miércoles, 1 de julio de 2015

فضائل القرآن الكريم

0 comentarios
فضائل القرآن الكريم:

القرآن هو كتاب الله الخالد، وحجته البالغة على الناس جميعا، ختم الله به الكتب السماوية، وأنزله هداية ورحمة للعالمين، وضمّنه منهاجا كاملا وشريعة تامّة لحياة المسلمين.

  والقرآن معجزة باقية ما بقي على الأرض حياة أو أحياء، أيّد الله تعالى به رسوله محمدا صلّى الله عليه وسلّم وتحدّى الإنس والجنّ على أن يأتوا بسورة من مثله، فكان عجز البلغاء والفصحاء قديما وحديثا أكبر دليل على سماويّة هذا الكتاب وأنه كلام ربّ العالمين.

 -   قال تعالى: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} [الإسراء: 88].

 -  عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ كَلامِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى سَائِرِ الْكَلامِ كَفَضْلِ اللَّهِ عَلَى غَيْرِهِ»


وصف الله القرآن بأوصاف عديدة هي أسماء له، تدلّ على عظيم فضله وعلوّ منزلته:

القران روح وحياة :

   -  قال تعالى: {وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ} [الشورى: 52].

*   ولقد وصف القرآن الذين عاشوا على غير هديه بالموتى، مع أنهم يأكلون ويشربون ويروحون ويغدون قال الله: "إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ" (النمل:80، 81).

الرُّوح ها هنا هي كتاب الله - عزّ وجل -، هي التعبير عن سرّ الوحي المُشعِر بأنه يُحدِث في الإنسان من الخصائص، ما تُحدِثه الرُّوح حين تُنفَخ في الإنسان لتُصَيِّرَه خَلقًا آخَر. فإن الإنسان يُجمَع خَلقُه في بطن أُمِّه أربعين يومًا نُطْفةً، ثم يكون علَقةً مثلَ ذلك، ثم يكون مضغةً مثلَ ذلك، ثم يُرسَل إليه الملَك فتُنفَخ فيه الرُّوحَ، فيصير بذلك خَلقًا آخَرَ غيرَ الخلق الأوَّل.

    إن الإنسان -الفرد والمجتمع معًا- يصير بالقرآن خَلقًا آخر، لكون هذا القرآن ذا طبيعة تشبه طبيعة الرُّوح تمامًا، لذلك كان التعبير فيه كالتعبير في الرُّوح،

هذا الكتاب عُبِّر عنه بـ"الرُّوح" إشارة إلى هذه الوظيفة التي يقوم بها في الإنسان. فالإنسان قبل أن يَسرِيَ ماء القرآن في عروقه وكِيانه، يكون مَيتًا بصريح القرآن: (أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا)(الأنعام:122).
      
أمَّا عندما يخالط هذا القرآنُ قلبَه، ويَسري منه كما يَسري الدَّمُ في مجموع الكِيان، فإنه يصير -فعلاً- شيئًا آخَر من حيث طاقاته وتصوُّراته وأفكاره وقدراته وإمكاناته ومُنجَزاته... فمن اسمه "القويّ" يستمدّ القوّة، ومن اسمه "العليم" يستمدّ العلم، ومن اسمه "الحكيم" يستمدّ الحكمة، ومن اسمه "الرحمــن" "الرحيم" يستمدّ الرحمة... يُفِيضُ الله عليه -بفضله ورحمته- من أنوار أسمائه سبحانه وتعالى، فيَشيع في كِيانه ما يَشيع، ويَصير طاقة غير عاديَّة إذا قُورِنَ بما كان عليه قبلُ. ولنستحضر النماذج الأولى على سبيل المثال:

حدث هذا في الأفراد، ومثل ذلك حدث -ويَحدث- في الجماعة والجماعات، والقرآن الكريم يُحدث أيضًا في الكِيان الجماعي العامِّ تأثيرًا كتأثير الرُّوح أيضًا، فيوَحِّد جزئياته ويضمُّها ضَمًّا. لِنقارن حال الميت عندما تغادره الرُّوح، إذ يتحلل تحلُّلاً كاملاً إلى عناصره الأوَّلية الترابية وغيرها، وتتبدد تلك العناصر، ويذهب كل عنصر إلى جهته ليَلتحم بعنصره الطبيعي في الأرض. ما الذي غادر هذا الكِيانَ بالموت؟ يموت الشخص ونحن ننظر إليه، ما تَغير فيه شيء، ولكن تَغيَّر فيه كل شيء. ما الذي غادره؟ غادره شيء اسمه الرُّوح. الرُّوح إذن هي التي وَحَّدت كِيانه وكانت تمنعه من التحلُّل والتجزُّؤ، وتبرُّؤ بعضِه من بعض، تلك الرُّوح هي التي أعطَته كل تلك الإحساسات، وكل تلك القدرات.

نفس الأمر يُقال عن الجماعة المؤمنة أو الأُمَّة الإسلامية، وإن تمثلت في صورة صغيرة. إنها عندما تحِلُّ فيها هذه الرُّوح (أي في مكوِّناتها من أفراد وأسر وجماعات) تتحول من حيث الطاقة ومن حيث الفاعليَّة ومن حيث التأثير، إلى خَلق آخر. وإن رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- ما استطاع أن يفعل ما فعل في الجزيرة العربية إلا بهؤلاء الذين حلَّت فيهم روح القرآن فتَجَمَّعوا في صورة كِيان موحَّد عَبَّر عنه رسول الله -صلّى الله عليه وسلم- بالجسد: "مَثَل المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمَثَلِ الجسد الواحد؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسَّهَر والحُمَّى" (رواه مسلم)؛[1]

النور والهداية :
  - قال تعالى : - {إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} [الإسراء: 9].
  - قال تعالى: {قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ} [المائدة: 15- 16].

   - عَنْ أَبِي شُرَيْحٍ الْخُزَاعِيِّ، قَالَ: خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " أَبْشِرُوا وَأَبْشِرُوا، أَلَيْسَ تَشْهَدُونَ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهَ، وَأَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟ ، قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَإِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ سَبَبٌ طَرَفُهُ بِيَدِ اللَّهِ، وَطَرَفُهُ بِأَيْدِيكُمْ فَتَمَسَّكُوا بِهِ، فَإِنَّكُمْ لَنْ تَهْلِكُوا، وَلَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ أَبَدًا "

تكمن أهمية القرآن الكبرى فيما اشتمل عليه من هداية إلى العقائد الصحيحة، والعبادات الحقة، والأخلاق الكريمة، والتشريعات العادلة، وما اشتمل عليه من تعاليم بناء المجتمع الفاضل، وتنظيم الدولة القوية.
وإنّ المسلمين لو جدّدوا إيمانهم بأهمية هذا الكتاب الكريم، وكانوا جادّين في الالتزام والطاعة لما فيه من أوامر وتوجيهات إلهية حكيمة، فإنهم يجدون ما يحتاجون إليه من حياة روحية طاهرة، وقوة سياسية وحربية، وثروة وحضارة، ونعم لا تعدّ ولا تحصى؛
وإذا أراد المسلمون الخير والصلاح والعزّة لأنفسهم وأمتهم، فعليهم اتّباع هدي نبيّهم صلّى الله عليه وسلّم وصحابته الكرام رضي الله عنهم في حفظ القرآن وفهمه والعمل بما فيه؛ لأنه لن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أوّلها.

  -  أَنَّ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ، جَمَعَ الَّذِينَ قَرَءُوا الْقُرْآنَ، وَهُمْ قَرِيبٌ مِنْ ثَلَاثِمِائَةٍ قَالَ يُعَظِّمُ الْقُرْآنَ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ كَائِنٌ لَكُمْ أَجْرًا، وَكَائِنٌ لَكُمْ ذُخْرًا، وَكَائِنٌ عَلَيْكُمْ وِزْرًا، فَاتَّبِعُوا الْقُرْآنَ وَلَا يَتَّبِعْكُمْ، فَإِنَّهُ مِنَ اتَّبَعَ الْقُرْآنَ هَبَطَ بِهِ عَلَى رِيَاضِ الْجَنَّةِ، وَمَنِ اتَّبَعَهُ الْقُرْآنُ زُجٌّ فِي قَفَاهُ، فَقَذَفَهُ فِي النَّارِ»
المنهاج :

إلا أن الهدف والغاية الأساسية من هذه الكتب الشريفة ضبط حياة الناس وفق منهج الله تعالى وإصلاح الأرض بمنهج السماء، ولو فهم المشركون على عهد النبي  صلى الله عليه وسلم  أن ما يلزمهم من القرآن فقط مجرد القراءة لما حاربوا النبي  صلى الله عليه وسلم  وخاضوا معه تلك المعارك الدامية ولكنهم فهموا أن المراد بالدعوة الإسلامية تحكيم القرآن في سائر الشؤون الخاصة والعامة.
والرب الحكيم العليم الذي اتصف بتلكم الصفات العلى، وتسمى بالأسماء الحسنى يستحيل عليه أن ينزل كتابه مبيناً للأحكام مفصلاً لأدق تفاصيل الحياة من ثم لا يكون له غاية سوى أن يتلوه الناس ويرددوا آياته. 

·        وقد كان السلف يقرؤون القرآن قراءة من وطن نفسه ليحي به، قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إذا سمعت قول الله تعالى يا أيها الذين امنوا فأرعها سمعك، فإنها خير يأمر به، أو شر ينهى عنه".[2]

  -  ولما نزلت آية الحجاب بادر نساء الصحابة للالتزام بها.

  -  ولما قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ،إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة)  - قال عمر رضي الله عنه: "انتهينا انتهينا" .
     * ولما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله تعالى حرم الخمر فمن أدركته هذه الآية وعنده منها شيء فلا يشرب ولا يبع".[3]   فلبث المسلمون زماناً يجدون ريحها في طرق المدينة لكثرة ما أهرقوا منها.

فيه كل ما يطلبه العباد في معاشهم وما يسعدهم في معادهم، فيه نظام الأسرة ونظام المجتمع ونظام الحكم ونظام القضاء، فيه شفاء الأمراض وتصح العقيدة وتقويم الفكر وتهذيب السلوك.

فيه بيان حق الوالد على ولده وحق الولد على والده وحق الحاكم على المحكومين وحق المحكومين على الحاكم فيه بيان حق الفرد على المجتمع وحق المجتمع على الأفراد فيه بيان حق الزوجة على زوجها وحق الزوج على زوجته فيه بيان حق الأخ على أخيه وحق أولى القربى وحق الجار على جاره، وفوق ذلك كله فيه بيان حق الله على عباده، فهل يا ترى تكون الحياة شيئاً آخر غير ما ذكر؟

القرآن شفاء :
                                                               
فلا شك أن القرآن العظيم شفاء للقلوب والأبدان وللظاهر والباطن.. دلت على ذلك نصوص الوحي من القرآن والسنة وتجارب الصالحين وواقع الناس، وهو قول جمهور أهل العلم؛

    - ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {الإسراء: 82}
    -  وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ {: يونس: 57}.
    - قال تعالى: {قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفاءٌ} [فصلت: 44

·        وأما القول بأنه شفاء للقلوب فقط ولا يشرع الاستشفاء به للأبدان ؛ فهو قول مرجوح لا يلتفت إليه، وقد ذهب إليه بعض أهل العلم ؛
والأدلة على أن القرآن شفاء للمؤمنين به كثيرة، وكلام أهل العلم في ذلك كثير..

  - قال ابن القيم رحمه الله في كتابه زاد المعاد:  فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة، وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به، وإذا أحسن العليل التداوي به ووضعه على دائه بصدق وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم واستيفاء شروطه لم يقاومه الداء أبداً، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء الذي لو نزل على الجبال لصدعها أو على الأرض لقطعها؟!! فما من مرض من أمراض القلوب والأبدان إلا وفي القرآن سبيل الدلالة على دوائه وسببه والحمية منه لمن رزقه الله فهما في كتابه، قال تعالى :أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[العنكبوت:51]. فمن لم يشفه القرآن فلا شفاه الله، ومن لم يكفه القرآن فلا كفاه الله. انتهى كلامه رحمه الله.

  - وفي الصحيحين وغيرهما عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا في مسير فنزلنا منزلا فأتتنا امرأة فقالت: إن سيد الحي سليم، لدغ. فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا. ما كنا نظنه يحسن رقية. فرقاه بفاتحة الكتاب فبرأ. فأعطوه غنما، وسقونا لبنا. فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب. قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم. فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فذكرنا له ذلك. فقال :ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا واضربوا لي بسهم معكم.

القرآن هو الحق وأم الحقائق :

 وهو كتاب الحق الذي لا يعرض له الباطل قط
     -  قال تعالى: {وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ} [الإسراء: 105]
       -  وقال سبحانه: {وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ (41) لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت: 41- 42].

  ووصف النبيّ صلّى الله عليه وسلّم القرآن الكريم، فكان وصفا حافلا بمزايا القرآن، جامعا لفضائله؛

  -    روى الترمذيّ عن عليّ رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقول: «ألا إنها ستكون فتنة. فقلت: ما المخرج منها يا رسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخبر ما بعدكم، وحكم ما بينكم، هو الفصل، ليس بالهزل، من تركه من جبّار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضلّه الله، وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم. هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق (لا يبلى) على كثرة الردّ، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجنّ إذ سمعته حتى قالوا: {إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ} [الجن]. ومن قال به صدق ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم».

القرآن معجزة مبهرة

من المعلوم أن لهذا القرآن ما يشبه السحر في تأثيره على النفوس والقلوب، ومن الثابت تاريخيا أن هذا التأثير كان له فعله في أنفس المؤمنين خاصّة، وفي أنفس المشركين عامة، والآن بعد تعاقب الشهور والسنين والقرون لا تزال للقرآن جدّته، ولا يزال له تأثيره، بل زادت قوّته قوة وحجّته حجة، فملايين المسلمين يطبقون أحكام القرآن ويطيعون أوامره بشكل اختياري ومن غير أي إجبار أو إكراه، وملايين الألسنة تتلوه صباح مساء، وإذا عات العالم تبثّ آياته من أقصى الأرض إلى أقصاها، والمطابع تدفع كلّ يوم آلاف النسخ إلى جميع أنحاء العالم، وفي كلّ عام نجد القرآن الكريم ينير بآياته مساحة جديدة من الأرض، وينشر الإسلام في أناس لم يكونوا في عداد المسلمين من قبل. ومع ذلك فإنّ المسلم يجد هذا الأثر جزئيا بالمقارنة مع ما يطمح إليه من وصول هداية القرآن للناس جميعا، وتخليص العالم من شرور المدنية المادية الحديثة، وإنقاذهم من واقع حياتهم المليء بالرذائل والأهواء والتفنّن في إثارة الشهوات.

    -  وهذا الوليد بن المغيرة، وهو كافر يظهر العداوة لرسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصف القرآن الكريم وصفا دقيقا وصادقا يشهد بفضل كلام الله وعظمته وتميزه عن كلام المخلوقين؛ أخرج الحاكم في المستدرك والبيهقي في دلائل النبوة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: إن الوليد بن المغيرة المخزوميّ، وهو أحد رؤساء قريش، جاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فقرأ عليه القرآن. فكأنّه رقّ له، وقال: يا عجبا لما يقول ابن أبي كبشة- يعني محمدا صلّى الله عليه وسلّم- فو الله ما هو بشعر، ولا سحر، ولا بهمز من الجنون، وإنّ قوله لمن كلام الله. فلما سمع بذلك النفر من قريش ائتمروا وقالوا: والله لئن صبأ الوليد لتصبون قريش. فلما سمع بذلك أبو جهل بن هشام قال: أنا والله أكفيكم شأنه، فانطلق حتى دخل عليه بيته فقال: يا عمّ، إنّ قومك يريدون أن يجمعوا لك مالا ليعطوكه، فإنك أتيت محمدا لتعرض لما قبله. قال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال: فقل فيه قولا يبلغ قريشا أنك تنكر له.
فقال: وماذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالشعر مني، لا برجزه ولا بقصيده، ولا بأشعار الجنّ. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئا من هذا. والله إن لقوله الذي يقول لحلاوة، وإن عليه لطلاوة، وإنه لمثمر أعلاه، مغدق أسفله، وإنه ليحطم ما تحته، وإنه ليعلو وما يعلى عليه. فقال أبو جهل: والله ما يرضى عنك قومك حتى تقول فيه قولا. قال: فدعني أفكر، فلما فكّر قال: هذا سحر يؤثر، يأثره عن غيره. فخرج على قومه بهذا القول الآثم، فأنزل الله فيه قوله تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ (23) فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ} [المدثر].









[1] http://www.hiramagazine.com/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%B1%D9%88%D8%AD-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%8A%D8%A9
[2]  تفسير القرآن العظيم،                                                                                                                                                        
[3]  رواه مسلم
[4]  المسند (22846) وابن ماجه (3781) وقال البوصيري في الزوائد: رجاله ثقات، وأخرجه الدارمي (3391) من حديث ابن بريدة عن أبيه.
[5]  فضائل القرآن وما أنزل من القرآن بمكة وما أنزل بالمدينة - بن الضريس بن يسار الضريس البجلي الرازي (المتوفى: 294هـ)
 [6]  فضائل القرآن للقاسم بن سلام
                                                                                                                                                                                                                                

0 comentarios:

Publicar un comentario