sábado, 20 de junio de 2015

فلسفة رمضان

0 comentarios
-  قال تعالى : { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (185) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

رمضان من نفحات الرحمن :
روى الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن لربكم في أيام دهركم نفحات، فتعرضوا لها، لعله أن يصيبكم نفحة منها فلا تشقون بعدها أبدا".

فما هي النفحات التي رغَّبنا صلى الله عليه وسلم في التعرض لها؟

النفحات الإلهية الواردة في الحديث الشريف، فهي نسمات وهبات من عالم الغيب، يتفضل بها الكريم سبحانه على عباده، رحمة بهم، وتوددا لتقريبهم، ليفيض عليهم، أرزاقا باطنية قلبية، يحس معها العبد بيقظة قلبية، فيقبل على ربه، ويتذوق حلاوة الإيمان، ويستشعر السكينة تتنزل على قلبه، فتفتح أمامه باب الرجاء داعيا، وباب التوبة ذليلا منكسرا، وباب المجاهدة قائما صابرا، فتنشط الجوارح بأمر سلطان القلب.

ونفحات الله في كونه منها الدائمة ومنها الموسمية، فالله سبحانه وتعالى، خلق الخلق بقدرته وحكمته، واصطفى ما يشاء من مخلوقاته، سواء كان بشرا أو زمانا أومكانا، قال تعالى: وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة [1]، فكما اصطفى من البشر رسله وأولياءه، اصطفى من الأمكنة المساجد، ومن الأزمنة مواسم الخير، وساعات تنزل الرحمات، وحث عباده للتعرض لخيراتها وأنوارها وسكينتها.

فاحمد الله عز وجل على أن بلّغك رمضان، فها أنت ما زلت حيا وغيرك قد رحل، ومعافى وغيرك مريض، وحرا طليقا وغيرك في غياهب السجون، فما تنتظر؟.
الخصائص العامة لرمضان :
لعل من نافلة القول التذكير بما خُص به شهر الصيام من فضائل جامعة، فهو غُرَّة الشهور، والركن العظيم في بناء الدين، والمخصوص بالذكر في القرآن الكريم، والمتوج باشتماله على ليلة هي خير من ألف شهر، وهو الزمن الفاضل الذي اختاره الله عز وجل لنزول كلامه على خيرة خلقه...

  - في الحديث : - "أعطيت أمتي خمس خصال في رمضان لم تعطهن أمة من الأمم قبلها: خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا، ويزين الله كل يوم جنته ويقول: يوشك عبادي الصالحون أن يُلْقُوا عنهم المؤونة والأذى ويصيروا إليك، وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، ويغفر لهم في آخر ليلة، قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال: لا، ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله" [1]
رمضان محطة للسمو والصفاء وصرف الهمة الى الله
ألا إن رمضان يحكي قصة صفاء قلب وأشواق روح ووصال السماء بالأرض وانسكاب النور الإلهي على ظلَم الأرض وحوالكها... فما أحوج الأمة لأرباب القلوب وأطبائها لتعود صافية شاهدة على الأمم كما كانت في عهد النور النبوي الراشدي...

-  ويقول الإمام الشهيد حسن البنا (رحمه الله): "إن الله تبارك وتعالى جعل هذا الشهر معظماً، فاختصه بمزايا كثيرة، وجعله مرحلة من مراحل الحياة الثمينة، ومحطة من محطات السير فيها على النهج القويم، يصرف المسلم فيه أعظم همته إلى الله، ويتجه فيه بكليته إلى آخرته، والسمو بروحه قبل مادته، فهو شهر الروحانية وصفاء النفس والمناجاة والإقبال على الله، والاستمداد من القوي العلي الكبير، والاتصال بالملإ الأعلى (...) فشهر رمضان سؤال ومناجاة وهداية ورشاد ليعد الصائم فيه نفسه، ويبعدها عن خلط المادة لترقى ببشريتها وتتصل بربها.
-  ويقول الأستاذ مصطفى صادق الرافعي (رحمه الله) بتصرف: "هذا على الحقيقة ليس شهرا، بل -والله- أشبه بفصل الشتاء في حلوله على الدنيا بالجو الذي من طبيعته السحب والغيث، ومن عمله إمداد الحياة بوسائل لها ما بعدها إلى آخر السنة، ومن رياضته أن يكسبها الصلابة والانكماش والخفة، ومن غايته إعداد الطبيعة للتفتح عن جمال باطنها في الربيع الذي يتلوه.

كما أن هذا الشهر يدخر فيه الجسم قواه المعنوية التي يودعها مصرف روحانيته، ليجد منها عند الشدائد مدد الصبر والثبات والعزم والجد (...) ألا ما أعظمك يا شهر رمضان! لو عرفك العالم حق معرفتك لسماك مدرسة الثلاثين يوما!" .[2]

رمضان محطة للتغيير
   ومن بين أسمى الغايات التي يجب أن يسعى المسلم لتحقيقها في هذا الشهر الكريم إصلاح النفس وتغيرها نحو الأفضل، فرمضان فرصة عظيمة للتغيير، فكل ما في رمضان يتغير، سلوك وعبادة وخلق، فهو يمضي بنا وتتغير فيه بعض أحوالنا، ونسعى جاهدين إلى تغيير أنفسنا.

والمحفزات للتغيير في هذا الشهر المبارك عديدة ومتنوعة، فلابد للمسلم أن يستشعرها لكي يدخل في أجواء رمضان، ومن ثم يبدأ معها في التغيير الحقيقي وليس التغيير المؤقت، فإن لم يستشعر المسلم هذه المحفزات كان التغيير في رمضان تغير وقتي ينتهي بانتهائه.

               ومحفزات التغيير في هذا الشهر المبارك تنقسم إلى قسمين : محفزات داخلية وأخرى خارجية.

أما المحفزات الداخلية: فهي تتعلق بالجانب الروحي للإنسان ومدى صلته بخالقه عز وجل، والثواب الجزيل الذي أعده الله للصائمين؛ ويتم ذلك من خلال فهم واستيعاب النصوص الواردة في القرآن الكريم والسنة المطهرة .

والمحفزات الخارجية : فهي تتعلق بالأجواء الإيمانية المحفزة للطاعة خلال هذا الشهر الكريم من خلال تعايش المسلم مع من حوله.
-  اجتماع كافة المسلمين على صيام هذا الشهر والعبادة فيه، وهو ما يحفز المسلم للاستمرار في العبادة
­            -  تغير السلوك من حيث الطعام والشراب والعبادة، وضبط النفس والتحكم بها
-  تلازم أداء العبادات واستمرارها ما بين سحور وصيام وصلاة وفطور وقيام وتهجد طوال الشهر دون انقطاع، فالمسلم طوال هذه المدة في تكامل لأنواع مختلفة من العبادات مما يساعد على الاستمرار في الطاعة.

-  السلوك الإيجابي الجماعي من خلال التزام المسلمين بحفظ ألسنتهم وجوارحهم مما يحفز على روح الألفة والمحبة ويساعد على التغيير.

رمضان شهر الأجر والمغفرة والرحمة
   -  في الحديث : "الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر" .[3]
   -  فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما وحضر رمضان: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء وينظر الله تعالى الى تنافسكم ويباهي بكم ملائكته فأروا الله تعالى من أنفسكم خيرا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله عز وجل" .[4]

   -  قال سلمان الفارسي رضي الله عنه: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر يوم من شعبان فقال: "يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم مبارك، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، شهر جعل الله صيام نهاره فريضة وقيام ليله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه، ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فيه رزق المؤمن، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه وعتقا لرقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شئ، قالوا: يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم عليه؟ فقال صلى الله عليه وسلم: يعطي الله هذا الثواب من فطر صائما على تمرة، أو على شربة ماء، أو مذقة لبن. وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة، وآخره عتق من النار. واستكثروا فيه من أربع خصال: خصلتين ترضون بهما ربكم وخصلتين لا غناء بكم عنهما، فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم: فشهادة أن لا إله إلا الله وتستغفرونه، وأما اللتان لا غناء بكم عنهما: فتسألون الله الجنة، وتعوذون به من النار. ومن سقى صائما سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة" .[5]

الأستاذ عبد السلام ياسين (حفظه الله) بتصرف يسير -جدا "أتى –رمضان- إلينا حاملا بين ثناياه عبق الرحمة ونسمات المغفرة وبشرى العتق من النار، يكسو الكائنات ذلا وخشوعا للواحد القهار، ويضفي على القلوب انكسارا وخضوعا بين يدي العزيز الغفار، وترفرف القلوب عنده شوقا ورجوعا إلى الرحيم المنان.. ضيفا عندما يضع رحاله بين ظهرانينا فلا بد للأرواح أن تلتقي طمعا في كرم الرحمن، ولا بد للأنفس أن ترتقي لتعانق الجنان، يا فوز من بلغه فجادت نفسه ولو بشق تمرة تنقذه من النار، ويا فلاح من أدركه فترقرقت من عينه دمعة يذرفها في دجى الأسحار، ويا سعد من عانقت دعواته ليلة القدر فعاش هنيئا ينعم باستمرار."
-  عن أبي أمامة وجابر- رضي الله عنهما - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إن لله عند كل فطر عتقاء وذلك في كل ليلة "[6]
رمضان موسم للتجارة مع الله وسوق رابحة في المضاربة للاخرة :

يا باغي الخير أقبل :

   -  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - "إذا كان أول ليلة من شهر رمضان صفدت الشياطين ومردة الجن، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب، وفتحت أبواب الجنة فلم يغلق منها باب، وينادي مناد: يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أقصر، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة".[7]
    اتخذ الصحابة رضي الله عنهم هذا الشهر الكريم ، سوق تجارة مع الحق سبحانه، يحطون فيه رحالهم، بعد انتظار وشوق ليتزودوا لمستقبل أيامهم، لأنهم يعلمون نفحات دهره، بل تذوقوها آناء الليل وأطراف النهار، فلا غرو أن نجدهم قد شدوا الرحال مبكرا...

   -   قال معلى بن الفضل (رحمه الله): "كانوا يدعون الله ستة أشهر أن يبلغهم رمضان! ثم يدعون ستة أشهر أن يتقبل منهم"
   -  وقال يحيى بن أبي كثير (رحمه الله): "كان من دعائهم: اللهم سلمني إلى رمضان، وسلم لي رمضان، وتسلمه من متقبلاً" .

   -  وعن أنس رضي الله عنه قال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا نظروا إلى هلال شعبان أكبوا على المصاحف يقرؤونها، وأخرج الأغنياء زكاة أموالهم ليتقوى بها الضعيف، والمسكين على صيام رمضان، ودعا الولاة أهل السجن فمن كان عليه حد أقاموه عليه، وإلا فخلوا سبيله، وانطلق التجار فقضوا ما عليهم وقضوا ما لهم حتى إذا نظروا هلال رمضان اغتسلوا واعتكفوا.[8]

 -قال مالك بن دينار: إن الأبرار لتغلي قلوبهم بأعمال البر، وإن الفجار لتغلي قلوبهم بأعمال الفجور، والله يرى همومكم، فانظروا ما همومكم رحمكم الله. 

* * * * * * *
  - و"عَنْ ‏ ‏طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ رَضِيَ الله عَنْه‏ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ ‏ ‏ بَلِيٍّ ‏ ‏قَدِمَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏ ‏وَكَانَ إِسْلَامُهُمَا جَمِيعًا فَكَانَ أَحَدُهُمَا أَشَدَّ اجْتِهَادًا مِنْ الْآخَرِ فَغَزَا الْمُجْتَهِدُ مِنْهُمَا فَاسْتُشْهِدَ ثُمَّ مَكَثَ الْآخَرُ بَعْدَهُ سَنَةً ثُمَّ تُوُفِّيَ، قَالَ ‏ ‏طَلْحَةُ: ‏ ‏فَرَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ بَيْنَا أَنَا عِنْدَ بَابِ الْجَنَّةِ إِذَا أَنَا بِهِمَا فَخَرَجَ خَارِجٌ مِنْ الْجَنَّةِ فَأَذِنَ لِلَّذِي تُوُفِّيَ الْآخِرَ مِنْهُمَا ثُمَّ خَرَجَ فَأَذِنَ لِلَّذِي اسْتُشْهِدَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَيَّ فَقَالَ: ارْجِعْ فَإِنَّكَ لَمْ يَأْنِ لَكَ بَعْدُ. فَأَصْبَحَ ‏ ‏طَلْحَةُ ‏ ‏يُحَدِّثُ بِهِ النَّاسَ فَعَجِبُوا لِذَلِكَ فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ‏‏وَحَدَّثُوهُ الْحَدِيثَ فَقَالَ: "مِنْ أَيِّ ذَلِكَ تَعْجَبُونَ"؟ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا كَانَ أَشَدَّ الرَّجُلَيْنِ اجْتِهَادًا ثُمَّ اسْتُشْهِدَ وَدَخَلَ هَذَا الْآخِرُ الْجَنَّةَ قَبْلَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏ "‏أَلَيْسَ قَدْ مَكَثَ هَذَا بَعْدَهُ سَنَةً"؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ: "وَأَدْرَكَ رَمَضَانَ فَصَامَ وَصَلَّى كَذَا وَكَذَا مِنْ سَجْدَةٍ فِي السَّنَةِ"؟ قَالُوا: بَلَى، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ‏ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏"‏فَمَا بَيْنَهُمَا أَبْعَدُ مِمَّا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ"" .[9]
  - وكيف لا يكون ذلك كذلك وفيه ليلة يضاعف فيها عمر الإنسان في أجل الأعمال، ساجدا، راكعا، ذاكرا، داعيا ، مخبتا، وما أدراك ما ليلة القدر، ليلة القدر خير من ألف شهر .

شهر رمضان موسم للتدريب على الرجولة الإيمانية
                                                                                                          
   إن شهر رمضان موسم للتدريب على الرجولة الإيمانية تعلما للصبر وتدريبا على القصد في المؤونة وتجنبا للتبذير والإسراف واكتسابا لأسباب الانبعاث متى عرض المسلمون نفوسهم على المصحة النبوية ليتعافًوا من أمراضهم النفسية: أنانية وشح وتراخ وفُرقة وتكديس الثروات وصراع على زعـامات وهمية.

لقد اقترن شهر رمضان في السيرة النبوية بأعظم الفتوحات وأكبر الانتصارات: غزوة بدر الكبرى وفي أول رمضان صامه المسلمون، وفتح مكة، وغزوة تبوك حيث كان الفصل صيفا والمؤونات الغذائية نادرة فسميت لذلك غزوة العسرة..

  لم يكن صيام شهر رمضان وقت نوم وتثاقل، بل كان شهر جهاد مزدوج، ومن لم يقو على جهاد شهوات نفسه أنى له أن يكون في الموعد لينال عطايا الرحمن في شهر أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار.

رمضان فرصة اغتنمها قد لا توفق بعدها لغيرها :

تدارَكِ الفرصة قبل أن تندمَ على فواتها، وإيَّاك ثم إيَّاك من التسويف؛

  - قال الماوردي - رحمه الله -: "فينبغي لمن قدرَ على ابتداء المعروف أن يعجِّلَه؛ حذرًا مِن فواته، ويبادر به خيفة عجزه، ويعتقد أنه من فُرصِ زمانه وغنائم إمكانه، ولا يمهله ثقةً بالقدرة عليه؛ فكَم مِن واثقٍ بقدرة فاتتْ فأعقبتْ ندمًا، ومُعَوِّل على مُكْنة زالتْ فأورثتْ خَجلاً، ولو فَطنَ لنوائب دهْره وتحفَّظَ من عواقب فكره، لكانتْ مغارمه مدحورة، ومغانمه مَحْبورة، وقيل: مَن أضاعَ الفرصة عن وقتها، فليكنْ على ثقة من فوتها.

-  وقال ابنُ القَيِّم - رحمه الله -: والله - سبحانه - يعاقب من فتحَ له بابًا من الخير، فلم ينتهزْه بأن يحولَ بين قلبه وإرادته، فلا يمكنه بعدُ من إرادته عقوبةً له.

إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُكَ فَاغْتَنِمْهَا       فَعُقْبَى كُـلّ خَافِقَةٍ سُـكُونُ 
وَلاَ تَغْفلْ عَنِ الإِحْسَانِ فِيهَا      فَلاَ تَدْرِي السُّكُونُ مَتَى يَكُونُ

أيام رمضان تمر سراعا

 -أيام رمضان شأن سائر الأيام تمر سراعا، بل ربما هي أسرع من غيرها، وهذا يتطلب عزيمة صادقة وهمة عالية في ترتيب الأوقات واغتنام النفحات -وما أكثرها في شهر البركات- وترتيب الوقت في هذا الشهر الكريم من أهم مفاتيح جني الثمرات، وذلك برصد أوقات محددة لكل عبادة حسب ما تسمح به الأحوال، والحذر من لصوص الوقت من الرفقاء والثقلاء والطفيليين،   -قال تعالى: {وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا} [الأنعام:70]، مع الحذر أيضا من آفات الكسل والتسويف، وشغل النفس بأمور يمكن تداركها بعد فوات الشهر الكريم، والانشغال بالمهم عن الأهم. 

 -  قال أبو بكر الوراق: استعن على سيرك إلى الله بترك من شغلك عن الله عز وجل، وليس بشاغل يشغلك عن الله عز وجل كنفسك التي هي بين جنبيك. 



[1] رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة.
[2] وحي القلم
[3] رواه مسلم وغيره.
[4] رواه الطبراني في الكبير.
[5] رواه ابن خزيمة في صحيحه.
[6] صحيح الجامع
[7] أخرجه الترمذي عن أبي هريرة
[8] من (كتاب الغنية).
[9] خرجه ابن ماجه (3925)، وابن حبان (2466)، والبيهقي في " الزهد " (73/ 2)، وأحمد (1/ 161 - 162 و163)، وابن خزيمة في "صحيحه" (310)، والحاكم (1 / 200) وصححه الألباني في "السلسلة الصحيحة"

0 comentarios:

Publicar un comentario