domingo, 18 de octubre de 2015

السعادة : بين فلسفة الغرب ومنظور الإسلام 2

0 comentarios
حقيقة السعادة في داخلك وليست في الوسائل المحيطة بك

    -  يقول تولستوي الأديب الروسي: "إننا نبحث عن السعادة غالبًا وهي قريـبة منا، كما نبحث في كثير من الأحيان عن النظارة وهي فوق عيوننا".
 
 يحكى أنا مزارعاً ناجحاً يعمل في مزرعته بجدّ ونشاط إلى أن تقدم به العمر، وذات يوم سمع هذا المزارع أن بعض الناس يسافرون بحثاً عن الألماس، والذي يجده منهم يصبح غنياً جداً، فتحمس للفكرة، وباع حقله وانطلق باحثاً عن الألماس. ظلّ الرجل ثلاثة عشر عاماً يبحث عن الألماس فلم يجد شيئاً حتى أدركه اليأس ولم يحقق حلمه،فما كان منه إلا أن ألقى نفسه في البحر ليكون طعاماً للأسماك،غير أن المزارع الجديد الذي كان قد إشترى حقل صاحبنا، بينما كان يعمل في الحقل وجد شيئاً يلمع، ولما التقطه فإذا هو قطعة صغيرة من الألماس، فتحمس وبدأ يحفر وينقب بجد وإجتهاد ،فوجد ثانية وثالثة.ويا للمفاجئة! فقد كان تحت هذا الحقل منجم من الألماس ...

فالسعادة قد تكون قريبة منك، ومع ذلك فأنت لا تراها، وتذهب وتبحث عنها بعيداً ...

السعادة المطلقة في الحرية المطلقة ولا حرية إلا في ظل العبودية :

فالتجارب المتكررة قديماً وحديثاً في الشرق والغرب تُثبت أن سبيل السعادة الحقَّة لا يصنعه بنو الإنسان لأنفسهم لأنهم غير مؤهلين لصنعه.
ذلك أن السبيل الصحيح أن يتصدى للمنهج الذي يُسعِد الإنسان مَن يكون على معرفة كاملة بأسرار النفس البشرية، والعلاقة الحقة التي تقوم بين الإنسان وهذا الكون الذي يعيش فيه، لأن الحُكم على الشيء فرع تصوره، والإنسان في كِلا الأمرين - رغم تقدمه - يقع على أبواب مجاهيل، ولذلك كانت أحكامه ومناهجه التي يضعها على اختلافها وتَبَايُنْها تسير في خَط مُتعرِّج، وهي مناهج تحتاج دائماً إلى تطوير وتحوير وتغيير

-  قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى «من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية»([1]).

-  وقال رحمه الله تعالى: فليس في الكائنات ما يسكن العبد إليه ويطمئن به، ويتنعم بالتوجه إليه إلا الله سبحانه ومن عبد غير الله وإن أحبه – وحصل به مودة في الحياة الدنيا ونوع من اللذة فهو مفسدة لصاحبه أعظم من مفسدة التذاذ أكل الطعام المسموم ([2]) .

ومهما كثرت أساليب الناس في البحث عن السعادة فإنهم لن يبلغو هدفهم المنشود في هذه الحياة إلا بالعبودية لله جل وعلا والعمل بما تقتضيه من أفعال وأحوال وأقوال.

-   قال أحد الصالحين: مساكين أهل الدنيا، خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا: وما هو؟ قال: (معرفة الله).

  -وقال آخر: لو يعلم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه من السعادة لجالدونا عليها بالسيوف.

 -   ويقول أحد الصالحين : "إنه لتمر علي ساعات أقول فيها: لو كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه الآن لكانوا إذاً في عيش طيب".

  -  قال ابن القيم "ولا تحسب أن قوله تعالي ﴿ان الابرار لفي نعيم وان الفجار لفي جحيم﴾ مقصور على نعيم الاخرة وجحيمها فقط بل في دورهم الثلاثة هم كذلك أعنى دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار فهؤلاء في نعيم وهؤلاء في جحيم وهل النعيم الا نعيم القلب؟ وهل العذاب الا عذاب القلب؟

   قال ابن حزم رحمه الله تعالى في هذا المعنى: «وإنما أكل من أكل، وشرب من شرب ونكح من نكح، ولبس من لبس، ولعب من لعب، واكتن من اكتن، وركب من ركب، ومشى من مشى و تودع من تودع، ليطردوا عن أنفسهم أضداد هذه الأفعال، وسائر الهموم».
وفي كل ما ذكرنا – لمن تدبره- هموم حادثة لا بد لها من  عوارض تعرض من خلالها، وتعذر ما يتعذر منها، وذهاب ما يوجد منها، والعجز عنه لبعض الآفات الكائنة وأيضًا نتائج سوء تنتج بالحصول على ما حصل عليه من كل ذلك من خوف منافس، أو طعن حاسد، أو اختلاس راغب، أو اقتناء عدو مع الذم والإثم وغير ذلك.
ووجدت العمل للآخرة سالمًا من كل عيب، خاليًا من كل كدر، - موصلاً إلى طرد الهم على الحقيقة، ووجدت العامل للآخرة إن امتحن بمكروه في تلك السبيل لم يهتم، بل يسر، إذ رجاؤه في عاقبة ما ينال به عون له على ما يطلب، وزايد في الغرض الذي إياه يقصد، ووجدته إن عاقه عما هو بسبيله عائق لم يهتم، إذ ليس مؤاخذًا بذلك، فهو غير مؤثر فيما يطلب، ورأيته إن قصد بالأذى سُر، وإن نكبته نكبة سُر، وإن تعب فيما سلك فيه سُر، فهو في سرور أبدًا وغيره بخلاف ذلك أبدًا. فاعلم أنه مطلوب واحد وهو طرد الهم وليس إليه إلا طريق واحد وهو العمل لله تعالى فما عدا هذا فضلال وسخف ([3]) .

  - قال ابن القيم قال بعض العلماء:  "فكرت فيما يسعى فيه العقلاء فرأيت سعيهم كله في مطلوب واحد وان اختلفت طرقهم في تحصيله رأيتهم جميعهم انما يسعون في دفع الهم والغم عن نفوسهم فهذا بالاكل والشرب وهذا بالتجارة والكتب وهذا بالنكاح وهذا بسماع الغناء والاصوات المطربة وهذا باللهو واللعب فقلت هذا المطلوب مطلوب العقلاء ولكن الطرق كلها غير موصلة إليه بل لعل اكثرها إنما يوصل إلى ضده ولم أر في جميع هذه الطرق طريقاً موصلة إليه الا الاقبال على الله ومعاملته وحده وايثار مرضاته على كل شئ فان سالك هذه الطريق ان فاته حظه من الدنيا فقد ظفر بالحظ الغالي الذي لا فوت معه وان حصل للعـبد حصل له كل شئ وان فاته فاته كل شئ وان ظـفر بحظه من الدنيا ناله على أهنا الوجوه فليـس للعبد أنفع من هذه الطـريق ولا أوصل منها إلى لذته وبهجته وسعادته وبالله التوفيق" ([4])

·        فالسعادة ثمرة لا تحملها إلا شجره الإسلام.
·        السعادة : ساعه فى الأكل اللذيذ وأسبوعآ فى السفر وشهرآ فى الزواج وأبدآ فى الدين.

راحة الإنسان في القرب من الله :

    فالمؤمن سعيد لانه يشعر انه قريب من الله القادر العزيز الجبار المتكبر الرحمن الرحيم. وهذا القرب يعطي الانسان اطمئنانا نفسيا كبيرا لان الانسان ينسجم مع فطرته ويشعر أن الله قادرعلى ان يحميه ويعطيه وينصره.

    - قال ابن القيم "قال تعالي "ألا ان أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين أمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الاخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوزالعظيم" يونس 62-64. فالمؤمن المخلص لله من أطيب الناس عيشاً وأنعمهم بالا وأشرحهم صدرا وأسرهم قلبا وهذه جنة عاجلة قبل الجنة الاجلة" ([5])


اذا عرفت الله وسبحته وعبدته وانت في كوخ. وجدت الخير والسعادة والراحة والهدوء. ولكن عند الانحراف فلو سكنت ارقى القصور واوسع الدور وعندك كل ماتشتهي فاعلم انها نهايتك المرة وتعاستك المحققة لانك ما ملكت الى الان مفتاح السعادة

تعمل العبادات في تزكية هذا المطلب وتحقيقه :
-       أرحنا بها يا بلال.
-       قال الله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} .
-       وقال تعالى: {فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا} .
-       وقال تعالى : ألا بذكر الله تطمئن القلوب :

إذن. . . إنْ كنت تريد السعادة فاتجه إلى الصلاة. . وأقبل على الله. . وستجد السعادة...
والعاصي إنسان متعب جداً لأنه يسير في عكس الكون كله فالسموات والأرض علاقتها مع خالقها علاقة طاعة؛ وهو علاقته مع ربه علاقة معصية قال تعالى: {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ }(فصلت11). فهو يسبح بعكس الكون فهو متعب يشعر بالتعب والإرهاق دائما اما الطائع فهو ذلك الإنسان المتناسق مع الكون كله فالكون طائع وهو أيضا طائع لله . 

دراسات وأبحاث غربية عن تأثير الدين والتجربة الروحية في صناعة السعادة

    -  في أكبر دراسة علمية أجريت عام 2013  يقول الباحث Stephen Cranney إن الإيمان بالله تعالى يمنح الإنسان سعادة كبيرة ويساعده على اتخاذ قرارات صحيحة وتصبح حياته ذات هدف وقيمة !

     -  ويقول الباحث Stephen Cranney الذي أجرى الدراسة بإشراف جامعة بنسلفانيا: لقد كانت النتائج مفاجئة جداً لأننا لم نكن نتوقع أهمية الإيمان بالله، حيث أظهر المشككون عدم استقرارهم في الحياة وعدم تمتعهم بنظام مناعي قوي مثل المؤمنين بوجود إله للكون.

      * لقد أعلن سيغموند فرويد (مؤسس علم التحليل النفسي) ذات يوم أنه يمكن للإنسان أن يعيش حياة صحية من دون الحاجة للإيمان بالله!! ولكن الدراسات التي أجريت خلال السنوات الماضية أثبتت عكس ما يقول، فالإيمان بالله له فوائد كثيرة ولا يمكن للإنسان أن يعيش حياة هادئة وطبيعية مع الإلحاد! .

  و في عام 2006 قام الباحثان Andrew Clark  و  Orsolya Lelkesبمسح شامل لمئات الدراسات العلمية .. تبين من خلالها أن الإيمان بالله تعالى هو أقصر طريق للسعادة!! وفي مؤتمر Royal Economic Society  الذي انعقد عام 2008 وجد الباحثون أن الإلحاد يؤدي لعدم الاستقرار في الحياة على عكس الإيمان الذي يمنح الإنسان مزيداً من قوة الشخصية والسعادة.

   أليس هذا ما قاله القرآن قبل أربعة عشر قرناً.. يقول تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [النحل: 97]. هذه آية عظيمة جداً تؤكد ارتباط الإيمان بالصحة الأفضل والحياة الطيبة والهادئة.. وهذا ما تؤكده الدراسات العلمية حيث أثبت العلماء أن الإيمان بخالق الكون تعالى ينسجم مع تصميم الإنسان وطبيعته وفطرته... والسؤال ألا تشهد هذه الآية على إعجاز القرآن؟!
كما أظهرت الدراسات أن أعمال البر مثل الصلاة تعمل على تعزيز رفاهية الإنسان نفسياً، أي يعيش حياة مطمئنة!! كما بينت دراسة (22-10-2013) في جامعة بنسلفانيا أن الأشخاص الذين يؤمنون بوجود إله للكون كانت حياتهم أفضل وشعورهم بقيمة الحياة أكبر، وبالنتيجة يتمتعون بسعادة وراحة نفسية وحياة طيبة.

لكن البعض يعتقد أن الدين نغص عيشهم وأفقدهم لذة السعادة المنشودة

·        وهؤلاء قوم ألفوا حياة التسيب والطيش والعهر والمجون وظنوا السعادة في التفسخ والانحلال !! فنهايتهم معروفة .

   وهناك تصور خاطئ وهو الظن أن الانسان المؤمن يعيش في عالم من المحرمات والقيود تحرمه السعادة والصحيح ان المحرمات هي الأشياء القذرة كالكذب والدعارة والنفاق والجشع والغيبة فالمؤمن زاهد في الامور الخبيثة فقط وليس زاهدا في الطيبات من مأكل وملبس ومسكن وسياحة وتجارة وعلم وطرائف وغير ذلك من الطيبات وهي كثيرة جدا :
 
 -  قال تعالى ﴿قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين أمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة كذلك نفصل الآيات لقوم يعلمون (32) قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) سورة الأعراف.

·        غير أننا لا نستطيع أن ننكر أن بعض المتدينين قلبو الدين تزمتا وضيقوا خناق عباد الله بفتاوى التحريم وسد الذرائع حتى عقدو حياتهم ، فأصبح البشر يمشون على شفا حفرة من النار يتململون من فزع الهُوِيِّ فيها !!

هل المسلمون حقا سعداء بالإسلام اليوم؟

إن الطريق إلى السعادة يتطلب الالتزم بعقائد الاسلام الصحيح وأحكامه واحيانا نظن اننا نعبد الله وملتزمون بالاسلام ولكن حقيقة الأمر أن عبادتنا مشوهة او مفرغة من معانيها ولهذا تبقى السعادة سرابا لا حقيقة له في حياة الكثيرين فمثلا شهر رمضان هو شهر العبادة والقرآن والذكر والصدقات ولكننا حولناه إلى شهر الأكل وملأناه بالسهرات الطويلة والبرامج التلفازية المنوعة والصلاة التي هي عمود الدين لا يلتزم بها كثيرون فكيف نبحث عن السعادة والله سبحانه وتعالي يقول ﴿فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون﴾ (5) سورة الماعون

السعادة في الصفاء الداخلي ونقاء السريرة وسلامة القلب و البساطة والتواضع :
حسبك من السّعادة في هذه الدّنيا: ضمير نقيّ، ونفش هادئة، وقلب شريف، وأن تعمل بيديك. ( مصطفى لطفي المنفلوطي)

 -  قال أحد الحكماء : كن سعيداً وأنت في الطّريق إلى السّعادة؛ فالسّعادة الحقّـة هي في المحاولة، وليست في محطّة الوصول . أنت لا تحتاج إلى البحث عن السّعادة؛ فهي ستأتيك حينما تكون قد هيّأت لها موقع إقامتها في قلبك . (حكيم )


-       إنَّ أصفياء القلوب والسرية ليجدون من الراحة والسعادة ما لا يخطر بالبال.

إنّهم أقوام أحبهم الله وأحبهم الناس، فكيف لا يجدون السعادة؟ إنّهم مُتواضعون مع الناس، يبتسمون، ويمزحون، ويضحكون، إنّهم يُساعدون المُحتاج، ويعطِفون على المسكين، إنّهم يُحسِنون الظن، ويتجاوزون عن الخطأ إنّهم طيبون، ويرحمون..

فإذا كان الإنسان خبيث النفس فإنه لن يجد طعم السعادة أبدا فلا بد أن يكون الإنسان طيب النفس

 -  وهذا جزء من حديث رواه ابن ماجه" وطيب النفس من النعيم " ومعنى طيب النفس أن يكون متساهلاً متسامحاً محباً متجاهلاً عن أخطاء إخوانه مترفعا عن ذلاتهم لا يحمل في نفسه حقداً عليهم أو كراهية لهم وهو بذلك يكن جميل النفس, والإنسان طيب النفس تكن الحياة له جميلة

    - وبذلك يقول الرافعي في وحي قلمه: " في جمال النفس يكون كل شيء جميلاً إذ تُلقي النفس عليه من ألوانها فتنقلب الدار الصغيرة قصراً في سعة النفس لا في مساحتها؛ وتعرف لنور النهار عذوبةً كعذوبة الماء على الظمأ؛ ويظهر الليل كأنه معرض جواهرَ أُقيم للحور العين في السموات؛ ويبدو الفجر بألوانه وأنواره ونسماته كأنه جنة سابحة في الهواء؛ في جمال النفس ترى الجمال ضرورة من ضرورات الخليقة؛ وَيْ كأن الله أمر العالم ألا يعبس للقلب المبتسم.(وحي القلم 42/19)

في العفو والسماحة واجتناب الظلم والتعدي:

هل عفوتَ عن أحدٍ ظلمك؟  هل سامحت من أساء إليك؟ جرِّب ذلك. . فوالله ستجد طعماً للسعادة لا يُوازيه شيء. . .

-       ابتسم ولو القلب يقطر دما
-       فمن حرمك لاتحرمه،ومن قطعك فصله، ومن ظلمك فاعدل فيه ..
-       لا تقطع دعاءك لأخيك بظهر الغيب.
السعادة في المواساة والتكافل وحب الخير

-       لا تعتبر السعادة سعادة الا أذا أشترك فيها أكثر من شخص ولا يعتبر الألم ألم الا أذا تحمله شخص واحد
العطاء دون مقابل سواء من خلال ابتسامة أو مساعدة بسيطة أو مد يد العون لمن يحتاج مساعدة هو أقرب لنفس الإنسان. أثبتت ذلك دراسة حديثة كشفت أن فعل الخير يغمر نفس الفاعل بالسعادة والرضا بنفس القدر الذي يسر متلقي الفعل.   طيبة الإنسان في التعامل مع الآخرين يمكن أن تكون سبباً لسلامته النفسية والبدنية.

إنْ كُنتَ تبحث عن الراحة والسكون والطمأنينة، فأوصيك أنْ تمسح رأس اليتيم. . وتُقبِّل رأس ذلك العجوز الفقير.
إنَّ الإحسان طريق مختصر إلى السعادة، وباب يُدخلك على كنوزٍ من الطمأنينة.

  -قال تعالى: {وأحْسِنُوا إنَّ الله يُحِبُّ المُحسِنِين}.


بل إن دراسات علمية أثبتت أثر فعل الخير على المنظومة العصبية التي تتحرك بموجبها آليات الدماغ. فحين نبيح لأنفسنا فعل الخير للآخرين فإننا نفتح في الحقيقة سبلاً عصبية تنعش مشاعر الرضا في النفس فيتدفق هرمون الأندورفين ليرفع من أداء الناقلات العصبية التي يحتاجها التفكير الذكي.

·        فهذه رسالة: [عامل النَّاس بمِثلِ ما تُحب أنْ يُعاملوك، وستجد السعادة].

يا من يريد السعادة: أَخْرِج قليلاً من مالك لذلك الفقير. . ولتلك الأرملة. . ولذلك المسكين. . فوالله ستشعر بِلَذَّةِ الإحسان وطعماً للسعادة قال تعالى: {ومَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فأُولئكَ هُمُ المُفْلِحُون}.

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله: (والسعادةُ في معاملة الخلق أن تعاملَهم لله، فترجو اللهَ فيهم ولا ترجوهم في الله، وتخافه فيهم، ولا تخافهم في الله، وتحسن إليهم رجاءَ ثواب الله، لا لمكافأتهم، وتكف عن ظلمهم خوفاً من الله لامنهم

  - كما جاء في الأثر: (ارجُ اللهَ في الناس، ولا تَرْجُ الناسَ في الله، وخَفِ اللهَ في الناس، ولا تخف الناسَ في الله)
أي: لا تفعل شيئاً من أنواع العبادات والقُرَب لأجلهم، لا رجاءَ مدحهم، ولا خوفاً من ذمِّهم، بل ارجُ الله ولا تخفهم في الله فيما تأتي وما تَذَر، بل افعل ما أُمِرْتَ به وإن كرهوه.

يجب أن نفهم السعادة أنها عطاء وليست تملكاً: 
أكثر الناس سعادة هم الأشخاص الذين يعيشون لغيرهم فهو دائم العطاء فإن كان صاحب علم فيعطي علمه للناس وإن كان صاحب مال فيتصدق على الفقراء ويشعر من خلال ذلك بنشوة عظيمة 

السعادة ألا تنسى ما أنت فيه الخير والنعمة :

وكثير من الناس لا يقدر ما عنده من النعم ويطمع بالمزيد ويخدعه الشيطان بالأماني ويهلكه بالطمع فلا يدعه يحس بنعم الله ويغريه كل يوم بأمل جديد في مال يزيد أو منصب رفيع أو شهادة أعلى وليس عيبا أن يكون الانسان طموحا ولكن العيب أن ينسى شكر ما عنده من النعم ولو نظر الانسان لمن هم أقل منه في الشهادة أو العلم أو المال أو الصحة لاستحى أن يعصى الله وخجل من نفسه

  -عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم : " أُنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ دُونُكُمْ وَلَا تَنْظُرُوا إِلَى مَنْ هُوَ فَوْقَكُمْ ، فَإِنَّهُ أَجَدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ "  أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ 

يا من رزقه الله بيتاً. . إنَّ هناك عوائل لا بيوت لها.
يا من منحه الله زوجة. . هناك من طلَّق زوجته.
يا من يلعب مع أطفاله. . إنَّ هناك أطفال لم يجدوا آباءهم، فهم موتى أو مسجونين أو في شباك المخدرات.

استمتع بما حولك دون أن تنسى ما رزقك الله :

-   يحكى أن أحد التجار أرسل ابنه لكي يتعلم لدى أحكم رجل في العالم .. مشي الفتى أربعين يوما حتى وصل إلى قصر جميل علي قمة جبل .. وفيه يسكن الحكيم الذي يسعى إليه .. وعندما وصل وجد في قصر الحكيم جمعاً كبيرا من الناس .. انتظر الشاب ساعتين لحين دوره .. أنصت الحكيم بانتباه إلى الشاب
ثم قال له: الوقت لا يتسع الآن وطلب منه أن يقوم بجولة داخل القصر ويعود لمقابلته بعد ساعتين . وأضاف الحكيم
وهو يقدم للفتى ملعقة صغيرة فيها نقطتين من الزيت:
امسك بهذه الملعقة في يدك طوال جولتك وحاذر أن ينسكب منها الزيت. أخذ الفتى يصعد سلالم القصر ويهبط مثبتاً عينيه على الملعقة .. ثم رجع لمقابلة الحكيم الذي سأله: هل رأيت السجاد الفارسي في غرفة الطعام؟ .. الحديقة الجميلة؟ ..
وهل استوقفتك المجلدات الجميلة في مكتبتي؟ ..
ارتبك الفتى واعترف له بأنه لم ير شيئا .. فقد كان همه الأول ألا يسكب نقطتي الزيت من الملعقة ..
فقال الحكيم: ارجع وتعرف على معالم القصر .. فلا يمكنك أن تعتمد على شخص لا يعرف البيت الذي يسكن فيه ..
عاد الفتى يتجول في القصر منتبها إلي الروائع الفنية المعلقة على الجدران ...
شاهد الحديقة والزهور الجميلة ..
وعندما رجع إلي الحكيم قص عليه بالتفصيل ما رأى .. فسأله الحكيم: ولكن أين قطرتي الزيت اللتان عهدت بهما إليك؟ ..
نظر الفتى إلى الملعقة فلاحظ أنهما انسكبتا فقال له الحكيم: تلك هي النصيحة التي أستطيع أن أسديها إليك
سر السعادة .. هو أن ترى روائع الدنيا وتستمتع بها دون أن تسكب أبدا قطرتي الزيت.
فهم الفتى مغزى القصة فالسعادة هي حاصل ضرب التوازن بين الأشياء وقطرتا الزيت هما الستر والصحة .. فهما التوليفة الناجحة ضد التعاسة.

إننا نملك أروع النِعم، فهي قريبة هنا في أيدينا، نستطيع معها أن نعيش أجمل اللحظات مع أحبابنا ومع الكون من حولنا؟؟


لماذا لا ترى إلا الجانب  المظلم في الحياة :

    فى ليلة رأس السنة، جلس المؤلف الكبير أمام مكتبه، وأمسك بقلمه، وكتب: ((فى السنة الماضية، أجريت عملية إزالة المرارة ولازمت الفراش عدة شهور، وبلغت الستين من العمر فتركت وظيفتى المهمة فى دار النشر الكبرى التى ظللت أعمل بها ثلاثين عاما، وتوفى والدى، ورسب ابنى فى بكالوريوس كلية الطب لتعطله عن الدراسة عدة شهور بسبب إصابته فى حادث سيارة)) وفى نهاية الصفحة كتب:
" يا لها من سنة سيئة! ".                                                                               
ودخلت زوجته غرفة مكتبه، ولاحظت شروده، فاقتربت منه، ومن فوق كتفه قرأت ما كتب، فتركت الغرفة بهدوء. وبعد دقائق عادت وقد أمسكت بيدها ورقة أخرى، وضعتها بهدوء بجوار الورقة التى سبق أن كتبها زوجها. وتناول الزوج ورقة زوجته وقرأ منها: ((فى السنة الماضية، شفيت من الآم المرارة التى عذبتك سنوات طويلة. وبلغت الستين وأنت فى تمام الصحة وستتفرغ للكتابة والتأليف بعد أن تم التعاقد معك على نشر أكثر من كتاب مهم. وعاش والدك حتى بلغ الخامسة والثمانين بغير أن يسبب لأحد أى متاعب، وتوفى فى هدوء بغير أن يتألم. ونجا ابنك من الموت فى حادث السيارة وشفى بغير أيه عاهات او مضاعفات وختمت الزوجة عبارتها قائلة:
" يا لها من سنة تغلب فيها حظنا الحسن على حظنا السيئ!! ".
حكمة: انظر إلى الجانب الجميل للأشياء والأحداث من حولك .. لتنعم بحياتك
وارض بقضاء الله.             

السعادة في أن تحب من حولك وتسعى لإسعادهم

قد يخسر الزوج زوجته التي أهملها وهو يجمع المال، أو أولاده الذين لم يلق بالاً لتربيتهم والوقوف إلى جانبهم عندما كانوا في أمس الحاجة إليه".
السعادة هي أن يعيش الإنسان مع زوجةٍ يحبّها، وفي بلدٍ يحبّه، وأن يعمل في عملٍ يحبّه.

   -   وقال صلى الله عليه وسلم: «من سعادة ابن آدم: المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح» .

   -  وسأل مرة مسلمة بن عبد الملك جلساءه من أسعد الناس قيل له: أنت ... فقال – أسعد  الناس - رجل له زوجة يحبها وتحبه قد رزقه الله كفافا لا نعرفه ولا يعرفنا. 

·        تتصور إنك تصطاده .. فإذا بك أنت الصيد الثمين .. إن كنت لا تصدق؟! ..إليك هذه القصة
ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته ونهض لينصرف ..
فسأله الآخر: إلي أين تذهب؟! ..
فأجابه الصديق: إلي البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني ..
فرد الرجل: انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي ..
فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك؟! ..
فرد الرجل .. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها ..
فسأله صديقه: ولماذا أفعل هذا؟ ..
قال له كي تحصل علي المزيد من المال ..
فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك؟ ..
فرد الرجل: يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك ..
فسأله: ولماذا أفعل ذلك؟ ..
فرد الرجل: لكي تصبح ثريا ..
فسأله الصديق: وماذا سأفعل بالثراء؟! ..
فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك
فقال له الصديق العاقل:
هذا هو بالضبط ما أفعله الآن ولا أريد تأجيله حتى أكبر ويضيع العمر.

فالأشخاص الذي يعيشون في حالة فوضى في علاقاتهم هم في شقاء وتعب وجهد ونصب يكابدون ما يكابدون لأنّ علاقاتهم غير متوازنة وغير منضبطة؛ فعلاقاتهم قائمة على الأنانية والحسد والظن السيئ والتآمر والترصد كل ذلك يجعل الإنسان غير سعيد وغير راض وتجعله إنساناً متوتراً ومتحفزاً ويعاني من شدة دائمة وتوتر مستمر فمن أين تكون له الراحة والسعادة . 

أما الإنسان الذي نظم حياته وعلاقاته على مبدأ الحقوق والواجبات فهو يؤدي واجباته ويتساهل في حقوقه ويتجاوز عن خصومه هو إنسان سعيد بلا شك. 

    -  ومن أشعار محمد إقبال في ذلك قوله:  لم ألق في هذا الوجود سعادةً كمودة الإنسان للإنسان (ديوان محمد إقبال).
والمودة أرقى درجات التعامل الإنسان مع أخيه الإنسان فالود يعني المحبة والألفة واللهفة .




([1]) مدارك السالكين (1/429).
([2])  مجموع الفتاوى (1/247).
([3])  الأخلاق والسير (14-16) بتصرف.
 ([4])ص 199 الجواب الكافي لمن يسال عن الدواء الشافي – ابن القيم
 ([5])ص 203 المصدر السابق

0 comentarios:

Publicar un comentario