jueves, 11 de junio de 2015

التوبة فرصة للرجوع و بداية حياة

0 comentarios
التوبة النصوح


التوبة فرصة للرجوع و بداية حياة ونهاية حياة وخروج من ضغط الذنب وأزمة المعصية

·        يدل - أولا - على أن الإنسان مهما كبا وسقط، بل مهما أسرف على نفسه في الذنوب والخطايا: يمكن أن ينهض ويغتسل ويتطهر فيحيا - من ثم - حياة ملؤها الطهر والاستقامة والضياء والسمو.

  *  ربما يتوّهم أنّ في تشريع التوبة والدعوة إليها إغراءً بالمعصية ، وتحريضاً على  ترك الطاعة ، بدعوى أنّ الإنسان إذا أيقن أنّه سبحانه يقبل توبته رغم اقترافه  المعاصي ، تزيد جرأته على هتك الحرمات ، والانهماك في الذنوب ، فيدق باب كل  قبيح ، معتمداً على التوبة. و لكنه توهم ساقط من أصله ، فإنّه لو كان باب التوبة موصداً في وجه  العصاة ، واعتقد المجرم بأنّ العصيان مرّة واحدة يدخله في عذاب اللّه ، فلا  شكّ أنّه سيتمادى في اقتراف السيئات وارتكاب الذنوب ، معتقداً بأنّه لو غيّر حاله  إلى الأحسن ، لما كان له تأثير في تغيير مصيره ، فلأي وجه يترك لذات المحرمات في  ما يأتي من أيام عمره ، وهذا بخلاف ما لو اعتقد بأنّ الطريق مفتوح والنوافذ  مشرعة ، وأنّه لو تاب توبة نصوحاً ينقذ من عذابه سبحانه ، فهذا يعطيه الأمل برحمة اللّه تعالى ، ويترك العصيان في مستقبل أيامه ، وكم وكم من الشباب عادوا إلى الصلاح بعد الفساد في ظل الاعتقاد بالتوبة ، بحيث لو لا ذلك الاعتقاد لأسهروا لياليهم في المعاصي ، بدل الطاعات. 

 -  ولأجل ذلك نرى في التشريعات الجنائية العالمية قوانين للعفوعن السجناء  المؤبّدين ، إذا شوهدت منهم الندامة والتوبة ، وتغيير السلوك ، فتشريع هذا  القانون يكون موجباً لإصلاح السجناء ، لا تقوية روح الطغيان فيهم ، فالإنسان  حي برجائه ، ولو ساد عليه اليأس والقنوط من عفوه ورحمته سبحانه ، لزاد  في طغيانه في عامة أدوار عمره.

·        من الأخطاء المتجذرة ، عدم التسامح مع النفس وبالتالي عدم التسامح مع الغير!يجب أن نتعلم كيف نتسامح مع أنفسنا مهما كانت أخطاؤنا كبيرة, مع التأكيد بأن ديننا ينهى عن الذنوب والمعاصي, ولكنها إذا حصلت فيجب عدم التوقف عندها بل على العاصي أن يكف عن جلد الذات ويقرع باب التوبة.

والله جل في علاه يفتح للتائب الصادق صفحة جديدة وحياة مختلفة :

                                                                                                                                                                                                                                                                                            
  -  روى ابن ماجة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( التائب من الذنب كمن لا ذنب له)[1]

  - عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِذَا تَابَ الْعَبْدُ مِنْ ذُنُوبِهِ أَنْسَى اللَّهُ حَفَظَتَهُ ذُنُوبَهُ، وَأَنْسَى ذَلِكَ جَوَارِحَهُ وَمَعَالِمَهُ فِي الأَرْضِ، حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَيْسَ عَلَيْهِ شَاهِدٌ مِنَ اللَّهِ بِذَنْبٍ".[2]

فالله تعالى لم يخلقنا ملائكة و الخطأ من طبيعة البشر


.إن الذنوب والمعاصي باب كلنا ولجناه..وبحر كلنا سبحنا فيه.. ولا ينجو من ذلك إلا المعصومون ممن اصطفاهم الله واجتباهم من الأنبياء والرسل .. أما أنا وأنت وأنتِ فكلنا

    -   كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : " كل ابن آدم خطاء وخير الخطائين التوابون ".

    -   وقال عليه الصلاة والسلام : " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفر لهم "[3]
                                                                                                                                                                                                             
        * يجب علينا الاعتراف ببشريتنا وعدم ملائكيتنا, والشعور بنقائصنا ونقاط ضعفنا, واللجوء إلى الله لنستمد منه المغفرة والقوة, ولندرك أنه على الرغم من أخطائنا فإنه سبحانه لن يتخلى عنا,


لكن المؤمن لا ينبغي له أن يستأنس بالذنب :
لأن تأجيل التوبة من الذنب يوقع في قساوة القلب و يجعل المؤمن يستانس بالذنب حتى يصعب عليه مفارقته.

وفمن الناس من يدرك خطأه، ويعلم حرمة ما يقع فيه، ولكنه يؤجل التوبة، ويسوِّف فيها؛ فمنهم من يؤخرها إلى ما بعد التخرج أو الزواج، ومنهم من يؤجلها ريثما تتقدم به السن، إلى غير ذلك من دواعي التأجيل.

فيجب على العبد أن يتوب من الذنب، ومن تأخير التوبة؛ لوجوب ذلك، ولئلا تصير المعاصي راناً على قلبه، وطبعاً لا يقبل المحو، أو أن تعاجله المنية وهو مصر على الذنب.

ثم إن ترك المبادرة للتوبة مدعاة لصعوبتها، وسبب لفعل ذنوب أخر

  -  عَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنِ الأَغَرِّ الْجُهَنِيِّ، كَذَا قَالَ أَحْسَبُهُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى رَبِّكُمْ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأتوب في اليوم مئة مَرَّةٍ".

  -  قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ الْمُؤْمِنَ الْمُفَتَّنَ التَّوَّابَ ». مسند أحمد

·        وفي قصة الغامدية التائبة يتبين حال المؤمن الذي لا يستصيغ الذنب ولا يستكين به ولا يرتاح ضميره حتى يتطهر منه مثل الجسم السليم الذي قويت مناعته لا يزال يرفض التأقلم مع الداء المرض حتى يدفعه عنه

...والقصة كما جاء في الصحيح :

  - عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ أَنَّ امْرَأَةً مِنْ جُهَيْنَةَ أَتَتْ نَبِىَّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهِىَ حُبْلَى مِنَ الزِّنَى فَقَالَتْ يَا نَبِىَّ اللَّهِ أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَىَّ فَدَعَا نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلِيَّهَا فَقَالَ « أَحْسِنْ إِلَيْهَا فَإِذَا وَضَعَتْ فَائْتِنِى بِهَا ». فَفَعَلَ فَأَمَرَ بِهَا نَبِىُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَشُكَّتْ عَلَيْهَا ثِيَابُهَا ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَرُجِمَتْ ثُمَّ صَلَّى عَلَيْهَا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ تُصَلِّى عَلَيْهَا يَا نَبِىَّ اللَّهِ وَقَدْ زَنَتْ فَقَالَ « لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْنَ سَبْعِينَ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ وَهَلْ وَجَدْتَ تَوْبَةً أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنَفْسِهَا لِلَّهِ تَعَالَى [4]
المؤمن يستثقل الذنب ويستعظمه لذلك يسارع للاستغفار منه :

 - فعَنِ الْحَارِثِ بْنِ سُوَيْدٍ قَالَ: دَخَلْتُ عَلَى عَبْدِ اللَّهِ أَعُودُهُ وَهُوَ مَرِيضٌ، فَحَدَّثَنَا حَدِيثَيْنِ، حَدَّثَنَا عَنْ نَفْسِهِ، وَحَدَّثَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الْمُؤْمِنُ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ فِي أَصْلِ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ مِثْلَ ذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَذَبَّ عَنْهُ".

·        لا تنظر الى قدر المعصية ولكن إلى قدر من تعصي :
فإن الذنب كلما استعظمه العبد من نفسه صغر عند الله تعالى ، وكلما استصغره العبد كبر عند الله تعالى ...

 - أوحى الله إلى بعض أنبيائه : لا تنظر إلى صغر الخطيئة ولكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت .. لا تنظر إلى  صغر الخطيئة لكن انظر إلى كبريائي و عظمة من عصيت ..وتعظم الذنوب إذا فرح بها أصحابها وتبجحوا بها وبذكرها .. يظنون أن التمكن من الذنب نعمة.. ما دروا أنه غفلة وشقاوة

طلب الله تعالى لتوبة عبده وفرحه الله بها :
                                                                                                                  
  - عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ يد الله مبسوطة لمسيئ الليل ليتوب بالنهار، ومسيئ النَّهَارِ لِيَتُوبَ بِاللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ.[5]



   * ولقد كان الفضيل بن عياض قاطعاً للطريق .. وكان يتعشقُ جاريةً .. فبينما هو ذات ليلة يتسور ُعليها الجدار إذ سمع قارئاً يقرأ قول الله جلَّ وعزَّ (ألم يأن اللذين امنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله )..فأطرق ملياً.. ثم تذكر غدراته وذنوبه تذكر إسرافه.. فما كان منه إلا أن ذرف دموع التوبةِ من عينٍ ملؤها اليقينُ برحمة الله.., فتاب واقلع عما كان عليه حتى أصبح من أهل الخير والصلاح في زمنه.

   -  أنس بن مالك وهو عمه قال قال رسول الله  (لله أشد فرحا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه فأيس منها فأتى شجرة فاضطجع في ظلها قد أيس [ ص: 2105 ] من راحلته فبينا هو كذلك إذا هو بها قائمة عنده فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح اللهم أنت عبدي وأنا ربك أخطأ من شدة الفرح ).

   -  قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغى إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم : أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ 
قلنا : لا والله ! وهى تقدر على أن لا تطرحه .فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أرحم بعباده من هذه بولدها . [6]




ومن ألطف ما قاله العلماء في التوبة النصوح قول ابن القيم رحمه الله تعالى: " ما الظن بمحبوب لك تحبه حباً شديداً أسره عدوك، وحال بينك وبينه، وأنت تعلم أن العدو سيسومه سوء العذاب، ويعرضه لأنواع الهلاك، وأنت أولى به منهم، وهو غرسك وتربيتك، ثم إنه انفلت من عدوه، ووافاك على غير ميعاد، فلم يفاجئك إلا وهو على بابك يتملقك، ويطربك، ويستعينك، ويمرغ خديه على تراب أعتابك، فكيف يكون فرحك به، وقد اختصصته لنفسك، ورضيته لقربك، وآثرته على سواه ؟ ولست الذي أوجدته، وخلقته، وأسبغت عليه نعمك، والله عز وجل هو الذي أوجد عبده، وخلقه، وكونه، وأسبغ عليه نعمه، وهو يحب أن يتمها عليه، فيصير مظهراً لنعمه قابلاً لها شاكراً لها، محباً لوليها مطيعاً له عابداً له معادياً لعدوه مبغضاً له عاصياً له ".[7]


-  وينبغي أن أضيف إلى هذا الموضوع حكاية حكاها أحد العلماء قال: رأى في بعض سكك المدينة باباً قد فُتح، وخرج منه صبي، يستغيث، ويبكي، وأمه خلفه تطرده حتى خرج، فأغلقت الباب في وجهه، ودخلت فذهب الصبي غير بعيد، ثم وقف مفكراً، فلم يجد له مأوى غير البيت الذي أخرج منه، ولا من يأويه غير والدته، فرجع مكسور القلب حزيناً، فوجد الباب مرتجًا، فتوسده، ووضع خده على عتبة الباب، ونام، فخرجت أمه فلما رأته على تلك الحال لم تملك أن رمت نفسها عليه، والتزمته تقبّله، وتبكي، وتقول: يا ولدي، أين تذهب عني ؟ ومن يأويك سواي ؟ ألم أقل لك لا تخالفني ؟ ولا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة بك والشفقة عليك، وإرادة الخير لك، ثم أخذته، ودخلت فتأمل قول الأم: لا تحملني بمعصيتك لي على خلاف ما جبلت عليه من الرحمة والشفقة [8] 
عفو الله ورحمته أعظم من ذنوبنا :

-          قال تعالى : [وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنْ السَّيِّئَاتِ](الشورى: 25).

-          وقال: [وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرْ اللَّهَ يَجِدْ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً](النساء: 110


  -   وقال تعالى : ﴿ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءًا بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [الأنعام: 54].

" -      قال بن عاشور رحمه الله في تفسيرها : الجَهالة تطلق على انتفاء العلم بشيء ما، وتطلق على ما يقابل الحِلم، والمناسب هنا هو المعنى الثاني؛ أي من عمل سوءًا عن حماقةٍ من نفسه وسفاهة؛ لأن المؤمن لا يأتي السيئات إلا عن غلبة هواه رشده ونُهاه، وهذا الوجه هو المناسب لتحقيق معنى الرحمة.. وأما حمل الجَهالة على معنى عدم العلم بناء على أن الجاهل بالذنب غير مؤاخذ، فلا قوة لتفريع قوله: ﴿ ثُمَّ تَابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ [الأنعام: 54] عليه، إلا إذا أريد ثم تفطن إلى أنه عمل سوءًا"[9]

  -   جَاءَ جُبَيْبُ بْنُ الْحَارِثِ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ مِقْرَافٌ، فَقَالَ: "تُبْ إِلَى اللَّهِ يَا جُبَيْبُ"، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَتُوبُ ثُمَّ أَعُودُ، قَالَ: "فَكُلَّمَا أَذْنَبْتَ فَتُبْ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِذًا تَكْثُرُ ذُنُوبِي، قَالَ: "عَفْوُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَكْثَرُ مِنْ ذُنُوبِكَ يَا جُبَيْبُ".

لذلك يقبل الله التوبة مهما كان الذنب عظيما  :
                                                                                                                    
- قال_تعالى_في حق أصحاب الأخدود الذين خدوا الأخاديد لتعذيب المؤمنين وتحريقهم بالنار: [إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ] البروج: 10.

        *  قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود؛ قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة.

  والله حذر من القنوط من رحمته:
   -  قال_تعالى : [قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ] الزمر: 53.

  -  قال ابن كثير : ...عن ابن عباس  رضي الله عنهما  في هذه الآية: قال: قد دعا الله تعالى إلى مغفرته من زعم أن المسيح هو الله، ومن زعم أن المسيح هو ابن الله، ومن زعم أن عزيراً ابن الله، ومن زعم أن الله فقير، ومن زعم أن يد الله مغلولة، ومن زعم أن الله ثالث ثلاثة، يقول الله  تعالى لهؤلاء: [أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ]المائدة:74.

         * قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :  من آيس عباد الله من التوبة بعد هذا فقد جحد كتاب الله عز وجل.

      -  ولذلك قيل للحسن - رحمه الله - ألا يستحي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود ثم يستغفر ثم يعود ، فقال ود الشيطان لو ظفر منكم بهذا فلا تملوا من الاستغفار.

     -  وعن عبد الرحمن بن جبير - رضي الله عنه - قال:  "أتى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - شيخ كبير هرم، سقط حاجباه على عينيه، وهو مدعم على عصا - أي: متكئًا على عصا - حتى قام بين يدي النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: أرأيت رجلاً عمل الذنوب كلها، لم يترك داجة ولا حاجة إلا أتاها، لو قسمت خطيئته على أهل الأرض لأوبقَتْهم - لأهلكَتْهم - أَلَهُ من توبة؟ فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((هل أسلمت؟))، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، قال: ((تفعل الخيرات، وتترك السيئات، فيجعلهن الله لك كلهن خيرات))، قال: وغدراتي وفجراتي يا رسول الله؟ قال: ((نعم، وغدراتك وفجراتك))، فقال: الله أكبر، الله أكبر، ثم ادعم على عصاه، فلم يزل يردِّد: الله أكبر، حتى توارى عن الأنظار\"؛[10]


 -  فها هو التابعي الجليل أبو سفيان الثوري يفضّل رحمة الله عز وجل على رحمة أبويه فقال : " ما أحب أن يجعل حسابي إلى أبويّ ، لأني أعلم أن الله تبارك وتعالى أرحم بي منهما " .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                 
·        إن كان من أصحابك من هم ذوو منصب ومال وجاه وأصحاب مروءة وشهامة كيف يكون فعلهم إذا علموا رجاءك فيهم وطلب إياهم ؟ ما كانوا ليردوك أو يرفضوك فما ظنك بالله تعالى ؟!! وهو ارحم الراحمين .

   -  وها هو الفضيل بن عياض ينظر في يوم عرفة إلى المؤمنين وهم واقفون يبكون ويتضرعون ، "فقال لرجل إلى جانبه : أرأيت أن هؤلاء كلهم واقفون على باب رجل من الأغنياء يطلبون دانقاً (الدانق : سدس الدرهم ) أكان يردّهم ؟ فقال : لا ، قال : فإن المغفرة عند الله تعالى أهون من دانق عند أحدكم" .

كما أن الله تعالى لا ينتفع بطاعة ولو عظمت فلن تضره معصية ولو عظمت :
                                                                                                                                                                
المؤمن الحقيقي أعماله ليست لها قيمة عنده ولذلك هو لا يعتمد عليها بل يعتمد على واسع مغفرة ربه حتى لو أتاه بقراب الأرض خطايا لعلم أن الله يأتيه بمثلها مغفرة.

- ومن الأقوال الحكيمة لابن عطاء السكندري: (من علامات الاعتماد على العمل, نقصان الأمل عند وجود الزلل).[11]


   -  وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ يَقُولُ: قَالَ اللهُ تَعَالَى: "يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوتَنِيْ وَرَجَوتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ مِنْكَ وَلا أُبَالِيْ، يَا ابْنَ آَدَمَ لَو بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثُمَّ استَغْفَرْتَنِيْ غَفَرْتُ لَكَ، يَا ابْنَ آَدَمَ إِنَّكَ لَو أَتَيْتَنِيْ بِقِرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لقِيْتَنِيْ لاَتُشْرِك بِيْ شَيْئَاً لأَتَيْتُكَ بِقِرَابِهَا مَغفِرَةً" [12]



  -  وعَنْ أَبي ذرٍّ الغِفَارْي رضي الله عنه عَن النبي صلى الله عليه وسلم فيمَا يَرْويه عَنْ رَبِّهِ عزَّ وجل أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِيْ إِنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِيْ وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً فَلا تَظَالَمُوْا، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ ضَالٌّ إِلاَّ مَنْ هَدَيْتُهُ فَاسْتَهْدُوْنِي أَهْدِكُمْ، يَاعِبَادِيْ كُلُّكُمْ جَائِعٌ إِلاَّ مَنْ أَطْعَمْتُهُ فاَسْتَطْعِمُونِي أُطْعِمْكُمْ، يَا عِبَادِيْ كُلُّكُمْ عَارٍ إِلاَّ مَنْ كَسَوْتُهُ فَاسْتَكْسُوْنِيْ أَكْسُكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ تُخْطِئُوْنَ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَأَنَا أَغْفِرُ الذُّنُوْبَ جَمِيْعَاً فَاسْتَغْفِرُوْنِيْ أَغْفِرْ لَكُمْ، يَا عِبَادِيْ إِنَّكُمْ لَنْ تَبْلُغُوْا ضَرِّيْ فَتَضُرُّوْنِيْ وَلَنْ تَبْلُغُوْا نَفْعِيْ فَتَنْفَعُوْنِيْ، يَاعِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فَيْ مُلْكِيْ شَيْئَاً. يَا عِبَادِيْ لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوْا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِيْ شَيْئَاً، يَا عِبَادِيْ لَوْ أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوْا فِيْ صَعِيْدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُوْنِيْ فَأَعْطَيْتُ كُلَّ وَاحِدٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِيْ إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ المِخْيَطُ إَذَا أُدْخِلَ البَحْرَ، يَا عِبَادِيْ إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيْهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيْكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرَاً فَليَحْمَدِ اللهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلاَ يَلُوْمَنَّ إِلاَّ نَفْسَهُ[13]


شروط التوبة :

الندم على ما فات من اقتراف المعاصي :
من آثار توبة الصادقين والصادقات فمنهم من يحزن على اقتراف المعصية حزناً لا يفارقه حتى الموت ، ومنهم من يهجر الناس ويعتزلهم ويضج بيته بالبكاء ، ومنهم من يتمنى أن يكون تراباً حتى لا يحاسبه الله على ذنبه ومعاصيه ، ومنهم من يمرغ خده بالتراب حتى يذوق طعم الذلة علّ الله أن يرحمه على تلك الحال ، ومنهم من يتعلق بأستار الكعبة مطرقاً خاشعاً يطلب العفو من الله ، ومنهم من يجوب الصحراء هائماً على وجهه يعاهد الله عز وجل ألا يرجع إلى بيته إلا وقد تاب وتاب عليه الله ، ومنهم من يعتكف في بيت من بيوت الله يذكر الله ويتلو القرآن ويركع ويسجد والدموع تتزاحم في عينيه ندماً على ما فرض في جنب الله ، ومنهم من يحس بآلام ورعشة وببكاء واضطراب كالحية يتغشاها الألم ويخر مغشياً عليه حياء من الله ، ومنهم من يشهق شهقة يموت بعدها خوفاً ووجلاً من الله ، ومنهم من بلغ من عبادة ربه أنه يوم مات كأنه جذع محترق من عبادة الله .


  -   قال ابن سيرين محمد رحمه الله : والله لا أبكي على ذنب أذنبته ولكني أبكي على ذنب كنت أحسبه هيناً وهو عند الله عظيم ...

-         ابن أَبِي الدُّنْيَا قَالَ: قَالَ بَعْضُ حُكَمَاءِ الشُّعَرَاءِ:[14]

مَا تَنْقَضِي فِكْرَتِي وَلا عَجَبِي ... مِنْ متمادٍ فِي اللَّهْوِ واللعبِ
يَرَى الْمَنَايَا لَهُ مطالبةٌ ... مِنْ كُل وجهٍ شديدةُ الطلبِ
وَهُوَ يُرجَى خلودَ مَنزِلهِ ... مخلوقةٌ للفَنى والعَطَبِ
أَخِي لا تَغْتَرَّ فإنكَ لا بُد ... سَتَلْقَى الحِمامَ عَنْ كَثَبِ
تُبْ مِن خطاياك وابْكِ خَشْيَةَ ... ما أُثْبَتَ مِنْها عليْكَ في الكُتُبِ
أيةُ حالٍ تكونُ حالُ فَتىً ... صارَ إلى ربهِ ولَمْ يَتُبِ

·      ورحم الله ابن عطاء الله السكنري القائل: "رب معصية أورثت ذلا وانكسارا.. خير من طاعة أورثت عزا واستكبارا" –

           -  قال ابن القيم رحمه الله تعالى في " كتابه الوابل الصيب ":فإذا أراد الله بعبده خيراً فتح له باباً من أبواب التوبة والندم والانكسار والذل والافتقار والاستغاثة به وصدق اللجأ إليه ودوام التضرع والدعاء والتقرب إليه بما أمكن من الحسنات ما تكون تلك السيئة به سبب رحمته حتى يقول عدو الله: يا ليتني تركتته ولم أوقعه .

     * وهذا معنى قول بعض السلف: إن العبد ليعمل الذنب يدخل به الجنة ويعمل الحسنة يدخل بها النار قالوا كيف؟ قال: يعمل الذنب فلا يزال نصب عينيه خائفاً منه مشفقاً وجلاً باكياً نادماً مستحياً من ربه تعالى ناكس الرأس بين يديه منكسر القلب له فيكون ذلك الذنب سبب سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب أنفع له من طاعات كثيرة بما ترتب عليه من هذه الأمور التي بها سعادة العبد وفلاحه حتى يكون ذلك الذنب سبب دخوله الجنة.

     ويفعل الحسنة فلا يزال يمن بها على ربه ويتكبر بها ويرى نفسه ويعجب بها ويستطيل بها ويقول: فعلتُ وفعلتُ فيورقه ذلك من العجب والكبر والفخر والاستطالة ما يكون سبب هلاكه فإذا أراد الله تعالى بهذا المسكين خيراً ابتلاه بأمر يكسره به ويذل به عنقه ويصغر به نفسه عنده وإن أراد الله به غير ذلك خلاه وعجبه وكبره وهذا هو الخذلان الموجب لهلاكه , فإن العارفين كلهم مجمعون على أن التوفيق : أن لا يكلك الله تعالى إلى نفسك والخذلان : أن يكلك الله تعالى إلى نفسك....» أ.هـ  ص:9-10 .

  -  ومن الحكايات التي يتجلى فيها الغفران الذي لا حدود له تلك التي يرويها الإمام الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين: وهي قصة سكير كان لا يصحو من غيبوبة الخمر إلا ساعة في الليل فيقوم يتوضأ أو يغتسل ويجلس متذللا بين يدي ربه مخاطبا إياه بعبارة وحيدة: (في أي زاوية من زوايا جهنم ستحشر هذا الخبيث؟) ويقول الإمام الغزالي إن الملائكة خرجت في جنازة ذلك الرجل عندما توفي؛ ...


الصدق في الإقلاع عن الذنب :

التوبة ليست نطق باللسان ، إنما هي ندم بالقلب وعزم على عدم العودة إلى الماضي المرير .

والله ما صدق صادقٌ فرُدّ عن الأبواب ، ولا أتى الباب مخلصٌ فصُدّ عن رب الأرض والسماء ورب الأرباب .

- عَنْ عطاء عن ابن عباس قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "التائبُ مِنَ الذنبِ كَمَن لاذَنبَ لَهُ، والمُستَغفِرُ مِنَ الذنبِ وهوَ مُقيمٌ [عليهِ] كالمُستَهزِئ بِرَبهِ، ومَن آذَى مُسلِماً كانَ عَليهِ مِنَ الإِثمِ مِثلُ كَذا وكَذا". وَذَكَرَ شَيْئًا.[15]

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                            
·    التوبة كاذبة :

توبة الكذابين: الذي يهجرون الذنوب هجرًا مؤقَّتاً؛ لمرض، أو مناسبة، أو عارض، أو خوف، أو رجاءِ جاه، أو خوفِ سقوطه، أو عدمِ تَمَكُّنٍ؛ فإذا واتتهم الفرصة رجعوا إلى ذنوبهم؛ فهذه توبة الكذابين، وليست بتوبة في الحقيقة


 -  قال منصور بن عمار[16] : كان لي صديق مسرف على نفسه ثم تاب ، وكنت أراه كثيراً .. كنت أراه كثيراً من العباد والقوام والصوّام .. أراه كثير العبادة والتهجد ففقدته أياماً فقيل لي : هو مريض . فأتيت إلى داره فخرجت إليّ ابنته .
     فقالت : من تريد .
     قلت : قولي لأبيك فلان .. فاستأذنت لي ثم دخلت فوجدته في وسط الدار وهو مضطجع على فراشه وقد اسودّ وجهه ، وأذرفت عيناه ، وغلظت شفتاه .
     فقلت له وأنا خائف منه : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله .. ففتح عينيه فنظر إلي بشدة ثم غشي عليه .
     فقلت له ثانياً : يا أخي أكثر من قول لا إله إلا الله.. ثم كررتها عليه ثالثاً , ففتح عينيه فقال : يا أخي منصور هذه كلمة قد حيل بيني وبينها .. هذه كلمة قد حيل بيني وبينها ..
     فقلت : لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ..
     ثم قلت له : يا أخي أين تلك الصلاة والصيام والتهجد والقيام .. ؟!!
      فقال : كان ذلك لغير الله .. كان ذلك لغير الله ..وكانت توبتي كاذبة ، إنما كنت أفعل ذلك ليقال عني وأُذكر به ، وكنت أفعل ذلك رياء للناس ، فإذا خلوت إلى نفسي أغلقت الأبواب وأرخيت الستور وشربت الخمور وبارزت ربي بالمعاصي .. ودمت على ذلك مدة فأصابني المرض وأشرفت على الهلاك ، فقلت لابنتي هذه : ناوليني المصحف ، فقلت بعد أن أخذت المصحف : اللهم بحق كلامك في هذا المصحف العظيم إلا ما شفيتني ورفعت عني البلاء ، وأنا أعاهدك أن لا أعود إلى ذنب أبداً .. ففرج الله عني .. ففرج الله عني .. فلما شفيت عدت إلى ما كنت عليه من اللهو واللذات وأنساني الشيطان العهد الذي بيني وبين ربي ، فبقيت على ذلك مدة من الزمن فمرضت مرة ثانية أشرفت حينها على الهلاك والموت فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كعادتي ثم دعوت بالمصحف وقرأت فيه ثم رفعته وقلت : اللهم بحرمة ما في هذا المصحف الكريم من كلامك إلاّ ما فرجت عني ورفعت عني البلاء ، فاستجاب الله مني ورفع عني .. ثم عدت إلى ما كنت عليه من اللهو والضياع ما كأني عاهدت الله أن لا أعود..فوقعت في هذا المرض الذي تراني فيه الآن فأمرت أهلي فأخرجوني إلى وسط الدار كما تراني ثم دعوت بالمصحف لأقرأ فيه فلم يتبين لي حرف واحد منه ....فعلمت ان الله سبحانه قد غضب علي فرفعت رأسي إلى السماء وقلت : اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض .. اللهم فرج عني يا جبّار السماء والأرض ..فسمعت كأن هاتفاً يقول :

تتوب عن الذنوب إذا مرضت     فكم من كربة نجّاك منها
   أما تخشى بأن تأتي المنايا     وترجع للذنوب إذا برأت
        وكم كشف البلاء إذا بليت     وأنت على الخطايا قد لهوت

قال منصور بن عمار : فوالله ما خرجت من عنده إلا وعيني تسكب العبرات ، فما وصلت الباب إلا وقيل لي إنه قد مات


أن تكون قبل معاينة أمور الآخرة

فمن باشره العذاب أو عاين الموت فقد فاته موسم القبول ..من عاين الموت وباشر العذاب فقد فاته موسم القبول
التوبة ليست نطق باللسان ، إنما هي ندم بالقلب وعزم على عدم العودة إلى الماضي المرير.

   -  عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ".

   -  وإلى هذا أشار الله جل في علاه بقوله : ( من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب ).

 .. قيل الأجل القريب الذي يطلبه أنه يقول لملك الموت : أخرني يوماً .. أخرني يوماً أعتذر فيه لربي وأتوب وأتزود صالحاً لنفسي ، فيقول له : فنيت الأيام فلا يوم .. فنيت الأيام فلا يوم .. فيقول: فأخرني ساعة .. فيقول: فنيت الساعات فلا ساعة .. فيغلق عليه باب التوبة ... فيا خسارته ويا ندامته حين يموت على تلك الحال ...

   -  قال تعالى : ( وليست التوبة للذين يعملون السوء حتى إذا حضر أحدهم الموت قال إني تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذاباً أليماً ) .. إنما التوبة لمن ( للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب فأولئك يتوب الله عليهم وكان الله عليماً حكيماً )

   -  قال تعالى : ( وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم كانوا يظلمون )..

ماذا لو جاءك مدير المؤسسة أو الشركة التي تعمل فيها وأخبرك بنفسه أنك مفصول ومطرود من العمل ، ماذا سوف تعمل ؟
إنك سوف تحزن وتقلب الدنيا رأساً على عقب ، وتتذكر أولادك وتقول كيف هذا ؟ أنا لدي أولاد ، ولدي أقساط والتزامات ، وربما تدور بك الدنيا ويدور رأسك ، وربما تبكي أو تتوسل إليه لكي يردك إلى العمل .. أليس هذا صحيحاً ؟

تدارك ما يمكن تداركه من رد المظالم ونحو ذلك

والتحلل من المظالم: فالتوبة تكون من حق الله، وحق العباد؛ فحق الله ـ تعالى ـ يكفي في التوبة منه الترك على ما تقدم، غير أن منه ما لم يكتف الشرع فيه بالترك، بل أضاف إليه الكفارة والقضاء.

أما حق غير الله فيحتاج إلى التحلل من المظالم، فيه وإلى أداء الحقوق إلى مستحقيها، وإلا لم يحصل الخلاص من ضرر ذلك الذنب.

    -  قال النبي صلى الله عليه وسلم :  من كان لأخيه عنده مظلمة من مال أو عرض، فليتحلَّلْه اليوم؛ قبل أن لا يكون دينار ولا درهم إلا الحسنات والسيئات.

·        مثل:

 أ -  الحقوق المالية: فإن كان لدى التائب مظلمة مالية لأحد من الناس فليردها عليه، سواء كانت غصباً، أو سرقة، أو جحداً لأمانة مالية، أو نحو ذلك.

وبعض الناس قد يستحيي من رد تلك المظلمة، وخصوصاً إذا كانت سرقة.
والحل في مثل هذه الحال يسير ـ بحمد الله ـ فإما أن يذهب بنفسه لصاحب الحق، ويخبره بما كان من أمره، ويرد عليه ما أخذ منه.

وإما أن يهاتفه عبر الهاتف ويتفق معه على حل معين، وإما أن يرسل له المبلغ المالي عبر البريد، وإما أن يوسِّط أحداً من الناس في إرسال المال والتحلل من صاحبه.

   ب - الحقوق في الأبدان: فإن كانت المظلمة من نوع الجراحات في الأبدان فالتوبة منها أن يمكن التائبُ صاحبَ الحقّ من استيفاء حقه، إما بالمال، وإما بالقصاص؛ فإن لم يعرفه، أو لم يتمكن من لقائه فليتصدق، عنه وليدْعُ له.

   ج - المظالم في الأعراض: وإذا كانت المظلمة في الأعراض، كأن تكون بقدح في أحد بغيبة، أو قذف، أو نميمة، أو تكون بإفساد لذات البين ـ فليتحلل ممن أساء إليه، وليصلح ما أفسد بقدر الإمكان.

فإن كان إذا أخْبَر مَنْ أساء في حقهم لا يغضبون منه، ولا يزيدون حنقاً عليه، ولا يورثهم ذلك غماً ـ صارحهم، وطلب منهم المسامحة بعبارات عامة مجملة كأن يقول: إني أخطأت في حقك في الماضي، وأسألت في فهمك، فظلمتك بكلام تبين فيما بعد خطؤه، وإنني تبت الآن فسامحني ـ فلا بأس في ذلك؛ فقد يكون المُخْبَرُ رجلاً كريماً يقيل العثرة، ويتجاوز عن الزلة.

EL ARREPENTIMIENTO

Dado que el ser humano es creado como una criatura débil con el fin de recurrir a Allah, debido a esta debilidad, y por la cual puede obtener la felicidad, sin embargo, siendo débil él se ve distraído, olvidadizo, haciendo caso omiso y negligente, débil y dominado. A veces el ser humano desobedece a Allah y se desvía de Su camino, y esta es la razón exacta detrás de legislar el arrepentimiento por Allah.

El arrepentimiento es la salvación del hombre cuando se ve rodeado por sus pecados, el arrepentimiento es la válvula de seguridad del hombre cuando se encuentra bajo presión de sus pecados, es el factor de la rectificación del camino en la vida del hombre cuando le llevan sus deseos al mal camino, y es la cuerda de Allah tan firme que salva al hombre cuando se ve ahogado en sus concupiscencias. En otras palabras, una de las bendiciones más grandes otorgadas por Allah, es que Él abrió la puerta del arrepentimiento para con nosotros:
((Si un siervo se arrepiente ante Allah, uno que llama en los cielos y en la tierra dice: felicitad a fulano porque se ha reconciliado con Allah)).

   Queridos hermanos, si no fuera por el arrepentimiento, la gente habría sido perecida, y la corrupción habría prevalecido por todas partes en el mundo, porque si el ser humano fuera expulsado de la misericordia de Allah por haber cometido un sólo pecado no volvería al camino de Allah debido a la desesperanza de ser aceptado (por Allah), y ¡¿Por qué alguien debe volver al camino de Allah si es expulsado de Su misericordia?! En lugar de ello, haría malas acciones en la tierra, como la corrupción, la desviación y la opresión.

  Queridos hermanos, toda ignorancia podría ser perdonada, no importa lo mal que fueron sus resultados, excepto cuando uno no sabe la razón de su existencia, el propósito de su vida, el mensaje de la humanidad, y la realidad de su misión. Es una gran vergüenza cuando el ser humano que es la mejor creatura y el honrado por Allah, el razonable y el que Allah le ha dado libre voluntad, vive su vida con la ignorancia y el descuido; come y disfruta como hacen los animales, sin saber nada acerca de la realidad de su existencia y la naturaleza de su misión en la vida, por lo tanto podrá ser desviado del camino recto debido a su ignorancia y negligencia. La ignorancia es el enemigo más agresivo del ser humano, y la persona ignorante podría dañar a si mismo más que puede hacerlo su enemigo.
  Allah quiere mostrarnos cuanto se alegra cuando volvemos hacia Él.
Cuando un siervo desobediente vuelve al camino de Allah, alguien hace una llamada en los cielos y en la tierra diciendo: ¡Oh creaturas! Felicitad a fulano porque se ha reconciliado con Allah.
-  EN UN HADITH -  ((Ciertamente Allah se alegrará más por el arrepentimiento de Su siervo que por aquel que se encontró en el desierto donde no hay plantas y acompañado de su camello que contenía toda su comida y bebida, durmió poco tiempo y al despertar no vio a su camello. Se puso a buscarlo hasta que sintió la sed, después pensó y dijo: volveré al lugar donde lo había perdido para dormir hasta que muera, y estaba seguro de que era su fin. Sustentó su cabeza sobre sus brazos esperando la muerte, pero al despertarse vio su camello delante de él, con la provisión de alimentos y las bebidas. Ciertamente Allah se alegra más por el arrepentimiento de Su siervo creyente que por aquél que se extravió y encontró su camello junto con la provisión))
     -   Dice Allah, (s.w.t.),: Allah acepta el arrepentimiento de aquellos que hacen el mal por ignorancia y luego al poco, se tornan en arrepentimiento. Allah es Conocedor, Sabio. Pero no se les aceptará el arrepentimiento a los que habiendo llevado a cabo malas acciones, cuando se les presenta la muerte digan: ahora me arrepiento, ni a los que mueran incrédulos, para esos hemos preparado un doloroso castigo.

    -   Queridos hermanos, El Profeta, la paz y las bendiciones de Allah sean con él, dijo en un Hadiz Qudsi: ((¡Siervos míos! Ciertamente vosotros os equivocáis día y noche y yo perdono todas las faltas. Pedidme pues que os perdone y yo os perdonaré…)).



­    




[1]  وحسنه الألباني في صحيح ابن ماجة
[2]  كتاب التوبة / ابن عساكر
[3]  رواه مسلم ..
 2.صحيح مسلم.
[5]  رَوَاهُ مُسْلِمٌ
[6]  رواه البخاري ومسلم . 
[7]  http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=7192&id=205&sid=801&ssid=882&sssid=895
[8]   http://www.nabulsi.com/blue/ar/art.php?art=7192&id=205&sid=801&ssid=882&sssid=895
[9]  (التحرير والتنوير
[10]  صحَّحه الألباني.
[11]  الحكم العطائية
[12]  رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيْثٌ حَسَنٌ صَحَيْحٌ.
[13]  رواه مسلم
[14]  كتاب التوبة / ابن عساكر
[15] [15] كتاب التوبة / ابن عساكر
[16]   أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف السني[1] في القرن الثالث الهجري، من أهل مرو من قرية يقال لها "دندانقان ، قال الذهبي في وصفه بأنه: "الواعظ البليغ الصالح الرباني، عديم النظير في الموعظة والتذكير، كان ينطوي على زهد وتألّه وخشية ولوعظه وقع في النفوس" –ويكيبيديا -

0 comentarios:

Publicar un comentario