miércoles, 23 de septiembre de 2015

الإسلام والفرحة

0 comentarios
هل الاسلام دين يتعارض مع الفرح و السعادة و يحث على الحزن والكآبة 

أثر الفرح على الإنسان وأثر الحزن عليه :

الفرحُ مركزُه القلب، وميدانُه السُّلوك، ومظهرُه اللِّباسُ والزِّينةُ والكلمةُ الطيِّبَة، ورسالتُه الشعورُ الحسنُ، والوِجدانُ الفيَّاض، وأثرُه سعادةٌ غامِرةٌ تمسحُ آثارَ وبقايا الهمِّ.
أما الحزنُ البائِسُ فيُولِّدُ الضيقَ، ويُحطِّمُ النفس، ويُقعِدُ الإنسان، ويترُكُه بلا حِراك، ويجعلُ الشخصيَّةَ خشِنةً جافَّةً مُتهوِّرة.
    -  الذي يُكثِرُ السُّخط والتشكِّي فلا يذوقُ للسُّرور طعمًا، ولا يهنَأُ بالفرَح أبدًا، حياتُه نكَد، وعيشُه ضنك.

مناسبات العيد محطة لإظهار الفرح والسرور :

يُعبِّرُ المُسلمُ في هذه المناسبات عن فرَحه وسُرُوره، ويبتهِجُ في مواسِم البهْجة والأعياد، والتعبيرُ عن الفرحة يُنعِشُ النفس، ويُجدِّدُ النشاط؛ بل تقتضِي هذه المواسِم أن نعيشَ الفرحَة في كلِّ لحَظاتها، والبهجَة بكل معانِيها في إطار الشَّرع، وضوابِط الدِّين، ومُرتكَزات القِيَم والأخلاق دون خدشٍ للحياء.

·        والفرحُ لا ينحصِرُ في أيامٍ معدودة، أو فترةٍ محدودة؛ بل إن المُسلمَ يعيشُ الفرحَ على مدارِ العام والعُمر في الدنيا والآخرة.
مفاهيم خاطئة :

هل الحزن مطلوب شرعا :

وأكثر الناس حزنا وعبوسا وتقطيبا للجبين وتخويفا وترويعا للصبيان هو الأتقى والأخشى !!!

وهذا أحد المفاهيم الخاطئة التي ساهم بعض الوعاظ في نشرها. ويستدلون بكلامٍ لا يثبت عن قدواتنا.

-  كما نُسِب إلى الحسن البصري أنه قال: "المؤمن يصبح حزينًا ويمسي حزينًا ولا يسعه غير ذلك"...!

  -  وما نُسِب إلى ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: "كيف نفرح والموت من ورائنا والقبر أمامنا والقيامة موعدنا وعلى جهنم طريقنا وبين يدي الله موقفنا"...!

  -  وما نُسِب إلى صلاح الدين أنه قال: "كيف أبتسم والمسجد الأقصى أسير؟".

              روايات لا تثبت، ولو ثبتت فالحجة ليست فيها وإنما في قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم.

  *لذا.. فكلمتنا هذه هي لبيان أن الحزن بحدِّ ذاته ليس أمرًا محمودًا ولا مطلوبًا شرعًا.
  *
كما أن الفرح بحد ذاته ليس مذمومًا ولا دليلًا على غفلتنا عن الآخرة وعدم اهتمامنا بهموم المسلمين.

        -  وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم كان [متواصل الأحزان] ليس صحيحًا..
    * وقد قال عنه ابن القيم في مدارج السالكين: "إنه حديث لا يثبت وفي إسناده من لا يعرف، وكيف يكون صلى الله عليه وسلم متواصل الأحزان؟ وقد صانه الله عن الحزن على الدنيا وأسبابها، ونهاه عن الحزن على الكفار، وغفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، فمن أين يأتيه الحزن؟ بل كان دائم البِشر ضحوك السن" انتهى كلامه رحمه الله.

          -  ولابن تيمية رحمه الله كلام جميل في الجزء العاشر من الفتاوى قال فيه: "وأما الحزن فلم يأمر الله به ولا رسوله، بل قد نهى عنه في مواضع وإن تعلق بأمر الدين".

o       و بعد معركة أحد وما تعرّض له المسلمون فيها من مصائب مع ذلك يقول الله لهم: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران:139}   -  وقوله: {فَلَا يَحْزُنكَ قَوْلُهُمْ} [يس من الآية:76].


o       يعزّ على النبي أن يكفُر الناس ويرفضوا دعوته فيأتيه الأمر من الله: {وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ}.

o       وبعدما كاد كفار قريش أن يدركوه في الغار وأبو بكر معه قال تعالى : {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة من الآية:40]... وغيرها من الآيات.

   -  قال ابن تيمية: "وذلك لأنه -أي: الحزن- لا يجلب منفعة ولا يدفع مضرة، فلا فائدة فيه، وما لا فائدة فيه لا يأمر الله به".
      -  وقد استعاذ منه النبي فقال: (اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن).

  -   وقد أخطأ الإمام الهروي - رحمه الله - حين جعل الحزن منزلة من منازل السائرين إلى الله رب العالمين، وتعقبه الإمام ابن القيم - رحمه الله - بقوله: ((منزلة الحزن ليست من المنازل المطلوبة، ولا المأمور بنزولها، وإن كان لا بد للسالك من نزولها، ولم يأت الحزن في القرآن إلا منهيًا عنه أو منفيًا...
الحزن الذي هو من طبيعة البشر لا شيء عليه

  -  فقد حزن الرسول - صلى الله عليه وسلم - على موت ابنه إبراهيم، وكان حزنه منضبطاً بالشرع حين قال: (إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنا على فراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا).

  -  و حزن يعقوب - عليه السلام - على يوسف حتى ابيضَّت عيناه من الحزن، ولكنه لم يقطع رجاءه بالله، ولم ييأس من رحمته، وقال - وهو على تلك الحالة من الحزن -: ﴿ يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [يوسف: 87]}

    ثم بيَّن رحمه الله - بن تيمية -  أن الحزن المحدود على مصائب الدنيا لا إثم فيه ما لم يقترن بإثم أو تسخط، كمن يحزن على فقد ولده. وأن الذي يحزن على مصائب المسلمين فإنه لا يُثاب على الحزن نفسه، وإنما على خيرية قلبه وحبه لإخوانه المسلمين.
فهناك أعمال قلوب يُثاب المسلم عليها، كحب الله وخشيته وحب المسلمين. أما الحزن فليس من أعمال القلوب التي يُثاب المرء عليها. فلا ينبغي لمسم أن يستزيد من الحزن ويلازمه ويظن أنه بذلك مأجور عليه.

   - ثم ختم ابن تيمية كلامه بقوله: "ولكن الحزن على ذلك -يعني مصائب المسلمين- إذا أفضى إلى ترك مأمور من الصبروالجهاد وجلب منفعة ودفع مضرّة نهي عنه".

الفرح هو الذي يجب أن يقترن بالطاعة والتدين، لا الحزن المستمر.

-   قال تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً} [النحل من الآية:97].

-  الاستبشار هو الذي يجب أن يقترن بالطاعة. قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ . الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ . لَهُمُ الْبُشْرَىٰ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِۚ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} [يونس:62-64].

سياسات ممنهجة لقتل الإحساس والشعور في المسلمين

·        في الإعلام العالمي، أعداؤنا يحجبون خسائرهم لأنهم لا يريدون للمسلمين أن يفرحوا وترتفع معنوياتهم.

بينما لا حد ولا قيد على تناقل ما يُكرِّس الهم والغم والحزن من صورٍ ومقاطع. ينشرون صورًا لتعذيب المسلمين وإهانتهم في السجون. هذه ليست تسريبات، بل عمل ممنهج لتحطيم معنوياتك أيها المسلم وجعلك تعيش حزنًا سلبيًا مستمرًا.
                                                                                                                                                     
بينما لا يسمح إعلامهم بعرض صورٍ فظيعة لقتلاهم، ويقتصِرون على صور الجنائز وكفكفة الدموع بالمقدار الذي يشحن الناس ويشعرهم بالرغبة في الانتقام دون تحطيم معنوياتهم.

حتى يعلم اليهود إن في ديننا فسحة :

- فلقد سمح النبي عليه الصلاة والسلام : للجاريتين أن تغنيا وتضربا بالدف في بيت عائشة ، وكان موجودا، وذلك في يوم عيد. معللا ذلك بقوله : " لتعلم يهود أن في ديننا فسحة . إني أرسلت بحنفية سمحة ![1]

وإن اعداء الإسلام ليروقهم أن يرونا المسلمين منبطحين أرضا في ذل، تغلب عليهم كآبة المنهزم لا فرحة المنتصر.

       -   كما قال تعالى : إن تكونوا تالمون فإنهم يالمون كما تالمون وترجون من الله ما لا يرجون
                       

لن تقوم قائمة الإسلام على أكتاف أناس حزينين مكتئبين بؤساء! وعندما نستعرض ما فعله أسلافنا الذين يُنسب إليهم الحزن الدائم على لسان بعض الوعاظ... عندما نستعرض إنجازاتهم العظيمة في فترات وجيزة، فتحوا البلاد وجذبوا الناس إلى دين الله وتفوقوا في مجالات الحياة كلها... نخلُص إلى نتيجة أنه من المستحيل قطعًا أن من قام بهذا كله أصحاب نفوس تسيطر عليها الكآبة!

إدخال السرور على المسلم من مقاصد الشريعة.

  -  في الحديث الذي حسّنه الألباني جعل النبي أول عمل في أحب الأعمال إلى الله: «سرورٌ تُدخِله على مسلم».

هل تجد آيةً واحدةً أو حديثًا واحدًا يأمر بالحزن أو يمدحه؟ بل على العكس تجد آياتٍ كثيرةٍ تنهى عنه.

- عامة الناس لا يجذبهم شيء إلى دين الله مثل أن يروا بسمات الطمأنينة والرضا على وجوهنا، ولا ينفرهم عن دين الله شيء مثل أن يروا وجوهنا كئيبة كأنها تروي للناس قصة صفقة "خاسرة" دخلناها مع الدين حاش لله!

ولقد كان غالب حال الرسول عليه الصلاة والسلام البشر والابتسامة :
 -  و قد قال صلى الله عليه و سلم : ( و تبسمك في وجه أخيك صدقة ) و قال : ( لا تحقرن من المعروف شيئاً و لو أن تلق أخاك بوجه طلق).

 -  وعن جرير رضي الله عنه قال : ما حجبني النبي صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا رآني إلا تبسم في وجهي . ولقد شكوت إليه أني لا أثبت على الخيل فضرب بيده في صدري وقال ( اللهم ثبته واجعله هاديا ومهديا ) رواه البخاري

·        أمثلة من ابتسامته وفرحه عليه الصلاة والسلام

-  فنجد في نصوص السنة: أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن للحبشة أن يرقصوا بحرابهم في مسجده، وأذن لعائشة أن تنظر إليهم وهي متعلقة به .
                                                       
  - وكان عليه الصلاة والسلام يمزح مع زوجاته، ومع أصحابه، ولا يقول إلا حقا، وكان أصحابه على نهجه يمزحون ويتضاحكون، ومنهم من يبتكر (المقالب) لزملائه ورفاقه، مما لا يكاد يصدقه من يقرؤه الآن.
- وتصف عائشة رضي الله عنها ضحك النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في صحيح الإمام البخاري ، قالت: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً حتى أرى منه لهواته، وإنما كان يتبسم).

 *       وجاء في رواية أخرى: (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً ضاحكاً قط حتى ترى لهواته).

  - وعن يحيى ابن أبي كثير قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ضحاكا، فذكر ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم كأنهم يعيبون ذلك، فقال النبي عليه السلام: أَنَّى تَعجَبُونَ إِنَّهُ لَيَدخُلُ الجَنَّةَ وَهُوَ يَضحكُ.


  - عن أم أيمن أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة لزوجها، فقال لها: (من زوجك؟ قالت: فلان, فقال: الذي في عينه بياض؟ فقالت: أي رسول الله! ما بعينه بياض, قال: بلى. إن بعينه بياضاً, فقالت: لا والله, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وما من أحدٍ إلا في عينه بياض)

  -  ما رواه سِمَاك بن حرب قال: "قلت لجابر بن سَمُرَة: أكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كـثـيـراً؛ كان لا يقوم من مصلاه الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس؛ فإذا طلعت الشمس قام. وكانوا يتحدثون ،فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم".

  -  روى الترمذي في كتاب الشمائل المحمدية : باب ما جاء في صفة مزاح رسول الله , عن أنس بن مالك أن النبي  قال لهhttp://www.factway.net/vb/uploaded/23926_01359063338.gifيا ذا الأذنينhttp://www.factway.net/vb/uploaded/1252_01359111953.gif...

 - وعن أنس بن مالك أن رجلاً استحمل رسول الله  -أي: سأله  دابة ليركبها- فقال رسول الله : http://www.factway.net/vb/uploaded/23926_01359063338.gifإني حاملك على ولد ناقة, فقال: يا رسول الله! ما أصنع بولد الناقة, فقال : وهل تلد الإبل إلا النوق...

·        ومن مزاح الصحابة رضي الله عنهم كذلك :

     -   قال عمر بن الخطاب : [إني ليعجبني أن يكون الرجل في أهله مثل الصبي، فإذا أربد منه حاجة وجد رجلاً]

     -  ومما ورد في مزاح أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام ما رواه البخاري عن بكر بن عبد الله المزني قال: [كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمازحون حتى يتبادحون بالبطيخ، فإذا حزبهم أمر كانوا هم الرجال]
      وهذا ليس فيه إهدار للنعمة، أو أنه يؤذي، بمعنى: أنه يضربه بشيء ثقيل, فلو أنه حصل في بعض المناسبات أن رماه بقشرته - مثلاً-  دون أن يؤذيه فلا بأس...           
  * وسئل النخعي: هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يضحكون؟ قال: نعم. والإيمان في قلوبهم كالجبال الرواسي.

الفرح الإيجابي والواعي لا الفرح المغشوش

                                  فقد يقول قائل: كيف لا تريدنا أن نحزن؟ ألا ترى أوضاع المسلمين؟!

إخواننا المسلمون في أنحاء الأرض ليسوا بحاجةٍ إلى حزننا السلبي، بل قد أصبحنا نُخدِّر أنفسنا ونقنعها بأن اجترار الألم والهم يعفينا من شيءٍ من واجبنا تجاه إخوتنا، مع أننا لا نترجم حزننا هذا إلى عمل! ننظر إلى الصور والمقاطع المؤلمة ثم نطلق التنهيدات ونكتئب، ثم تتعكّر حياتنا ونحس بالمهانة والفشل لأوضاع أمتنا، وتنكسِر هِمّتنا لممارسة مهماتنا في مِهننا ودراستنا وعلاقاتنا الأسرية والاجتماعية ونحس فيها باللا جدوى، ثم تتبلّد أحاسيسنا.

فإذا ما تاقت أنفسنا للفرح أحسسنا أنه لا بد من التغافل عن هموم أمتنا بل وعن ضوابط شريعتنا ونقول: "كفى كآبةً، كفى نكدًا" - عباراتٌ أصبحت تعني عند البعض: "كفى دِينًا وكفى إحساسًا بالانتساب لأمة الإسلام"! فلا يفرحون بعدها إلا بمعصية الله، لأن الطاعة مقترنة في حسهم بالكآبة والحزن... وهكذا، في انتظار نكبةٍ جديدةٍ لنجتر عندها حزنًا سلبيًا مرةً أخرى، نقنع به أنفسنا أننا لا زِلنا منتسبين إلى ديننا وأمتنا.

-  وحقيقة الأمر أننا لا بحزننا السلبي هذا أطعنا الله ولا بفرحنا المتفلِّت من ضوابط الشريعة أطعناه، وعلى الحالين لم ننفع أمتنا.

-  علينا أن ننظر إلى الحزن والهم بإيجابية على أنها مشاعر مؤقتة، تعدل المسار وتتحول إلى قوةٍ دافعة لننطلق في الحياة بنشاط وشعور بالمسؤولية وترفُّع عن السفاسف.

-  كلما مِلنا إلى حياة الغفلة نتذكر آلام أمتنا فنترفع عن الدون ونتلمّس طريق المعالي. حتى إذا قطعنا شوطًا أحسسنا بالابتهاج وفرحنا فرحًا حقيقيًا في محلِّه، فرحًا بالطاعة، وليس الضحكات الهستيرية التي يُطلِقها الغافلون ليقنعوا أنفسهم ومن حولهم أنهم فرحون بينما قلوبهم خاوية.
o       الحزن محمودٌ إذا تحوّل إلى وقودٍ يسير في مساربه المناسبة فيدفعك إلى الأمام، فإذا لم تُسَيِّره في هذه المسارب والأعمال المنتجة فإنه يحرقك!
o       الحزن محمود بمقدار ما يوجد لديك اليقظة ويؤلمك عند التقصير ويعكر عليك لذة المعصية. إذا عصيتَ أحسستَ بالذنب والتقصير في حق أمتك وجراحاتها، فتحزن، فيدفعك هذا إلى الطاعة فتفرح بطاعتك. وبهذا تقترن الطاعة بالفرح والمعصية بالحزن، وليس العكس كما هو حالنا الذي ذكرناه!
o       علينا أن نتذكّر أن الذي يحصل للمسلمين هو كله بقدر الله {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ} [الأنعام من الآية:112]... قدَّره الله على الأمة إذ قصّرت في القيام بأمره تعالى.. وقد قدَّره لحكمة: {ذَٰلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَٰكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ} [محمد من الآية:4]... فعلينا أن نتلمّس الطريق لننجح في الابتلاء، لا أن نجتر الأحزان.

لذلك : لا تكن أنانيا، ولكن اقتسم فرحتك مع الآخرين

    * إذا أردتَّ أن يدومَ فرَحُك ويبقَى فاعمل على أن تمسحَ دمعة يتيم، وتُغدِقَ السُّرورَ على طفلٍ مسكين، وتزرعَ البسمةَ على شِفاه المحرومين، حين ُواسِي مهمومًا تفرَح، وحين تُنقِّي قلبَك من الغلِّ والحقد والحسَد، وإذا جمَّلتَ باطنَك ونواياك تركَت الفرحةُ بصمةً حقيقيَّةً في نفسِك، تفرَح عندما تُقابِل الناسَ بطلاقة الوجه، والتِماس العُذر، وكفِّ الأذَى، وصِلَة من قطعَك، والعفو عمَّن ظلمَك، (خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ) (الأعراف: 199.)

الفرح بالله تعالى وهو أعظم البواعث على الفرح
قال تعالى :  (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون).
                                                                                                                                                                   
o       نفرحُ بالله ومعرفته ومحبَّته وكلامه ورسوله، قال الله تعالى: (وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ) [الرعد: 36].

إن سُرور القلب بالله وفرحَه لا يُشبِهُه من نعيم الدنيا شيء، وليس له نظيرٌ، حتى لقد قال بعضُ العارِفين: “إنه لتمُرُّ بي أوقاتٌ أقول فيها: إن كان أهلُ الجنةِ في مثلِ هذا إنهم لفِي عيشٍ طيِّبٍ”.

o       يفرحُ بأن الله أنعمَ عليه بالإسلام، وطهَّر قلبَه بالإيمان، وعطَّر لسانَه بتلاوة القرآن، (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58].

وعلى قدر حياة القلب بالإيمان والقرآن يكونُ فرَحُه، وكلما رسخَ ذلك كان قلبُه أشدَّ فرَحًا.

o       نفرح لنعم الله الظاهرة والباطنة التي تُحيطُ بنا من كل جانب، وتملأ حياتَنا، فقد أعطانا الله خيرًا، ودفعَ عنَّا شُرورًا، ومتَّعَنا بنعمة الصحَّة والعافية والأولاد.
نفرح لنعمة الأمن التي تُظلِّلنا ، والاستقرار الذي يعمُّنا ...

o       اليوم الذي يمُرُّ دون أن نقترِف معصية هو يومُ فرَح، وللتوبة فرحةٌ عجيبة، ولذَّةٌ إيمانيَّة لا تُقارَنُ بلذَّة المعصية الزائِفة.
o       وتفرح حين تجِدُ نفسَك مُحافِظًا على الصلوات، مُقيمًا لها في بيت الله؛ بل ويأنَسُ فرحُك ويزدادُ حين تُصلِّي ركعتين لله – جلَّ جلالُه – في جوفِ الليل.
-        وفي الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إذا سرتك حسنتك، وساءتك سيئتك، فأنت مؤمن)

·        ومما يُورِثُ الفرحَ: أن يرضَى الإنسانُ عن نفسِه وربِّه، ويطمئنَّ إلى يومِه وحاضِره، يطمئنَّ إلى غدِه ومُستقبلِه ويقينُه بالله والآخرة.
أما الفرح المذموم والمشأوم

الفرح بالذنب والمعصية والإثم :

o       مثل قارُون فرِحَ بما آتاه الله من مالٍ، فطغَى وتكبَّر، حيث قال له قومه (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحينْ) ،  فكانت العاقبةُ عقوبةً وحُزنًا وألمًا، (فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الْأَرْضَ) [القصص: 81}
فلا يعني هاهنا ذم الفرح عمومًا، بل فرح الكِبر والغطرسة والاستعلاء
- أو كما قوله تعالى مبينا زيف الإنسان وتقلبه : وَإِذَا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُوا بِهَا ۖ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ).

o       أو  فرحُ المرء بما لم يفعل رياءً وتكبُّرًاقال الله تعالى: (لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [آل عمران: 188.}

o       أو فرحُ المؤمن بتقصيرِه في طاعة الله، وتخلُّفِه عن رَكب الصالحين، ونُكوصِه عن الدعوة والاستِقامة :

           -  قال الله تعالى: (فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ) [التوبة: 81].

           -  كان يحيى بن مُعاذ يقول: “إلهي! كيف أفرحُ وقد عصيتُك؟! وكيف لا أفرحُ وقد عرفتُك؟!”.

وعلى ضوء هذا يفهم ما ورد من كلام العباد والصالحين في الحزن
                       
                فيقصد به الحزن الباعث على الخوف والخشية من التقصير    

  - مثل ما ورد من كلام الحسن البصري رحمه الله : " إن المؤمن يصبح حزينا ويمسي حزينا ، ويكفيه ما يكفي العنيزة " رواه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/188).

o       وورد نحوها الكثير ، وأوردها ابن أبي الدنيا في كتابه " الهم والحزن " كلها يريد بها أصحابها إطلاق الحزن على التقوى ، والخشية من عقاب الله عز وجل .

أما الحزن الذي هو الهم في الدنيا ، والانطواء على الذات ، والتشاؤم من كل شيء ، فهذا ليس بحزن محمود كما سبق ، وقد استعاذ منه النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يقصده من أثنى على الحزن من السلف .

 - وقال إبراهيم بن أدهم :  الحزن حزنان ، فحزن لك ، وحزن عليك : فالحزن الذي هو لك : حزنك على الآخرة ، وخيرها .  والحزن الذي هو عليك : حزنك على الدنيا وزينتها . رواه ابن أبي الدنيا في " الهم والحزن " (ص43) .

-  والحسن البصري بصفة عامة : قال عنه يونس : كان رجلا محزونا . فلا تؤخذ أقواله في التحزين على أنها تأسيس شرعي لمقام الحزن في السلوك إلى الله سبحانه ، بل تؤخذ على أنها تعبير عما يجده في قلبه ونفسه ، وما يجده لا ينبغي أن يمنح صفة التعميم والإطلاق .
خاتمة المطاف إما الفرحة الأبدية أو الحزن الأبدي

·        فهما حاول الإنسان أن يفرح ويسعد ويبتعد عن مؤثرات السرور ومنغصات الحبور إلا أن الدنيا في الأخير لا تسلم ولا تصفى والآخرة خير وابقى  .

- المؤمنُ يفرحُ عند الموت بلِقاء الله، قال رسولُ الله – صلى الله عليه وسلم -: «من أحبَّ لقاءَ الله أحبَّ اللهُ لقاءَه، ومن  كرِهَ لقاءَ الله كرِهَ الله لقاءَه».
فرُوحُ المؤمن تطيرُ فرَحًا عند الموت شوقًا إلى النعيم الذي ترَى بِشارَاته، وتُبصِرُ علاماته.
                      
فالفرحُ الأكبرُ والنعيمُ الأعظم فرحٌ لا يفنَى، ونعيمٌ لا حدَّ لمُنتهاه، عندما يُوفَّقُ المُسلمُ لسعادة الأبَد في جنَّات النعيم، وهناك يفرحُ المؤمنون دون غيرِهم يوم القيامة، تتلألأُ وجوهُهم نورًا، ومن شدَّة الفرَح تظهرُ ضاحِكةً مُستبشِرَة،

 - قال الله تعالى: (تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ) [المطففين: 24]، وقال: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (22) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ) [القيامة: 22، 23]، وقال: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ (38) ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ) [عبس: 38، 39].

-  وقوله تعالى (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون )

-  وتستقرُّ الفرحةُ الأخرويَّة بنعيمٍ ليس بعده نعيم، ولذَّةٍ ليس وراءَها لذَّة، وهي: النظرُ إلى وجه الربِّ – تبارك وتعالى -،      قال – سبحانه -: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ) [يونس: 26]

  -وفى حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن أهل الجنة ما يُعِين على تفهُّم هذا الرأي، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - في وصف فرح أهل الجنة: (فلولا أن الله قضى لأهل الجنة الحياة فيها والبقاء، لماتوا فرحاً).






[1]  رواه أحمد ( 24855، 25962 ) عن عائشة ، وقال محققو المسند : حديث قوي وهذا سند حسن .

0 comentarios:

Publicar un comentario