jueves, 4 de junio de 2015

الأمل و الرجاء وحسن الظن بالله تعالى

0 comentarios
 
ملازمة الخوف للرجاء لا يفترقان

أن الحديث عن الخوف لا يستكمل بنوده إذا لم يبحث موضوع الرجاء ، وذلك خشية الوقوع في التعسير الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله : ( يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا ) ، رواه البخاري .
فاسم الرجاء غالباً ما يرد مقروناً بالخوف أو بأحد معانيه ، وهذا القِران ورد في القرآن الكريم بقوله تعالى : { أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيّهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه إنّ عذاب ربك كان محذوراً } الإسراء ، 57.
- وقال تعالى :{ أمَّن هو قانت آناء الليل ساجداً وقائماً يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب } ، الزمر ، 9 .

    - كما ورد أيضاً في السنة الشريفة ، حيث ذُكر أنه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على شاب وهو في سياق الموت ، ( فقال : " كيف تجدك ؟ " فقال : أرجو الله يا رسول الله وأخاف ذنوبي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يجتمعان في قلب عبد ، في مثل هذا الموطن ، إلا أعطاه الله ما يرجو وآمنه مما يخاف " ) رواه ابن ماجه .
   ولهذا لم يفرق الحارث المحاسبي في تعريفه للرجاء بينه وبين الخوف فكان مما قال : الرجاء هو " أن ترجو قبول الأعمال ، وجزيل الثواب عليها ، وتخاف مع ذلك أن يرد عليك عملك ، أو يكون قد دخلته آفة أفسدته عليه " .
 - وقال أبو علي الروذباري : الخوف والرجاء كجناحي الطائر إذا استويا استوى الطير وتم طيرانه . وإذا نقص أحدهما وقع فيه النقص . وإذا ذهبا صار الطائر في حد الموت . 

 ما معنى الرجاء
-  الرَّجاءُ كما عَرَّفهُ أهلُ العلمِ: حادٍ يحدو القلوبَ إلى بلاد المحبوبِ، وهو اللهُ والدَّارُ الآخرةِ، ويطيب لها السير

وقيل: هو الاستبشارُ بجودِ وفضلِ الرَّبِّ تباركَ وتعالى، والارتياحِ لمطالعةِ كرمهِ سبحانهُ، وهو فرضٌ لازمٌ على كُلِّ مسلمٍ .

-  جاء في معنى الرجاء أنه : " حسن الظن بالله تعالى في قبول طاعة وُفِّقت لها أو مغفرة سيئة تُبت منها " .
-  وقيل: هو الثقة بجود الرب تعالى.

-  قال إبراهيم -عليه السلام- كما ذكر الله تعالى: ﴿وَالَّذِي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾  [الشعراء: 82.

حقيقة الرجاء وعلامته:

... وكان الرجاء اسماً من جملة الثلاثة، وبيانه أن كل ما يلاقيك من مكروه ومحبوب فينقسم إلى موجود في الحال وإلى موجودٍ فيما مضى وإلى منتظر في الاستقبال، فإذا خطر ببالك موجودٌ فيما مضى سمى ذكراً وتذكراً، وإن كان من خطر بقلبك موجوداً في الحال سمي وجداً وذوقاً وإدراكاً وإنما سمي وجداً؛ لأنها حالة تجدها من نفسك، وإن كان قد خطر ببالك وجود شيء في الاستقبال وغلب ذلك على قلبك سمي انتظاراً وتوقعاً، فإن كان المنظر مكروهاً حصل منه ألم في القلب سمي خوفاً وإشفاقاً، وإن كان محبوباً حصل من انتظاره وتعلق القلب به وإخطار وجوده بالبال لذة في القلب وارتياح سمي ذلك الارتياح رجاءً، فالرجاء هو ارتياح القلب لانتظار ما هو محبوب عنده [1] 
حسن الظن بالله من تمام الرجاء :
                                                                                     
         ولا تظنن بربك سوءا        فان الله اولى بالجميل
                                                                                                                                             
   -  روى البخاري ومسلم وأحمد واللفظ له عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الأَسْقَعِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ « قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِى فَلْيَظُنَّ بِى مَا شَاءَ

  -  وفي صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام: «لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بربه». 

·        ما ظنك باثنين الله ثالثهما

-  وقال عبد الله بن مسعود  رضي الله عنه : "والذي لا إله غيرُه ما أُعطي عبدٌ مؤمن شيئاً خيراً من حسن الظن بالله عز  وجل، والذي لا إله غيره لا يحسن عبد بالله عز وجل الظن إلا أعطاه الله عز وجل ظنَّه؛ ذلك بأنَّ الخيرَ في يده» رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.

-  قال سهل القطعي رحمه الله: رأيت مالك بن دينار رحمه الله في منامي، فقلت: يا أبا يحيى ليت شعري، ماذا قدمت به على الله عز وجل؟ قال: قدمت بذنوب كثيرة، فمحاها عني حسن الظن بالله رواه ابن أبي الدنيا في حسن الظن.


رجاء رحمة الله لا يكون مع ترك الطاعات وعدم الالتزام بالنواهي

رجاء رحمة الله لا يكون مع ترك الطاعات وعدم الالتزام بالنواهي ، فإن هذا يسمى اغتراراً
   -  ويقول ﴿ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا الكهف: 110.
بين الرجاء والتمني والغرور
فالتمني: رجاء مع الكسل، والرجاء: تمن مع العمل..

 فالطالب الذي يلعب طوال السنة ثم إذا جاء وقت الامتحان تمنى أن يكون من الأوائل صاحب أماني، ومن الصعب أن تتحقق أمنيته، وأما الطالب الذي يجتهد طوال السنة ثم يتمنى أن يكون من الأوائل فإن أمنيته من الممكن جداً أن تتحقق، فالأول صاحب تمني، والثاني صاحب رجاء، وهذا هو الفرق بين التمني والرجاء.

كذلك الفلاح الذي يهتم بزرعه فيسقيه ويسمده وينميه ثم يأمل أن يأتي المحصول جيداً هذا العام، فهذا من باب الرجاء، وأما المتمني فقط فهو الذي يغرس زرعاً ثم لا يعبأ به ولا يهتم به، ثم يتمنى أن ينبت له الزرع، ويجمع المحصول.

-  قال شوقي رحمه الله :
 وما نيل المطالب بالتمنى      ولكن تؤخذ الدنيا غلابَ
وما استعصى على قوم منال     إذا الإقدام كان لهم ركابَ

   - والله تعالى يقول :{ يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنَّكم الحياة الدنيا ولا يغرنّكم بالله الغرورفاطر 5.
  -  لذلك قال الله تعالى:  ( ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا )

وقال مسروق وقتادة في سبب نزولها  : احتج المسلمون وأهل الكتاب ، فقال أهل الكتاب : نحن أهدى منكم : نبينا قبل نبيكم ، وكتابنا قبل كتابكم ، ونحن أولى بالله منكم . وقال المسلمون : نحن أهدى منكم ، وأولى بالله : نبينا خاتم الأنبياء ، وكتابنا يقضي على الكتب التي قبله .

-  وقال عليه الصلاة والسلام : الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني . رواه الترمذي وقال حديث حسن 



-  قال يحيى بن معاذ: من أعظم الاغترار عندي: التمادي في الذنوب مع رجاء العفو من غير ندامة، وتوقع القرب من الله -تعالى- بغير طاعة، وانتظار زرع الجنة ببذر النار، وطلب دار المطيعين بالمعاصي، وانتظار الجزاء بغير عمل، والتمني على الله عز وجل مع الإفراط.
    ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها       إن السفينة لا تجري على اليبس(14)
·        من كان يعلم أن له خبيئة مدخرة عند الله يعظم رجاءه فيه

يعلم في نفسه ما بينه وبين الله يرجوه منه . والله واسع الكرم .

اليأس سم قاتل وليس من حال المؤمن الياس

وحكم الله علي اليائسين بالبوار

فقال تعالي :( بَلْ ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَنقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَدًا وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ وَكُنتُمْ قَوْمًا بُورًا} ...
  - يقول الشهيد سيد قطب: وهكذا يوقفهم عرايا مكشوفين ، وجهاً لوجه أمام ما أضمروا من نية ، وما ستروا من تقدير ، وما ظنوا بالله من السوء . وقد ظنوا أن الرسول ومن معه من المؤمنين ذاهبون إلى حتفهم ، فلا يرجعون إلى أهليهم بالمدينة؛ وقالوا : يذهب إلى قوم قد غزوه في عقر داره بالمدينة ، وقتلوا أصحابه فيقاتلهم! يشيرون إلى أحد والأحزاب ولم يحسبوا حساباً لرعاية الله وحمايته للصادقين المتجردين من عباده .
لقد ظنوا ظنهم ، وزين هذا الظن في قلوبهم ، حتى لم يروا غيره ، ولم يفكروا في سواه . وكان هذا هو ظن السوء بالله ، الناشئ من أن قلوبهم بور . وهو تعبير عجيب موح . فالأرض البور ميتة جرداء . وكذلك قلوبهم . وكذلك هم بكل كيانهم . بور . لا حياة ولا خصب ولا إثمار . وما يكون القلب إذ يخلو من حسن الظن بالله؟ لأنه انقطع عن الاتصال بروح الله؟ يكون بوراً . ميتاً أجرد نهايته إلى البوار والدمار .( في ظلال القرآن)

الياس والقنوط صفة أهل الضلال
 -  وقال رب العزة سبحانه : ( قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ} (الحجر :56)
 -  فقال تعالى :{ إنه لا ييئس من روح الله إلا القوم الكافرون }، يوسف 87.

فالتشاؤم والطيرة شرك بالله تعالى ، فالمؤمن يثق بموعود الله تعالى فلا يحزن ولا يضيق صدره بل يعلم أنَّ الغلبة لابد لأهل الإيمان .
  إن اليأس داء خطير , العاجزون عن الإصلاح والمأجورون وأصحاب المصالح والمُعَوِّقون يزرعونه بين أفراد الأمة خدمة مجانية لأعدائها .
حيث يكون الرجاء كدواء أفضل عند من غلب على قلبه اليأس والقنوط من رحمة الله

-  وقد جاء في أخبار النبي يعقوب عليه السلام " أن الله تعالى أوحى إليه : أتدري لم فرقت بينك وبين يوسف عليه السلام هذه المدة ؟ قال : لا ، قال لقولك لاخوته : { أخاف أن يأكله الذئب وأنتم غافلون } لم خِفت الذئب عليه ولم ترجني له ، ولم نظرت إلى غفلة اخوته ولم تنظر إلى حفظي له ؟ ومِن سِبْقِ عنايتي بك أني جعلت نفسي عندك أرحم الراحمين فرجوتني ، ولولا ذلك لكنت أجعل نفسي عندك أبخل الباخلين " .

- وقال يحيى بن معاذ  : إلهي ، أحلى العطايا في قلبي رجاؤك . وأعذب الكلام على لساني ثناؤك . وأحب الساعات إلي ساعة يكون فيها لقاؤك . 

وفي معركة أحد يقول ربنا عن طائفة اليائسين:
 (ثُمَّ أَنزَلَ عَلَيْكُم مِّن بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُّعَاسًا يَغْشَى طَآئِفَةً مِّنكُمْ وَطَآئِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا قُل لَّوْ كُنتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحَّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} آل عمران : 154
) فالذين تهمهم أنفسهم فهم في قلق وفي أرجحة يحسون أنهم مضيعون ولم تطمئن قلوبهم إلى أن ما أصابهم إنما هو ابتلاء للتمحيص وليس تخلياً من الله عن أوليائه لأعدائه ولا غلبة للكفر والشر والباطل فهم الطائفة ذوو الإيمان المزعزع ولم تكتمل في قلوبهم حقيقة الإيمان , وهم لا يعرفون الله على حقيقته فهم يظنون بالله غير الحق كما تظن الجاهلية . ومن الظن غير الحق بالله أن يتصوروا أنه سبحانه مضيع جنده ودينه .
عظم رجاء الانبياء وثقتهم بالله تعالى :
 - في قصة ابراهيم عليه السلام يتجلى الأمل والرجاء : إبراهيم عليه السلام:  (وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ*إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ إِنَّا مِنْكُمْ وَجِلُونَ*قَالُوا لَا تَوْجَلْ إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ*قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ*قَالُوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلَا تَكُنْ مِنَ الْقَانِطِينَ *قَالَ وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلَّا الضَّالُّونَ) (الحجر :51-56)

الضالون عن طريق الله ، الذين لا يستروحون روحه ، ولا يحسون رحمته ، ولا يستشعرون رأفته وبره ورعايته .

   يقول سيد قطب : وكانت عقيماً لم تلد وقد أصبحت عجوزاً . ففاجأتها البشرى بإسحاق . وهي بشرى مضاعفة بأن سيكون لإسحاق عقبٌ من بعده هو يعقوب . والمرأة وبخاصة العقيم يهتز كيانها كله لمثل هذه البشرى ، والمفاجأة بها تهزها وتربكها وهو عجيب حقاً . فالمرأة ينقطع طمثها عادة في سن معينة فلا تحمل . ولكن لا شيء بالقياس إلى قدرة الله عجيب : ولا عجب من أمر الله . فالعادة حين تجري بأمر لا يكون معنى هذا أنها سنة لا تتبدل . (في ظلال القرآن)

·        وكذلك في قصة يعقوب عليه السلام وحزنه على أبنائه :  

حيث يفقد ابنه بنيامين متَّهَما بالسرقة فيكون رد فعله {قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ، كلمته ذاتها يوم فقد يوسف
. ( قَالُوا تَاللَّهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتَّى تَكُونَ حَرَضًا أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ)

 وهي كلمة حانقة مستنكرة . فيوسف ميئوس منه قد ذهب ولن يعود! ويرد عليهم الرجل بأن يتركوه لربه ، فهو لا يشكو لأحد من خلقه وهو على صلة بربه غير صلتهم ، ويعلم من حقيقته ما لا يعلمون

(قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ)


فإذا أصابك مكروه فقل يا الله وإذا وقعت بك واقعة فقل يا الله وإذا مرضت فقل يا الله يا الله يا الله ...

  ثم يوجههم يعقوب إلى تلمس يوسف وأخيه ، وألا ييأسوا من رحمة الله ، في العثور عليهما ، فإن رحمة الله واسعة وفرجه دائماً منظور

(يَا بَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلَا تَيْئَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُون)

·        موسى عليه السلام: 

     -  ولد بالأمل ويعيش بالأمل منذ كان رضيعا في اليم 

(وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ} (القصص)

     -   ويخرج مطاردا إلي مدين:

(وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاء مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَن يَهْدِيَنِي سَوَاء السَّبِيلِ}

    -  حتى يخرج من مصر بأمر الله وفي كنفه وتحت رعايته , ويتبعهم فرعون وجنوده , إن موسى وقومه أمام البحر ليس معهم سفين ولا هم يملكون خوضه وما هم بمسلَّحين .

  وقالت دلائل الحال كلها:أن لا مفر والبحر أمامهم والعدو خلفهم فظن أتباع موسي الغرق وأصابهم اليأس والشؤم

(فلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ)

وبلغ الكرب مداه ، وإن هي إلا دقائق تمر ثم يهجم الموت ولا مناص ولا معين !

ولكن موسى الذي تلقى الوحي من ربه ، لا يشك لحظة وملء قلبه الثقة بربه ، وإن كان لا يدري كيف تكون ,ولكن حاشا لنبي من أولي العزم أي يقربه اليأس والقنوط ...

, فما كان يمتلك خطة نجاة وما كان يعرف طريقا للهرب من بطش فرعون ولكن إن كان قد فقد الأسباب فمعه رب الأسباب , وإن كان بلا حول ولا قوه فحول الله وقوته تحيطانه من كل جانب فهو إذا بأمله وبثقته في ربه يملك النجاة والفوز المبين علي فرعون وجنوده
 (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ)

فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ } (الشعراء:61-63

 ولولا انتفاضة موسي وقلبه الذي ينبض بالأمل والثقة لأدركهم فرعون بسبب شؤمهم.

·        أما حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلها دروس في الأمل والرجاء والتفاؤل ...

  - وما أجمل قول الإمام حسن البنا رضي الله عنه : لا تيئسوا فليس اليأس من أخلاق المسلمين ، وحقائق اليوم أحلام الأمس ، وأحلام الأمس ، وأحلام اليوم حقائق الغد . ولا زال في الوقت متسع ، ولا زالت عناصر السلامة قوية عظيمة في نفوس شعوبكم المؤمنة رغم طغيان مظاهر الفساد . والضعيف لا يظل ضعيفاً طول حياته ، والقوي لا تدوم قوته أبد الآبدين : (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) القصص:5

الأمل والرجاء دوافع من أجل الاستمرار والبقاء .

                                                                                                              
  -  كما قال تعالى :  ﴿وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاء الْقَوْمِ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللّهِ مَا لاَ يَرْجُونَ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيما﴾ [النساء: 104]

    قال ابن كثير-رحمه الله-: "أي أنتم وإياهم سواءٌ فيما يصيبكم وإياهم من الجراح والآلام، ولكن أنتم ترجون من الله المثوبة والنصر والتأييد كما وعدكم إياه في كتابه وعلى لسان رسوله -صلى الله عليه وسلم- وهو وعد حق وخبر صدق وهم لا يرجون شيئاً من ذلك فأنتم أولى بالجهاد منهم وأشد رغبة فيه وفي إقامة كلمة الله وإعلائها.

   -  يقول الطغرائي في جزء من قصيدته :

                                                                 
أعلّل النفس بالآمال أرقبها      ما أضيق العيش لولا فسحة الأملِ

·        من يغرق في البجر يتعلق بعود قش.
·        لولا الأمل في الغد لما عاش المظلوم حتى اليوم.
·        أبلغ لحظات الرجاء هي لحظة احتضار الموت ..

·        ربما في لحظة واحدة قد يتحول كل شي ضدك وينقلب عليك حتى أحبابك وأصحابك، ويتنكر لك من كنت تحسن إليهم ، فتظلم الدنيا في وجهك وتسود الأمور بين عينيك ولكن تذكر حينها أن باب الأمل في الله لن يغلق والله معك، فكن مع الله يكن كل شي معك.
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                
·        وربما تجتمع عليك الهموم في ليلك ويفر الكرى من جفنك وتتقلب في مشاكلك وحدك فاعلم حينها أن الله لا تاخذه سنة ولا نوم .

·        إذا فقدت مالك فقد ضاع منك شئ له قيمة، وإذا فقدت شرفك فقد ضاع منك شئ لا يقدر بقيمة، وإذا فقدت الأمل فقد ضاع منك كل شئ.

   -  ففي جامع الترمذي، عن ابن مسعود  رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من نزلت به فاقة فأنزلها بالناس لم تُسَدَّ فاقتُه، ومن نزلت به فاقة فأنزلها بالله فيوشِكُ الله له برزق عاجل أو آجل». وإنزالها بالله: أن توقن وتظن أن الله تعالى يفرِّجُ عنك ويزيلها.


-  ومن عجيب ما في هذا الباب ما ثبت في صحيح البخاري يقول عبد الله بن الزبير رضي الله عنه ( لما وقفت مع أبي) يعني الزبير بن العوام رضي الله عنه ( لما وقفت معه يوم الجمل فقال يا بني إني لا أراني إلا سأقتل مظلوما ، وإن من أكبر همي الدين ، يا بني إذا مت فاقض عني ديني ، فإذا عجزت عن شيء منه فاستعن به على مولاي ، قال عبد الله : والله ما أدري من مولاه , حتى قلت يا أبتِ من مولاك؟ قال الزبير : إن مولاي هو الله ، قال عبد الله : والله ما وقعت في كربة من كرب دينه إلا قلت يا مولى الزبير اقض عنه دينه فيقضي عنه دينه).

الثقة في الله والأمل فيه سبحانه تصنع العجائب فبها :
                                                                                                                                                                                      

o       يصبح به القليل كثيرا ,, وقد قاله امحمد عليه الصلاة والسلام لصاحبه   "لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا " .

o       يصبح الضعيف قويا وقد قالها االله عز جل على لسان نوح لقومه: " فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُواإِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ "
o       يصبح البعيد قريبا وقد قاله لأوليائه الصابرين: "أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ"

o       يصبح الفقير غنيا وقد قال سبحانه: "إِنْيَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ "

o       ينال المرء التوفيق والسداد وقد قالها شعيب عليه السلام: " وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ "


رحمة الله وجوده ليس له حد ولا منتهى له من مطمع

   -  فقال عليه الصلاة والسلام : ( لما خلق الله الخلق كتب ، وهو يكتب على نفسه وهو وضعٌ عنده على العرش إن رحمتي تغلب غضبي ) ، رواه البخاري .

  -  وقال عليه الصلاة والسلام : ( جعل الله الرحمة في مائة جزء ، فأمسك عنده تسعة وتسعين جزءاً ، وأنزل في الأرض جزءاً واحداً ، فمن ذلك الجزء تتراحم الخلق ، حتى ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه ) ، رواه البخاري .

 -  فها هو التابعي الجليل أبو سفيان الثوري يفضّل رحمة الله عز وجل على رحمة أبويه فقال : " ما أحب أن يجعل حسابي إلى أبويّ ، لأني أعلم أن الله تبارك وتعالى أرحم بي منهما " .


-  يأتي جبريلُ عليه السلام إلى نبينا صلى الله عليه وسلم فيقول: "لما أغرق الله فرعون قال: (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) [يونس/90]، فلو رأيتني يا محمد وأنا آخذ من حال البحر(طين البحر الأسود) فأدسُّه في فيه؛ مخافةَ أن تدركَه رحمة الله» رواه الترمذي.

·        ان الله لا يخيب من يرجوه

إن كان من أصحابك من هم ذوو منصب ومال وجاه وأصحاب مروءة وشهامة كيف يكون فعلهم إذا علموا رجاءك فيهم وطلب إياهم ؟ ما كانوا ليردوك أو يرفضوك فما ظنك بالله تعالى ؟!! وهو ارحم الراحمين .

  -  وها هو الفضيل بن عياض ينظر في يوم عرفة إلى المؤمنين وهم واقفون يبكون ويتضرعون ، "فقال لرجل إلى جانبه : أرأيت أن هؤلاء كلهم واقفون على باب رجل من الأغنياء يطلبون دانقاً (الدانق : سدس الدرهم ) أكان يردّهم ؟ فقال : لا ، قال : فإن المغفرة عند الله تعالى أهون من دانق عند أحدكم" .


فوائد أخر للرجاء مما ذكره ابن القيم -رحمه الله-:
1.    إظهار العبودية والفاقة والحاجة إلى ما يرجوه من ربه ويستشرفه من إحسانه وأنه لا يستغني عن فضله وإحسانه طرفة عين.
2.    أنه سبحانه يحب من عباده أن يؤملوه ويرجوه ويسألوه من فضله لأنه الملك الحق الجواد أجود من سئل وأوسع من أعطى.
3.    أن الرجاء حادٍ يحدو به في سيره إلى الله ويطيب له المسير ويحثه عليه ويبعثه على ملازمته.
4.    أن الرجاء يطرحه على عتبة المحبة ويلقيه في دهليزها فإنه كلما اشتد رجاؤه وحصل له ما يرجوه ازداد حبا لله تعالى وشكرا له ورضى به وعنه.
5.    أنه يبعثه على أعلى المقامات وهو مقام الشكر الذي هو خلاصة العبودية فإنه إذا حصل له مرجوه كان أدعى لشكره.
6.    أنه يوجب له المزيد من معرفة الله وأسمائه ومعانيها والتعلق بها فإن الراجي متعلق بأسمائه الحسنى متعبد بها وداع.
7.    أن العبد إذا تعلق قلبه برجاء ربه فأعطاه ما رجاه كان ذلك ألطف موقعاً، وأحلى عند العبد وأبلغ من حصول ما لم يرجه..[2]
la esperanza


Queridos hermanos, la esperanza es una fuente de seguridad y de sosiego, además es un rayo que aclara las tinieblas de las rutas e ilumina los senderos, con la cual crece el árbol de la vida y prosperan las construcciones, con la cual saborea el hombre la felicidad, siente el gusto de la vida. 

 La esperanza en la vida es lo que impulsa al agricultor a trabajar duramente hasta el sudor. Lo que incita al comerciante a viajar buscando nuevos horizontes es la esperanza de obtener buenas ganancias. Lo que estimula al estudiante a esforzarse es la esperanza de aprobar. Lo que incita al soldado a luchar es la esperanza en la victoria. Lo que hace que el paciente soporte la amargura de la medicina es la esperanza en su curación y lo que empuja al creyente a luchar contra sus deseos obedeciendo a Allah es la esperanza de conseguir complacer a Allah y conseguir el paraíso. De no ser por la esperanza se hubiera perdido la obra/ acción.

Por un lado, la esperanza es el secreto de la vida, motor de su actividad, alivio de sus desgracias, motivo de placer y gusto en ella. Por otro lado, la desesperación es un obstáculo, y el apagón de la llama en nuestro corazón 

Existe una correlación consistente entre la desesperación y la incredulidad.

Los incrédulos son los más desesperados, y los desesperados son los más incrédulos.

 -   Allah Todopoderoso dice:" …pues sólo desespera de la misericordia de Allah la gente que se niega a creer".


·        Y aparece esa desesperación claramente cuando el hombre sufre desgracias,

  -  Allah dice: "Si le hacemos probar al hombre una misericordia procedente de Nosotros y luego se la quitamos, se queda desesperado y es ingrato".

Toda persona que pierde la certeza firme en Allah, en su perfección, su divinidad, su existencia, su sabiduría y su justicia, se priva de la esperanza y ve solo el lado negro de la vida, su mirada a la gente, a la vida y al universo es pesimista, ve la tierra como una selva donde las personas son salvajes y siente que vivir es una carga insoportable. Es la mirada de los desesperados y los errantes, los de poca fe.

El creyente se refugia en su Señor Misericordioso Piadoso, Todopoderoso Generoso, el Perdonador, el Amoroso, Dueño del Trono sublime, El que hace lo que quiere .Vive en la esperanza positiva ilimitada, y ruego firme, siempre optimista, mira la vida con una sonrisa en la cara, y recibe sus eventos con gran confianza.

   Si el creyente comete un pecado, no desespera del perdón, por muy grande que sea el pecado, porque el perdón de Allah es mayor.

   - Dice Allah Altísimo:"Di: ¡Siervos míos que os habéis excedido en contra de vosotros mismos, no desesperéis de la misericordia de Allah, es verdad que Allah perdona todas las faltas, pues Él es el Perdonador, el Compasivo!"
    Si un creyente sufre una desgracia de las desgracias de la vida, tendrá la ilusión de que Allah le recompense su calamidad, y se la reemplace por algo mejor,

 Allah Altísimo dice: "Aquéllos que cuando les ocurre alguna desgracia dicen: "De Allah somos y a Él hemos de volver" (156) Bendiciones de su Señor y misericordia se derramarán sobre ellos. Son los que están guiados"

  -   Ellos encuentran en el hecho de acudir a Allah un refugio de los peligros,  compañía en la soledad y victoria en la minoría.

  -  El enfermo se dirige hacia Él cuando los médicos no encuentran remedio a su enfermedad.

  -  A Él se dirige el oprimido esperando que algún día, no muy lejano, recupere su derecho del opresor, porque no existe ningún velo entre la plegaria del oprimido y Allah.

Este es el significado positivo de la esperanza ... la fe sola, e insisto en la palabra sola, pues es la que crea la esperanza dentro de las almas.







[1]  إحياء علوم الدين،4/ 142.
[2]   انظر:"مدارج السالكين"لابن القيم 2/36 - 

0 comentarios:

Publicar un comentario