viernes, 30 de octubre de 2015

الحسين أبو الشهداء

0 comentarios
الحسين رمز المقاومة من أجل الحق:

الحسين ليس ملكاً للشيعة أو لأي طائفة دينية أخرى وكنا وما زلنا نجد في الحسين رمزاً إنسانياً لمقاومة الاستبداد ومناصراً للقيم الإنسانية والعدالة والكرامة وكل ما له علاقة بالحرية ورفض الظلم.
                                                                                        
اختزال الحسين الرمز في مجرد هلوسات من اللطم والبكاء والسواد وضرب الرؤوس والتركيز على هذه الجوانب العاطفية تفريغٌ للجوانب المضيئة والمضامين الإنسانية في قضية الإمام الحسين ...

البعض من الشيعة يعتقد في عقله الباطني وربما في ثقافته المذهبية أن تعاطفه مع الحسين لأنه نجل الإمام علي الذي اغتصبت منه الخلافة في العهود الأولى بعد وفاة النبي ( ص ) وليس تعاطفه مع قضية الحسين بسبب أنه يمثل رمزاً إنسانياً ضد كل أشكال الظلم والقهر والاستبداد حينما رفض مبايعة الخليفة الأموي يزيد ابن معاوية ، وقد تشكلت هذه الثقافة التي حشرت الحسين قسراً في زاوية ضيقة ورؤية قاصرة من خلال بعض الخطب التي يتم تداولها بسطحية وقشرية من على المنابر الحسينية في شهر محرم ...

والغريب إننا نسمع من الجموع التي تحتشد في مناسبة عاشوراء الصيحات التي تنطلق بقوة وتهتف بالفداء للحسين ولا أدري أي حسين بالضبط يقصدون ، هل هو حسين المباديء الرفيعة الذي آمن بالحريات والكرامة وتحرير الذات من الخزعبلات والأوهام وبناء الإنسان الحر أم حسين اللطم والبكاء والسواد والتطبير ، ووجدت بعض الجماعات من الشيعة فرصة مناسبة للترويج لبضاعتهم من الشعارات التي لا علاقة لها من قريب أو بعيد بجسد الحسين المدمى وبرأسه الشريف الذي رفعه الظلمة فوق الحراب وطافوا به في أكثر من مدينة .

الحسين ذاكرة محمومة بتفاصيل انتصار الإنسانية على الاستبداد وقمع السلطات وهي بذلك قد تجاوزت الماضي وسكنت الحاضر لتستوطن المستقبل ومن المؤسف جداً أن يتم حصره في الخرافات والغيبيات والأسطرة والمزايدات السياسية والسواد واللطم وضرب الرؤوس بالسيوف ...

يقول : المهاتما غاندي – الزعيم الهندي: لا تربطني بالحسين قومية ولا عقيدة دينية، انماعقيدة الثورة الرافضة للظلم. لقد طالعت بدقة حياة الحسين، شهيد الاسلام الكبير، ودققت النظر في صفحات كربلاء. اتضح لي ان الهند اذا ارادت ان تنتصر فعليها اقتفاء سيرته. وقال كذلك : تعلمت من الحسين ان اكون مظلوما حتى انتصر."

الصراع في الأول كان حول المبادئ :

-  يذكر العقاد.[1] : الحسين بن علي عليه السلام يمثل قمّة الشرف والأخلاق لأنه ينحدر من أصلٍ طاهرٍ وأبوين عظيمين تربيا في مدرسة النبوة، وأن ندّه يزيد بن معاوية يمثل قمة الدناءة والخسّة لانحداره من مدرسة متسلّطة على رقاب الناس بالقوّة والغَلَبَة، وأن الصراع المتمثل بين الحسين بن علي عليه السلام ويزيد ليس صراعاً شخصياً!! بل صراعٌ بين الحق والباطل

   * ثورة الحسين ليست ضربة مغامر من مغامري السياسة، ولا صفقةُ مساومٍ من مساومي التجارة، ولا وسيلةَ متوسّلٍ ينزل على حكم الدنيا أو تنزل الدنيا على حكمه) هذا هو ملخص الفصل الذي تحدث فيه عن صواب الطريقة التي اتخذها أبو الشهداء عليه السلام، فالثورة التي خاضها مع أصحابه وأهله لا تقاس بمقاييس، بل تقاس (بمقياسها الذي لا يتكرر ولا يستعاد الطلب من كل رجل) وأنها حالة نادرة في تاريخ البشرية، حيث أصبحت هذه الثورة الداء الذي نَخَر الدولة الأموية وأزالها إلى أنقاض من خلال الثورات التي تلت الثورة الحسينية المباركة.[2]

من هو الحسين :

اسمه ونسبه وشيء من فضائله :

هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته ومحبوبه، ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاطمة رضي الله عنها، كان مولده سنة أربع للهجرة

فضائله ومناقبه :

الحسين من آل بيت الرسول وفضلهم معروف :

يا أَهْلَ بَيْتِ رَسُولِ اللهِ حُبُّكُمُ *** فَرْضٌ مِنَ اللهِ فِي القُرْآنِ أَنْزَلَهُ
 كَفَاكُمُ مِنْ عَظِيمِ القَدْرِ أَنَّكُمُ *** مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ

 في ربيعه السادس فجع بوفاة جده صلى الله عليه وسلم ،وبعد ستة أشهر فُجِع بفاجعة عظيمة؛ توفِّيت أمُّه سيدة نساء الجنة رضي الله عنه .عاش الحسين رضي الله عنه بعد وفاة الجد صلى الله عليه وسلم حياة الإكرام واقعًا محسوسًا ،

فكان الأصحاب رضي الله عنه يكرمونه ويحبونه إكرامًا و محبةً للنبي صلى الله عليه وسلم .كيف لا، وقد كان أشبهَ الناس بالحبيب صلى الله عليه وسلم ؟! فقد كان مُحَيَّاه يذكِّر الأصحابَ بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم ؛

    * كان أبو بكر رضي الله عنه يعطف ويحنو على الحسين الشيءَ الكثير؛ كان إذا رآه يُقْبِل عليه ويبشُّ له، وكان رضي الله عنه يقول للناس: "ارقُبُوا محمدً صلى الله عليه وسلم في آل بيته".فاضَتْ عيناه رضي الله عنه من الدموع، وهو يقول لعلي رضي الله عنه " لَقرابةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبُّ إليَّ أن أصل من قرابتي".وَمَا رَآهُ أَبُو بَكْرٍ خِلاَفَتَهُ..إِلاَّ انْحَنَى مُرْهَفَ الوِجْدَانِ وَابْتَسَمَا..وَقَالَ قَوْلَةَ إِجْلاَلٍ وَمَرْحَمَةٍ...قَرَابَةُ المُصْطَفَى أَوْلَى بِنَا رَحِمَا.

   * أما الفاروق رضي الله عنه فقد كان يُجِلُّ و ويوقِّر الحسين؛ كيف لا،والحسين صِهْرُه ؟! فقد تزوَّج عمر أمَّ كلثوم بنت عليٍّ رضي الله عنه فكان يفرض للحسن والحسين كما يفرض لأهل بدر، فتح المسلمون بلاد الفرس، وجِيء ببنت يَزْدَجِرْد إلى عمر رضي الله عنه وكانت من أجمل النساء، فأهداها إلى أحب الناس إليه للحسين رضي الله عنه ،

   *  ثم جاء عثمان رضي الله عنه زوج خالتَيِ الحسين: رقية وأم كلثوم فحفظ للحسين فضله ومكانته

وقد وردت في مناقبه وفضائله أحاديث كثيرة منها:

1 ـ ما رواه أحمد بإسناده إلى يعلي العامري رضي الله عنه أنه خرج مع رسول الله يعني إلى طعام دعوا له قال فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم، وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه فطفق الصبي يفر هنا مرة وهاهنا مرة، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه قال: فوضع إحدى يديه تحت قفاه الأخرى تحت ذقنه ووضع فاه وقبله وقال: حسين مني وأنا من حسين اللهم أحب من أحب حسيناً، حسين سبط من الأسباط[3].
                                                                                                                     

2 ـ ما رواه البخاري بإسناده إلى ابن عمر قد سأله رجل من العراق عن المحرم يقتل الذباب فقال رضي الله عنه: أهل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال النبي صلى الله عليه وسلم: هما ريحانتاي من الدنيا[4].

3 ـ وروى أحمد بإسناده إلى أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة[5]

أسباب خروج الحسين ومبرراتها :

بنو أمية حقد قديم على الإسلام :

يوضح العقّاد أسباب الخلاف بين بني هاشم وبني أمية إلى العصر المسمّى بالجاهلية حيث انفرد الهاشميون بالزعامة في قريش والأمويون بالزعامة في الشام، ثم يعرّج بعدها على العام الثامن للهجرة حيث إسلام أبي سفيان ومعاوية، ومحاولة النبي صلى الله عليه وآله وسلّم في تأليف قلبه للإسلام بشتّى الوسائل والسُبُل حيث جعل بيته حرماً من دخله كان آمناً، إلا أن تلك المحاولات لم تلقَ صدراً رحباً في قلبِ أبي سفيان الذي مازالت الجاهلية معشعشةً في قلبه حتى يوم وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وانعقاد السقيفة والإقرار بالخلافة لأبي بكر، حيث حاول بطُرُقِه أن يثير الفتنة بين المسلمين، وذلك بذهابه إلى أمير المؤمنين عليه السلام والعباس وطلبه منهما أن يخلعوا الرجل من منصبه لأنه ليس بصاحب كفاءة وأنه على استعداد بإمداد علي والعباس بالخيل والرجال، إلا أن الأمير عليه السلام يعرف مغزى ذلك رافضاً هذا العرض المغري، الذي ينطوي بداخله إثارة فتنة بين المسلمين.[6]

أن بني أمية حاولوا الاستفادة من رفع بعض الشعارات مثل: النبوة في بني هاشم فلا يصح أن تكون الخلافة فيهم، يضاف إلى ذلك استخدامهم العصبية القبلية في مد نفوذهم وسلطتهم على المجتمع الإسلامي ... وغير ذلك مما له شأنٌ في الحفاظ على كرسي الخلافة أو المُلك.

قلب الحكم من الشورى إلى الملك الوراثي:

رأى الحسين في محاولة معاوية توريث الحكم من بعده لابنه يزيد مخالفة واضحة لمنهج الإسلام في الحكم، ومع ذلك فإنه لم يهتم بالخروج على معاوية، نظراً لمبايعته له بالخلافة، فظل على عهده والتزامه[7].

   - ولكن بعد وفاة معاوية تغير الموقف، فالحسين لم يعد في عنقه بيعة توجب عليه السمع والطاعة، ويدل على ذلك محاولة والي المدينة الوليد بن عتبة أخذ البيعة من الحسين بن علي وعبد الله بن الزبير وخروجهما بعد ذلك إلى مكة دون أن يأخذ بيعتهما[8].
إن موقف الحسين وفتواه ضد الحكم الأموي مرت بمرحلتين:

 -  المرحلة الأولى: مرحلة عدم البيعة ليزيد، وذهابه إلى مكة، وهذه المرحلة أسس فيها الحسين موقفه السياسي من حكم يزيد، بناء على نظرته الشرعية لحكم بني أمية، فهو يرى عدم جواز البيعة ليزيد، وذلك لسببين:

         1.  فعلى الصعيد الشخصي فإن يزيد لا يصلح خليفة للمسلمين نظراً لانعدام توفر شرط العدالة فيه[9]، كما أن الحسين أفضل وأحق منه بمنصب الخلافة، فهو أكثر منه علماً، وصلاحاً وكفاءة وأكثر قبولاً لدى الناس من يزيد.

   يزيد ليس له مأثرة تُذكر بحقه فهو لم يرث شيئاً من الدهاء كما هو أبوه، والشخص الذي انتصر عسكرياً نراه يولّي مهزوماً أما صفحة التاريخ، ليحلّ محله الشهيد الذي رسم الخلود بدمه الوضّاء.

الطعن في أخلاق يزيد بن معاوية من علماء السنة :


-   قال صاحب شذرات الذهب : جمهور العلماء رأوا الخروج على من كان مثل يزيد.

-   نقل ابن عساكر شعراً ينسب إليه ومنه : لعبت هاشم بالملك بلا ملك جاء ولا وحي نزل . ثم قال ابن عساكر : فإن صحت عنه فهو كافر بلا ريب . والشاهد هنا أنه لو كان يزيد ذلك الإنسان المنزه عند ابن عساكر لنفى فوراً احتمال نسبة  الأبيات إليه ولقال : وحاشاه أن يقولها . ولكن قوله إن صحت عنه فهو كافر يفيد أنه لا يستغرب أن يقول مثل ذلك .

-   قال عنه الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء : كان ناصبياً فظاً غليظاً يتناول المسكر ويفعل المنكر افتتح دولته بقتل الحسين وختمها بوقعة الحرة فمقته الناس ولم يبارك في عمره.

-   قال عنه ابن حجر العسقلاني في الميزان : إنه مقدوح في عدالته ليس بأهل أن يروى عنه.

-   روى ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب عن الثقات أن رجلاً قال في حضرة عمر بن عبد العزيز : أمير المؤمنين يزيد ، فضربه عمر عشرين سوطاً.

-  في تهذيب التهذيب أيضاً : استفتى عمر بن عبد العزيز الكيا الهراسي ( من أكابر علماء الشافعية ) في يزيد بن معاوية ، فذكر فصلاً واسعاً في مخازيه حتى نفدت الورقة ، ثم قال : ولو مددت البياض ( أي الفراغ في الورقة ) لمددت العنان في مخازي هذا الرجل .

-  في كتاب الثقات لابن حبان : قيل إن يزيد بن معاوية سكر ليلة وقام يرقص فسقط على رأسه وتناثر دماغه فمات
-  في كتاب السنة للخلال أن أحمد بن حنبل قال حين سأله أحد أصحابه عن يزيد بن معاوية : هو فعل بالمدينة ما فعل . قال وما فعل ؟ قال قتل من أصحاب النبي (ص) ونهبها . قال فيذكر عنه الحديث ؟ قال : لا يذكر عنه الحديث ولا ينبغي لأحد أن يكتب عنه حديثاً . _ إسناده صحيح _

-  كان أبو هريرة يقول : أعوذ بالله من رأس الستين . فسر قوله ابن حجر في فتح الباري قائلاً : يشير إلى خلافة يزيد بن معاوية لأنها كانت سنة ستين من الهجرة.

-  قال عبد الرؤوف الميناوي في فيض القدير عن حديث رسول الله (ص) "أول جيش من أمتي يغزون مدينة قيصر مغفور لهم" قال الميناوي : ولا يلزم منه كون يزيد بن معاوية مغفوراً له لكونه منهم ، إذ الغفران مشروط بكون الإنسان من أهل المغفرة ، ويزيد ليس كذلك لخروجه بدليل خاص

-  اعتبرالإمام القرطبي صاحب التفسير المعروف أن يزيد بن معاوية من غلمة قريش الذين ذكرهم الرسول (ص) بقوله " هلاك أمتي على يد غلمة من قريش ".

-   قال الإمام القرطبي في التذكرة: وغير خاف ما صدر عن بني أمية وحجاجهم من سفك الدماء وإتلاف الأموال وإهلاك الناس بالحجاز والعراق وغيرها ... وبالجملة فبنو أمية قابلوا النبي (ص) في اهل بيته وأمته بالمخالفة والعقوق فسفكوا دماءهم وسبوا نساءهم وأسروا صغارهم وخربوا ديارهم وجحدوا شرفهم وفضلهم واستباحوا نسلهم وسبيهم وسبهم ، فخالفوا رسول الله وقابلوه بنقيض قصده وأمنيته ، فيا خجلهم إذا التقوا بين يديه ويا فضيحتهم يوم يعرضون عليه

-   قال ابن حزم في كتاب المحلى : من قام لعرض دنيا فقط كما فعل يزيد بن معاوية ومروان بن الحكم وعبد الملك بن مروان في القيام على ابن الزبير ... فهؤلاء لايعذرون لأنهم لاتأويل لهم أصلاً وهو بغي مجرد.

-   قال الشوكاني في نيل الأوطار : وقد أفرط بعض أهل الكرامية ومن وافقهم في الجمود على أحاديث الباب حتى حكموا بأن الحسين السبط رضي الله عنه وأرضاه باغ على الخمير السكير الهاتك لحرم الشريعة المطهرة يزيد بن معاوية.

-  في تذكرة الخواص لسبط ابن الجوزي : أن والده (الإمام أبا الفرج ابن الجوزي الفقيه الحنبلي المعروف) سئل عن لعن يزيد فقال السكوت أصلح . فقالوا له : نعلم أن السكوت أصلح ، ولكن هل يجوز لعنه ؟ فقال : ما تقولون في رجل ولي ثلاث سنين : في السنة الأولى قتل الحسين ، وفي الثانية أخاف المدينة وأباحها ، وفي الثالثة رمى الكعبة بالمجانيق وهدمها ؟ فقالوا : نلعن . قال : فالعنوه ، فلعنه ابن الجوزي على المنبر بحضرة الإمام الناصر وأكابر العلماء .

-  وفي الذيل على الروضتين لابن أبي شامة أن ابن الجوزي لما سئل عن لعن يزيد قال : قد أجاز أحمد بن حنبل لعنته . ثم قال : لا تدنسوا وقتنا بذكر من ضرب بالقضيب ثنايا كان رسول الله (ص) يقبلها

-  قال الإمام محمد رشيد رضا في تفسير المنار : " ومن هذا الباب خروج الإمام الحسين سبط رسول الله (ص) على إمام الجور والبغي الذي ولي أمر المسلمين بالقوة والمكر يزيد بن معاوية خذله الله وخذل من انتصر له من الكرامية والنواصب "

-  نقل القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء ( من أهم علماء الحنابلة ) عن صالح بن أحمد بن حنبل قال : قلت لأبي : إن قوماً ينسبوننا إلى تولي يزيد ؟ فقال (أي الإمام أحمد بن حنبل) : يا بني وهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله ؟ فقلت : فلم لا تلعنه ؟ فقال : متى رأيتني ألعن شيئاً ولم لا يلعن من لعنه الله في كتابه ؟ فقلت : وأين لعن الله يزيد في كتابه ؟ فقرأ قوله تعالى ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وقطعوا أرحامكم . أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم .

-  قال عبد الله بن حنظلة بن أبي عامر ( صحابي ابن صحابي أبوه حنظلة هو الذي لقب بالغسيل لأن الملائكة غسلته ) عندما أعلن الثورة على يزيد : " يا قوم والله ما خرجنا على يزيد حتى خفنا أن نرمى بالحجارة من السماء ، إن رجلاً ينكح الأمهات والبنات والأخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة والله لو لم يكن معي أحد من الناس لأبليت فيه بلاء حسناً "

هل من مفاضلة بين اليزيد والحسين :
                                                                                                                                
      يعمد العقّاد إلى عمل موازنة بين الشخصيتين، يخلص في تلك الموازنة أن الإمام الحسين عليه السلام ورث صفات بني هاشم كالشجاعة والإقدام والدين ...الخ، أما يزيد فلم يرث إلا القليل من الصفات المحمود الموجودة في بني أمية، وأنه لا مقارنة بين الشخصيتين حتى من جذورهما، ويوجز قوله أنه لو رأيت علوياً بعد أكثر من مائة سنة لرأيت فيه شخصية علي بن أبي طالب عليه السلام متجسدة فيه، ويضرب مثالاً على ذلك يحيى بن عمر العلوي، الذي تجسدت فيه صفات الشجاعة والإقدام والكرم وغيرها من الصفات الهاشمية.[10]

    - يروى أن المتوكل بن المعتصم بن هارون الرشيد نظر إلى ابنيه المعتز و المؤيد , فلما رأى من ابنيه أحسن الأدب ، قال لابن السكيت[11] ، و قد علم بتشيُّعه ، : من أحب إليك : هما , أو الحسن والحسين ؟ فقال : بلقَنْبَرٌ(خادم علي) . فأمر حرسه من الأتراك , فداسوا بطنه , فمات بعد يوم . وقيل : حمل ميتا في بساط . وكان في المتوكل نصب , وقيل بأنّ المتوكل أمرهم أن يستلُّوا لسانه ، فسلّوه فمات من فوره ، و كان ذلك في الخامس من شهر رجب سنة : 244هـ

          2.  أما الصعيد السياسي فلانعدام شرط الشورى، والاستئثار بالسلطة للحكم الأموي، والذي يخالف المنهج الإسلامي في الحكم.

 - ولم يغب عن الحسين رضي الله عنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية [12]

ولكن فهمه لهذا الحديث أنه في حق من كان صالحاً للخلافة وأهلاً لها وكان عن شورى المسلمين[13].

- وعدم مبايعة الحسين ليزيد كانت تعني عدم إعطاء الشرعية للحكم الأموي وهو أمر كان الأمويين يحرصون عليه أشد الحرص وقد كتب يزيد إلى واليه في المدينة بأخذ البيعة من الحسين وابن عمر وابن الزبير، وأن يأخذهم بالشدة حتى يبايعوا[14]، وفي نفس الوقت فإن عدم البيعة يسهل له حرية العمل السياسي واتخاذ القرار الذي يراه مناسباً لمقاومة الحكم الأموي.

فالخروج كان على منطق شرعي محض :

    وقد وصل الحسين بن علي إلى قناعة راسخة وبنى قراره السياسي على فتوى اقتنع بها في مقاومته للحكم الأموي، فهو يرى أن بني أمية لم يلتزموا حدود الله في الحكم، وخالفوا منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وبنى الحسين رضي الله عنه فتواه بتسلسل منطقي شرعي، فاستبداد بني أمية، والشك في كفاءة وعدالة يزيد، توجب عدم البيعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على علماء الأمة، ومن أكبر المنكر حكم بني أمية واستبدادهم، وبما أن الحسين ليس في عنقه بيعة، وهو أحد علماء الأمة وسادتها، فهو أحق الناس بتغيير هذا المنكر، وعلى ذلك فليس موقفه خروجاً على الإمام، بل هو تغيير المنكر، ومقاومة للباطل، وإعادة الحكم إلى مساره الإسلامي الصحيح[15].

·     ومما يدل على حرص الحسين رضي الله عنه على أن تكون فتواه وتحركاته السياسية في مقاومته للحكم الأموي متماشية مع تعاليم الإسلام وقواعده، امتناعه عن البقاء في مكة عندما عزم على مقاومة يزيد حتى لا تستحل حرمتها وتكون مسرحاً للقتال وسفك الدماء، فيقول لابن عباس: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن أقتل بمكة وتستحل بي[16].
لذا فلم يكن الحسين مخطئا في خروجه مفارق للجماعة :
نتبين هذا من نُصْحَ الصحابة للحسين حتى لا يفهم على أنهم يرونه خارجاً على الإمام، و أنّ دمه حينئذ يكون هدراً.
    بل إن الصحابة رضوان الله عليهم أدركو خطورة أهل الكوفة على الحسين وعرفو أن أهل الكوفة كذابين، و قد حملت تعابير نصائحهم هذه المفاهيم. فهذا الخطأ هو خطأ في حساب العصبية فحسب، لأن عصبية الشيعة ضعيفة لا تنهض بأيِّ حالٍ أمام عصبية بني أمية القوية.
-   يقول ابن خلدون: «فتبين بذلك غلط الحسين، إلا أنه في أمر دنيوي لا يضره الغلط فيه. وأما الحكم الشرعي فلم يغلط فيه، لأنه منوط بظنه، و كان ظنه القدرة على ذلك. و أما الصحابة رضوان الله عليهم الذين كانو بالحجاز و مصر و العراق و الشام و الذين لم يتابعو الحسين رضوان الله عليه، فلم ينكرو عليه و لا أثمّوه، لأنه مجتهد و هو أسوة للمجتهدين به» المقدمة
-  و يقول شيخ الإسلام: «و أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم التي يأمر فيها بقتل المفارق للجماعة لم تتناوله. فإنه رضي الله عنه لم يفارق الجماعة، و لم يقتل إلا وهو طالب للرجوع إلى بلده أو إلى الثغر أو إلى يزيد، و داخلاً في الجماعة معرِضاً عن تفريق الأُمَّة. و لو كان طالب ذلك أقلَّ الناس لوجب إجابته إلى ذلك، فكيف لا تجِبُ إجابة الحسين؟!» .
          .. و يقول في موضع آخر: «و لم يقاتل و هو طالب الولاية، بل قـُتِل بعد أن عرضَ الانصراف بإحدى ثلاث.. بل قتل و هو يدفع الأسر عن نفسه، فقتل مظلوماً» منهاج السنة

 - المرحلة الثانية: وهي مرحلة العمل على مقاومة الحكم الأموي وطرح نفسه بديلاً للسلطة الأموية في دمشق، وهو ما يعبر عنها الفقهاء بالخروج على الإمام.

مراسلة أهل العراق من مكة :

الاستمرار على الصلة بأهل الكوفة في عهد معاوية :

استمر الحسين على صلاته بأهل الكوفة وقد كان يعدهم بالمعارضة ولكن بعد وفاة معاوية، والدليل على ذلك أنه بمجرد وفاة معاوية سارع زعماء الكوفة بالكتابة إلى الحسين، وطلبوا منه المسير إليهم على وجه السرعة[17] ومن الأسباب التي أدت إلى خروج الحسين رضي الله عنه...


   وهنا لابد من الإشارة إلى أن الحسين قد مكث في مكة بضعة أشهر قبل خروجه إلى العراق فقد قدم إلى مكة في الثالث من شعبان سنة 60هـ للهجرة، وخرج إلى العراق في الثامن من ذي الحجة من نفس السنة[18].
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                       
وفي هذه الفترة كان رضي الله عنه يراسل أهل العراق، وتقدم إليه الوفود، حتى رأى أنه لابد من مقاومة الظلم وإزالة المنكر وأن هذا أمر واجب عليه، وكانت شيعته بالعراق على اتصال به وتمت بينهم مراسلات [19].

عزم الحسين على الخروج إلى الكوفة ونصائح الصحابة والتابعين ورأيهم في خروجه:

1 ـ بعثة مسلم بن عقيل بن أبي طالب:

    بعد توافد الرسائل من زعماء الكوفة على الحسين رضي الله عنه والتي تطلب منه المسارعة في القدوم إليهم، ولما كان العدد مشجعاً أراد أن يطلع على حقيقة الأمر، فبعث ابن عمه مسلم بن عقيل بن أبي طالب ليستجلي له حقيقة الخبر، ثم يكتب إليه بواقع الحال، فإن كان ما يقولون حقاً قدم عليهم[20].

صعوبة رحلة بن عقيل إلى الكوفة وإكراهات الإقامة

    -  خرج مسلم بن عقيل بصحبة عبد الرحمن بن عبد الله الأرحبي، وقيس بن مسهر الصيداوي، وعمارة بن عبيد السلولي فلما وصل مسلم المدينة أخذ معه دليلين، وفي الطريق إلى الكوفة تاهوا في البرية ومات أحد الدليلين عطشاً، وكتب مسلم إلى الحسين يستعفيه، وذلك بسبب إحساسه النفسي لمدى الصعوبات التي تنتظره في الكوفة، ولكن الحسين رفض طلبه، وأمره بمواصلة المسير نحو الكوفة[21]...

-  ولما وصل مسلم بن عقيل إلى الكوفة نزل عند المختار بن أبي عبيد[22] في أول قدومه...

      فلما جاء ابن زياد وتولى إمارة الكوفة، وأخذ يشدد على الناس انتقل مسلم عند هانيء بن عروة وذلك خشية انكشاف أمره ثم لمكانة هانيء وأهميته كأحد أعيان الكوفة، ولما بدا الشك يساور ابن زياد من هانيء بن عروة خشي مسلم بن عقيل على نفسه، وانتقل أخيراً ولفترة قصيرة جداً عند مسلم بن عوسجة الأسدي أحد دعاة الشيعة[23].
المبايعة السرية للحسين :

 ولما بلغ أهل الكوفة قدوم مسلم بن عقيل قدموا إليه فبايعه اثنا عشر ألف[24]، وتمت تلك المبايعة بصورة سرية مع تحرص شديد، ولما تأكد لمسلم بن عقيل رغبة أهل الكوفة في الحسين وقدومه إليهم  كتب إلى الحسين :

      -  أما بعد، فإن الرائد لا يكذب أهله إن جميع أهل الكوفة معك فأقبل حين تنظر في كتابي[25].

وهنا تأكد للحسين صدق نوايا أهل الكوفة وأنه ليس عليهم إمام كما ذكروا من قبل[26]، فلا بد في هذه الحالة أن يفي لهم بما وعدهم به، حين كتب إلى أهل الكوفة:

وقد بعثت إليكم أخي وابن عمي وثقتي من أهل بيتي، وأمرته أن يكتب إلي بحالكم وأمركم ورأيكم، فإذا كتب إلي أنه قد أجمع رأي ملئكم وذوي الفضل والحجى منكم على مثل ما قدمت به رسلكم وقرأته في كتبكم، أقدم عليكم إن شاء الله[27]،

فلما وصل إلى الحسين بن علي كتاب مسلم بن عقيل والذي طلب منه القدوم إلى الكوفة وأن الأمر مهيأ لقدومه تجهز الحسين بن علي وعزم على المضي إلى الكوفى بأهله وخاصته[28].

2 ـ مواقف الصحابة والتابعين من خروج الحسين:

   - محمد بن الحنفية: لما بلغ محمد بن الحنفية عزم أخيه الحسين على الخروج إلى الكوفة قدم عليه وقال: يا أخي أنت أحب الناس إلي، وأعزهم علي، ولست أدخر النصيحة لأحد من الخلق أحق بها منك، تنح ببيعتك عن يزيد بن معاوية وعن الأمصار ما استطعت، ثم أبعث رسلك إلى الناس فادعهم إلى نفسك، فإن بايعوا لك حمدن الله على ذلك، وإن أجمع الناس على غيرك لم ينقص الله بذلك دينك ولا عقلك، ويذهب به مروءتك ولا فضلك أني أخاف أن تدخل مصراً من هذه الأمصار وتأتي جماعة من الناس فيختلفون بينهم، فمنهم طائفة معك، وأخرى عليك فيقتلون فتكون لأول الأسنة، فإذا خير هذه الأمة كلها نفساً، وأباً، وأماً، أضيعها دماً، وأذلها أهلاً

    -  فقال الحسين: فإني ذاهب يا أخي، قال: فانزل مكة فإذا أطمأنت بك الدار فسبيل ذلك، وإن نبت بك لحقت بالرمال وشعف الجبال، وخرجت من بلد إلى بلد حتى تنتظر إلى ما يصير أمر الناس وتعرف عند ذلك الرأي فإنك أصوب ما تكون رأياً وأحزمه عملاً حين تستقبل الأمور استقبالاً، ولا تكون الأمور عليك أبداً أشكل منها حين تستدبرها استدباراً قال: يا أخي قد نصحت فأشفقت وأرجوا أن يكون رأيك سديداً[29]

        * وجاء في رواية:.. فإن الحسين حين عزم على الخروج بعث إلى بني عبد المطلب في المدينة يدعوهم للخروج معه، فقدم عليه من خف منهم، وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك الحسين بمكة فأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبى الحسين أن يقبل في نفسه على أخيه محمد وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه؟ فقال محمد وما حاجتي أن تصاب ويصابون معك، وإن كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم[30].

   -   عبد الله بن عباس رضي الله عنه: ولما بلغ خبر عزمه على الخروج إلى ابن عمه عبد الله بن عباس أتاه وقال: يا ابن عم أنه قد أرجف الناس أنك سائر إلى العراق، فبيّن لي ما أنت صانع؟ قال: قد أجمعت المسير في أحد يومي هذين إن شاء الله تعالى، فقال له ابن عباس: أخبرني إن كان عدوك بعد ما قتلوا أميرهم ونفوا عدوهم وضبطوا بلادهم فسر إليهم، وإن كان أميرهم حي وهو مقيم عليهم، قاهر لهم وعماله تجبي بلادهم فإنهم إنما دعوك للفتنة والقتال، ولا آمن عليك أن يستفزوا عليك الناس ويقلبوا قلوبهم عليك، فيكون الذي دعوك أشد الناس عليك. فقال الحسين إني استخير الله وأنظر ما يكون.

    ولكن ابن عباس أدرك من كلام الحسين واستعداده أنه عازم على الخروج ولكنه يحاول إخفاء الأمر عنه لعلمه بعدم رضاه عن ذلك.

     لذا جاء ابن عباس إلى الحسين من الغد فقال: يا ابن عم إني أتصبر ولا اصبر، وإني أتخوف عليك في هذا الوجه الهلاك، أن أهل العراق قوم غدر فلا تغترن بهم، أقم في هذا البلد حتى ينفي أهل العراق عدوهم ثم أقدم عليهم، وإلا فسر إلى اليمن فإن به حصوناً وشعاباً، ولأبيك به شيعة، وكن عن الناس بمعزل، واكتب إليهم وبث دعاتك فيهم، فإني أرجو إذا فعلت ذلك أن يكون ما تحب.

 -   فقال الحسين: يا ابن عم! والله إني لأعلم أنك ناصح شفيق، ولكني قد أزمعت المسير. فقال له: فإن كنت ولا بد سائراً فلا تسر بأولادك ونسائك، فوالله إني لخائف أن تقتل كما قتل عثمان ونساؤه وولده ينظرون إليه، إلى أن قال: فوالله الذي لا إله إلا هو لو أعلم أنك إذا أخذت بشعرك وناصيتك حتى يجتمع علي وعليك الناس أطعتني واقمت لفعلت ذلك[31].

عبد الله بن الزبير رضي الله عنه: اتهمته بعض الروايات الضعيفة أنه أحد المتسببين في إقناع الحسين بالخروج إلى الكوفة هو نفسه ثبت عنه بأنه قد أسدى النصائح للحسين، وحذره من مغبة مغادرة مكة والذهاب إلى الكوفة وقد نصح الحسين قائلاً: أين تذهب إلى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك، فقال له الحسين لإن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إلي من أن تستحل بي ـ يعني مكة[32]...

  -  أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث: يا ابن عَمِّ إن الرحم تظأرُني[33] عليك وما أدري كيف أنا عندك في النصيحة لك؟ قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يُستغشُّ ولا يُتَّهمُ، فقل. قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك، وأنت تريد أن تسير إليهم وهم عبيد الدنيا، فيُقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره فأُذكِّرك الله في نفسك. فقال: جزاك الله يا ابن عمِّ خيراً، ومهما يقضي الله من أمر يكن. فقال أبو بكر: إنا لله عند الله نحتسب أبا عبد الله[34].

  - الفرزدق: فقد لقيه بالصّفاح[35]، فسأله الحسين عمّا وراءه فقال: أنت أحب النّاس إلى النّاس، والقضاء في السماء، والسيوف مع بني أمية[36]. وفي خبر آخر قال أنّه قال: قلت له: يخذلونك، لا تذهب إليهم فلم يطعني[37].

في جهة الكوفة عزل النعمان بن بشير وتولية عبيد الله بن زياد

وفي تلك الأثناء كانت الأحداث تتسارع، وذلك بعدما أخذ الشيعة يختلفون على مسلم بن عقيل ويبايعونه

 -   وعندما أحس النعمان بن بشير الأنصاري والي الكوفة بخطورة الوضع قام فخطب في الناس وقال: اتقوا الله عباد الله ولا تسارعوا إلى الفتنة والفرقة فإن فيها يهلك الرجال، وتسفك الدماء وتغصب الأموال وقال: إني لم أقتل من لم يقاتلني ، ولا أثب على من لا يثب علي، لا أشاتمكم ولا أتحرش بكم، ولا آخذ بالقرف ولا الظنة والتهمة، ولكن إن أبديتم صفحتكم لي، ونكثتم بيعتكم، وخالفتم إمامكم، فوالله الذي لا إله غيره لأضربنكم بسيفي ما ثبت قائمه في يدي ولو لم يكن لي منكم ناصر، أما إني أرجو أن يكون من يعرف الحق منكم أكثر ممن يرديه الباطل[38].


   *   ولم تعجب يزيد سياسة النعمان فعزله من ولاية الكوفة وعين بدله عبيد الله بن زياد وكتب إليه: إن شيعتي من أهل الكوفة كتبوا إليّ يخبروني أن ابن عقيل بالكوفة يجمع الجموع ليشق عصا المسلمين فسر حين تقرأ كتابي هذا حتى تأتي أهل الكوفة فتطلب ابن عقيل كطلب الخرزة، حتى تثقفه فتوثقه أو تقتله أو تنفيه والسلام[39].

 *    وغادر ابن زياد البصرة بعد أن اتخذ عدة إحتياطات خوفاً من حدوث إضطرابات وأناب عنه أخوه عثمان بن زياد على البصرة[40] ثم خرج من البصرة ومعه وجوه أهل البصرة أمثال مسلم بن عمرو الباهلي، وشريك بن الأعور الحارثي وحشمه وأهل بيته[41]..
*    وأقبل ابن زياد إلى الكوفة ودخلها متلثماً والناس قد بلغهم إقبال الحسين إليهم، فهم ينظرون قدومه، فظنوا حين قدم عبيد الله أنه الحسين بن علي، فأخذ لا يمر على جماعة من الناس إلا سلموا عليه وقالوا: مرحباً بك يا ابن رسول الله، قدمت خير مقدم، فلما أكثروا عليه صاح فيهم مسلم بن عمرو وقال: تأخروا هذا الأمير عبيد الله بن زياد فلما نزل في القصر نودي الصلاة جامعة فاجتمع الناس فخرج إليهم ثم خطبهم ووعد من أطاع منهم خيراً وتوعد من خالف وحاول الفتنة منهم شراً [42].

عبيد الله بن زياد وخطواته للقضاء على مسلم بن عقيل وأنصاره:

  اختراق تنظيم مسلم بن عقيل:

    حرص عبيد الله بن زياد على جمع المعلومات بواسطة جواسيسه على الفئات المعارضة واستطاع أن يخترق أتباع مسلم بن عقيل .
    -وقد كلّف أحد رجاله بهذه المهمة فأعطاه مبلغاً من المال وكان الرجل من أهل الشام يقال له معقلاً وكان مقدار المبلغ ثلاثة آلاف درهم وقال: خذ هذا المال، وانطلق فالتمس مسلم بن عقيل، وتأتّ له بغاية التأتي[43]، فانطلق الرجل حتى دخل المسجد الأعظم، ثم نظر إلى رجل يكثر الصلاة إلى سارية من سواري المسجد، فجلس الرجل حتى إذا انفتل[44] من صلاته، فدنا منه وجلس، فقال: جعلت فداك إني رجل من أهل الشام مولى لذي الكلاع، وقد أنعم الله علي بحب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحب من أحبهم، ومعي هذه الثلاثة الآلاف درهم، أحب إيصالها إلى رجل منهم، بلغني أنه قدم هذا المصر داعية للحسين بن علي، فهل تدلني عليه لأُوصل هذا المال إليه؟ ليستعين به على بعض أموره ويضعه حيث أحب من شيعته قال له الرجل: وكيف قصدتني بالسؤال عن ذلك دون غيري ممن هو في المسجد قال: لأني رأيت عليك سيما[45] الخير فرجوت أن تكون ممن يتولى أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال له الرجل: ويحك قد وقعت عليّ بعينك، أنا رجل من إخوانك، واسمي مسلم بن عوسجة، وقد سُرِرت بك وساءني ما كان من حسي قبلك فإني رجل من شيعة أهل هذا البيت، خوفاً من هذا الطاغية ابن زياد، فأعطني ذمة الله وعهده أن تكتم هذا عن جميع الناس فأعطاه من ذلك ما أراد..

-     واستطاع الشامي في نهاية المطاف الوصول إلى مسلم بن عقيل، فكان يغدو إلى مسلم بن عقيل فلا يحجب[46] عنه، فيكون نهاره كله عنده فيتعرّف جميع أخبارهم، فإذا أمسى وأظلم عليه الليل دخل على عبيد الله بن زياد، فأخبره بجميع قصصهم، وما قالوا وما فعلوا في ذلك، وأعلمه نزول مسلم بن عقيل في دار هاني بن عروة[47]. وهكذا استطاع ابن زياد أن يعرف أخبار مسلم بن عقيل وتحركاته[48].

استخدام ابن زياد للأشراف للقضاء على تمرد الكوفة:

     وكان ابن زياد يملك قدراً كبيراً من الدهاء والمكر والخداع، حيث أنه بمجرد دخوله القصر جمع وجوه الكوفة واحتفظ بهم عنده حتى يكونوا وسيلة ضغط مهمة عنده ستثمر عن نتائج إيجابية جداً لصالح ابن زياد[49].

      وتقدم مسلم بهذه الجموع، صوب قصر الإمارة التي يتحصن بها ابن زياد، وهنا طلب ابن زياد من أشراف الناس وزعماء الكوفة الذين معه أن يعظوا الناس ويخذلوهم ويخوفونهم بقرب أهل الشام .

  -      وصار هؤلاء الأمراء والزعماء يثبطون الناس، ويذكرونهم بالسلامة والأمن، وأنهم إن لم ينصرفوا سيحرمون من العطاء، وسيساقون إلى الثغور وسينالهم العقاب الشديد[50].

-        ولم يكن التثبيط مقصوراً على الأمراء فقط، بل إن النساء كان لهن دوراً كبيراً في إضعاف عزيمة المناصرين لمسلم، إضافة إلى الآباء وكبار السن فقد كان لهم نفس الدور. وكانت المرأة تأتي أبنها وأخاها وتقول: انصرف، الناس يكفونك، ويجيء الرجل إلى ابنه وأخيه ويقول غداً يأتيك أهل الشام فما تصنع بالحرب والشر انصرف[51].

وأخذت هذه الحرب النفسية التي جوبه بها المؤيدون لمسلم بن عقيل من التهويل والتخويف تعمل عملها بين صفوف الناس، فبدأوا ينصرفون عن مسلم بن عقيل وأخذ العدد يتضاءل سريعاً حتى أنه لما قرب المساء لم يبقى مع مسلم بن عقيل إلا عدداً بسيطاً يتراوح بين الثلاثمائة والخمسمائة رجل[52].

وأمام هذه الإجراءات السريعة من ابن زياد، وأمام الشد النفسي الذي نازع غالبية من انضموا إلى مسلم بن عقيل أخذ هذا العدد يتضاءل حتى وصل إلى ستين رجلاً[53]، ثم حدثت معركة بين مسلم وأتباعه

ويبدو أن هذه المعركة لم تدم طويلاً عندما تنبه القعقاع بن شور إلى أن المقاتلين إنما يقاتلون لأجل النجاة، عند ذلك أمر بإفساح الطريق لهم، فهربوا نحو المسجد، ولما أمسى المساء تفرق الناس، وبقي مسلم بن عقيل وحيداً في طرقات الكوفة [54].
القبض على مسلم بن عقيل وقتله:

 -    أصبح مسلم بن عقيل وحيداً يتردد في طرق الكوفة، فأتى بيتاً فخرجت إليه امرأة، فقال: اسقني، فسقته، ثم دخلت، ومكثت ما شاء الله، ثم خرجت، فإذا به على الباب، فقالت: ياهذا، إن مجلسك مجلس ريبة، فقم، فقال: أنا مسلم بن عقيل، فهل عندك مأوىً؟ قالت: نعم فادخلته، وكان ابنها مولى لمحمد بن الأشعث، فانطلق إلى مولاه فأعلمه، فبعث عبيد الله الشُّرَط إلى مسلم، فخرج وسل سيفه، وقاتل فأعطاه ابن الأشعث أمانً فسلمّ نفسه[55].

-     وفي الطريق نحو ابن زياد بكى مسلم فقيل له: إن من يطلب مثل ما تطلب لا يبكي إذا نزل به مثل الذي نزل بك. قال: إني والله ما لنفسي أبكي  ومالها من القتل أرثي وإن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفاً، ولكني أبكي لأهلي المقبلين إلى الكوفة، أبكي حسيناً وآل الحسين.

 -  وأقبل مسلم على محمد بن الأشعث فقال: يا عبد الله، إني والله أراك ستعجز عن أماني، فهل عندك خير تستطيع أن تبعث رجلاً على لساني يبلغ حسيناً عني رسالة؟ فإني لا أراه إلا قد خرج إليكم اليوم أو غداً هو وأهل بيته، وإن ما تراه من جزعي لذلك، فتقول: إن ابن عقيل بعثني إليك وهو في أيدي القوم أسير لا يدري أيصبح أم يمسي حتى يقتل، وهو يقول لك: ارجع بأهلك ولا يغرنك أهل الكوفة، فإنهم أصحاب أبيك الذي كان يتمنى فراقهم بالموت أو القتل، إن أهل الكوفة قد كذبوك وكذبوني وليس لكاذب رأي.

    فقال محمد بن الأشعث: والله لأفعلن ولأعلمن ابن زياد أني قد أمنتك ودعا ابن الأشعث إياس بن العباس الطائي، وقال له: اذهب فالق حسيناً فأبلغه هذا الكتاب، ثم أعطاه راحلة وتكفل له بالقيام بأهله وداره[56]، وأدخل محمد بن الأشعث مسلم بن عقيل على ابن زياد، وأخبره بما أعطاه من الأمان، فقال ابن زياد: ما بعثناك لتؤمنه ولم يقبل أمانه[57].

 واستسقى مسلم وهو بباب القصر، فجاءه عمار بن عقبة بماء بارد، ولكنه لم يستطع أن يشرب لما كان يختلط به من دمه فتركه ودخل على بن زياد فقال له: إني قاتلك. قال: كذلك؟ قال: نعم. قال: فدعني أوصي إلى بعض قومي، قال: أوصي: فنظر مسلم في جلسائه وفيهم عمر بن سعد بن أبي وقاص، فقال: عمر، إن بيني وبينك قرابة، ولي إليك حاجة، وهي سر، فقم معي إلى ناحية القصر حتى أقولها لك، فأبى أن يقوم معه حتى أذن له ابن زياد، فقام فتنحى قريباً من ابن زياد، فقال له مسلم: إن علي ديناً في الكوفة سبعمائة درهم، فأقضها عني، واستوهب جثتي من ابن زياد فوارها، وابعث إلى الحسين، فإني كنت قد كتبت إليه أن الناس معه، ولا أراه إلا مقبلاً, فقام عمر، فعرض على ابن زياد ما قال له: فأجاز ذلك كله، وقال: أما حسين فإنه لم يردنا ولا نرده، وإن أرادنا لم نكف عنه ثم أمر ابن زياد بمسلم بن عقيل، فأصعد إلى أعلى القصر، وهو يكبر ويهلل ويسبح ويستغفر ويصلي على ملائكة الله ويقول: اللهمّ أحكم بيننا وبين قوم غرونا وخذلونا، ثم ضرب عنقه رجل يقال له: بكير بن حمران ثم ألقى رأسه إلى أسفل القصر، وأتبع رأسه بجسده[58].

وصول خبر مقتل مسلم بن عقيل للحسين ، وملاقاته طلائع جيش بن زياد :

خرج الحسين متوجهاً إلى العراق في أهل بيته وستين شيخاً من أهل الكوفة[59].
    - وكتب مروان بن الحكم إلى ابن زياد: أما بعد فإن الحسين بن علي قد توجه إليك، وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين، وإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء ولا ينساه العامة، ولا يدع ذكره، والسلام عليك[60].

ابن زياد يتخذ التدابير الأمنية:

     اتخذ ابن زياد بعض التدابير لكي يحول بين أهل الكوفة وبين الحسين، ويحكم سيطرته على الكوفة، فقام بجمع المقاتلة وفرق عليهم العطاء حتى يضمن ولاءهم[61].
                                                                              
  وكانت لتلك الإجراءات الصارمة التي اتخذها ابن زياد أثر كبير على نفوس أتباع الحسين، فهم يرون أن من كان له علاقة بالحسين فإن مصيره القتل وعلى أبشع صوره، فأصبح من يفكر في نصرة الحسين فإن عليه أن يتصور نهايته على ذلك النحو المؤلم[62]،

  -  وكان الحسين رضي الله عنه يحس أن الأمور تسير سيراً غير طبيعي في الكوفة وخاصة عندما أخبره الأعراب أن أحداً لا يلج ولا يخرج من الكوفة مطلقاً[63].

 واستمر التحذير من بعض رجال القبائل العربية الذين مرّ بهم، وبينوا له ذلك الخطر الذي يقدم عليه، ولكن الحسين كان يدلل على نجاح مهمته بالإشارة إلى ذلك العدد الهائل من أسماء المبايعين التي كانت بحوزته[64]

    *  ولما بلغ الحسين زبالة[65]، وقيل شراف[66]  جاءه خبر مقتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة وعبد الله بن بقطر، إضافة إلى تخاذل أهل الكوفة عن نصرته[67]. وكان لهذا الخبر المفجع المؤلم وقعه الشديد على الحسين رضي الله عنه، فهؤلاء أقرب الناس إليه قد قتلوا والشيعة في الكوفة تخاذلوا في نصرته[68].

الحسين يعطي الأذن لأصحابه بالإنصراف:

         لما بلغ الحسين مقتل ابن عمه مسلم بن عقيل وتخاذل الناس عنه أعلم الحسين من معه بذلك، وقال من أحب أن ينصرف فلينصرف فتفرق الناس عنه يميناً وشمالاً[69]،

   - وقال له بعض من ثبتوا معه: ننشدك الله إلا ما رجعت من مكانك، فإنه ليس لك بالكوفة ناصر ولا شيعة، بل نتخوف أن يكونوا عليك. فوثب بنو عقيل إخوة مسلم ـ وقالوا: والله لا نبرح حتى ندرك ثأرنا أو نذوق كما ذاق مسلم[70].

ـ ملاقاة الحر بن يزيد التميمي ومعه طلائع جيش الكوفة:

   انصرف الناس عن الحسين ـ رضي الله عنه ـ فلم يبق معه إلا الذين خرجوا معه من مكة، واستمر في سيره حتى بلغ شراف وهناك أمر فتيانه أن يستقوا ويكثروا.

.. وبالفعل كانت طلائع خيل ابن زياد عليها الحر بن يزيد وكان عددها ألف فارس وقد أدرك الحر بن يزيد الحسين ومن معه قريباً من شراف.
   ولما طلب منه الحسين الرجوع منعه وذكر له أنه مأمور بملازمته حتى الكوفة وقام الحسين وأخرج خرجين مملوءة بالكتب التي تطلب منه القدوم إلى الكوفة، فأنكر الحر والذين معه أي علاقة لهم بهذه الكتب[71]، وهنا رفض الحسين الذهاب مع الحر إلى الكوفة وأصر على ذلك.
    فاقترح عليه الحر أن يسلك طريقاً يجنبه الكوفة ولا يرجعه إلى المدينة، وذلك من أجل أن يكتب الحر إلى ابن زياد بأمره، وأن يكتب الحسين إلى يزيد بأمره[72]. وبالفعل تياسر الحسين عن طريق العذيب والقادسية واتجه شمالاً على طريق الشام[73]. وأخذ الحر يساير الحسين وينصحه بعدم المقاتلة ويذكّره بالله، وبيّن له أنه إذا قاتل فسوف يقتل[74]، وكان الحسين يصلي بالفريقين إذا حضرت الصلاة[75].
ملاقاة عمر بن سعد بن أبي وقاص والمفاوضات:

         ولما وصل الحسين إلى كربلاء أدركته خيل عمر بن سعد ومعه شمر بن ذي الجوشن، والحصين بن تميم[76]، وكان هذا  الجيش الذي يقوده عمر بن سعد مكوناً من أربعة آلاف مقاتل وكان وجهة هذا الجيش في الأصل إلى الري لجهاد الديلم، فلما طلب منه ابن زياد أن يذهب لمقاتلة الحسين رفض عمر بن سعد في البداية هذا الطلب، ولكن ابن زياد هدده إن لم ينفذ أمره بالعزل وهدم داره وقتله، وأمام هذا الخيار رضي بالموافقة[77].

     وبدأ الحسين بن علي بالتفاوض مع عمر بن سعد، وبيّن الحسين أنه لم يأت إلى الكوفة إلا بطلب من أهلها. وأبرز لعمر بن سعد الدليل على ذلك، واشار إلى حقيبتين كبيرتين تضمن أسماء المبايعين والداعين للحسين.

  -  وكتب عمر بن سعد لابن زياد بما سمعه من الحسين وقال: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فإني حيث نزلت بالحسين بعثت إليه رسولي، فسألته عما اقدمه وماذا يطلب، فقال: كتب إلي أهل هذه البلاد وأتتني رسلهم، فسألوني القدوم ففعلت، فأما إذا كرهوني، فبدا لهم غير ما أتتني به رسلهم فأنا منصرف عنهم.

          - فلما قريء على ابن زياد تمثل قول الشاعر:

                                               الآن إذا علقت مخالبنا به     يرجو النجاة ولاة حين مناص

وعرض على عمر بن سعد عرضاً آخر يتمثل في إجابته واحدة من ثلاث نقاط[78].

     أ ـ أن يتركوه فيرجع من حيث أتى.
     ب ـ  وإما أن يتركوه ليذهب إلى الشام فيضع يده في يد يزيد بن معاوية.   وقد أكد الحسين رضي الله عنه موافقته للذهاب إلى يزيد[79].
     جـ ـ  وإما أن يسيّروه إلى أي ثغر من ثغور المسلمين فيكون واحداً منهم له ما لهم وعليه ما عليهم[80].

   وكتب عمر بن سعد إلى ابن زياد بكتاب أظهر فيه أن هذا الموقف المتأزم قد حُلّ، وأن السلام قد أوشك، وما على ابن زياد إلا الموافقة[81].

وبالفعل فقد أوشك ابن زياد أن يوافق ويرسله إلى يزيد، لولا تدخل شمر بن ذي الجوشن الذي كان جالساً في المجلس حين وصول الرسالة فقد اعترض على رأي ابن زياد في أن يرسله إلى يزيد، وبيّن لابن زياد أن الأمر الصائب هو أن يطلب من الحسين أن ينزل على حكمه ـ أي ابن زياد ـ حتى يكون هو صاحب الأمر المتحكم فيه[82]. فلما وصل الخبر إلى الحسين رضي الله عنه رفض الطلب وقال: لا والله لا أنزل على حكم عبيد الله بن زياد أبداً[83]، وقال لأصحابه الذين معه أنتم في حل من طاعتي، ولكنهم أصرّوا على مصاحبته والمقاتلة معه حتى الشهادة[84]،
 واتخذ ابن زياد إجراءً احترازياً حين خرج إلى النخيلة[85]، واستعمل على الكوفة عمرو بن حريث، وضبط الجسر، ولم يترك أحداً يجوزه، وخاصة أنه علم أن بعض الأشخاص من الكوفة بدأوا يتسللون من الكوفة إلى الحسين[86].

المعركة الفاصلة واستشهاد الحسين رضي الله عنه ومن معه:

        في صباح يوم الجمعة عام 61هـ نظم الحسين رضي الله عنه أصحابه وعزم على القتال وكان معه اثنان وثلاثون فارساً، وأربعون راجلاً، وأعطى رايته العباس بن علي، وجعل البيوت وراء ظهورهم، وأمر الحسن بحطب وقصب فجعله من وراء البيوت، وأشعل فيه النار مخافة أن يأتوهم من خلفهم.

       وبدأت المعركة سريعة وكانت مبارزة في بداية الأمر، وجوبه جيش عمر بن سعد بمقاومة شديدة من قبل أصحاب الحسين، حيث أن مقاتلتهم اتسمت بالفدائية فلم يعد لهم أمل في الحياة[87]، وكان الحسين رضي الله عنه في البداية لم يشترك في القتال، وكان أصحابه يدافعون عنه.

   -  ولما قتل أصحابه لم يجرؤ أحد على قتله، وكان جيش عمر بن سعد يتدافعون ويخشى كل فرد أن يبوء بقتله وتمنوا أن يستسلم، ولكن الحسين رضي الله عنه لم يبد شيئاً من الليونة، بل كان رضي الله عنه يقاتلهم بشجاعة نادرة، عندئذ خشى شمر بن ذي الجوشن من انفلات زمام الأمور فصاح بالجند وأمرهم بقتله، فحملوا عليه، وضربه زرعة بن شريك التميمي ثم طعنه سنان بن أنس النخعي واحتز رأسه[88]، ويقال أن الذي قتله عمرو بن بطار التغلبي، وزيد بن رقاده الحيني[89]،

   - ويقال أن المتولي لإجهاز عليه شمر بن ذي الجوشن الضبي، وحمل رأسه إلى ابن زياد خولي بن يزيد الأصبحي[90]، وكان قتله رضي الله عنه في محرم في العاشر منه سنة إحدى وستين[91].

نهاية المعركة وأعداد القتلى والسبايا :

      وقتل مع الحسين رضي الله عنه اثنان وسبعون رجلاً، وقتل من أصحاب عمر ثمان وثمانون رجلاً[92]، وبعد إنتهاء المعركة أمر عمر بن سعد بأن لا يدخل أحد على نساء الحسين وصبيانه، وأن لا يتعرض لهم أحد بسوء[93]، وأرسل عمر بن سعد برأس الحسين ونساءه ومن كان معه الصبيان إلى ابن زياد[94].

  ثمانية عشر رجلاً كلهم من بيت رسول الله قد قتلوا في هذه المعركة غير المتكافئة، والعجيب في هذه أن ممن قتل بين يدي الحسين بن علي رضي الله عنهما أبو بكر بن علي وعثمان بن علي وأبو بكر بن الحسن ولا تجد لهم ذكراً عندما تسمع أشرطة الشيعة وتقرأ كتبهم التي أُلفت في مقتل الحسين حتى لا يقال إن علي بن أبي طالب سمي أولاده بأسماء أبي بكر وعمر وعثمان، أو أن الحسن سمي على اسم أبي بكر وهذا أمر عجيب جداً منهم[95]

رأس الحسين :

  -  وعن أنس قال: ولما أُتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين جعل ينكث بالقضيب ثناياه يقول: لقد كان ـ أحسبه جميلاً. فقلت والله لأَسوءنَّك إني رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلثم[96] حيث يقع قضيبك. قال: فانقبض[97].

   - وفي رواية البخاري عن أنس قال: أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعله في طست، فجعل ينكث عليه وقال في حسنه شيئاً فقال أنس: إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوباً بالوسمة[98].

·          ولما وصل نساء الحسين وصبيانه صنع بهما ابن زياد أن أمر لهم بمنزل في مكان معتزل فأجرى عليهم الرزق، وأمر لهن بالكسوة والنفقة

 -  ويقول ابن تيمية في رده على بعض كذابي الشيعة: وأما ما ذكره من سبي نسائه والدوران بهن على البلدان وحملهن على الجمال بغير أقتاب، فهذا كذب، وباطل وماسبى المسلمون ـ ولله الحمد ـ هاشمية قط، ولا استحلت أمة محمد صلى الله عليه وسلم هاشمية قط، ولكن أهل الهوى والجهل يكذبون كثيراً[99]. بل المرجح أن ابن زياد بعد أن ذهبت عنه نشوة النصر، أحس فداحة خطئه وكان ذلك الشعور هو المسيطر على بعض أفراد أسرته القريبين منه، فقد كانت أمه تقول له: ويلك ماذا صنعت، أو ماذا ركبت[100]. وكان أخوه عثمان بن زياد يقول: لوددت والله أنه ليس من بني زياد رجل إلا وفي أنفه خزامة إلى يوم القيامة، وأن حسيناً لم يقتل: فلا ينكر عليه عبيد الله قوله[101].

موقف يزيد من قتل الحسين ومن أبناء الحسين وذريته:

   كتب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية يخبره بما حدث ويستشيره في شأن أبناء الحسين ونسائه فلما بلغ الخبر يزيد بن معاوية بكى وقال: كنت أرضى من طاعتكم ـ أي أهل العراق ـ بدون قتل الحسين، كذلك عاقبة البغي والعقوق لعن الله ابن مرجانة لقد وجده بعيد الرحم منه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه فرحم الله الحسين[102].
                                     
  - ولما دخل أبناء الحسين على يزيد قالت: فاطمة بنت الحسين: يا يزيد: أبنات رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا قال: بل حرائر كرام.

وتحاول بعض الروايات ذات النزعات والميول الشيعية أن تصور أبناء الحسين وبناته وكأنهن في مزاد علني، جعل أحد أهل الشام يطلب من يزيد أن يعطيه إحدى بنات الحسين[103]. فهذا من الكذب البين الذي لم يدعمه سند صحيح، ثم أنها مغايرة لما ثبت من إكرام يزيد لآل الحسين، ثم إن يزيد لم يستعرض النساء ويجعلهن عرضة للجمهور من أراد فليختار ما يشاء[104]

من المسئول عن قتل الحسين رضي الله عنه:

   1.  فإن الاتهام موجه إلى أهل العراق، وذلك في المسؤولية المتعلقة بقتل الحسين رضي الله عنه،

 -  فهذه أم سلمة رضي الله عنها لما جاء نعي الحسين بن علي لعنت أهل العراق وقالت: قتلوه قتلهم الله عز وجل غروه ودلوه لعنهم الله[105].

 -  ويقول البغدادي في كتابه الفرق بين الفرق: روافض الكوفة موصوفون بالغدر والبخل، وقد سار المثل بهم فيها، حتى قيل: أبخل من كوفي، وأغدر من كوفي، والمشهور من غدرهم ثلاثة أمور هي:

أ - بعد مقتل علي - رضي الله عنه -، بايعوا الحسن، وغدروا به في ساباط المدائن، فطعنه سنان الجعفي.
ب - كاتبوا الحسين - رضي الله عنه -، ودعوه إلى الكوفة لينصروه على يزيد، فاغتر بهم، وخرج إليهم، فلما بلغ كربلاء غدروا به وصاروا مع عبيد الله يداً واحدة عليه. حتى قتل الحسين وأكثر عشيرته بكربلاء.
جـ - غدرهم بزيد بن علي بن الحسين، نكثوا بيعته، وأسلموه عند اشتداد القتال.

  2. يزيد بن معاوية :

حيث استمد عبيد الله جبروته وبطشه بالمعارضين من موافقة الخليفة يزيد بن معاوية

فعندما أقدم على قتل مسلم بن عقيل النائب الأول عن الحسين بالكوفة، وداعيته هانيء بن عروة الزعيم لقبيلة مراد المشهورة، استحسن يزيد هذا الفعل ولم يعترض عليه بل إنه لم يخف إعجابه به وبطشه وعسفه،

  -  فقد قال في ردّه على رسالته: أما بعد فإنك لم تعد إن كنت كما أحببت، عملت عمل الحازم، وصلت صولت الشجاع الرابط الجأش، فقد أغنيت وكفيت، وصدقت ظني بك، ورأي فيك

    فهذا التشيع دفع ابن زياد للشر أكثر خصوصاً وأن نفسه كانت ميالة للشر بطبيعتها، متطلعة إلى الغلو في مسيرتها، متعطشة إلى الدماء في سلطانها، وإلا فماذا كان عليه لو أنه نهر شمر وعنفه وردعه على قوله، واستمر في قبول خطة السلم التي عرضها الحسين رضي الله عنه. ؟!!

إن النفوس الدنية التي ارتفعت بعد انحطاط، وعزت بعد ذل، وتمكنت بعد حرمان، يعزّ عليها أن ترى الشرفاء الأمجاد، يتمتعون باحترام الناس وتقديرهم فتحاول أن تضع من مكانتهم، وتحط من منزلتهم إشباعاً لعقدة النقص التي تطاردهم في حياتهم، ولم يكن ابن زياد إلا واحداً من أصحاب هذه النفوس الدنية، فمن ابن زياد هذا ـ مهما كانت منزلته ـ إذا قورن بالحسين بن علي ـ رضي الله عنهما ـ

وهذا البكاء على الحسين، وسب ابن مرجانة لا يرفع اللوم عن يزيد، ولا يخليه من تبعة قتل الحسين وأصحابه، ذلك لأنه كان قادراً على أن يوجه أوامر صريحة لابن زياد بعدم قتل الحسين رضي الله عنه، والتصرف معه بكل حكمة وتعقل، حفظاً لرحمه وقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ومكانته في قلوب المسلمين[106].

         إن تحمل يزيد لمسؤولية قتل الحسين ـ رضي الله عنه ـ قائمة كيف وقد قتل في خلافته وعلى أرض تسيطر عليها جيوشه، وقد كان أمير المؤمنين ـ عمر بن الخطاب رضي الله عنه ـ يحمّل نفسه مسؤولية بغلة عثرة في العراق أو في الشام، لم يسو لها الطريق، فكيف إذا كان القتلة هم جند أمير المؤمنين[107]؟
إن مقتل الحسين رضي الله عنه سيظل وصمة عار ونقطة سوداء في عهد يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.

3. عبيد الله بن زياد :  والصحيح أن المسئولية الأولى والإثم الأكبر في هذه المذبحة تقع على عاتق ابن زياد لأنه مدبر هذا الأمر كله وهو الذي رفض عروض الحسين، والتاريخ يستنكر كل ما فعله، ويذمه أشد الذم، ويدمغه بالبغي والطغيان[108].
                         
    - ويقول الذهبي في نهاية ترجمة عبيد الله: الشيعي لا يطيب عيشه حتى يلعن هذا ودونه، ونحن نبغضهم في الله، ونبرأ منهم/ ولا نلعنهم وأمرهم إلى الله[109].

4. عمر بن سعد بن أبي وقاص قائد الجيش:

         ومن المسئولين على قتل الحسين رضي الله عنه قائد جيشه عمر بن سعد بن أبي وقاص، وبئس الخلف للسلف أو الابن لأبيه ثم الجنود الذين نفذوا أوامرهم في غيرما رحمة وكان لهم مندوحة أن ينأوا عن ذلك، أو ينضموا إلى جانب الحسين، كما فعل الحر بن يزيد التميمي القائد الأول الذي أرسله بن زياد، ثم رأى أن ابن زياد وصحبه اعتدوا وطغوا حين رفضوا عروض الحسين المنصفة، فتحول إلى معسكر الحسين وقاتل معه حتى قتل شهيداً[110].

     لقد كان عمر بن سعد في غنى عن أن يقرن اسمه بأسماء الخونة الغادرين، وأن يسجل في سجل المعتدين الآثمين، لو أنه ضحى بالمنصب، وقبل طاعة الله ورسوله، ولو أنه فعل ما فاته شيء مما كتب له من متاع الدنيا، ولكان عند الله من الأبرار الصالحين[111].

أقوال الناس في يزيد وهل يجوز لعنه؟

افترق الناس في يزيد بن معاوية بن أبي سفيان ثلاث فرق طرفان ووسط.

1.  فأحد الطرفين قالوا: إنه كان كافراً منافقاً، وأنه سعى في قتل سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم تشفياً من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانتقاماً منه، وأخذاً بثأر جده عتبة وأخي جده شيبة، وخاله الوليد بن عتبة، وغيرهم ممن قتلهم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بيد علي بن أبي طالب وغيره يوم بدر، وقالوا: تلك أحقاد بدرية، وآثار جاهلية وأنشدوا عنه:
                                                                                                                                            
لما بدت تلك الحمول وأشرفت
تلك الرؤوس على ربي جيروني
نعق الغراب، فقلت نح أولاً تنح
فلقد قضيت مـن النبي ديوني

2. والطرف الثاني: يظنون أنه كان رجلاً صالحاً وإمام عدل، وأنه كان من الصحابة الذين ولدوا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وحمله على يديه وبرّك عليه.

وربما فضله بعضهم على أبي بكر وعمر، وربما جعله بعضهم نبياً.

   ويقولون عن الشيخ عدي أو حسن المقتول ـ كذباً عليه ـ إن سبعين ولياً صرفت وجوههم عن القبلة لتوقفهم في يزيد، وهذا قول غالية العدوية.. ونحوهم من الضلال، فإن الشيخ عدياً كان من بني أمية وكان رجلاً صالحاً عابداً فاضلاً، ولم يحفظ عنه أنه دعاهم إلا إلى السنة التي يقولها غيره كالشيخ أبي الفرج المقدسي، فإن عقيدته موافقة لعقيدته، لكن زادوا في السنة أشياء كذب وضلال، من الأحاديث الموضوعة، والتشبيه الباطل، والغلو في الشيخ عدي وفي يزيد، والغلو في ذم الرافضة، بأنه لا تقبل لهم توبة وأشياء أخر. وكلا القولين ظاهر البطلان عند من له أدنى عقل وعلم بالأمور وسير المتقدمين، ولهذا لا ينسب إلى أحد من أهل العلم المعروفين بالسنة، ولا إلى ذي عقل من العقلاء الذين لهم رأي وخبرة[112]

3. والقول الثالث : أنه كان ملكاً من ملوك المسلمين، له حسنات وسيئات، ولم يكن كافراً، ولكن جرى بسببه ما جرى من مصرع الحسين، وفعل ما فعل بأهل الحرة، ولم يكن صاحباً ولا من أولياء الله الصالحين، وهذا قول عامة أهل العقل والعلم والسنة والجماعة.

      ثم افترقوا ثلاث فرق في لعنه أو حبه: فرقة لعنته، وفرقة أحبته، وفرقة لا تسبه ولا تحبه، وهذا هو المنصوص عن الإمام أحمد وعليه المقتصدون من أصحابه وغيرهم من جميع المسلمين.

   - قال صالح بن أحمد: قلت لأبي: إن قوماً يقولون: إنهم يحبون يزيد، فقال: يا بني، وهل يحب يزيد أحد يؤمن بالله واليوم الآخر؟ فقلت: يا ابت، فلماذا لا تلعنه؟ فقال: يا بني، ومتى رأيت أباك يلعن أحداً.

   -  وقال ابن تيمية: وبلغني ـ أيضاً ـ أن جدنا أبا عبد الله بن تيمية سئل عن يزيد. فقال: لا تنقص ولا تزيد.

      وأما ترك سبه ولعنته فبناء على أنه لم يثبت فسقه الذي يقتضي لعنه، أو بناء على أن الفاسق المعين لا يلعن بخصوصه، إما تحريماً، وإما تنزيهاً.

         -  فقد ثبت في صحيح البخاري عن عمر في قصة ((حمار)) الذي تكرر منه شرب الخمر وجلده لما لعنه بعض الصحابة قال النبي صلى الله عليه وسلم: ولا تلعنه، فإنه يجب الله ورسوله[113].

         -  وقال: لعنُ المؤمن كقتله[114]

   هذا مع أنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم لعن عموماً شارب الخمر ونهى في الحديث الصحيح عن لعن هذا المعين وهذا كما أن نصوص الوعيد عامة في أكل أموال اليتامى، والزاني والسارق، فلا نشهد بها عامة على معين بأنه من أصحاب النار، لجواز تخلف المقتضَى عن المقتضيِ لمعارض راجع: إما توبة، وإما حسنات ماهية، وإما مصائب مكفرة وإما شفاعة مقبولة وإما غير ذلك[115].

    *  وأما الذين سوغوا محبته أو أحبوه، كالغزالي، والدستي فلهم مأخذان: أحدهما: أنه مسلم ولي أمر الأمة على عهد الصحابة وتابعه بقاياهم، وكانت فيه خصال محمودة وكان متأولاً فيما ينكر عليه من أمر الحرة وغيره، فيقولون: هو مجتهد مخطيء، ويقولون: إن أهل الحرة هم نقضوا بيعته أولاً وأنكر ذلك عليهم ابن عمر وغيره.
  - وأما قتل الحسين فلم يأمر به ولم يرض به، بل ظهر منه التألم لقتله، وذم من قتله، ولم يحمل الرأس إليه، وإنما حمل إلى ابن زياد!!
التحذير من أساطير حول مقتل الحسين رضي الله عنه:

   إن الشيعة بالغوا في نقل أخبار تلك الحادثة، وامتلأت كتب التاريخ بحوادث عجيبة قيل إنها وقعت إثر مقتل الحسين.

-       من احمرار الأفق
-       وتدفق الدماء من تحت الحجارة
-       وبكاء الجنّ

 إلى غير ذلك من الخيال الذي نسجته عقول الشيعة يومئذ، وما زالوا يردّدونه إلى اليوم تضخيماً لهذا الحادث على حساب غيره من الأحداث الأخرى[116].

 وإن الذي يدرس أسانيد تلك الأخبار والرّوايات لا يرى إلا ضعفاً هالكاً، أو مجهولاً لا يعرف أصله أو مدلِّساً يريد تعمية الأبصار عن الحقائق[117]،

     ومن أكاذيب مؤرخي الشيعة على سبيل المثال في هذه الموقعة أن السبايا حملن على نجائب الأبل عرايا حتى أن الإبل البخاتي[118] إنما نبتت لها الأسنمة من ذلك اليوم لتستر عوارتهن من قبلهن ودبرهن[119].
   - وقال ابن كثير: ولقد بالغ الشِّيعة في يوم عاشوراء، فوضعوا أحاديث كثيرة وكذباً فاحشاً، من كون الشمس كسفت يومئذ حتى بدت النجوم، وما رفع يومئذ حجر إلا وجد تحته دم، وإن أرجاء السماء احمرّت، وأن الشمس كانت تطلع وشُعاعُها كأنه الدم وصارت السماء كأنها علقة، وأن الكواكب صار يضرب بعضها بعضاً، وأمطرت السماء دماً أحمر، وأن الحمرة لم تكن في السماء قبل يومئذ.. وأن رأس الحسين لما دخلوا به قصر الإمارة جعلت الحيطان تسيل دماً، وأن الأرض أظلمت ثلاثة أيام، ولم يُمسَّ زعفران ولا ورس مما كان معه يومئذ إلا احترق مسَّه، ولم يرفع حجر من حجارة بيت المقدس إلا ظهر تحته دم عبيط. وأن الإبل التي غنموها من إبل الحسين حين طبخوها صار لحمها مثل العلقم. إلى غير ذلك من الأكاذيب والأحاديث الموضوعة التي لا يصح منها شيء[120].

   وقد مات رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو سيد ولد آدم في الدُّنيا والآخرة ولم يقع شيء من هذه الأشياء ، وكذلك الصِّديق بعده مات ولم يكن شيء من هذا ، وكذا عمر بن الخطَّاب قتل شهيداً وهو قائم يصلِّي في المحراب صلاة الفجر ، وحصر عثمان في داره وقتل بعد ذلك شهيداً ، وقتل علي ابن أبي طالب شهيداً بعد صلاة الفجر ولم يكن شيء من هذه الأشياء والله أعلم .ا.هـ. 

بعض كرامات الإمام الحسين ( عليه السلام ) من مصادر سُنية والتي تحتاج إلى نظر ونقد :

الامام الحسين (ع) وردت كثير من الروايات في مصادر أهل السنة ، تتحدث عن بعض الظواهر الكونية ، و الحوادث ، و الفتن ، التي ظهرت عقيب مقتل الإمام الحسين ( عليه السلام ) ، أسفاً وحزناً عليه ، ونذكر منها :

-  أولاً : ما روي من أن السماءَ صارت تَمطُر دماً

     عن أم حكيم قالت : قُتِلَ الحسين ، و أنا يومئذ جويرية ، فمكثت السماء أياماً مثل العلقة ( رواه الطبراني ورجاله إلى أم حكيم رجال الصحيح ) .

-  ثانياً : ما روي من كسوف الشمس

    عن أبي قبيل قال : لما قتل الحسين بن علي انكسَفَت الشمس كسفة حتى بدت الكواكب نصف النهار ، حتى ظننَّا أنها هي ، أي : القيامة ( رواه الطبراني وإسناده حسن )

   و نقل ذلك أيضا السيوطي في تاريخ الخلفاء / 207 ، و أرسله إرسال المسلّمات ، فقال : ولما قتل الحسين مكثت الدنيا سبعة أيام والشمس على الحيطان كالملاحف المعصفرة ، والكواكب يضرب بعضها بعضاً ، وكسفت شمس ذلك اليوم ، واحمرَّت آفاق السماء ستة أشهر بعد قتله . ثم لا زالت الحمرة ترى فيها بعد ذلك ولم تكن ترى فيها قبله .

- ثالثاً : ما ورد في الدم الذي ظهر على الجُدُر

   قال حصين : فلما قتل الحسين لبثوا شهرين أو ثلاثة ، كأنما تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع ( رواه الطبري في تاريخه 4 / 296 ) .

-   رابعاً : ما رُفع حجر إلا وُجِد تحته دم

   عن الزهري قال : قال لي عبد الملك أي واحد أنت إن أعلمتني أي علامة كانت يوم قتل الحسين .
فقلت : لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلا وجد تحتها دم عبيط .
فقال لي : إني وإياك في هذا الحديث لقرينان ( رواه الطبراني ورجاله ثقات ) .
و عن الزهري قال : ما رفع بالشام حجر يوم قتل الحسين بن علي إلا عن دم ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح )  
  
-  و روى ذلك الذهبي في ( سير أعلام النبلاء ) ، و البيهقي في ( دلائل النبوة ) وأبو نعيم الأصفهاني في ( معرفة الصحابة )

-  خامساً : ذبحوا جزوراً فصار كله دماً

  عن دويد الجعفي عن أبيه قال : لما قتل الحسين انتهبت جزور من عسكره ، فلما طبخت إذا هي دم ( رواه الطبراني ورجاله ثقات ، و رواه أبو نعيم الأصفهاني في معرفة الصحابة ) .

-   سادساً : الفتن و الحوادث الغريبة

قال ابن كثير في تاريخه 8 / 220 ، و أما ما روي من الأحاديث والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح ، فإنه قلَّ من نجا من أولئك الذين قتلوه من آفة وعاهة في الدنيا ، فلم يخرج منها حتى أصيب بمرض ، وأكثرهم أصابه الجنون ( رواه الطبراني ورجاله رجال صحيح ) .

و قال في 6 / 259 ، وقد روى حَمَّاد بن سلمة ، عن عمار بن أبي عمارة ، عن أم سلمة ، أنها سمعت الجِنَّ تنوح على الحسين بن علي ، وهذا صحيح .
انتقام الله من قتلة الحسين:

وأما ما رُوِيَ من الأمور والفتن التي أصابت من قتله فأكثرها صحيح.. فإنَّه قَلَّ من نجا منهم في الدنيا إلا أُصيب بمرض، وأكثرهم أصابه الجنون.

وقال أبو الأسود الدِّيْلي في قتل الحسين رضي الله عنه:

                            أقول وذاك من جزع ووجد
                                                                  أزال الله ملـك بنـي زياد
                            وأبعدهم بما غدروا وخانوا
                                                                  كما بعدت ثَمود وقوم عاد
                            هموا خَشَمُوا الأنوف وكنا شُمّا
                                                                  لقتل ابن القُعَاسِ أخي مراد[121]
                            قتيل السوق يا لك من قتيل
                                                                  به نضح من أحمر كالجِساد
                            وأهل نبينا من قبل كانوا
                                                                  ذوي كرم دعائم للبلاد
                            حسين ذو الفضول وذو المعالي
                                                                  يزين الحاضرين وكَّلَّ باد
                            أصاب العِزَّ مَهْلِكُهُ فأضحى
                                                                  عميداً بعد مصرعه فؤادي[122]

                                 ما وقع من الفتن بين السنة والرافضة بسبب مأتم الحسين : 

-   قال ابن كثير في " البداية والنهاية " (11/293) : ثم دخلت سنة ثلاث وستين وثلاثمائة فيها : في عاشوراء عملت البدعة الشنعاء على عادة الروافض ، ووقعت فتنة عظيمة ببغداد ، بين أهل السنة والرافضة ، وكلا الفريقين قليل عقل أو عديمه ، بعيد عن السداد ، وذلك : أن جماعة من أهل السنة أركبوا امرأة وسموها عائشة ، وتسمى بعضهم بطلحة ، وبعضهم بالزبير ، وقال : نقاتل أصحاب علي ، فقتل بسبب ذلك من الفريقين خلقٌ كثير ، وعاث العيارون في البلد فساداً ، ونهبت الأموال ، ثم أخذ جماعة منهم فقتلوا وصلبوا ، فسكنت الفتنة .ا.هـ. 

    -   وقال أيضا (12/36) : ثم دخلت سنة إحدى وعشرين وأربعمائة ... وفيها : عملت الرافضة بدعتهم الشنعاء وحادثتهم الصلعاء في يوم عاشوراء ، من تعليق المسوح ، وتغليق الأسواق ، والنوح والبكاء في الأزقة ، فأقبل أهل السنة إليهم في الحديد فاقتتلوا قتالاً شديداً ، فقتل من الفريقين طوائف كثيرة ، وجرت بينهم فتن وشرور مستطيرة .ا.هـ. 

    -   وقال (12/222) : ثم دخلت سنة عشر وخمسمائة ... في يوم عاشوراء وقعت فتنة عظيمة بين الروافض والسنة بمشهد علي بن موسى الرضا بمدينة طوس ، فقتل فيها خلق كثير .ا.هـ.

   -  قال ابن كثير : ثم دخلت سنة تسع وثمانين وثلاثمائة. وفيها : أرادت الشيعة أن يصنعوا ما كانوا يصنعونه من الزينة يوم غدير خم ، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة فيما يزعمونه ، فقاتلهم جهلة آخرون من المنتسبين إلى السنة فادعوا أن في مثل هذا اليوم حصر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار فامتنعوا من ذلك ، وهذا أيضاً جهل من هؤلاء ، فإن هذا إنما كان في أوائل ربيع الأول من أول سني الهجرة ، فإنهما أقاما فيه ثلاثاً ، وحين خرجا منه قصدا المدينة فدخلاها بعد ثمانية أيام أو نحوها ، وكان دخولهما المدينة في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول ، وهذا أمر معلوم مقرر محرر.

    ولما كانت الشيعة يصنعون في يوم عاشوراء مأتماً يظهرون فيه الحزن على الحسين بن علي ، قابلتهم طائفة أخرى من جهلة أهل السنة ، فادعوا أن في اليوم الثاني عشر من المحرم قتل مصعب بن الزبير ، فعملوا له مأتماً كما تعمل الشيعة للحسين ، وزاروا قبره كما زاروا قبر الحسين ، وهذا من باب مقابلة البدعة ببدعة مثلها ، ولا يرفع البدعة إلا السنة الصحيحة .ا.هـ. 







[1]  انظر : الحسين أبو الشهداء - العقاد
[2]  انظر : الحسين أبو الشهداء - العقاد

 فضائل الصحابة للإمام أحمد (2/772) إسناده حسن .[3]
 البخاري رقم 3753 .[4]
 سنن الترمذي (5/656) حديث رقم 3768 صححه الألباني في الأحاديث الصحيحة (2/448) .[5]
[6] انظر : الحسين أبو الشهداء - العقاد
 أنساب الأشراف (3/152) ، مواقف المعارضة صـ180 .[7]
 مواقف المعارضة صـ 180 .[8]
 القهاء والخلفاء، سلطان حثيلين صـ21 .[9]
[10]  انظر : الحسين أبو الشهداء - العقاد
[11]  إمام من أئمة اللغة العربية و عالم نحوي و أديب شهير ، اشتهر بتشيُّعه - ويكيبيديا-
 مسلم رقم 1851 .[12]
 الفقهاء والخلفاء صـ22 .[13]
 تاريخ الطبري (6/259) .[14]
 الفقهاء والخلفاء صـ23 .[15]
 تاريخ الطبري نقلا عن الخلفاء صـ25 .[16]
 مواقف المعارضة صـ180 .[17]
 تاريخ الطبري (6/304) ، البداية والنهاية (11/494) .[18]
 تاريخ الطبري (6/273 ، 274) .[19]
 تاريخ الطبري (6/267) .[20]
 تاريخ الطبري (6/267) .[21]
 تاريخ الطبري (6/276) .[22]
[23] تاريخ الطبري (6/283 ، 284) .
[24]  تهذيب الكمال (2/301) مواقف المعلرضة صـ232 .
[25] أنساب الأشراف (3/167) .
[26] تاريخ الطبري (6/272) .
[27]المصدر نفسه (6/274) .
[28]المصدر نفسه (6/305) .
[29] أنساب الأشراف (4/15 ـ 16)
[30] الطبقات (1/451) تحقيق السُّلمي .
 الكامل في التاريخ (2/546) .[31]
 مصنف ابن أبي شيبة (15/95) بسند حسن .[32]
 تظأرني : تعطفني عليك .[33]
 البداية والنهاية (11/504) .[34]
 موضع بين حنين وأنصاب الحرم، على يسرة الدّاخل إلى مكة من مشاش .[35]
 مختصر تاريخ دمشق (7/144) .[36]
 تاريخ دمشق (14/214) .[37]
 تاريخ الطبري (6/277) .[38]
 المصدر نفسه (6/278) .[39]
   تاريخ الطبري (6/279) .[40]
 تاريخ الطبري (6/279) .[41]
 تاريخ الطبري (6/280) .[42]
 التأتي : التهيّؤ والتسهل .[43]
 انفتل من الصلاة : لوى وجهه أي ختم صلاته .[44]
 سيما الخير : سمته وعلامته .[45]
 حجب عنه : منع من رؤيته .[46]
 الأخبار الطوال صـ218 تاريخ الطبري (6/284) .[47]
 تاريخ الطبري (6/284) .[48]
 مواقف المعارضة صـ255 .[49]
[50] تاريخ الطبري (6/293) .
 المصدر نفسه (6/293) .[51]
 المصدر نفسه (6/293) .[52]
 مواقف المعارضة صـ257 ، الطبقات (5/374) .[53]
 تاريخ الطبري (6/293) .[54]
 سير أعلام النبلاء (3/308) .[55]
 البداية والنهاية (11/ 488) ، تاريخ الطبري (6/297) .[56]
 تاريخ الطبري (6/298). [57]
 البداية والنهاية (11/490) .[58]
 تاريخ الطبري (6/309) ، مواقف المعارضة صـ262 .[59]
 الطبقات (5/167) ، تهذيب الكمال (6/422) مواقف المعارضة صـ263 .[60]
 الطبقات (5/376) مواقف المعارضة صـ264 .[61]
 مواقف المعارضة صـ266 .[62]
 أنساب الأشراف (3/168) مواقف المعارضة صـ266 .[63]
 الطبقات (5/371) .[64]
 زبالة : منزل معروف بطريق مكة من الكوفة .[65]
 شراف : بين واقصة والقرعاء على ثمانية أميال من الإحساء .[66]
 تاريخ الطبري (6/322) .[67]
 مواقف المعارضة صـ267 .[68]
 تاريخ الطبري (6/323) .[69]
 تاريخ الطبري (6/322) .[70]
 المصدر نفسه (6/327) .[71]
 المصدر نفسه (6/328) .[72]
 المصدر نفسه (6/328) .[73]
 المصدر نفسه (6/329) .[74]
 المصدر نفسه (6/326) [75]
 أنساب الأشراف (3/166) .[76]
 تاريخ الطبري (6/335) .[77]
 المصدر نفسه صـ154 .[78]
 أنساب الأشراف (3/173 ، 224) بإسناد صحيح وتوبع عند الطبري بإسناد صحيح .[79]
 المصدر نفسه . [80]
 تاريخ الطبري (6/340) .[81]
 المصدر (6/340 ، 341) .[82]
 حقبة من التاريخ صـ132 ، تاريخ الطبري (6/342) .[83]
 تاريخ الطبري (6/346) .[84]
 النخيلة : تصغير نخلة ـ موضع قرب الكوفة .[85]
 الطبقات (5/378) .[86]
 المصدر نفسه (6/350) .[87]
 تاريخ الطبري نقلاً عن مواقف المعارضة صـ276 .[88]
 المصدر نفسه نقلاً عن مواقف المعارضة صـ276 .[89]
 تاريخ الطبري (385) .[90]
 تاريخ الطبري (325) .[91]
 الطبقات (5/386) إسناد جمعي تاريخ الطبري (6/385) .[92]
 الطبقات (5/385) مواقف المعارضة صـ277 .[93]
 تاريخ الطبري نقلاً عن مواقف المعارضة صـ276 .[94]
حقبة من التاريخ صـ135 ، 136 .[95]
 مسند أبي يعلي رقم 3981 يلثم : يقبل .[96]
 مسند أبي يعلي رقم 3981 .[97]
 البخاري رقم 3748 .[98]
 منهاج السنة (2/249) .[99]
 تاريخ الطبري ، نقلاً عن الدولة الأموية المفترى عليها صـ322 .[100]
 الكامل في التاريخ (2/582) .[101]
 أنساب الأشراف بسند حسن (3/219 ، 220) مواقف المعارضة صـ282) .[102]
 تاريخ الطبري (6/392) رواية أبي مخنف .[103]
 البدء والتاريخ (6/12) وقال المؤلف : أن للروافض في هذه القصة من الزيادات والتهاويل شيئاً غير قليل .[104]
 فضائل الصحابة (2/782) بإسناد حسن .[105]
 العالم الإسلامي في العصر الأموي صـ478 .[106]
 الأمويون بين المشرق والمغرب (1/245) .[107]
 عبد الملك بن مروان والدولة الأموية صـ105 .[108]
 عبد الملك بن مروان والدولة الأموية صـ105 .[109]
 عبد الملك بن مروان والدولة الأموية صـ105 .[110]
 الأمويون بين المشرق والمغرب (1/244) .[111]
 الفتاوى (4/295) .[112]
 البخاري رقم 6780 .[113]
 البخاري 6652 .[114]
 الفتاوى (4/296) .[115]
 أحداث وأحاديث فتنة الهرج صـ204 .[116]
 المصدر نفسه صـ213 .[117]
 البخت : الأبل الخراسانية .[118]
 البداية والنهاية (11/564 ، 565) .[119]
 البداية والنهاية (11/576) .[120]
 ابن القُعَاس : وصف لهانيء عروة يقال: رجل أقعس : ثابت عزيز منيع لسان العرب (6/177) .[121]
 الطبقات تحقيق السُّلمي (1/512) .[122










0 comentarios:

Publicar un comentario