جَهَلَهُ " .
خوارق العادات

وإن من أعظم دلائل النبوة ما يؤتيه الله أنبياءه من خوارق العادات التي يعجز عن فعلها سائر الناس، وتمكينهم من هذه الخوارق إنما هو بتكريم وتأييد من الله، وهو دليل رضا الله وتأييدِه لهذا الذي أكرمه الله بالنبوة أو الرسالة، ولا يمكن أن يؤيد الله بعونه وتوفيقه من يدعي الكذب عليه ويُضل الناسَ باسمه.

-   وقال ابن القيم بعد أن ذكر معجزات موسى وعيسى عليهما السلام: "وإذا كان هذا شأن معجزات هذين الرسولين، مع بُعد العهد وتشتت شمل أمّتيْهما في الأرض، وانقطاع معجزاتهما، فما الظن بنبوة محمد, ومعجزاتُه وآياتُه تزيد على الألف والعهد بها قريب، وناقلوها أصدقُ الخلق وأبرُّهم، ونقلُها ثابت بالتواتر قرناً بعد قرن؟".[14]

لقد أيد الله نبيه محمداً  بالمعجزات الدالة على نبوته، ورأى مشركو مكة الكثير منها ، لكنهم لم يؤمنوا، ولم يذعنوا للحق، بل طلبوا على سبيل العناد والاستكبار المزيد من الآيات } وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً ، أو تكون لك جنةٌ من نخيلٍ وعنبٍ فتفجر الأنهار خلالها تفجيراً ، أو تسقط السماء كما زعمت علينا كسفاً أو تأتي بالله والملائكة قبيلاً ، أو يكون لك بيتٌ من زخرفٍ أو ترقى في السماء ولن نؤمن لرقيك حتى تنزل علينا كتاباً نقرؤه قل سبحان ربي هل كنت إلا بشراً رسولا (الإسراء:90-93).

وحتى يقيم الله حجته على قريش؛ فإنه آتى نبيه  معجزة من جنس ما طلبوه على سبيل التعجيز، ألا وهي انشقاق القمر، وهو حدث عظيم لا يقع إلا بتقدير العزيز العليم.

-  فقد روى الشيخان وغيرهما من حديث ابن مسعود  أنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله  فرقتين: فرقة فوق الجبل، وفرقة دونه, فقال رسول الله : ((اشهدوا)).[15]
 
-   قال الخطابي: "انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء، وذلك أنه ظهر في ملكوت السماء خارجاً من جبلة طباع ما في هذا العالم، فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر".[16]

-  وهذا الذي حكاه الله بقوله: } اقتربت الساعة وانشق القمر ، وإن يروا آيةً يعرضوا ويقولوا سحرٌ مستمر ، وكذبوا واتبعوا أهواءهم وكل أمرٍ مستقر  (القمر: 1-3)

واليوم في عصر العلم والمعرفة تتجدد هذه الآية العظيمة، فقد نشرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا في موقعها على شبكة الإنترنت صورة للقمر، وقد اخترطه خط طويل من أقصاه إلى أقصاه، ويعتقد العلماء أنه أثر لانشقاق حصل في القمر قديماً } سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيءٍ شهيدٌ { (فصلت: 53).

ومن خوارق العادات المعجزة التي آتاها الله نبيه  ما أعطاه من استجابة الجماد لأمره

   فقد أتى النبيَ  رجلٌ من بني عامر، فقال له رسول الله : ((ألا أريك آية؟)) قال: بلى. فنظر إلى نخلة، فقال العامري للنبي : ادع ذلك العِذق!
 قال: فدعاه، فجاء ينقز حتى قام بين يديه، فقال له رسول الله : ((ارجع)) فرجع إلى مكانه.
 فقال العامري: يا آل بني عامر، ما رأيتُ كاليوم رجلاً أسحر.
وفي رواية لابن حبان أن العامري قال: "والله لا أكذبك بشيء تقوله أبداً"، ثم قال: "يا آل عامر ابن صعصعة، والله لا أكذبه بشيء يقوله".[17]

    ويروي الإمام مسلم نحو هذه المعجزة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، يقول: سِرنا مع رسول الله  حتى نزلنا وادياً أفْيَح [أي واسعاً] فذهب رسول الله  يقضي حاجته فاتبعته بإداوة من ماء، فنظر رسول الله ، فلم ير شيئاً يستتر به، فإذا شجرتان بشاطئ الوادي.
فانطلق رسول الله   صلى الله عليه وسلم  إلى إحداهما، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي عليَّ بإذن الله)) فانقادت معه كالبعير المخشوش [المربوط بالحبل] الذي يصانع قائده، حتى أتى الشجرة الأخرى، فأخذ بغصن من أغصانها، فقال: ((انقادي علي بإذن الله)) فانقادت معه كذلك، حتى إذا كان بالمنصف مما بينهما؛ لأم بينهما - يعني جمعهما - فقال: ((التئما عليّ بإذن الله)) فالتأمتا.
 ثم يمضي جابر في حديثه ويخبرنا بعود الشجرتين إلى حالهما بعد قضاء النبي e حاجته، يقول: فإذا أنا برسول الله e مقبلاً، وإذا الشجرتان قد افترقتا، فقامت كل واحدة منهما على ساق". [18]
قال الإمام أحمد: "في الحديث آيات من دلائل نبوة النبي e منها: انقلاع الشجرتين واجتماعهما، ثم افتراقهما".[19]

 -   وفي جنبات مكة ثبّت الله قلب حبيبه في مواجهة المحن بآية من هذا الجنس، فقد جاء جبريل عليه السلام إلى رسول الله ، وهو حزين قد خضب وجهه بالدماء، قد ضربه بعض أهل مكة، فقال: مالك؟ فقال: ((فعل بي هؤلاء، وفعلوا)) فقال جبريل: أتحب أن أريك آية؟ قال: ((نعم أرني)).
 فنظر إلى شجرة من وراء الوادي، قال: ادع تلك الشجرة، فدعاها، فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، قال: قل لها: فلترجع، فقال لها، فرجعت، حتى عادت إلى مكانها، فقال رسول الله e: ((حَسْبي)).[20] إنه دليل آخر من براهين نبوته .

، وسبح للهِ بين يديه الجمادُ ، وشهد له بالنبوة والرسالة.

يقول ابن مسعود : لقد كنا نسمع تسبيح الطعام وهو يُؤكل.[21] أي بين يدي النبي.

ويقول أبو ذر : إني شاهد عند النبي  في حَلْقَة، وفي يده حصى، فسبّحنَ في يده. وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحَهن مَنْ في الحَلْقَة، ثم دفعهن النبي  إلى أبي بكر ، فسبحن مع أبي بكر ، سمع تسبيحهن من في الحلقة ، ثم دفعهن إلى النبي  فسبَّحنَ في يده ، ثم دفعهنّ النبي  إلى عمر، فسبحن في يده، وسمع تسبيحهنّ مَنْ في الحلقة، ثم دفعهن النبي  إلى عثمان بن عفان، فسبّحن في يده، ثم دفعهنَّ إلينا، فلم يسبّحن مع أحدٍ منا.[22]

 *  ويقارن ابن كثير بين هذه المعجزة ومعجزة أخيه نبي الله داود عليهما السلام، فيقول: "ولا شك أن صدور التسبيح من الحصى الصغار الصمّ التي لا تجاويف فيها؛ أعجب من صدور ذلك من الجبال؛ لما فيها من التجاويف والكهوف، فإنها وما شاكلَها تردِّدُ صدى الأصوات العالية غالباً .. ولكن من غير تسبيح؛ فإن ذلك [أي تِردادَها بالتسبيح] من معجزات داود عليه السلام، ومع هذا كان تسبيح الحصى في كف رسول الله r وأبي بكر وعمر وعثمان أعجب".[23]

-         وصدق الشاعر إذ يقول:
   لئن سبـَّحتْ صمُّ الجبال مجيبة        لداود أو لان الحديدُ المصفَّح
 فإن الصخور الصم لانَتْ بكفه         وإن الحـصا في كفه ليُسبِّحُ

وقد بدئ   بآية من هذا النوع قبل نبوته ، فكان الحجر يسلم عليه، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((إني لأعرف حجراً بمكة كان يسلم علي قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن)).[24]

وبعد البعثة رأى الصحابة ذلك، يقول علي  : (كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، فخرج في بعض نواحيها، فما استقبله شجر ولا جبل إلا قال: السلام عليك يا رسول الله).[25]

- يقول ابن عمر رضي الله عنهما: كنا مع النبي في سفر فأقبل أعرابي، فلما دنا منه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أين تريد؟)) قال: إلى أهلي، قال: ((هل لك في خير؟)) قال: وما هو؟ قال: ((تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله)).
 قال الأعرابي: ومن يشهد على ما تقول؟ فأشار النبي إلى شجرة، وقال: ((هذه السلَمَة))، فدعاها رسول الله e وهي بشاطئ الوادي، فأقبلَتْ تَخُدُّ الأرض خداً حتى قامت بين يديه, فاستشهدها ثلاثاً، فشهدت ثلاثاً أنه كما قال.
 ثم رجعت إلى مَنبَتها، ورجع الأعرابي إلى قومه، وهو يقول للنبي : إن اتبعوني أتيتُكَ بهم، وإلا رجعتُ فكنتُ معك.[26]


 قال الشافعي: ما أعطى الله نبياً ما أعطى محمداً , فقال له عمرو بن سواد: أعطى عيسى إحياء الموتى! قال: أعطى محمداً حنينَ الجِذعِ حتى سمع صوته , فهذا أكبر من ذلك".[27]

 *    قال ابن كثيرتعليقا: "وإنما قال: فهذا أكبر منه؛ لأن الجذع ليس محلاً للحياة، ومع هذا حصل له شعور ووجد لما تحوّل عنه إلى المنبر، فأَنَّ وحنَّ حنين العِشار [أي الناقة الحامل] ، حتى نزل إليه رسول الله ، فاحتضنه. ".[28]


ما جاء على ييه من بركة مثل

تكثير الطعام والشراب والوضوء

وإن من المعجزات الخارقة لعادات البشر التي تشهد بالنبوة للأنبياء ما يجعله الله على أيديهم من البركة التي ينتفع بها الناس.

 -  قال الله على لسان نبيه المسيح: } قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبياً، وجعلني مباركاً أين ما كنت وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حياً  (مريم: 30-31).

ونبينا  أيضاً كان نبياً مباركاً، وكان ما ساقه الله من البركة على يديه دليلاً ساطعاً وبرهاناً دامغاً على نبوته ورسالته.


      -  و منه رآه جابر في يوم آخر، وذلك يوم الخندق، فقد رأى بالنبي   جوعاً شديداً، يقول: فانكفأْتُ إلى امرأتي، فقلتُ لها: هل عندك شيء؟ فإني رأيت برسول الله  خَمَصَاً شديداً، قال: فأخرجَت لي جِراباً فيه صاعٌ من شعير، ولنا بهيمةٌ داجنٌ، فذبحتُها ...
ثم ولّيتُ إلى رسول الله ، فقالت امرأةُ جابر: لا تفضحني برسول الله ومن معه.
لقد خشيتْ أن يدعو جمْعاً لا يكفيه الطعام، فتفضح بين النساء بعجزها عن إطعامهم.
 يقول جابر: فجئتُه  فسارَرْتُه، فقلتُ: يا رسول الله، إنا قد ذبحنا بهيمة لنا، وطحنتُ صاعاً من شعير كان عندنا، فتعال أنت في نفرٍ معك.
يقول جابر: فصاح رسول الله  وقال: ((يا أهل الخندق، إن جابراً قد صنع لكم سُوراً، فحيَّ هلاً بكم)).
وقال رسول الله  لجابر: ((لا تُنزلِنَّ بُرمَتكم، ولا تخبِزُنَّ عجينَتَكم حتى أجيء)).
قال جابر: فجئت وجاء رسول الله  يَقْدُمُ الناسَ حتى جئتُ امرأتي، فقالت: بكَ وبكَ.
لقد لامته وقرّعته على دعوةِ العدد الكبير إلى طعامهم القليل، إذ ظنت أنه أهمل طلبتها.
يقول جابر: فقلتُ: قد فعلتُ الذي قلتِ لي.
قال جابر: فأخرجتُ له عجينتنا، فبصق فيها وبارك، ثم عمَد إلى بُرْمَتِنا، فبصق فيها وبارك، ثم قال لامرأتي: ((ادعي خابزةً فلتخبز معَكِ، واقدحي من بُرْمتِكم ولا تُنـزِلوها)).
قال جابر: وهم ألفٌ، فأقسم بالله، لأكلوا حتى تركوه .. وإن بُرْمَتنا لتغِطُّ كما هي، وإن عجينتنا لتُخبَز كما هو.[29]

-   يقول النووي: "حديث طعام جابر فيه أنواع من فوائد وجُمَل من القواعد: منها: الدليلُ الظاهر والعلم الباهر من أعلام نبوةِ رسول الله. وقد تضمن هذا الحديث عَلَمَينِ من أعلام النبوة: أحدُهُما: تكثيرُ الطعام القليل، والثاني: عِلمُه  بأن هذا الطعام القليل الذي يكفي في العادة خمسةَ أنفسٍ أو نحوَهم سيَكْثُر، فيكفي ألفاً وزيادة، فدعا له ألفاً [أي من أصحابه] قبل أن يصل إليه، وقد عُلم أنه [أي طعامُ جابر] صاعُ شعير وبهيمة".[30]

وأعجب منه وأعظم في البركة ما قصّه علينا عبد الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما حين قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة، فقال النبي: ((هل مع أحدٍ منكم طعام؟)) فإذا مع رجل صاعٌ من طعام أو نحوُه، فعُجِن، ثم جاء رجلٌ مشرك مُشعَانٌ طويلٌ[31] بغنم يسوقها، فقال النبي : ((بيعاً أم عطية؟ أو قال: هِبة؟)) فقال: لا، بل بيع، فاشترى منه شاةً، فصُنِعَت.
 وأمر النبي  بسواد البطن [أي الكبد] أن يُشوى، وأيْمُ الله ما في الثلاثين والمائة إلا قد حَزّ له رسول الله  حُزَّة من سواد بطنها، إن كان شاهداً أعطاه إياه، وإن كان غائباً خبّأ له، فجعل منها قصعتين، فأكلوا أجمعون، وشبعنا، فَفَضَلت القصعتان، فحملناه على البعير. [32]

قال النووي: " وفي هذا الحديث معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إحداهما: تكثيرُ سوادِ البطن حتى وسِع هذا العدد، والأخرى تكثير الصاع ولحم الشاة حتى أشبعهم أجمعين ، وفَضَلَت منه فَضْلةً حملوها لعدم حاجة أحد إليها".[33]

  - وأدرك أبو هريرة  ما عليه النبي  من البركة، فطمع أن ينال حظه منها، فأتى النبي  بتمرات فقال: يا رسول الله، ادع الله لي فيهن بالبركة، قال: فصَفّهن بين يديه، ثم دعا، فقال لي: ((اجعلهن في مِزْود [وعاء]، وأدخل يدك ولا تَنثُرْه)) قال: فحملت منه كذا وكذا وسْقاً في سبيل الله، ونأكل ونطعِم، وكان لا يفارق حقوي [أي معْقِدَ الإزار].
 فلما قُتل عثمان رضي الله عنه انقطع المِزود عن حقويّ، فسقط. [34]
لقد بقي  يأكل من الجراب زُهاء خمس وعشرين سنة، كل ذلك ببركة النبي  ، ليكونَ شاهداً آخرَ على نبوة النبي.


ولهذا ولغيره لما أورد القاضي عياض أحاديثَ بركات النبي صلى الله عليه وسلم من تكثير الطعام وبركة الدعاء قال: "وقد اجتمع على معنى حديثِ هذا الفصلِ بضعةَ عشر من الصحابة، رواه عنهم أضعافُهم من التابعين، ثم من لا ينعدُّ بَعدَهم، وأكثرها في قصصٍ مشهورة ومجامعٍ مشهودة، ولا يمكن التحدّث عنها إلا بالحق، ولا يسكت الحاضرُ لها على ما أُنكِر منها".[35]
وهكذا فإنه يرى هذه الأخبار منقولةً بطريق أشبه التواتر، فقد شهد كلَّ .


-    وفي دليل آخر من دلائل نبوته يروي الشيخان في الصحيحين أن أبا طلحة دخل ذات يوم على زوجه أمِ سُلَيم، فقال لها: لقد سمعتُ صوتَ رسول الله ضعيفاً أعرف فيه الجوع، فهل عندك من شيء؟ قالت: نعم.
 قال أنس: فأخرجتْ [أي أمَّه أُم سُليم] أقراصاً من شعير، ثم أخرجت خماراً لها، فلفّتِ الخبز ببعضه، ثم دسّته تحت يدي، ولاثتني ببعضه [أي لفتني ببعضه]، ثم أرسلتني إلى رسول الله.
 فذهبتُ به، فوجدتُ رسول الله  في المسجد ومعه الناس، فقُمتُ عليهم، فقال لي رسول الله : آرسلكَ أبو طلحة [أي: هل أرسلكَ أبو طلحة]؟ فقلت: نعم. قال: بطعام؟ فقلت: نعم. فقال رسول الله  لمن معه: قوموا.
قال أنس: فانطلق وانطلقتُ بين أيديهم، حتى جئت أبا طلحة فأخبرتُه، فقال أبو طلحة: يا أم سُليم، قد جاء رسول الله  بالناس، وليس عندنا ما نطعِمُهم. فقالت: الله ورسولُه أعلم.
 فانطلق أبو طلحة حتى لقي رسولَ الله ، فأقبل رسولُ الله  وأبو طلحةَ معه، فقال رسول الله : هلُمي يا أم سُليم، ما عندك؟
 فأتت بذلك الخبز، فأمر به رسول الله  ففُتَّ، وعَصرت أُمُّ سليمٍ عُكَّةً [قربةً فيها سمنٌ] فأَدَمَتْه [أي جعلتْه إداماً]، ثم قال رسول الله  فيه ما شاء الله أن يقول [أي من دعاء الله بالبركة].
 ثم قال عليه الصلاة والسلام: ((ائذن لعشرةٍ))، فأذن لهم، فأكلوا حتى شبعوا، ثم خرجوا، ثم قال: ((ائذن لعشرة)). فأذن لهم فأكلوا حتى شبعوا ... [وهكذا] فأكل القوم كلُّهم وشبعوا، والقوم سبعون أو ثمانون رجلاً. [36]
وهذه القصة وأمثالُها حضرها الجمع من الصحابة، ولا يمكن الكذب في مثل هذه الأخبار لكثرةِ شهودها وظهورِ خبرها بين الناس.

-     وذات مرة كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في سفر ، فاشتكى إليه الناس من العطش، فنزل، فدعا اثنين من أصحابه، فقال: ((اذهبا فابتغيا الماء)) ، فانطلقا، فتَلقيا امرأةً بين مزادتين من ماء، على بعير لها .. فاستنزلوها عن بعيرها، ودعا النبي e بإناء، ففرَّغَ فيه من أفواهِ المزادتين، وأوْكأ أفواهَهما .. ونُودي في الناس: اسقوا واستقوا، فسقى من شاء، واستقى من شاء.
وأما المرأةُ صاحبةُ المزادتين، فكانت قائمةً تنظر إلى ما يُفعل بمائها، وأيم الله لقد أقلع عنها، وإنه ليُخيَّل إلينا أنها أشدُ مِلأَة منها حين ابتدأ فيها.
وأراد النبي عليه الصلاة والسلام تطييب خاطرها، فقال: ((اجمعوا لها من بين عجوة ودقِيقَة وسَويقَة)) حتى جمعوا لها طعاماً، فجعلوها في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، وقـال لها: ((تعلمين ما رَزِئْنا من مائِكِ شيئاً [أي لم نُنقِص منه شيئاً]، ولكن الله هو الذي أسقانا)).
 فأتت المرأة أهلها وقد احتبست عنهم، قالوا: ما حبسك يا فلانة؟ قالت: العجبُ، لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له: الصابئ، ففعل كذا وكذا، فواللهِ إنه لأسحر الناس من بين هذه وهذه، [أي السماء والأرض] أو إنه لرسولُ الله حقاً. ثم دعت قومها للإسلام، فأسلموا. [37]
لقد استدلت المرأة على صدق النبي  ونبوته بما رأته من دليل باهر ومعجزة عظيمة حصلت ببركة النبي ، وكيف لا تعجب وقد شرب القوم من مائها القليل، فكفاهم رغم كثرتهم، من غيرِ أن يَنقُص شيء من مائها.

قال ابن حجر: " وقد اشتمل ذلك على عَلمٍ عظيمٍ من أعلام النبوة ... وظاهره أن جميع ما أخذوه من الماء مما زاده الله تعالى وأوجده, وأنه لم يختلط فيه شيء من مائها في الحقيقة وإن كان في الظاهر مختلِطًا, وهذا أبدعُ وأغربُ في المعجزة .. ويُحتمل أن يكون المراد: ما نَقصْنَا من مِقدار مائِك شيئاً ".[38]

وخرج النبي  صلى الله عليه وسلم  وأصحابه في سفر آخر فقال: ((إنكم إنْ لا تدركوا الماء غداً تعطشوا)) ... ثم سار وسرنا هُنَيهةً، ثم نزل، فقال: ((أمعكم ماء؟)) قال أبو قتادة: قلتُ: نعم، معي ميضأة فيها شيء من ماء.
فقال e: ((ائتني بها))، فأتيته بها، فقال: ((مَسُّوا منها، مَسُّوا منها))، فتوضأ القوم، وبقيتْ جُرعة، فقال r: ((ازدهر بها [أي احتفظ بها] يا أبا قتادة، فإنه سيكونُ لها نبأ))...
يقول أبو قتادة: فلما اشتدت الظهيرة خرج لهم رسول الله ، فقالوا: يا رسول الله، هلكنا عطشاً، تقطعت الأعناق، فقال: ((لا هُلْكَ عليكم)). ثم قال: ((يا أبا قتادة ائت بالميضأة))، فأتيتُ بها، فقال: ((اِحلِل لي غُمري)) يعني قدَحَه، فحَللتُه، فأتيتُ به، فجعل يصبُ فيه، ويسقي الناس، فازدحم الناس عليه.
 فقال رسول الله: ((يا أيها الناس أحسِنوا الملَأْ، فكُلكم سيصدُر عن رِيّ))، فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغيرَ رسولِ الله e، فصب لي، فقال: ((اشرب يا أبا قتادة)). قلت: أنت يا رسول الله. قـال: ((إن ساقيَ القومِ آخرُهم))، فشربتُ وشرِب بعدي، وبقي في الميضأة نحوٌ مما كان فيها، وهم يومَئذ ثلاثُ مائة. [39]

ويحكي لنا سمُرة  آية أخرى كثَّر الله فيها الطعام على يديه عليه الصلاة والسلام ، فيقول: كنا مع النبي ، إذ أُتي بقصعة فيها ثريد، فأكلَ وأكل القوم: فلم يزل يتداولونها إلى قريب من الظهر: يأكل كل قوم ثم يقومون، ويجيء قوم فيتعاقبوه، فقال رجل لسمُرة: هل كانت تُمَدُّ بطعام؟ قال: (أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تُمَد من السماء). [40]

وبعض بركة النبي عليه الصلاة والسلام  استمر دهراً طويلاً بعد وفاته ، ومن ذلك ما ترويه عائشة رضي الله عنها بقولها: توفي رسول الله e، وما في بيتي من شيء يأكله ذو كبد إلا شطرُ شعيرٍ في رفٍّ لي، فأكلتُ منه حتى طال عليَّ، فكِلْتُه ففني.[41]

ومثل هذا الخبر يحكيه جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وفيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم :  يستطعمه، فأطعمه شطر وسق شعير، فما زال الرجل يأكل منه وامرأته وضيفَهما حتى كاله، فأتى النبيَّ e، فقال عليه الصلاة والسلام: لو لم تكِلْه لأكلتم منه، ولقام لكم.[42]
استجابة الله دعاءه
عليه الصلاة والسلام

   ومن باهر ما يدل على النبوة إجابة الله دعاء النبي حين يدعوه، فإذا ما رفع نبي الله يديه داعياً ربه ومولاه ؛ قبِل الله دعاءه وأجابه، وتكرارُ ذلك وديمومتُه دليل على صدقه، لأن الله لا يؤيد كاذباً ولادعياً يدعي عليه الكذب ، فالكاذب من أظلم الناس وأبعدِهِم عن الله ] فمن أظلم ممن افترى على الله كذباً أو كذب بآياته إنه لا يفلح المجرمون. (يونس: 17). 

وهكذا؛ فإن الله لا يؤيد بتأييده الكاذب الذي يلجأ إليه، بل يهلِكُه ويفضَحُه، كما قال موسى مخاطباً سحرة فرعون: }ويلكم لا تفتروا على اللّه كذبًا فيُسحِتَكم بعذابٍ وقد خاب من افترى { (طه: 61).
فالمفترون على الله لا يؤيدهم الله بعونه، ولا يمدهم بمدده، قال تعالى: } قل إنّ الّذين يفترون على اللّه الكذب لا يفلحون { (يونس: 69) ، وقال: } إنّ اللّه لا يهدي من هُو كاذبٌ كفّارٌ { (الزمر: 3).

  - قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ومعلوم أن من عوّده الله إجابة دعائه، لا يكون إلا مع صلاحه ودينه، ومن ادّعى النبوة، لا يكون إلا من أبرّ الناس إن كان صادقاً، أو من أفجرهم إن كان كاذباً، وإذا عوّده الله إجابة دعائه، لم يكن فاجراً، بل برّاً، وإذا لم يكن مع دعوى النبوة إلا برّاً، تعيّن أن يكون نبياً صادقاً، فإن هذا يمتنع أن يتعمّد الكذب، ويمتنع أن يكون ضالاً يظن أنه نبي".

وقد وقعت هذه الآية البينة لنبينا  ، فأجاب الله دعاءه r في مواطن كثيرة، كل منها دليل من دلائل النبوة الشاهدة على صدقه 

    ونبدأ بسنة جدبة أصابت الناس؛ وقف النبي صلى الله عليه وسلم   فيها على المنبر يخطب الجمعة ، فقام أعرابي فقال: يا رسول الله، هلك المال, وجاع العيال، فادع الله لنا.
يقول أنس بن مالك: فرفع يديه، وما نرى في السماء قزْعة [أي قطعة من السحاب]، فوالذي نفسي بيده ما وضعهما حتى ثار السحاب أمثال الجبال, ثم لم ينزل عن منبره حتى رأيت المطر يتحادر على لحيته r , فمُطرنا يومنا ذلك ومن الغد، وبعد الغد، والذي يليه، حتى الجمُعَة الأخرى.
 *  وفي الجمعة الأخرى قام ذلك الأعرابي، أو قال: غيره، فقال: يا رسول الله، تهدم البناء، وغرق المال، فادع الله لنا، فرفع يديه فقال: ((اللهم حوالينا ولا علينا)).
يقول أنس: فما يشير بيده إلى ناحيةٍ من السحاب إلا انفرجت، وصارت المدينة مثل الجَوْبة ، وسال الوادي قناة   شهراً، ولم يجىء أحدٌ من ناحيةٍ إلا حدّث بالجُوْد".

·         وقال ابن حجر: "وفيه عَلَمٌ من أعلام النبوة في إجابة الله دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام عقِبه أو معَه، ابتداء في الاستسقاء، وانتهاء في الاستصحاء، وامتثال السحاب أمره بمجرد الإشارة".

   وفي بعض الأحيان خص النبي  صلى الله عليه وسلم بعضاً من أصحابه بشيء من دعائه فأجاب الله سؤله، وقبل دعاءه، ومنه دعاؤه لخادمه الوفي أنس بن مالك ، فقد كافأه النبي   على خدمته له بدعوة أجابها الله تعالى، فعاش أنس مجللاً ببركتها مائة سنة.
يقول أنس : جاءت بي أمي إلى رسول الله r، وقد أزّرتني بنصف خمارها، وردّتني بنصفه، فقالت: يا رسول الله، هذا أُنيس ابني، أتيتك به يخدمك، فادع الله له.
 فقال: ((اللهم أكثِر مالَه وولده))، قال أنس: فوالله إن مالي لكثير، وإن ولدي ووَلَدَ وَلَدي ليتَعادُّون على نحو المائة اليوم. 
وفي رواية قال أنس: فما ترك خير آخرة ولا دنيا؛ إلا دعا لي به قال: ((اللهم ارزقه مالاً وولداً، وبارك له فيه)). 
وقد أجاب الله دعوة نبينا، يقول أنس: (فإني لمن أكثر الأنصار مالاً، وحدثتني ابنتي أمينة أنه دُفن لصُلبي مَقْدَم حجاج البصرةَ بضعٌ وعشرون ومائة).

   -   فقد سجد ذات مرة، فوضع المشركون سَلَا الجزور وقذرَها على ظهره الشريف، وأخذوا يتضاحكون، فدعا عليهم عليه الصلاة والسلام وقال: ((اللهم عليك بقريش)) ثلاث مرّات.
يقول ابن مسعود: فلما سمعوا صوته ذهب عنهم الضحك، وخافوا دعوته.
ثم قال: ((اللهم عليك بأبي جهلِ بن هشام، وعتبةَ بنِ ربيعةَ، وشيبةَ بنِ ربيعةَ، والوليدِ بن عتبةَ، وأميةَ بنِ خلفٍ، وعقبةَ بنِ أبي مُعَيط)).
 يقول ابن مسعود  : وذكر السابع ولم أحفظه، فوالذي بعث محمداً r بالحق، لقد رأيتُ الذين سمّى صرعى يوم بدر، ثم سُحبوا إلى القليب، قليبِ بدر. 

قال ابن حجر: "وهذا يحتمل أن يكون من تمام الدعاء الماضي، فيكون فيه عَلمٌ عظيم من أعلام النبوة".

      -واستهزأ عتيبة بن أبي لهب بالقرآن ، فدعا عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يموت بين أنياب السبُع، فقال: ((اللهم سلط عليه كلباً من كلابك))، فكانت دعوة نبي أجابها الله، حين خرج عتيبة في قافلة يريد الشام، فنزل منزلاً، فقال: إني أخاف دعوةَ محمد  .
فحطوا متاعهم حوله، وقعدوا يحرسونه، فجاء الأسد فانتزعه، فذهب به.
    * وفي رواية لابن عساكر أن أبا لهب قال: قد عرفت أنه لا ينفلت عن دعوة محمد.

     وحاقت دعوتُه  أيضاً بأعرابي دخل عليه النبي يَعُوده في مرضه، فقال  مواسياً: ((لا بأسَ، طهور إن شاء الله))، فأجاب الأعرابي بجواب ملؤه القنوط وسوء الظن بالله: قلتَ: طهور؟ كلاّ، بل هي حُمّى تفُور - أو تثور - على شيخ كبير، تُزيرُه القبور، فقال النبي r: ((فنَعَمْ إذاً.)) 

ابن حجر: "في بعض طرقه زيادة تقتضي إيراده في علامات النبوة، أخرجه الطبراني وغيره ... وفي آخره: فقال النبي r: ((أما إذا أبيتَ فهي كما تقول، قضاءُ الله كائن)) فما أمسى من الغد إلا ميتاً".

وهكذا؛ فإن هذه الدعوات المجابة وأمثالها دليل على رضا الله عن نبيه وتأييده له، ولو كان يتقوّل على ربه النبوة والرسالة لخذله اللهُ وأهلكه: } ولو تقوّل علينا بعض الأقاويل % لأخذنا منه باليمين % ثمّ لقطعنا منه الوتين % فما منكم من أحدٍ عنه حاجزين[ (الحاقة:41-47).
حماية الله لنبيه

وإن من دلائل النبوة حمايةُ الله لأنبيائه، وإنجاؤه لمن شاء منهم من أيدي أعدائهم، رغم ما يتربص بهم السفهاءُ من السوء.

   -ولقد قال نوح عليه السلام متحدياً كفارَ قومه: } يا قوم إن كان كبُر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم وشركاءكم ثم لا يكن أمرُكم عليكم غُمةً ثم اقضوا إليّ ولا تنظِرون { (يونس:71)، فلم يصلوا إليه بسوء لحماية الله له.
ومثله قول أخيه هود e: }قال إني أُشهِد الله واشهدوا أني بريءٌ مما تشركون من دونه فكيدوني جميعًا ثم لا تنظرون إني توكلت على الله ربي وربكم { (هود: 54-56).

  -تقول عائشة رضي الله عنها: كان النبي صلى الله عليه وسلم  يُحرس حتى نزلت هذه الآية:  (وٱلله يعصمك من ٱلناس)  (المائدة: 67)، فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم  رأسَه من القبة، فقال لهم: ((يا أيها الناس، انصرفوا عني، فقد عصمني الله)).

   قال الماوردي: "فمن معجزاتِه: عصمتُه من أعدائه، وهم الجمُّ الغفير، والعددُ الكثير، وهم على أتم حَنَقٍ عليه، وأشدُّ طلبٍ لنفيه، وهو بينهم مسترسلٌ قاهر، ولهم مخالطٌ ومكاثر، ترمُقُه أبصارُهم شزراً، وترتد عنه أيديهم ذُعراً، وقد هاجر عنه أصحابه حذراً حتى استكمل مدته فيهم ثلاث عشرة سنة، ثم خرج عنهم سليماً، لم يكْلَم في نفسٍ ولا جسد، وما كان ذاك إلا بعصمةٍ إلهيةٍ وعدَه اللهُ تعالى بها فحققها، حيث يقول:  (والله يعصمك من الناس  فعَصَمَه منهم". )

   وقد صدق المستشرق بارتلمي هيلر في قوله:"لما وعد الله رسوله بالحفظ بقوله:  (والله يعصمك من الناس )، صرف النبي حراسه، والمرء لا يكذب على نفسه، فلو كان لهذا القرآن مصدر غير السماء لأبقى محمد على حراسته". [43]

-  وصور حماية الله لنبيه كثيرة، منها أن قريشاً اجتمعت في الحِجر، فتعاقدوا باللاتِ والعزى ومناة الثالثةِ الأخرى ، لو قد رأينا محمداً ، قمنا إليه قيام رجل واحد، فلم نفارقْه حتى نقتلَه.
فأقبلت ابنته فاطمة رضي الله تعالى عنها تبكي، حتى دخلت على رسول الله  فقالت: هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك، لو قد رأوك لقد قاموا إليك فقتلوك، فليس منهم رجل إلا قد عَرف نصيبه من دمك.
 فقال: ((يا بنية، أريني وَضوءاً)) فتوضأ، ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا: ها هو ذا. وخفضوا أبصارهم، وسقطت أذقانهم في صدورهم، وعقِروا في مجالسهم، فلم يرفعوا إليه بصراً، ولم يقم إليه منهم رجل.
 فأقبل رسول الله r حتى قام على رؤوسهم، فأخذ قبضة من التراب، فقال: ((شاهت الوجوه)) ثم حصَبهم بها، يقول ابن عباس: فما أصاب رجلاً منهم من ذلك الحصى حصاةً إلا قُتل يوم بدر كافراً.

 - وكما حمت الملائكة النبي  من أبي جهل ، فقد تنزلت لحمايته يوم أُحد، حين أطبق عليه المشركون، وتفرق عنه أصحابه منهزمين، ففي الصحيحين يقول سعدُ بن أبي وقاص  : (رأيت عن يمين رسول الله   وعن شماله يوم أُحدٍ رجُلَين، عليهما ثيابٌ يَيَاض، ما رأيتهما قبلُ ولا بعد). يعني جبريلَ وميكائيلَ عليهما السلام.[44]

  -  ولم يتوان المشركون من أقرباء النبي  عن إيذائه والكيد له، ومن ذلك أنه لما نزل قوله تعالى: تبت يدا أبى لهبٍ وتب   (المسد: 1)، جاءت أم جميلٍ ، امرأةُ عمه أبي لهب إلى النبي   ومعه أبو بكر، فلما رآها أبو بكر قال: يا رسول الله، إنها امرأة بذيئة، وأخاف أن تؤذيَك، فلو قُمت، قال: ((إنها لن تراني)).
فجاءت أم جميل، فقالت لأبي بكر: إن صاحبك هجاني! قال: لا، وما يقول الشعر، قالت: أنت عندي مُصَدق، وانصرفت، فقال أبو بكر: يا رسول الله، لم ترَك؟! قال: ((لا، لم يزل ملك يسترني عنها بجناحه)).[45]

-   ولما رجع مشركو مكة من بدر مدحورين - بقوة الله - ، أقبل عمير بن وهب حتى جلس إلى صفوان بن أمية في الحِجِر ، فقال صفوان: قبَّح اللهُ العيش بعد قتلى بدر.
فقال عمير: أجل والله ما في العيش خيرٌ بعدَهم ، ولولا دينٌ عليَّ لا أجد له قضاء، وعيالٌ لا أدع لهم شيئاً ، لرحلت إلى محمد فقتلتُه إن ملأتُ عينيّ منه ، فإن لي عنده عِلّة أعتل بها عليه ، أقول: قدِمت من أجل ابني هذا الأسير.
ففرح صفوان بإقدام عمير وخُطته، ومضى يزيل عوائق تنفيذها، فقال: علي دينُك، وعيالُك أُسوةُ عيالي في النفقة ، لا يسعني شيء فأعجزُ عنهم.
 فاتفقا، وحمله صفوان وجهزه، وأمر بسيف عمير فصُقل وسُمَّ ، وقال عمير لصفوان: اكتم خبري أياماً.
وقدم عمير المدينة، فنزل بباب المسجد، وعَقَل راحلته ، وأخذ السيف، وعمَد إلى رسول الله  ، فنظر إليه عمر وهو في نفر من الأنصار، ففزع ودخل إلى رسول الله r، فقال: يا رسول الله لا تأمنه على شيء.
 فقال  : ((أدخله علي)).
فخرج عمر، فأمر أصحابه أن يدخلوا إلى رسول الله  ويحترسوا من عمير، وأقبل عمر وعمير حتى دخلا على رسول الله ، ومع عمير سيفُه ، فقال رسول الله e لعمر: ((تأخر عنه)).
فلما دنا عمير قال له: ((ما أقدمك يا عمير ؟)) قال :قدِمت على أسيري عندكم ، تفادونا في أسرانا، فإنكم العشيرة والأهل.
فقال  : (( ما بال السيف في عنقِك؟)). فأجاب عمير: قبحها الله من سيوف ، وهل أغنت عنا شيئاً؟ إنما نسيته في عنقي حين نزلت.
فقال رسول الله: ((اصدقني، ما أقدمك يا عمير؟)). فقال: ما قدمت إلا في طلب أسيري.
 فبغته النبي  بقوله: ((فماذا شرطتَ لصفوان في الحِجر؟))، ففزع عمير وقال: ماذا شرطتُ له؟
فأجاب من علَّمه الله الخبير فقال: ((تحمّلْتَ له بقتلي؛ على أن يعول أولادَك ، ويقضيَ دَيْنَك ، واللهُ حائلٌ بينك وبين ذلك)).
 فقال عمير: أشهد أنك رسول الله، وأشهد أن لا إله إلا الله ،كنا يا رسول الله نكذبُك بالوحي وبما يأتيك من السماء، وإن هذا الحديثَ كان بيني وبين صفوان في الحِجِر لم يطلع عليه أحد، فأخبرك الله به ، فالحمد لله الذي ساقني هذا المساق.
 ففرح به المسلمون، وقال له رسول الله: ((اجلِس يا عمير نواسِك)).
 وقال لأصحابه: ((علموا أخاكم القرآن))، وأطلق له أسيره ، فقال عمير: ائذن لي يا رسولَ الله ، فألحق بقريش ، فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام، لعل الله أن يهديَهم .. ثم قدم عمير فدعاهم إلى الإسلام، ونصحهم بجُهده ، فأسلم بسببه بشر كثير.[46]





[1] العقيدة في ضوء القرآن الكريم ، ص259 .
[2] شرح المقاصد ، ص129 
[3]3الإيجي: المواقف ، ص344
[4] الفصل في الملل والأهواء والنحل ، 1/137 .
[5] الفصل في الملل والأهواء والنحل ، 1/137 .
[6] التفتازاني هو : مسعود بن عمر بن عبد الله التفتازاني من أئمة العربية والبيان والمنطق ، ولد بتفتازان من بلاد خراسان ، وتوفي بسمر قند سنة 793هـ ، ومن مؤلفاته " تهذيب المنطق " ، و " مقاصد الطالبين " ، و " المطول في البلاغة " . انظر ترجمته في الأعلام ، 7/219 .
[7] شرح المقاصد ، ص129 .

[8] اعتقادات فرق المسلمين والمشركين للرازي ، ص143 .
[9] محمد بن عبد الكريم أبو الفتح الشهرستاني ، ولد في شهرستان عام 479هـ من كتبه : الملل والنحل ، ونهاية الأقدام في علم الكلام ، توفي ببغداد عام 548هـ . انظر ترجمته في وفيات الأعيان ، 1/482
[10] الملل والنحل للشهرستاني ، 2/504 .
[11] نفسه
[12] نفسه
[13] أعلام النبوة للماوردي ، ص25
[14] إغاثة اللهفان (2/347).
[15] رواه البخاري ح (4864)، ومسلم ح (2800).
[16] انظر: فتح الباري (7/224).
[17] رواه أحمد ح (1954)، وابن حبان ح (2111).
[18] رواه مسلم ح (3012).
[19] دلائل النبوة لأبي القاسم الأصبهاني (1/56).
[20] رواه ابن ماجه ح (4028), وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه ح (3270).
[21] رواه البخاري ح (3579).
[22] رواه الطبراني في الأوسط ح (1244)، والبزار ح (4040)، وقال الهيثمي: "وله طرق أحسن من هذا في علامات النبوة، وإسناده صحيح". مجمع الزوائد (5/327)، وصححه الألباني في تخريج كتاب "السنة" ح (1146).
[23] البداية والنهاية (6/286).
[24] رواه مسلم ح (2277).
[25] رواه الترمذي ح (3626)، والحاكم (2/677)، وصححه، ووافقه الذهبي، وأبو يعلى ح (5662)، وقد صححه الألباني لغير هذا الإسناد في صحيح الترغيب ح (1209).
[26] رواه الدارمي ح (16)، وصححه ابن حبان ح (519)، والألباني في مشكاة المصابيح ح (5868).
[27] فتح الباري (6/698).
[28] انظر: البداية والنهاية (6/276).
[29] رواه البخاري ح (4102)، ومسلم ح (2039)، واللفظ له.
[30] شرح النووي (13/217).
[31] أي طويل جداً شعث الرأس.
[32] رواه البخاري ح (2618)، ومسلم ح (2056).
[33] شرح النووي على صحيح مسلم (14/17).
[34] رواه أحمد ح (8414)، والترمذي ح (3839) وحسّنه الألباني في صحيح الترمذي ح (3015).
[35] الشفا بتعريف حقوق المصطفى (1/289).
[36] رواه البخاري ح (3578)، ومسلم ح (2040).
[37] رواه البخاري ح (344)، ومسلم ح (682).
[38] فتح الباري (1/540).
[39] رواه مسلم ح (681).
[40] رواه أحمد في مسنده ح (19622)، الترمذي ح (3625)، وصححه الألباني في صحيح الترمذي ح (2866).
[41] رواه البخاري ح (3097)، ومسلم ح (2973).
[42] رواه مسلم ح (2281).
[43] ربحت محمداً ولم أخسر المسيح، عبد المعطي الدلالاتي ص (108).
[44] رواه البخاري ح (4054)، و مسلم ح (2306).
[45] رواه أبو يعلى في مسنده ح (2358)، والبزار ح (2294)، وصححه ابن حبان ح (6511).
[46] رواه الطبراني في معجمه الكبير ح (117)، وابن هشام في السيرة (3/213).

0 comentarios:

Publicar un comentario