domingo, 10 de mayo de 2015

الغنى الحقيقي ومواجهة المؤمن للأزمات

0 comentarios
ولعل الغنى الذي تعنيه كلمة الغنى في القرآن الكريم أن يكون مستغنياً عن الناس، أن يجد حاجته، أما المفهوم الآخر الذي يُستنبط من الممارسات الخاطئة- وهي الإسراف، والتبذير، والترف، والاستعلاء- فهذه المعاني كلها ليست لها علاقة بموضوع خطبتنا، الغنى أن تكون مستغنياً عن الناس: "اللهم من أحبني فاجعل رزقه كفافاً".

الغنى غنى النفس والقناعة :
وقال عليه الصلاة والسلام  : " أربع إذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا : حفظ أمانة ، وصدق حديث ، وحسن خليقة ، وعفة طعمة "[1]

-  وقال الشاعر :
النفس تجزع أن تكون فقيرة * * * والفقر خير من غناً يطغيها
وغنى النفوس هو الكفاف فإن أبت* * * فجميع ما في الأرض لا يكفيها

وليحفظ الانسان كرامته لا بد له من الإستغناء عن الناس

    -  وقال الهيثم ربما يبلغني عن الرجل يقع في فأذكر استغنائي عنه فيهون ذلك علي.


                 -  وفى رواية : من جلس إلى غنى فتضعضع له ٬ لدنيا تصيبه ٬ ذهب ثلثا دينه ٬ و دخل النار . (

    -  و فى الحديث عنه صلى الله عليه و سلم : من أعطى الذلة من نفسه طائعا غير مكره فليس منا .

  لا تخضعن لمخلوق على طمع       فإن ذلك نقص منك في الدين
لن يقدر العبد أن يعطيك  خردله     إلا بإذن الذي سواك من طين
        فلا تصاحب غنياً تستعن به      وكن عفيفاً وعظم حرمه الدين 
           
   واستغني بالله عن دنيا  الملوك      كما استغني الملوك بدنياهم عن الدين ..
     -  كما قال الشاعر :
    عليه ثياب لو تقاس جميعها *** بفلسٍ لكان الفلس منهن اكثرا
     وفيهن نفس لو تقاس ببعضها *** نفوس الورى كانت أجل وأكبرا

-   أخرج أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي عن حكيم بن حزام قال: "سألت رسول الله فأعطاني، ثم سألته فأعطاني، ثم قال: "يا حكيم، هذا المال خضرة حلوة، فمن أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف نفس لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع، واليد العليا خير من اليد السفلى". فقلت: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحدًا بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا. فكان أبو بكر يدعو حكيمًا ليعطيه العطاء، فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم إن عمر دعاه ليعطيه، فأبى أن يقبله، فلم يرزأ حكيم أحدًا من الناس بعد النبي حتى توفي .

بل لقد خشي علينا الرسول عليه الصلاة والسلام كثرة المال والدنيا

   ولم يخش علينا النبي صلى الله عليه وسلم من الفقر , بل خشي علينا من الدنيا , ومن تنافسنا وتكالبنا عليها , وجعلها هدفنا ومقصودنا .
                                                                            
 عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ ، قَالَ:سَمِعَتِ الأَنْصَارُ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدِمَ بِمَالٍ مِنْ قِبَلِ الْبَحْرَيْنِ ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَهُ عَلَى الْبَحْرَيْنِ ، فَوَافَوْا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاَةَ الصُّبْحِ ، فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم تَعَرَّضُوا ، فَلَمَّا رَآهُمْ تَبَسَّمَ ، وَقَالَ : لَعَلَّكُمْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ قَدِمَ ، وَقَدِمَ بِمَالٍ؟ قَالُوا : أَجَلْ ، يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : قَالَ : أَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيْرًا ، فَوَاللهِ ، مَا الْفَقْرُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ إِذَا صُبَّتْ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا ، فَتَنَافَسْتُمُوهَا كَمَا تَنَافَسَهَا مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ.[2]

·        كلا إن الإنسان ليطغى أن رءاه استغنى
المال ملولٌ. المال ميالٌ. طبع المال طبع الصبي، لا يوقف على حين رضاه وسخطه. المال لا ينفعك ما لم يفارقك. قد يكون مال المرء سبب حتفه، كما أن الطاووس قد يذبح لحسن ريشه. يحيى بن معاذ: الدرهم عقربٌ، فإن أحسنت رقيتها، وإلا فلا تأخذها.
الابتلاء كما يكون بالفقر يكون كذلك بالغنى

 -   قال تعالى : {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُم بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (35) سورة الأنبياء ,

-  وقال عن السابقين:  "وَقَطَّعْنَاهُمْ فِي الْأَرْضِ أُمَماً مِنْهُمُ الصَّالِحُونَ وَمِنْهُمْ دُونَ ذَلِكَ وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ\" [3]

 - وعن أشعث بن سليم قال: سمعت رجاء بن حيوة، عن معاذ بن جبل قال: ابتليتم بفتنة الضراء فصبرتم، وستبتلون بفتنة السراء، وأخوف ما أخاف عليكم فتنة النساء إذا تسورن الذهب، ولبسن رياط الشام وعصب اليمن فأتعبن الغنى وكلفن الفقير مالا يجد.[4]

  -  قال الشاعر:
قَدْ يُنْعِمُ اللَّهُ بِالْبَلْوَى وَإِنْ عَظُمَتْ     وَيَبْتَلِي اللَّهُ بَعْضَ الْقَوْمِ بِالنِّعَمِ

-  قال بعض الحكماء في ذم الغنى: طالب الغنى طويل العناء، دائم النَّصب، كثير التعب، قليل منه حظُّه، خسيس منه نصيبه، شديد من الأيام حذره، ثم هو بين سلطان يرعاه، ويفغر عليه فاه، وبين حقوق تجب عليه، يضعف عن منعها، وبين أكفاء وأعداء ينالونه ويحسدونه ويبغون عليه، وأولاد يمُّلونه ويودون موته، ونوائب تعتريه وتحزنه.[5]

ماذا يفعل المؤمن المؤمن إذا أعوزته الحاجة وخنقه الفقر ؟

لا يجب على الفقير المبتلى أن ينكسر ويحبط , أولا يبع دينه بدنياه وعليه بالصبر

 , لأنه يوقن أن الدنيا دار ابتلاء واختبار , والإبتلاء لا يكون في النفس فقط , بل في المال والصحة وغيرهما .

   - قال تعالى :  " وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) سورة البقرة .

   -  وعَنْ صُهَيْبٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم :عَجَبًا لأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لأَحَدٍ إِلاَّ لِلْمُؤْمِنِ إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ.[6]

   - عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ , عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِ , قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:مَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ , وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ , وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ , وَمَا أَجِدُ لَكُمْ رِزْقًا أَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ.

وجب أن يتذكر نعم الله الأخرى عليه

فان الله إذا سلب شيئا ترك أشياء

    -  روي أنه كان في زمن حاتم الأصم رجل يقال له : معاذ الكبير . أصابته مصيبة ، فجزع منها وأمر بإحضار النائحات وكسر الأواني . فسمعه حاتم فذهب إلى تعزيته مع تلامذته ، وأمر تلميذاً له . فقال : إذا جلست فاسألني عن قوله تعالى : { إن الإنسان لربه لكنود } فسأله فقال حاتم : ليس هذا موضع السؤال . فسأله ثانيا ، وثالثا . فقال : معناه أن الإنسان لكفور ، عداد للمصائب ، نساء للنعم ، مثل معاذ هذا ، إن الله تعالى متعه بالنعم خمسين سنة ، فلم يجمع الناس عليها شاكراً لله عز وجل . فلما أصابته مصيبة جمع الناس يشكو من الله تعالى ؟!!.فقال معاذ : بلى ، إن معاذاً لكنود عداد للمصائب نساء للنعم فأمر بإخراج النائحات وتاب عن ذلك .

  -  وعن يونس بن عبيد ، أن رجلاً شكا إليه ضيق حاله ، فقال له يونس : (( أيسرك أن لك ببصرك هذا الذي تبصر به مائة ألف درهم ؟ قال الرجل : لا ، قال : فبيديك مائة ألف درهم ؟ قال : لا ، قال : فرجليك ؟ قال : لا ، قال : فذكره نعم الله عليه . فقال يونس : أرى عندك مئين ألوفاً وأنت تشكو الحاجة )) .


أن يعلم أن هذه الابتلاءات تكفير للخطايا والذنوب :

 عَن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، وَعَنْ أَبي هُرَيْرَة ، عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم ، قَالَ:مَا يُصِيبُ الْمسلِمَ مِنْ نَصَب ، وَلاَ وَصَب ، وَلاَ هَمِّ ، وَلاَ حَزن ، وَلاَ أَذىً ، وَلاَ غَمّ ، حَتى الشوْكَةِ يُشَاكُهَا ، إِلا كَفَّرَ اللهِ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ. [7]

   وقال صلى الله عليه وسلم : « ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله تعالى وما عليه خطيئة [8]

- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُصِبْ مِنْهُ.[9]

- عن أبي الدرداء قال أحب الموت اشتياقا إلى ربي وأحب الفقر تواضعا لربي وأحب المرض تكفيرا لخطيئتي.[10]

ان يتذكر أن الدار الآخرة خير وأبقى وأنها سلوان للحزين والمكلوم

  - قال صلى الله عليه وسلم: (الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر). [11]

   -  قال صلى الله عليه وسلم: (موضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها). [12]

- عَنْ أَبِي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ : قَال مُحَمَّدٌ ، صلى الله عليه وسلم :اطَّلَعْتُ فِى الْجَنَّةِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا الْفُقَرَاءَ ، وَاطَّلَعْتُ فِى النَّارِ فَرَأَيْتُ أَكْثَرَ أَهْلِهَا النِّسَاءَ.[13]

وعند أول غمسة في الجنة ينسى المؤمن ما كان في الدنيا من فقر

نعيم الدنيا وبؤسها لا يدومان , وعند أول غمسة في الجنة ينسى المؤمن ما كان في الدنيا من فقر أو هم أو غم أو شقاء , وكذا العاصي عند أول غمسة في النار – والعياذ بالله – ينسى ما كان فيه في الدنيا من نعيم وغنى ورفعة وحظوة وجاه .
  - عن أنس مرفوعاً: ((يؤتي بأنعم أهل الدنيا من أهل النار فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت نعيماً قط؟ فيقول: لا والله ما رأيت نعيماً قط، ويؤتي بأبأس أهل الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت بؤساً قط؟ فيقول: لا والله ما رأيت بؤساً قط)) [14]
أن قسمة الله عادلة في عباده:
                
     -  المؤمن دائما يرضى بما قسم الله تعالى له , فهو راض على كل حال .
   - عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ. [15]
المؤمن مطالب بالسعي والعمل والله تعالى يقسم الأرزاق
                                                         
     -  المؤمن دائما يرضى بما قسم الله تعالى له , فهو راض على كل حال .
 - عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ يَأْخُذُ مِنْ أُمَّتِي خَمْسَ خِصَالٍ ، فَيَعْمَلُ بِهِنَّ ، أَوْ يُعَلِّمُهُنَّ مَنْ يَعْمَلُ بِهِنَّ ؟ قَالَ : قُلْتُ : أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ : فَأَخَذَ بِيَدِي فَعَدَّهُنَّ فِيهَا ، ثُمَّ قَالَ : اتَّقِ الْمَحَارِمَ تَكُنْ أَعْبَدَ النَّاسِ ، وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ ، وَأَحْسِنْ إِلَى جَارِكَ تَكُنْ مُؤْمِنًا ، وَأَحِبَّ لِلنَّاسِ مَا تُحِبُّ لِنَفْسِكَ تَكُنْ مُسْلِمًا ، وَلاَ تُكْثِرِ الضَّحِكَ ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الضَّحِكِ تُمِيتُ الْقَلْبَ. [16]
لكن الله جعل الغني والفقير كلاهما فتنة لصاحبه .
- قال الشاعر:                                
تموت الأسد في الغابات جوعاً  * * *  ولحم الضأن تأكله الكلاب
       وعبد قد ينام على حرير * * *  وذو نسب مفارشه التراب

ولكن الله تعالى جعل سنته على ذلك حتى يختبر مختلف المبادئ التي تقوم عليها حياة الأفراد والجماعات من :
o       مبادئ الرحمة والكرم والجود والاحسان .
o       الإحساس بقيمة الحياة من لذة وكدر وتعاسة وفرح ورخاء وشدة .
o       الامر بالمعروف بالمعروف والنهي عن المنكر .
o       طلب العدل والمساواة .
o       الجهاد من أجل الكرامة والحرية .
o       اختبار مداخل النفوس من حسد وغل أو صفاء

حث الاسلام على النفقة والتعاون :
                                                                 
أوجب الإسلام مدَّ يد المعونة إلى الفقراء والمساكين وأرباب الحاجات؛ إما بالبذل، أو بتهيئة العمل، كما أوجب مدَّها إلى أولياء الأمر بما يُمكِّنهم من إقامة المصالح التي تُحقِّق خير الجماعة.

ووضعًا للمعونة في موضعها، ووقوفًا بها عند الحد الذي يرفع عن كاهل المحتاجين عِبء الضرورات المُقوِّمة والحاجات المُيسِّرة والمصالح النافعة - حذَّر الإسلام كل التحذير من الإسراف وإنفاق الأموال؛ حيث لا ضرورة تُلجئ إليه ولا حاجة تَقتضيه.

على هذه الأُسس التي تقتضيها الأخوة والتراحم والتعاون، والاشتراك في الإحساس، وتبادُل الشعور بين الأفراد بعضهم مع بعض، وبينهم وبين الدولة - امتَلأ القرآن في مكِّيه ومدنيِّه بآيات الحثِّ على الإنفاق على الفقراء والمساكين، وفي سبيل الله، وقد وجهت العناية الكبرى في ذلك إلى قضاء الحاجات الشخصية التي تَطرأ على الأفراد، فتُوهِن من قوَّتهم، وتُضْعِف من رُوحهم، ولا ريب أن قلقهم في الحياة - مع رؤيتهم تمتُّعَ إخوانهم الأغنياء - مما يضاعف همَّهم، ويَفتح لهم شرَّ النوافذ التي يُعكِّرون بها على الجماعة صفو الحياة، ويُزَلْزِلون عليها عناصر الأمن والاطمئنان.


 -   وقد صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((المسلم أخو المسلم؛ لا يَظلمه، ولا يُسْلِمه))، ومَن ترَكه يجوع ويَعرى - وهو قادر على إطعامه وكسوته - فقد أسلَمه.

    -  وعنه قالَ : قالَ رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « طَعَامُ الاثْنَينِ كافي الثَّلاثَةِ ، وطَعامُ الثَّلاثَةِ كافي الأَربَعَةِ » متفقٌ عليه

   - عن النبي صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال : طَعَامُ الوَاحِد يَكفي الاثْنَيْنِ ، وطَعَامُ الاثْنَيْنِ يَكْفي الأربَعَةَ وطَعَامُ الأرْبعةِ يَكفي الثَّمَانِيَةَ   [17]

   -  وعن أبي موسى رضي اللَّه عنه قال : قال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « إِنَّ الأشعَرِيين إِذَا أَرملُوا في الْغَزْوِ ، أَو قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِم بالمَدِينَةِ ، جَمَعُوا ما كَانَ عِندَهُم في ثَوبٍ وَاحدٍ ، ثُمَّ اقتَسَمُوهُ بَيْنَهُم في إِنَاءٍ وَاحِدٍ بالسَّويَّةِ فَهُم مِنِّي وَأَنَا مِنهُم » متفقٌ عليه . « أَرمَلُوا » : فَرَغَ زَادُهُم ، أَو قَارَبَ الفَرَاغَ .

- ، ثنا الْأَعْمَشُ ، قَالَ : بَلَغَنِي عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِذَا طَبَخْتُمُ اللَّحْمَ فَأَكْثِرُوا الْمَرَقَ أَوِ الْمَاءَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَعُ وَأَبْلَغُ فِي الْجِيرَانِ " .[18]

·        هل في الإسلام حق دون الزكاة والنفقة ؟

وعن أبي سعيدٍ الخُدريِّ رضي اللَّهُ عنه قال : بينَمَا نَحْنُ في سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم إِذ جَاءَ رَجُلٌ على رَاحِلَةٍ لَهُ ، فَجَعَلَ يَصْرفُ بَصَرَهُ يَمِيناً وَشِمَالاً ، فَقَال رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم : « مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهرٍ فَليَعُدْ بِهِ عَلى مَنْ لا ظَهْرَ لَهُ ، وَمَن كانَ لَهُ فَضْلٌ مِن زَادٍ ، فَليَعُدْ بِهِ على مَن لا زَادَ لَهُ » فَذَكَرَ مِن أَصْنَافِ المَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لا حَقَّ لأحدٍ مِنَّا في فَضْلٍ » [19]

 -  ويقول الراوي: "ثم ذكَر أصناف المال، حتى رأينا أنه لا حقَّ لأحدٍ منا في فضله.

 -  ويقول عمر بن الخطاب: "لو استقبَلت من أمري ما استدبَرت، لأخَذت فضول أموال الأغنياء، فقسَّمتها على فقراء المهاجرين.
-         وللفقراء والمُعوِزين حق في مال الأغنياء، إلى أن يكتفوا إذا لم تَكفِهم الزكاة المفروضة.
                                                   
  - ويقول الإمام أبو محمد علي بن حزم عن ذلك[20]: "وفرض على الأغنياء مِن أهل كل بلد أن يقوموا بفُقرائهم، ويُجبرهم السلطان على ذلك، إن لم تقم الزكاة بهم، ولا في سائر أموال المسلمين بهم، فيُقام لهم بما يأكلون من القوت الذي لا بدَّ منه، ومن اللباس للشتاء والصيف بمثل ذلك، وبمسكن يُكنُّهم مِن المطر والصيف والشمس وعيون المارة".

وقال ابن حزم: "  ولا يحل لمسلم مُضطر أن يأكل ميتة أو لحم خنزير وهو يجد طعامًا فيه فضل على صاحبه لمسلم أو لذمي؛ لأنه فرض على صاحب الطعام إطعام الجائع، فإذا كان ذلك كذلك، فليس بمُضطر إلى الميتة ولا إلى لحم الخنزير، وله أن يقاتل عن ذلك، فإن قتل المانع، فإلى لعنة الله؛ لأنه منَع حقًّا وهو طائفة باغية"[7].

·        المحافظة على كرامة الفقير حين النفقة :
                                                                                                                                                
-  وكان عامر بن عبد الله بن الزبير يتخير العباد وهم سجود، فيأتيهم بالصرة فيها الدنانير والدراهم، فيضعها عند نعالهم بحيث يحسون بها ولا يشعرون بمكانه، فقيل له: ما يمنعك أن ترسل بها إليهم؟ فيقول: أكره أن يتمعر وجه أحدهم إذا نظر إلى رسولي أو لقيني .

-  وأتى رجل صديقاً له فدق عليه الباب فقال: ما جاء بك؟ قال : عليَّ أربعمائة درهم دَيْن، فوزن أربعمائة درهم وأخرجها إليه وعاد يبكي، فقالت امرأته: لم أعطيته إذ شق عليك ؟ فقال: إنما أبكي لأني لم أتفقد حاله حتى احتاج إلى مفاتحتي .




[1]  صحيح ، الألباني ـ صحيح الترغيب : 1718 ] .
 [2] أخرجه أحمد 4/327(19123).
[3]  [لأعراف:168
[4]  صفة الصفوة:  أبو الفرج بن الجوزي (المتوفى: 597هـ)
7  ابن عبد البر : بهجة المجالس 1/42..
[6]   أخرجه أحمد 4/332(19142) و\"الدارمي\" 2777 و\"مسلم\" 8/227 (7610).
[7]  أخرجه أحمد 2/303(8014) و\"البُخَارِي\" 7/148و\"مسلم\" 8/16(6660) .
[8] . رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم (صحيح الجامع (5815).
[9] أخرجه مالك (الموطأ) 585. و\"أحمد\" 2/237(7234) و\"البُخاري\" 7/149(5645) و\"النَّسائي\" في \"الكبرى\" 7436 .
[10]  حلية الأولياء: أبو نعيم الأصبهاني 1/217.
 [11]. مسلم/الزهد والرقاق2956].
[12]  [البخاري/الرقاق/ باب: مثل الدنيا والآخرة.
[13]  أخرجه أحمد 1/234(2086) و\"البُخَاريّ\" تعليقا 8/119(6449) و\"مسلم\" 8/88(7038والتِّرْمِذِيّ\" 2602 .
[14]  رواه مسلم. 
[15]    أخرجه أحمد (2/310 ، رقم 8081)
[16]    أخرجه أحمد (2/310 ، رقم 8081)
[17]  وفي رواية لمسلمٍ رضي اللَّه عنه
[18]  دِيثُ جَابِرٍ هَذَا ضَعِيفٌ لِجَهَالَةِ التَّابِعِيِّ ، لَكِنَّ لَهُ شَاهِدٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي ذَرٍّ ، رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَالتِّرْمِذِيُّ فِي الْجَامِعِ وَصَحَّحَهُ .
[19]   رواه مسلم .                                                            
[20] - المتوفى سنة: 456هـ - في موسوعته الفقهية "المحلى"

0 comentarios:

Publicar un comentario