viernes, 10 de abril de 2015

التربية وعقباتها واول شرط من شروط التربية الصدق

0 comentarios
   
    يقول أهل اللغة ربّ الولدَ والصبي يرُبُّه ربّا: ولِيه وتعهده بما يغديه وينميه ويؤدبه. وقال الراغب الاصفهاني: "الربّ في الأصل التربية، وهو إنشاء الشئ حالا فحالا إلى حد التمام".

      وقال ابن الأعرابي الربّاني: العالم المعلم الذي يغدو الناس بصغار العلم قبل كبارها، والرباني المتأله، العارف بالله تعالى، وفي التنزيل {كونوا ربانيين} وروي عن علي كرم الله وجهه أنه قال: "الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم على سبيل النجاة، وهَمَجٌ رُعاعٌ أتباع كل ناعق" [                                                   
    والتربية من حيث الاصطلاح تهذيب النفس وتزكيتها، والسلوك بها مسلك الرجال، اقتحاما للعقبة وتشوفا للمعالي ومقامات القرب والإحسان.
لبُّ التربية وخلاصتها هو إصلاح القلوب حتى تنتقل من الغفلة إلى السير المهتدي إلى إرادة الله والدار الآخرة، وإقامة الدِّين حتى يكون الدِّين لله.
لا فلاح للمومن إلا بتزكية نفسه :
معلوم أنه لا فلاح للمؤمن المقبل على ربه إلا بتزكية نفسه وتطهيرها، 
-       قال تعالى : ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وقد خاب من دساها (الشمس: 9
التربية تحتاج إلى المجاهدة :
·        صناعة الرجال وتربيتهم ليست بالأمر الهين، ليست نزهة، بل جهاد، جهاد طويل النفس تحدوه المحبة واللين والرغبة والصبر والتؤدة.
لأن هناك ثلاث آفات مستحكمة تمنع طالب التغيير من السلوك لا بد من التحرر منها  :
، وهي المسماة بالذهنيات الثلاث
1.     الذهنية الرعوية (التقليد الأعمى ) وهي الإرادة المسلوبة  التي تنقاد لكل ناعق وتنجر وراء كل دعوة ولو كانت هدامة.
      - كما قال تعالى على قوم : وكنا نخوض مع الخائضين :
  -  وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكونوا إمّعةً، تقولون: إن أحسن النّاس أحسنّا، وإن ظلموا ظلمنا، ولكن وطّنوا أنفسكم، إن أحسن النّاس أن تحسنوا، وإن أساءوا فلا تظلموا» [رواه الترمذي 
 - وعن الفضيل بن عياض رحمه الله قال: "اتبع طريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين، وإيّاك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين" .

قصة الطفيل بن عمر الدوسي : وكان الطفيل رضي الله عنه يأخذ مكانه في الطليعة في قبيلته دوس، ولقد حاول كثيرا سادات قريش أن يمنعوه من ملاقاة النبي صلى الله عليه وسلم خشية أن يدخل في دينه فيسخر طاقته الشعرية في خدمة الاسلام، ولنترك الطفيل يحدثنا عن ذلك بنفسه فيقول:
فو الله ما زالوا بي حتى عزمت على ألا أسمع منه شيئا، ولا ألقاه، وحين غدوت الى الكعبة حشوت أذناي كرسف كي لا أسمع شيا من قوله اذا تحدّث، وهناك وجدته قائما يصلي، فقمت قريبا منه، فأبى الله الا أن يسمعني بعض ما يقرأ، فسمعت كلاما حسنا، وقلت في نفسي: ولم لا أسمع منه، فان كان الذي ياتي به حسن قبلته، وان كان قبيحا رفضته، وبقيت استمع اليه حتى اذ انصرف الى بيته ودخله تبعته وقلت له: يا محمد( صلى الله عليه وسلم) انّ قومك قد حدّثوني عنك كذا وكذا، فو الله ما برحوا يخوفوني أمرك حتى سددت أذنياي بكرسف كيلا أسمع قولك، ولكن شاء الله أن أسمع، فسمعت قولا حسنا، فأعرض عليّ أمرك، فعرض عليّ الاسلام وتلا عليّ من القرآن، فأسلمت وشهت شهادة الحق ، وقلت يا رسول الله! اني امرؤ مطاع في قومي، واني راجع اليهم وداعيهم الى الاسلام، فادع الله أن يجعل لي آية، تكون عونا لي فيما أدعوهم اليه، فدعا صلى الله عليه وسلم:اللهم اجعل له آية.
2.     من الأنانية المستعلية : تمنع صاحبها من تلقي دعوة الحق لتغيير ما بالأنفس
·       قال تعالى : إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إلا الله يستكبرون .
3.     من العادات الجارفة : ولقد ألف الناس خاصة في مجتمعات الاستهلاك عادات تجرف إلى مهاوي الخسران والهلاك، فهل من سبيل للخروج من دائرة العادات إلى فساحة الأعمال التعبدية المقتفية أثر السنة النبوية والمنهاج النبوي؟
وهذه العادات تكبل المرء فيقعد رهين ما اعتادته نفسه الأمارة يستجيب لها يطيعها، يسلس لها القياد فإذا هو كتلة مهملة منسية، مفعول بها منتظرة، قاعدة خاملة مائلة .. بينما هجر هذه العادات تحرر يكسب المرء إرادة فاعلة وهمة عالية ترقيان به إلى تملك مصيره بنفسه .
يظل بعض الأشخاص وعلى مر السنين كما هم، لديهم قناعة بأنهم ليسوا بحاجة إلى أي تعديل أو تغيير في أفكارهم وسلوكياتهم وعاداتهم، والمقصود هنا التغيير الإيجابي، وموقفهم هذا ينطلق من مبدأ أنهم أفضل من غيرهم، ولا يهمهم رأي الآخرين لأنهم يعتقدون أنهم يسيرون في حياتهم على الطريق الصحيح، وليس هناك ما يجبرهم على تغيير نمط التفكير والحياة التي يعيشونها بالرغم من أن القريب منهم لا يشعر أنهم سعداء بخياراتهم، أو متسامحون مع أنفسهم، أو راضون عن حياتهم.

      أن تفعل دائما نفس الشيء لن تحس باختلاف وربما ستحس بالأسوء . والإيمان يخلق فلا  بد من التجديد من التجديد .
v    الحديث عن التجديد .
   - قَالَ رَسُولُ اللَّهِ : إِنَّ الْإِيمَانَ لَيَخْلَقُ فِي جَوْفِ أَحَدِكُمْ كَمَا يَخْلَقُ الثَّوْبُ فَاسْأَلُوا اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُجَدِّدَ الْإِيمَانَ فِي قُلُوبِكُمْ . صححه الألباني في صحيح الجامع
  - قال الرسول – صلى الله عليه وسلم-:".....جددوا إيمانكم فإن الإيمان يبلى كما يبلى الثوب. فقالوا: ما نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا لا إله إلا الله". أحمد في المسند

وحتى يكون الانسان جادا في طلب التغيير، لا بد من شروط :
v       أولها الصدق:
حيث أن الصفة المشتركة بين الذين يكرهون التغيير والتزكية هي الكذب :
1-     فالأنانيين المتكبرين يكذبون على أنفسهم وعلى الناس حتى تبقى مكانتهم عالية ومصالهم قائمة،
2-   وأصاب عقلية القطيع يكذبون على أنفسهم بأنهم على حق وبأنهم الأغلبية ، وبانهم السائد وكل الخير في القديم ولا خير في الجديد.
3-   واصحاب العادات الجارفة يكذبون على انفسهم وهم متشبثين بطباعهم ن مرتاحين لركودهم يؤرقهم الجديد ويقلقهم أن يغيرو ما بأنفسهم ..
 ·       أن تكون لك إراد حقيقة في التغيير وقابلية ذاتية وأن تبدأ بنفسك :
أي الاستعداد للتخلق بالأخلاق الإيمانية القرآنية طلبا لوجه الله تعالى وشوقا للقائه، عبر الكينونة مع الصادقين والجهاد معهم. والصدق نقيض النفاق والادعاء.
     -  لقوله تعالى : إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .
 -  قال الرافعي : كيف تريد أن تغير الدنيامن حولك وأنت تعيش الفوضى في قلبك .
  -  يقول الأديب الروسي تولستوي "كل واحد يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه. 
·       فالقرار قرارك أن تقود أنت التغيير وتتغير لما تُريد وإلى الأحسن أو أن يقودك التغيير وستتغير ولكن على مُراد  الشيطان لا مُرادك الحق.
   - وتأمل في كتاب الله ستجد أن هناك قائد يريد  أن يقودك ويغيرك للأسوء ويُبعدك عن طريق الله وهو الشيطان. 
    - قال تعالي "وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ" سورة الأنعام (119)، قال علماء التفسير خلقُ الله هو تغيير الفطرة التي خلقها الله.
·        أن يصد الانسان مع نفسه تلك بداية الطريق.
 ·       أن يسائل الإنسان نفسه بصدق :
- في طريق التربية يتساءل المؤمن عن ذاته وإيمانه وكماله،
السؤال الدائم المزعج المنجي: ما ثقتي بربي، ما صدقي معه، ما صدقي في طلب رضاه، أين أنا من الصادقين الذين يعبدونه رَغَبا ورَهَباً، ما حَظِّي مِن يقين الصادقين، ما رضاي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، ما مسارعتي بين المسارعين إلى نيل الدرجات في الجنة عنده؟  ، فيكتشف نفسه وضعفه وحاجته إلى معرفة ربه،[1]"
   انظر رعاك الله فيم تدخل وكيف تخرج وأي لسان تطلب وأي قدم لك عند ربك وأي مقعد هو مقعدك. أمن المسلمين أنت أم من المؤمنين والمحسنين؟ أسألته يوما صادقا عارفا بما تطلب أن يلحقك بالصالحين؟ إلاّ تفعل فلست ممن يعنيهم كلامي، عمادك منقوض وكلامي عندك مرفوض[2].

·        أن يعرف نفسه معرفة صادقة ويقف على أمراضها :

لا تبحث عن عيوب الناس وإنما فتش عن عيوب نفسك ، فلا شك ان لك طاما وكوارث يجب أن تصلحها

   -  قال رجل لحكيم: ما رأيت صادقاً! فقال له: لو كنت صادقاً لعرفت الصادقين. 
*  من عرف نفسه عرف ربه .
*  معرفة المرض نصف العلاج .

·        أن يحاسب نفسه محاسبة قوية:

في بعض الأوقات أتساءل نفسي عن تصرفاتي اليومية  ما هي سيطرتي على نفسي في ذلك الجزء الذي يسميه الناس المبدأ المتحكم أو المسيطر ؟؟
ما هي النفس التي بداخلنا في بعض للحظات؟؟
   - طفل أو شاب متمرد أو ضعيف أو طاغية مجبره أو إنسان حقيقي أو صاحب مبدأ ورسالة  فلسفه رائعه حينما نعيد محاسبة أنفسنا في تصرفاتنا وأفعالنا دائما

أمثله على  ذلك  :

   رأيت نفسي طاغية حينما أثور من الغضب على أخي الصغير على أمور بسيطة لا تستحق الغضب رأيت نفسي طاغية وأنا لا اقبل الاعتذار منه بسرعة ...

    رأيت نفسي ضعيف في كل موقف صاحبني يأس وإحباط لم أستطع فيه التوكل على الله، خذلني إيماني وضعف رصيدي الروحي...

   رأيت نفسي  طفلا أو مراهقا تافها أضيع كل لحظه أتوقف فيها عن العمل أو أضيع وقتي بشيء لا فائدة فيه وارفض الانضباط وارفض الاستماع لرأي فيه لصالحي ...      
   رأيت نفسي إنسان حقيقي في كل موقف تحكمني فيها الأخلاق والقيم النبيلة ومبادئ والعفو والرحمة والتسامح وسعة الصدر وليست تصرفات الآخرين وأفعالهم ..
من هنا جميل أن نقيم أنفسنا دائما بتصرفاتنا في نهاية كل يوم لأرى طبيعة التي بداخل النفس في مدار اليوم ..

من يستطيع محاسبة نفسه وتغيرها يعد من إبطال الحياة لأنه استطاع استخراج طاقته وقدراته للمحاسبة تصرفاته ومواجهتها وتغيرها فهناك من يفشل في الاستخراج سلبياته.

 * نماذج من المحاسبة :

-  عن أنس بن مالك ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعتُ عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يوماً وخرجت معه حتى دخل حائطاً فسمعتُه يقول ـ وبيني وبينه جدار ـ: «عمر!! أمير المؤمنين!! بخٍ بخٍ، واللهِ بُنَيّ الخطاب لتتقينّ الله أو ليعذبنّك» .

  - وجاء رجل يشكو إلى عمر وهو مشغول فقال له: أَتَتْركون الخليفة حين يكون فارغاً حتى إذا شُغِل بأمر المسلمين أتيتموه؟ وضربه بالدرّة، فانصرف الرجل حزيناً، فتذكّر عمر أنه ظلمه، فدعا به وأعطاه الدرّة، وقال له: «اضربني كما ضربتُك» فأبى الرجل وقال: تركت حقي لله ولك. فقال عمر: «إما أن تتركه لله فقط، وإما أن تأخذ حقّك» فقال الرجل: تركته لله. فانصرف عمر إلى منزله فصلّى ركعتين ثم جلس يقول لنفسه: «يا ابن الخطاب: كنتَ وضيعاً فرفعك الله، وضالاً فهداك الله، وضعيفاً فأعزّك الله، وجعلك خليفةً فأتى رجلٌ يستعين بك على دفع الظلم فظلمتَه؟!! ما تقول لربّك غداً إذا أتيتَه؟ وظلّ يحاسب نفسَه حتى أشفق الناس عليه».

   - وقال إبراهيم التيمي: «مثّلتُ نفسي في الجنة آكل من ثمارها وأشرب من أنهارها وأعانق أبكارها، ثم مثّلتُ نفسي في النار آكل من زقومها وأشرب من صديدها وأعالج سلاسلها وأغلالها، فقلت لنفسي: يا نفس أيّ شيء تريدين؟ فقالت: أريد أن أُردّ إلى الدنيا فأعمل صالحاً! قلتُ: فأنتِ في الأمنية فاعملي».

   - ونُقِل عن توبة بن الصّمة: «أنه جلس يوماً ليحاسب نفسَه فعدّ عمره فإذا هو ابن ستين سنة، فحسب أيّامها فإذا هي واحدٌ وعشرون ألفاً وخمسمائة يوم؛ فصرخ وقال: يا ويلتي! ألقى الملك بواحدٍ وعشرين ألف ذنب! فكيف وفي كل يوم عشرة آلاف ذنب؟!!».
   - وكان الأحنفُ بن قيسٍ يجيءُ إلى المصباحِ فيضعُ إصبَعهُ فيه ثم  يقول : يا حُنيف ، ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟ ما حمَلَكَ على ما صنعتَ يومَ كذا ؟ 

·        أن يهجر كل ما يثبط عزمه ويشل إرادته وصدقه عن تربية نفسه : (عملية التخلية)

- هجرة النفاق بأنواعه والمداهنة والمخادعة،
- هجرة السوء وأصحاب السوء والرفقة التي تبعدك عن الله ...
- هجرة الذنوب والمعاصي والصدق في التوبة.

·        من يصدق الله يصدقه :
                                                                         
  - عن شداد بن الهاد رضي الله عنه أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه ثم قال أهاجر معك فأوصى به النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فلما كانت غزوة غنم النبي صلى الله عليه وسلم سبيا فقسم وقسم له فأعطى أصحابه ما قسم له وكان يرعى ظهرهم فلما جاء دفعوه إليه فقال: ما هذا؟ قالوا: قسم قسمه لك النبي صلى الله عليه وسلم فأخذه فجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما هذا؟ قال (قسمته لك) قال: ما على هذا اتبعتك ولكني اتبعتك على أن أرمى إلى هاهنا ــ وأشار إلى حلقه ــ بسهم فأموت فأدخل الجنة فقال ( إن تصدق الله يصدقك ) فلبثوا قليلا ثم نهضوا في قتال العدو فأتي به النبي صلى الله عليه وسلم يحمل قد أصابه سهم حيث أشار فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أهو هو ) قالوا: نعم قال: (صدق الله فصدقه) ثم كفنه النبي صلى الله عليه وسلم في جبة النبي صلى الله عليه وسلم ثم قدمه فصلى عليه فكان فيما ظهر من صلاته (اللهم هذا عبدك خرج مهاجرا في سبيلك فقتل شهيدا أنا شهيد على ذلك) (1)





[1] تنوير المؤمنات عبد السلام ياسين
[2] الاحسان

0 comentarios:

Publicar un comentario