domingo, 18 de octubre de 2015

السعادة : بين فلسفة الغرب ومنظور الإسلام 1

0 comentarios
هل من تعريف محدد للسعادة ؟

في تعريف العالم النفسي، وليم جيمس، الذي وصف السعادة بقوله: " السعادة هي الدافع السري الذي يحرك الإنسان ويقوده بالحياة".
وضمن هذا التعريف العام للسعادة نشأ تعريف محدد للسعادة يقول بأن السعادة هي: الشعور الداخلي بالرضا والقناعة عن الحياة وعن النفس".

وحيث أن مفهوم السعادة يختلف حسب شخصية الإنسان ومبادئه وأفكاره وقيمه الروحية والدنيوية، فإن من الصعب جدًا وضع مواصفات خاصة بالأناس السعداء فى هذه الحياة. خبراء الصحة وعلم النفس السلوكي الإجتماعي وضعوا مواصفات أساسية تؤدي لسعادة الإنسان بشكل عام وهذه المواصفات كما يلى:

الطيبة والود وحب الآخرين: الطيبة ورقة القلب وصدق المشاعر للآخرين والإخلاص في المشاعر هي مفتاح السعادة، فى علاقة الفرد بالآخرين لأنها مواصفات تجذب الناس.

هناك فرق بين الفرحة المؤقتة والسعادة الأبدية :

ان علينا أولا ان نفرق هنا بين السعادة كحالة دائمة وبين أمور مفرحة تسعد الانسان لدقائق أو ايام فالحصول على الشهادة مثلا يفرح الانسان ولكن لا يجعله سعيدا وكذلك علينا أن نوضح ان المصائب كموت أحد الاقارب أو غير ذلك تحزن الانسان ولكن قد لا يجعله مهموما شقيا                                                                                                                                               
السعادة : محبوبة ومطلوبة الجميع :

   يسعى كل إنسان على وجه البسيطة إلى السعادة، فرغم اختلاف الناس في مذاهبهم وأعراقهم، ومشاربهم ومبادئهم، وغاياتهم ومقاصدهم، إلا إنهم يتفقون في غاية واحدة؛ إنها: طلب السعادة والطمأنينة.
لو سألت أي إنسان: لم تفعل هذا؟ ولأي شيء تفعل ذاك؟ لقال: أريد السعادة!! سواء أقالها بحروفها أم بمعناها، بمدلولها أم بحقيقتها.

    ـ هي جنة الأحلام، التي ينشدها كل البشر، من المثقف المتعلم في قمة تفكيره وتجريده، إلى العامي في قاع سذاجته وبساطته، ومن السلطان في قصره المشيد، إلى الصعلوك في كوخه الصغير يعيش على تراب الإملاق، ولا نحسب أحدا منهم يبحث عمدا عن الشقاء لنفسه أو يرضى بتعاستها.

         ومن الطبيعي أن نسعى لأن نعيش حياة سعيدة وأن نبحث عن السعادة فكل إنسان عاقل يريد أن يبتعد عما يكدره وما يشقيه ويقترب مما يفرحه ويسعده ولهذا نجد الإنسان يفكر ويخطط ويعمل حتى يحقق ما يريد أي حتى يكون سعيدا

السعادة أمر لا يقاس بالكم ولا يشترى بالدنانير ولا يملك بشر أن يعطيها كما لا يملك بشر أن يمنعها.
وهو شئ معنوى لايرى بالعين ولكن يشعر به القلب المطمئن ولا تحتويه الخزائن لكى يشترى ولكنه هبه من الله.

مع ذلك فالسٍّمة الأساسية  لعصرنا هو القلق والإكتئاب

   صارت السعادة بعيدة المنال، وكادت أن تنضم إلى قائمة المستحيلات، فملامح الاكتئاب تكسو الوجوه، والشباب الذين مازالوا فى مقتبل العمر، وأمامهم آمال عريضة ، شاخت نفوسهم ، وأصبحوا حين يُسألون عن السعادة يتنهدون بأسى ويسألون هم أيضًا: أية سعادة؟!

·        يعيش  الإنسان المعاصر معركتين ..معركة مع نفسه ومع العالم المتغير المتوحش ..ولا يستطيع أن يصل إلي سر السعادة أبدا.

الانحراف عن طريق السعادة  (الغرب نموذجا)

·       السعادة هي الكنز الذى فقده كثير من الناس وبحثوا عنه فى غير مظانه.

   - وكان من نتاج الجهل بحقيقة السعادة والزيغ عن مفهومها الصحيح في الحياة، أن خرجت تلك المدارس في الغرب (أوربا وأمريكا..) بدراستها الإنسانية تلك..؟ أجيالاً لم تتذوق قط طعم السعادة.. ولم تعرف لها سبيلا أو طريقًا.. وأصبح التيه والتخبط والشقاء والقلق مميزات الإنسان الغربي فقيره وغنيه كبيره وصغيره راعيه ومرعيه.
وبدت مظاهر التعاسة والشقاء واضحة مكشوفة على وجوه الغرب المادي.. وتتفاوت تلك المظاهر بين مدمن ومريض، ومصروع ومهموم ويائس وبائس وتائه ومنتحر }وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى{.

    وكم هي كثيرة مقالاتهم عن السعادة في نوادينا ومكتباتنا!! ولو كانت تنفع في تحقيق السعادة وتجسيدها لحققتها في ديار الغرب أولاً.. ولرفعت عنه ما يعيشه من دمار نفسي وانهيار عصبي مكشوف.

هل حققت الحضارة الغربية السعادة؟[1]
                                                                                                                                                                                                                             
لم تصل حضارة من الحضارات طوال التاريخ إلى ما وصلت إليه الحضارة الغربية المعاصرة التي تسود عالمنا اليوم، والتي بلغت الأوج في التقدم العلمي والتكنولوجي، مما كان له أثره في اختصار المكان والزمان للإنسان، وتوفير الرفاهية والراحة له، حتى أصبحت حاجاته تُقضى بضغط على زر، بل يكاد الآن يستغني عن الأزرار، فهو يدخل الباب فينفتح له وحده، ويضع يده تحت الصنبور، فيصب الماء عليه، ويضع قدمه على السلم فيصعد به، إلى غير ذلك مما غدا معتادًا في حياتنا اليوم.

ولقد استطاع الإنسان أن يغزو الفضاء، ويبعث بمراكبه تدور حول الأرض، بل لقد نزل الإنسان بالفعل على سطح القمر، وجلب منه صخورًا وأتربة، وضعها تحت بحثه وتحليله. ويحاول الآن الوصول إلى الكواكب الأبعد في الفضاء الكوني، مثل الكوكب الأحمر، المريخ.

ولا ريب أن إنجازات العلم المادي في عصرنا إنجازات هائلة، لو ذكر عشر معشارها لمن كان قبلنا لاتهموا قائله بالجنون. وهي تدخل تحت قوله تعالى في القرآن: "ويخلق ما لا تعلمون" (النحل: 8(

شقاء الإنسان في هذه الحضارة

هل استطاع العلم الذي رفع الإنسان إلى سطح القمر أن يحقق له السعادة على ظهر الأرض؟

الواقع المر يقول: لا. فإن العلم بمفهومه الغربي - وهو علم مادي بحت - وفر للإنسان راحة الجسم ولم يوفر له راحة النفس، حقق له الرفاهية المادية ولم يحقق له السكينة الروحية، هيأ له الوسائل والأدوات ولم يهيئ له المقاصد والغايات؛ ولهذا عاش الإنسان مزوق الظاهر، خرب الباطن، أشبه بقبور العظماء، مشيدة مزخرفة، وليس فيها إلا عظام نخرة.

ومن ثم رأينا الناس الذين يعيشون تحت سلطان هذه الحضارة يشكون من القلق، والاكتئاب، والخوف، والأسى، واليأس، والغربة النفسية، والشعور بالضياع وتفاهة الحياة، يحسون أن هذه الحياة لا هدف لها ولا رسالة ولا طعم ولا معنى. وهذا يحطم الإنسان من داخله.

ولا غرو أن كثرت العيادات النفسية والعصبية، حتى غدت تعد بالألوف، ومع هذا لا تكفي زائريها، وقلما يجدون عندها ما يشفي عليلاً، أو يروي غليلاً.

إن الناس يشكون في هذه الحضارة من الانحلال الأخلاقي، والقلق النفسي، والتفسخ العائلي، والاضطراب العقلي، والتفكك الاجتماعي، ومن انتشار الجريمة إلى حد يثير الخوف والذعر لدى جماهير الناس.

لقد بالغت الحضارة الغربية في إعطاء الحـرية الشخصية للإنسان، ليفعل ما يشاء ما دام لا يعتدي على غيره، فأفسدت عليه فطرته، ولم تستطع إشباع نهمه كله. فالشهوات كلما ازداد المرء منها عبًا، ازداد معها عطشًا، ولا يوجد في الكون كله شيء حر حرية مطلقة، فالبواخر في المحيطات، والطائرات في الفضاء، تسير في مسارات محـددة، لا يجــوز لها أن تتعــداها، وإلا هددت بكوارث لا تحمد عقباها، ولا تعرف نتائجها.

والحضارة لم تجن على الإنسان وحده، لقد جنت على البيئة من حوله، فلوثتها بدخان مصانعها، و فضلاتها، وآثار إشعاعها، ونفاياتها النووية، وتدخلاتها الكيماوية في النبات والحيوان، وأكثر من ذلك آثار الهندسة الوراثية. وقد بدأت هذه النتائج تبدو للعيان في مثل جنون البقر وغيره من المشكلات. وما يكنه الغد أشد وأقسى.

أضف إلى ذلك الإخلال بالتوازن الكوني، كما يبدو فيما ذكروه من ثقب الأوزون، ولا ندري ماذا بعد ذلك؟ وفي هذا     يقول الشاعر:

والليالي من الزمان حُبالى        مثقلات يلدن كل عجيب!

سر المعاناة في هذه الحضارة

وسر ما يعانيه الناس في الحضارة المعاصرة: أنها حضارة نسيت الله فأنساها أنفسها. إنها عاشت جسمًا بلا روح، أو قل :جسم فيل بروح نملة!

-  ولقد قال الشاعر الهندي الكبير طاغور لأحد مفكري الغرب: صحيح أنكم استطعتم أن تحلِّقوا في الهواء كالطير، وأن تغوصوا في البحر كالسمك، ولكنكم لم تحسنوا أن تمشوا على الأرض كالإنسان.

بل وجدنا من النقاد الغربيين أنفسهم من يشكو من الخواء الروحي في هذه الحضارة، بل من يدقون جرس الإنذار محذرين من التمادي في هذه الحياة المادية الإباحية النفعية، التي لا تطمئن الإنسان من قلق، ولا تؤمنه من خوف.

وقد توالت تحذيرات العلماء والفلاسفة والمربين والأدباء والسياسيين وغيرهم، من مادية الحضارة الغربية، وإغراقها في الآلية الصناعية، والحياة الاستهلاكية.

    -  ومن ذلك ما قاله الفيلسوف الأمريكي الشهير جون ديوي: إن الحضارة التي تسمح للعلم بتحطيم القيم المتعارف عليها، ولا تثق بقوة هذا العلم في خلق قيم جديدة. لهي حضارة تدمر نفسها بنفسها.

    -  وأوضح منه ما قاله المفكر الكبير المؤرخ البريطاني المعاصر أرنولد توينبي؛ إذ ينقل عنه الكاتب الأمريكي كولن ولسون مقولته: "لقد أغرت فنون الصناعة ضحاياها، وجعلتهم يسلمونها قياد أنفسهم، ببيعها المصابيح الجديدة لهم مقابل المصابيح القديمة، لقد أغرتهم فباعوا أرواحهم وأخذوا بدلاً منها السينما، والراديو، وكانت نتيجة هذا الدمار الحضاري الذي سببته تلك الصفقة الجديدة إقفارًا روحيًا وصفه أفلاطون بأنه مجتمع الخنازير، ووصفه إلدوس هكسلي بأنه عالم زاهٍ جديد!!".
ويأمل توينبي في نهاية البحث بأن خلاص الغرب لا يكون إلا بالانتقال من الاقتصاد إلى الدين.

  - وقال الأديب الأمريكي الكبير جون شتاينيك في خطاب أرسله إلى صديقه إدلاى ستيفينسون: "إن مشكلة أمريكا هي ثراؤها، وأن لديها أشياء كثيرة، ولكن ليس لديها رسالة روحية كافية. إننا في حاجة إلى ضربة تجعلنا نفيق من ثرائنا، لقد انتصرنا على الطبيعة، ولكننا لم ننتصر على أنفسنا".

عجز العلم في حضارة اليوم عن إسعاد البشرية

لماذا يصرخ الناس في عصرنا، ويضجون بالشكوى من شقائهم، وشعورهم بأن الحياة بلا معنى؟ ألا يستطيع العلم الكوني، العلم الطبيعي والرياضي، وما أثمره من تكنولوجيا غيرت وجه الحياة، قربت البعيد، وأنطقت الحديد، ويسرت العسير: أن يهب السعادة للناس، ويزيح الشقاء والمرارة والبؤس، والتفاهة، التي يعاني منها الناس ? الحق أن العلماء الكبار أنفسهم أكدوا عجز العلم عن القيام بدور المنقذ.

شهادات كبار العلماء

   من هؤلاء العلامة ألكسيس كاريل أحد أقطاب العلم، والحاصل على جائزة نوبل في العلوم، وصاحب الكتاب القيم الشهير (الإنسان ذلك المجهول) الذي نقد فيه الحضارة الغربية نقدًا علميًا رصينًا، قائمًا على منطق العلم ومسلماته.

   -  يقول ألكسيس كاريل في كتابه ذاك: "إن الحضارة العصرية تجد نفسها في موقف صعب، لأنها لا تلائمنا، فقد أنشئت دون أية معرفة بطبيعتنا الحقيقية، إذ أنها تولَّدت من خيالات الاكتشافات العلمية، وشهوات الناس، وأوهامهم، ونظرياتهم، ورغباتهم، وعلى الرغم من أنها أُنشئت بمجهوداتنا، إلا أنها غير صالحة بالنسبة لحجمنا وشكلنا".

يقول (رينيه دوبو) في كتابه:[2] إن كل المفكرين قلقون على مستقبل الأبناء الذين سيقضون حياتهم في بيئات اجتماعية ومحيطية سخيفة عابثــة باطلة، نخلقها نحن لهم بدون أي تفكير، وأكـثر ما يزعج هو علمنا بأن الخصائص العضوية والفكرية للإنسان تخططها اليوم البيئات الملوثة، والشوارع المتراصة والأبنية الشاهقة، والخليط الحضري المتمرد، والعادات الاجتماعية التي تهتم بالأشياء، وتهمل البشر".
   - ويقول أيضًا: "منذ قرنين تقريبًا والإنسان الغربي يعتقد أن خلاصه سيأتي عن طريق الاكتشافات التكنولوجية، ولا جدال في أن المكتشفات التكنولوجية زادت من غناه المادي وحسَّنت صحته العضوية. إلا أنها لم تجلب له بالضرورة الغنى والصحة اللذين يولدان السعادة".
علم الغرب معزول عن الدين

    أضف إلى ما ذكره هؤلاء العلماء الغربيون: أن العلم في الغرب - لظروف تاريخية معروفة - نشأ بمعزل عن الدين، بل نشأ مضادًا للدين، فقد وقفت الكنيسة وقفتها المعروفة في التاريخ، معادية للعلم ومكتشفاته، فتركها العلم، ومضى وحده، وحسب العلماء أن طبيعة الدين أن يقف في وجه العلم، فأعرض عن الله - مصدر الدين - ولم يذكر اسمه في بحوثه وابتكاراته وإنجازاته.
    كانت هذه هي الروح السائدة على العلم ورجاله في حضارة الغرب، فلم تدرس قوانينه على أنها سنن الله في الكون، بل هي إفرازات الطبيعة الصماء. ولم يقل العلماء لطلابهم: هذا من صنع الله في خلقه، بل قالوا: هذا من صنع الطبيعة! والطبيعة أعجز من أن تصنع شيئًا، ولكن هذه الإبداعات التي نشهدها في الكون كله، أرضه وسمائه، إنما هي من صنع الله الذي أتقن كل شيء، حيث قال تعالى: "الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى" (طه: 50)، هذا ما نؤمن به نحن المسلمين.
                                                             
     ثم إن الغرب قد استخدم منجزات العلم في الخير والشر، والنفع والضر، والحياة والموت، ولم يبال أن يجعل من منتجات العـلم أدوات للتدمير وإهـلاك البشر. ألم تر ما صنعه في حربيه العالميتين الكبيرتين في القرن العشرين، وما قتل فيهما من الملايين ? ألم تر ما فعله بأهل هيروشيما وناجازاكي في اليابان من ضربهما بالقنابل الذرية المهلكة للحرث والنسل، المدمرة للحياة والأحياء بغير حساب؟

    فلا يتصور من علم هذه نشأته، وهذا نهجه، وهذه روحه، وهذه منجزاته، أن يكون سببًا في سعادة البشر، و أن يقوم بدور المنقذ لما يعانون من شقوة في حياتهم، بل لعله - كما ذكر علماؤه أنفسهم - من أسباب تعاستهم، وفراغهم الروحي.

أين نجد السعادة
                                           
هل السعادة في امتلاك الأشياء ؟

هناك من يتصور أنها قد تأتيه من الحيثيات ( جمع المال، أو المنصب، أو الدرجة العلمية أو الوجاهة الاجتماعية...)


ولا شك أن بعضنا يظن أن السعادة في الحصول على المال ولكننا نعلم أن الغنى لا يجعل الإنسان سعيدا

          -  ولقد قيل: ((إن الفقراء يعتقدون إن السعادة في المال في حين أن الاغنياء ينفقون المال بحثاً عن السعادة)).

كم من إنسان يملك المليارات ولكنه خائف! قلق! لماذا كل هذا الخوف!؟ ولم كل هذا القلق!؟
    -  إنه يخاف على هذا المال، يخاف أن تأتي هزة سياسية، أو يأتي لصوص فيسرقون هذا المال.
إذن، هو يعيش في شقاء، خوف، قلق، هم، غم، بل إنه لا ينام الليل، وهذا أمر مجرب، مشاهد، ترونه بأعينكم، بل قد يكون المال سبب هلاكه ومماته!!
    -  كم من غني خطف أو قتل بسبب تجارته.          
    -  بل كم من غني حرم من لذاته بسبب أمواله، تجده لا يمشي طليقا، لا يمشي حرا، لا يسافر كما يريد، لا ينام كما يريد، كل هذا بسبب أمواله!!
    -   ثم كم من إنسان صاحب مال زال ماله، وزالت ثرواته بسبب أو بآخر فعاش بقية حياته في تعاسة وشقاء.

·        إن الإنسان هو الذي يصنع المال، ولا يمكن للمال أن يصنع من الإنسان شيئاً له قيمة، وهذا يعني أن المال وسيلة وليس هدفاً أو غاية في حد ذاته

يقولون إن السعادة لا تشترى بالمال، وهذا صحيح، ولكن الصحيح أيضا أن المال قادر على شراء "حزن أقل"، إذ توصلت دراسة حديثة أجريت في جامعة بريتيش كولومبيا الكندية إلى أن الدخل المالي المرتفع لا يرتبط بازدياد مقدار السعادة التي يشعر بها الشخص، ولكنه يرتبط بشعوره بالحزن بشكل أقل.
وفحص الباحثون بيانات 12 ألفا تم تسجيل معلومات دخولهم وما قالوا إنهم يشعرون به، ولاحظوا أن الذين كانت مداخيلهم أعلى لم يشعروا بزيادة في السعادة اليومية، ولكنهم سجلوا مقدارا أقل من الحزن يوميا. ونشرت نتائج الدراسة في مجلة علم النفس الاجتماعي وعلم الشخصية.                     
وخلص الباحثون إلى أن المال قد يكون أداة فعالة أكثر للحد من الحزن بشكل أفضل من الحصول على السعادة وتعزيزها.

وأحد الأسباب التي اقترحت لتفسير ذلك هو أن المال يساعدك على التعامل مع الظروف السلبية، مثل حدوث خراب في المنزل أو رفع الأقساط الدراسية، ولذلك يؤدي هذا لدرء هذه المنغصات وما تسببه من حزن للشخص.[3]

إرض بما قسم الله لك تكن أغن الناس (القناعة).

-  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة المال ولكن الغنى غنى النفس» .

·     إن الذي لا يعرف القناعة لن يعرف السعادة أبداً ولو ملك كنوز الأرض.


  جاء في حكم و قصص الصين القديمة أن ملكا أراد أن يكافئ أحد مواطنيه فقال له: امتلك من الأرض كل المساحات التي تستطيع أن تقطعها سيرا على قدميك .. فرح الرجل وشرع يزرع الأرض مسرعا ومهرولا في جنون .. سار مسافة طويلة فتعب وفكر أن يعود للملك ليمنحه المساحة التي قطعها ..
ولكنه غير رأيه وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد .. سار مسافات أطول وأطول وفكر في أن يعود للملك مكتفيا بما وصل إليه .. لكنه تردد مرة أخرى وقرر مواصلة السير ليحصل علي المزيد والمزيد .. ظل الرجل يسير ويسير ولم يعد أبداً .. فقد ضل طريقه وضاع في الحياة .. ويقال إنه وقع صريعا من جراء الإنهاك الشديد .. لم يمتلك شيئا ولم يشعر بالاكتفاء والسعادة لأنه لم يعرف حد الكفاية أو (القناعة).

   - في كتاب: النجاح الكافي ..صيحة أطلقها لوراناش وهوارد ستيفنسون يحذران فيها من النجاح الزائف المراوغ الذي يفترس عمر الإنسان فيظل متعطشا للمزيد دون أن يشعر بالارتواء... من يستطيع أن يقول: لا في الوقت المناسب، ويقاوم الشهرة والأضواء والثروة والجاه والسلطان؟ لا سقف للطموحات في هذه الدنيا .. فعليك أن تختار ما يكفيك منها ثم تقول نكتفي بهذا القدر .

·        ويا ليت جامع المال ومكدسه سخره في حاجاته الأساسية وتحصين عياله والسهر عليهم بما ينفعهم ، وتسخير ماله في مشايع الخير لكان ذلك مرغوبا ومطلوبا ، غير أن التجربة تفيد أن جامع المال في بخل وجشع وإمساك .

 -   عن سمعت وهب بن منبه واقبل على عطاء الخراساني فقال ...ويحك يا عطاء ارض بالدون من الدنيا مع الحكمة ولا ترض بالدون من الحكمة مع الدنيا ويحك يا عطاء ان كان يغنيك ما يكفيك فان ادنى ما في الدنيا يكفيك وان كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يكفيك ويحك يا عطاء إنما بطنك بحر من البحور وواد من الاودية فليس يملؤه الا التراب.

هل السعادة في الحيثيات الاجتماعية والشاهادات والنياشين :

فقد يطمح الإنسان إلى أهداف مغريات من حكم وسلطان وجاه ومال، وإن كان لا يعتقد أنه يكون سعيدا بها، وإنما يهواها استجابة لأقوى شهواته وأشدها ظمأة.
·        وهل يمكن الجزم اليوم أن الساسة يغيشون في سعادة وتغمض أجفانهم في راحة دونما قلق ولا توتر ولا أعصاب ؟
     وعلى ماذا على آلاف المعتقلين في السجون وملايين المجوعين ، وتاريخ من العار الأسود على خذلان أبناء الأمة!
- لو كانو مثل عمر بن الخطاب الذي عدل فأمن فنام لكانت هي السعادة أو بعض معانيها ! ولكنهم في غمرتهم يعمهون.
هل السعادة هي اللذة ؟

هما مجتمعان في كون كل منهما يدخل السرور إلى النفس ولكنهما يفترقان؛ والفرق بينهما في أن اللذة تقطف قطفاً وتذهب نشوتها فوراً بعد الانتهاء من قرينتها وربما حصلت بعدها ندامة وتعاسة ما بعدها تعاسة وأما السعادة فتبقى تصاحب صاحبها فترة ليست بقليلة.

وهذا الخلط يكون أحيانا التباساً من الشخص نفسِه فيظن كلَّ لذة سعادة؛ و أحياناً يكون هذا اللبس مقصوداً من جهات محددة؛ فكثير من الجهات تحاول أن تسوّق اللذات المختلفة على أنها عين السعادة وجوهرُها وهدفهم من ذلك السيطرة على العقول وتحريكها باتجاهات مختلفة فالشاب الذي يتناول المخدرات يتناولها في بدايتها للذة الموجودة فيها ثم بعد ذلك  يتحول دمية في يد من يموله ويعينه.

     -  فينساق الشخص وراء اللذائذ المختلفة فلا يترك لذة إلا ويقارفها ويظن بأنه لو حصّل اللذائذ كلها حصل على السعادة ولكنه يفاجئ بأنه أبعد الناس عن السعادة

    فالشهرة لذة لا تقابلها لذة أن تكون مشهوراً ومعروفا بين الناس يقدمك الناس في المجالس ويمدحون نتاجك...

وقد يغرنا المنعمون والمترفون بمظاهرهم وأشكالهم أنهم سعداء :
                                                                                                    
وقد يرى المرء بعض الناس في مظاهر نعمة تنبئ بسعادتهم، فإذا اطلع على المخبأ من أمرهم وهمومهم، أو وصل إلى مثل حالهم، وذاق ما فيها من مكدرات الصفو ومنغصات الحياة، عرف أن وراء الأكمة ما وراءها، وأن السعادة لا تزال محتجبة عنه في خبائها، معتزة بخفائها

حياة المشاهير عالم مليء بالمفارقات .. كشريط من الأحداث المثيرة والمتتابعة .. تدور الأحداث في عالم الأضواء .. ودائماً يظهر المشاهير والابتسامات العريضة تعلو وجوههم ، وقد ارتدوا أفخر ما أنتجته بيوت الأزياء الأمريكية والأوروبية ..
               
وطبعاً ترى عيون المعجبين لا تكف عن مطاردتهم والبحث عنهم .

تلك هي حياة المشاهير في العالم كما تصورها لنا دائماً قنوات التلفزة والصحف الصفراء .. فالمشاهير هم أصحاب السيارات الفارهة والبيوت الكبيرة وأرصدة البنوك .. وهم أصحاب الأضواء والشهرة والمعجبين ، وفرسان اللقاءات التلفزيونية والمقابلات الصحفية .. ثم نعجب بعد ذلك إذا علمنا أن كثيراً من المشاهير مصابون باكتئابات مزمنة ، وقلق وأمراض نفسية عديدة ، أودت بكثير منهم إلى نهايات مأساوية لم يكن الانتحار أكثرها شناعة .

السر يمكن خلف الأكمة .. فالصورة البراقة لحياة المشاهير لا تكشف إلا عن أقنعة لامعة يرتديها أصحابها عند لقاء الجمهور ، أما في الحياة الخاصة فتسقط كل الأقنعة ، حيث الشقاء والعذاب النفسي الذي يجثم في حياة كثير منهم دون فكاك ، والنهايات أكبر دليل على ذلك .

وإذا استعرضنا قائمة المشاهير الذين انتهت حياتهم بالانتحار فقد تتابع عندئذ الأسطر بشكل يصعب معه الإحاطة بكل تلك الأسماء .

ذلك فضلاً عن المشاهير الذين انتهت حياتهم في مصحات نفسية ، أو في دور رعاية المسنين ، أو في وحدة قاتلة بعيداً عن أبسط معاني الرحمة والإنسانية .

هناك آلاف الوصفات لعلاج الصلع مثلا ، ولكن هناك ما يزيد عن 120 مليون وصفة لعلاج الاكتئاب اشهرها عقار البروزاك . كلها مسكنات ومهدئات بريدون الحل للسعادة بالعقاقير والادوية...

ظواهر الانتحار في العالم الغربي :
·        ظاهرة الانتحار ظاهرة متفشية بشكل عالمي، ويوجد أكثر من مليون شخص ينتحرون سنوياً في العالم، أي بما يعادل حالة انتحار كل 30 ثانية.

o       في امريكا عدد المنتحرين اكثر من الذين يموتون بالجرائم .. بعضهم اساتذة شعراء ، ادباء ، مفكرون بالمئات في القرن المنصرم.

  * أحدهم كتب أربع مجلدات حول الانتحر وأسبابه وفي المجلد الرابع أعطى وعدا بالحديث عن العلاجات الممكنة لمحاربة هذه الظاهرة .غير انه انتحر قبل ان يكمل كتابه ... طبيب يداوي الناس وهو عليل

    -  فمن المعلوم أن ديل كارنجي صاحب كتاب دع القلق وابدأ الحياة وهو الكتاب المفيد الممتع الجميل أنهى حياته منتحراً فقد قال للإنسان : دع القلق وابدأ الحياة انتحر وهو صاحب أروع الكتب في فن التعامل مع الناس ، وصاحب أكثر الكتب مبيعاً في العالم ، حيث بيعت ملايين النسخ من كتبه ، وترجمت إلى أكثر اللغات العالمية ، فهو صاحب كتاب كيف تكسب الأصدقاء وتؤثر في الناس
ولكن كل ذلك لم يمنع القلق من أن يسيطر على حياة كارينجي ، فعصفت الكآبة بحياته ، وسادت التعاسة والشقاء أيامه ، فقرر هو أيضاً التخلص من حياته عن طريق الانتحار .

     - وفي آخر إحصاءات القتل والانتحار في أمريكا بين سنة 2009- 2013 كان المجموع 32 ألف بين قتيل في الاعتداءات والاغتصابات والانتحارات .!! [4]

o       يسجل العالم العربي نسبة انتحار أقل مقارنة مع الدول الكبرى في العالم، حيث يُسجل ألفي حالة انتحار تتم يومياً في مجموع الدول العربية مقابل 3 آلاف حالة انتحار بأوروبا.

-  الدول العربية الأربع الأولى في نسب الإنتحار هي مصر والمغرب وتونس والجزائر بينما تأتي دول لبنان وسوريا والخليج في أسفل القائمة.

-  في مصر وحدها هنالك 3000 محاولة انتحار سنوياً لمن هم أقل من 40 عاماً

-  تشير الإحصائيات إلى أن هنالك 3 مليون مغربي يريدون الموت وذلك لانتشار حالات الإكتئاب والعطالة عن العمل

غير أنه تجدر الإشارة على أن ظاهرة الأتحار وأسبابها تختلف باختلاف الثقافات والبيئات والظروف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية (ويمكن الجزم بأن القاسم المشترك بين مجموع المنتحرين هو أنهم يريدون وضع حد لحياتهم المثقلة بالمعاناة) فهناك من يعاني من البذخ و التخمة وهناك من يعاني من الجوع والأزمة.




[1] مقالة للقرضاوي
 [2] أمريكي الجنسية فرنسي الأصل. وكتابه هو ( So Human An Animal ) الذي ترجمه إلى العربية الدكتور نبيل صبحي الطويل تحت عنوان (إنسانية الإنسان)،
[3] الصحافة الامريكية
[4]   على قناة الجزيرة الإخبراية 

0 comentarios:

Publicar un comentario