sábado, 30 de agosto de 2014

صلة الأرحام

0 comentarios

ما هي صلة الرحم
- قال ابن منظور - رحمه الله-: " وصلت الشيء وصلا وصلة، والوصل ضد الهجران ".
- قال ابن الأثير: وهي كناية عن الإحسان إلى الأقربين من ذوي النسب والأصهار، والعطف عليهم، والرفق بهم، والرعاية لأحوالهم، وكذلك إن بعدوا وأساءوا، وقطع الرحم ضد ذلك كله "[1]

من هم الأرحام :
  -  1وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن الرحم التي يجب صلتها : هي الرحم المحرم فقط ، وأما غير المَحْرَم ، فتستحب صلتها ولا تجب ، وهذا قول للحنفية ، وغير المشهور عند المالكية.

  -  2والقول الثاني في المسألة : أنه يجب صلة الرحم كلها ، لا فرق بين المحرَم وغيره ، "وهو قول للحنفية , والمشهور عند المالكية , وهو نص أحمد , وهو ما يفهم من إطلاق الشافعية , فلم يخصصها أحد منهم بالرحم المحرم" . "الموسوعة الفقهية الكويتية" (3/83) .

 *   وفي المسألة أقوال أخرى ، قال في "سبل السلام" (2/628) : "واعلم أنه اختلف العلماء في حد الرحم التي تجب صلتها فقيل : هي الرحم التي يحرم النكاح بينهما بحيث لو كان أحدهما ذكرا حرم على الآخر . فعلى هذا لا يدخل أولاد الأعمام ولا أولاد الأخوال . واحتج هذا القائل بتحريم الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها في النكاح لما يؤدي إليه من التقاطع . 
   
وقيل : هو من كان متصلا بميراث ، ويدل عليه قوله صلى الله عليه وسلم : (ثم أدناك أدناك) .
   
وقيل : من كان بينه وبين الآخر قرابة سواء كان يرثه أو لا . 

 -     ثم صلة الرحم كما قال القاضي عياض : درجات بعضها أرفع من بعض ، وأدناها ترك المهاجرة وصلتها بالكلام ولو بالسلام , ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة ، فمنها واجب ، ومنها مستحب ، فلو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لم يسم قاطعا ، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له ، لم يسم واصلا . 

 -    وقال القرطبي : الرحم التي توصل الرحم عامة وخاصة ، فالعامة رحم الدِّين , وتجب صلتها بالتوادد والتناصح والعدل والإنصاف والقيام بالحقوق الواجبة والمستحبة . 

صلة الرحم في الإسلام :

إن لصلة الرحم في شرع الله منزلة عظيمة ومزية شريفة، وقد تكاثرت الأدلة من الكتاب والسنة على وجوب رعايتها والتحذير من قطعها والتفريط فيها .
وفي كتاب الله من الحض على صلة الرحم :

-  قال تعالى : وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا}  .

- وقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}.

- وقال تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا}.

وفي سنة النبي عليه الصلاة والسلام كذلك :

  - ففي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله خلق الخلق، حتى إذا فرغ منهم قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائذ من القطيعة. قال: نعم، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى. قال: فذاك لك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اقرؤوا إن شئتم ({فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ}) »

- ولهذا قال: (ما من ذنب أحرى أن تعجل لصاحبه العقوبة من البغي وقطيعة الرحم).  لأن تأخير عقوبته فساد لأهل الأرض بخلاف ما لا يتعدى ضرره فاعله، فإنه قد تؤخر عقوبته

·       قطيعة الرحم تمنع من قبول العمل الصالح حيث يقول"إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة , فلا يُقبل عمل قاطع رحم" أخرجه الإمام أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ([2]) .

- أخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو، قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء الرحم شجنة من الرحمن، فمن وصلها وصله الله، ومن قطعها قطعه الله » .
Ø      فالإسلام دين الصلة، ودين البر والرحمة، فهو يأمر بالصلة، وينهى عن القطيعة، مما يجعل جماعة المسلمين مترابطة، متآلفة، متراحمة، بخلاف الأنظمة الأرضية التي لا ترعى ذلك الحق، ولا توليه اهتمامها.
- قال- تعالى- مثنيا على الواصلين: {وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ}

- فعن أبى هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه» ([2]) .

- وعن أبي أيوب الأنصاري - رضي الله عنه- أن رجلا قال: يا رسول الله، «أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصل الرحم» ([3])


Ø     وإنها تدل على الرسوخ في الفضيلة و كرم النفس، وسعة الأفق، وطيب المنبت، وحسن الوفاء، وصدق المعشر.

          - ولهذا قيل: " من لم يصلح لأهله لم يصلح لك، ومن لم يذب عنهم لم يذب عنك " ([4]) .

·       لذلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حض على تعلم الأنساب لصلة الأرحام.
                                                  
- فقد أخرج الحاكم في المستدرك وابن حبان في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (تعلموا أنسابكم تصلوا أرحامكم، فإن تعلم الأنساب معين على صلة الأرحام) .

Ø     فبسببها تشيع المحبة، وتسود الألفة، ويصبح الأقارب لحمة واحدة، وبهذا يصفو عيشهم، وتكثر مسراتهم.
                                                                                                                                                                                                                                                                                                   
ولم أر عزما لامرئ كعشيرة       ولم أر ذلا مثل نأي عن الأهل

- وعن أنس بن مالك رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره فليصل رحمه» ([5])
                     ومما قاله العلماء في معنى زيادة العمر، وبسط الرزق الواردين في الحديث ما يلي:


·         أن المقصود بالزيادة أن يبارك الله في عمر الإنسان الواصل، ويهبه قوة في الجسم، ورجاحة في العقل، ومضاء في العزيمة، فتكون حياته حافلة بجلائل الأعمال.

·         أن الزيادة على حقيقتها؛ فالذي يصل رحمه يزيد الله في عمره، ويوسع له في رزقه.

ولا غرو في ذلك؛ فكما أن الصحة وطيب الهواء، وطيب الغذاء، واستعمال الأمور المقوية للأبدان والقلوب من أسباب طول العمر- فكذلك صلة الرحم جعلها الله سببا ربانيا؛ فإن الأسباب التي تحصل بها المحبوبات الدنيوية قسمان: أمور محسوسة تدخل في إدراك الحواس، ومدارك العقول. وأمور ربانية إلهية قدرها من هو على كل شيء قدير، ومن جميع الأسباب وأمور العالم منقادة لمشيئته " ([6])

      * وقد يشكل هذا الأمر على بعض الناس فيقول: إذا كانت الأرزاق مكتوبة، والآجال مضروبة لا تزيد ولا تنقص، كما في قوله- تعالى-: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34] فكيف نوفق بين ذلك وبين الحديث السابق.
والجواب: أن القدر قدران:

    أحدهما: مثبت، أو مبرم، أو مطلق، وهو ما في أم الكتاب - اللوح المحفوظ- الإمام المبين- فهذا لا يتبدل ولا يتغير.
    والثاني: القدر المعلق، أو المقيد، وهو ما في صحف الملائكة، فهذا هو الذي يقع فيه المحو والإثبات.

بأي شيء تكون صلة الرحم؟
صلة الرحم صلة الرحم تكون بأمور عديدة؛
·       فتكون بزيارتهم، وتفقد أحوالهم، والسؤال عنهم، والإهداء إليهم، وإنزالهم منازلهم، والتصدق على فقيرهم، والتلطف مع غنيهم، وتوقير كبيرهم، ورحمة صغيرهم وضعفتهم، وتعاهدهم بكثرة السؤال والزيارة- كما مر- إما أن يأتي الإنسان إليهم بنفسه، أو يصلهم عبر الرسالة، أو المكالمة الهاتفية.
·       وتكون باستضافتهم، وحسن استقبالهم، وإعزازهم، وإعلاء شأنهم، وصلة القاطع منهم.
·       وتكون- أيضا- بمشاركتهم في أفراحهم، ومواساتهم في أتراحهم..
·        وتكون بالدعاء لهم، وسلامة الصدر نحوهم، وإصلاح ذات البين إذا فسدت بينهم، والحرص على تأصير العلاقة وتثبيت دعائمها معهم.
·       وتكون بعيادة مرضاهم، وإجابة دعوتهم.
·       وأعظم ما تكون به الصلة، أن يحرص المرء على دعوتهم إلى الهدى، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر.

قطع الرحم وأسبابها :

إن صلة الأرحام قد خف ميزانها عند كثير من الناس اليوم، لا سيما مع الطفرة المادية التي عمت المجتمع فنسيت الحقوق وأهملت الواجبات حتى صار الأرحام أغرابا لا يعرف بعضهم بعضا إلا في المناسبات العامة والمواسم الجامعة...

   -  فهذه أخت تشكو أخاها حرمها ميراثها، أخت تشكو أخاها لم يزرها منذ عشر سنوات.
   -  وهذا أخ يبكي من أخيه هجره وقطعه، ما سلم عليه عشرات السنوات من أجل أرض، من أجل تراب، من أجل سيارة، من أجل حمار، من أجل شيء حقير لا رد الله عز وجل هذه الأرض، ولا رحم من شاجر من أجلها إلا أن يتوب...
ولقطيعة الرحم مظاهر عديدة؛

·       فمن الناس من لا يعرف قرابته بصلة؛ لا بالمال، ولا بالجاه، ولا بالخلق، تمضي الشهور، وربما الأعوام، وما قام بزيارتهم، ولا تودد إليهم بصلة، أو هدية، ولا دفع عنهم حاجة أو ضرورة أو أذية، بل ربما أساء إليهم بالقول أو الفعل، أو بهما جميعا.
·       ومن الناس من لا يشارك أقاربه في أفراحهم، ولا يواسيهم في أتراحهم، ولا يتصدق على فقيرهم، بل تجده يقدم غيرهم عليهم في الصلات الخاصة، التي هم أحق بها من غيرهم.

·       أن تجد بعض الناس ممن آتاه الله علما ودعوة- يحرص على دعوة الأبعدين، ويغفل أو يتغافل عن دعوة الأقربين، وهذا لا ينبغي فالأقربون أولى بالمعروف، قال الله- عز وجل- لنبيه-عليه الصلاة والسلام-: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} .

·       ومن مظاهر القطيعة، تحزيب الأقارب، وتفريق شملهم، وتأليب بعضهم على بعض.

·       ومن الناس من يصل أقاربه إن وصلوه، ويقطعهم إن قطعوه، وهذا- في الحقيقة- ليس بواصل، وإنما هو مكافئ للمعروف بمثله، وهذا حاصل للقريب وغيره؛ فإن المكافأة لا تختص بالقريب وحده  .

والواصل- حقيقة- هو الذي يصل قرابته لله، سواء وصلوه أم قطعوه؛

    -  ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذي إذا قطع رحمه وصلها» ([7])

    -  ولهذا «أتى رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إني لي قرابة أصلهم ويقطعونني، وأحسن إليهم ويسيؤون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي. قال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير ما دمت على ذلك»[8]
وقيل: معناه أنك بالإحسان إليهم تخزيهم، وتحقرهم في أنفسهم؛ لكثرة إحسانك، وقبيح فعلهم من الخزي والحقارة عند أنفسهم، كمن يسف المل.

   - ولذلك روي عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: {إن الله أمرني أن أصل من قطعني، وأن أعفو عمن ظلمني، وأن أعطي من حرمني} .

Ø     وصدق الرسول الكريم، لقد وصل من قطعه، وأعطى من حرمه، وعفا عمن ظلمه. قطعه الأقارب فأتى إليهم يوم مكة فقال: {اذهبوا فأنتم الطلقاء} وقال: {عفا الله عنكم} بعد أن أخرجوه وضربوا بناته، وقاتلوه، وشتموه، وباعوا دياره، فعفى عنهم فقال الله لك: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] .

  -   ومن أجمل ما قيل في ذلك، قول المقنع الكندي:
وإن الذي بيني وبين بني أبي ... وبين بني عمي لمختلف جدا
إذا قدحوا لي نار حرب بزندهم ... قدحت لهم في كل مكرمة زندا
   وإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم ... وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجدا
        ولا أحمل الحقد القديم عليهم ... وليس رئيس القوم من يحمل الحقدا
ومن أسباب قطع الرحم :

1 - الجهل فالجهل بعواقب القطيعة العاجلة والآجلة يحمل عليها، ويقود إليها، كما أن الجهل بفضائل الصلة العاجلة والآجلة يقصر عنها، ولا يبعث إليها.
2 - ضعف التقوى فإذا ضعفت التقوى، ورق الدين لم يبال المرء بقطع ما أمر الله به أن يوصل، ولم يطمع بأجر الصلة، ولم يخش عاقبة القطيعة.
                                                                                                                                                                                                      
 3- الكبر فبعض الناس إذا نال منصبا رفيعا، أو حاز مكانة عالية، أو كان تاجرا كبيرا- تكبر على أقاربه، وأنف من زيارتهم والتودد إليهم؛ بحيث يرى أنه صاحب الحق، وأنه أولى بأن يزار ويؤتى إليه.

4 - العتاب الشديد: فبعض الناس إذا زاره أحد من أقاربه بعد طول انقطاع- أمطر عليه وابلا من اللوم، والعتاب، والتقريع على تقصيره في حقه، وإبطائه في المجيء إليه. ومن هنا تحصل النفرة من ذلك الشخص، والهيبة من المجيء إليه؛ خوفا من لومه، وتقريعه، وشدة عتابه.

5 - التكلف الزائد فهناك من إذا زاره أحد من أقاربه تكلف لهم أكثر من اللازم، وخسر الأموال الطائلة، وأجهد نفسه في إكرامهم، وقد يكون قليل ذات اليد.

ومن هنا تجد أن أقاربه يقصرون عن المجيء إليه؛ خوفا من إيقاعه في الحرج.

6 - قلة الاهتمام بالزائرين فمن الناس من إذا زاره أقاربه لم يبد لهم الاهتمام، ولم يصغ لحديثهم، بل تجده معرضا مشيحا بوجهه عنهم إذا تحدثوا، لا يفرح بمقدمهم، ولا يشكرهم على مجيئهم، ولا يستقبلهم إلا بكل تثاقل وبرود؛ مما يقلل رغبتهم في زيارته.

7 - الشح والبخل فمن الناس من إذا رزقه الله مالا أو جاها- تجده يتهرب من أقاربه، لا كبرا عليهم، وإنما خوفا من أن يفتح الباب عليه من أقاربه، فيبدؤون بالاستدانة منه، ويكثرون الطلبات عليه، أو غير ذلك! .
ومما قيل في ذلك:
ومن ذا الذي نرجو الأباعد نفعه ... إذا كان لم يصلح عليه الأقارب .

8 - تأخير قسمة الميراث فقد يكون بين الأقارب ميراث لم يقسم؛ إما تكاسلا منهم، أو لأن بعضهم عنده شيء من العناد، أو نحو ذلك.

وكلما تأخر قسم الميراث، وتقادم العهد عليه- شاعت العدواة والبغضاء بين الأقارب؛ فهذا يريد حقه من الميراث ليتوسع به، وهذا آخر يموت ويتعب من بعده في حصر الورثة، وجمع الوكالات حتى يأخذوا نصيبهم من مورثهم، وذاك يسيء الظن بهذا، وهكذا تشتبك الأمور، وتتأزم الأوضاع، وتكثر المشكلات فتحل الفرقة، وتسود القطيعة.

9 - الانقطاع الطويل فهناك من ينقطع عن أقاربه فترة طويلة، فيصيبه من جراء ذلك وحشة منهم، فيبدأ بالتسويف بالزيارة، فيتمادى به الأمر إلى أن ينقطع عنهم

10 - الشراكة بين الأقارب فكثيرا ما يشترك بعض الأخوة أو الأقارب في مشروع أو شركة ما- دون أن يتفقوا على أسس ثابتة، ودون أن تقوم الشركة على الوضوح والصراحة، بل تقوم على المجاملة، وإحسان الظن.
فإذا ما زاد الإنتاج، واتسعت دائرة العمل- دب الخلاف، وساد البغي، وحدث سوء الظن، خصوصا إذا كانوا من قليلي التقوى والإيثار، أو كان بعضهم مستبدا برأيه، أو كان أحد الأطراف أكثر جدية من الآخر.
ومن هنا تسوء العلاقة، وتحل الفرقة، وربما وصلت الحال بهم إلى الخصومات في المحاكم، فيصبحون بذلك سبة لغيرهم، قال الله- تعالى-: {وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَا هُمْ} [ص: 24]

11 - الاشتغال بالدنيا واللهث وراء حطامها، فلا يجد هذا اللاهث وقتا يصل به قرابته، ويتودد إليهم.

13 - بعد المسافة والتكاسل عن الزيارة فمن الناس من تنأى به الديار، ويشط به المزار، فيبتعد عن أهله وأقاربه، فإذا ما أراد المجيء إليهم بعدت عليه الشقة، فتثبط عن المجيء والزيارة. .

 14 - التقارب في المساكن بين الأقارب فربما أورث ذلك نفرة وقطيعة بين الأقارب، وقد روي عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه- أنه قال: " مروا ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا) (1) .
 - قال الغزالي معلقا على مقولة عمر: " وإنما قال ذلك لأن التجاور يورث التزاحم على الحقوق، وربما يورث الوحشة وقطيعة الرحم (2) .
 - وقال أكثم بن صيفي: " تباعدوا في الديار تقاربوا في المودة " (3) .
15 - قلة تحمل الأقارب والصبر عليهم فبعد الناس لا يتحمل أدنى شيء من أقاربه،
16 - الحسد فهناك من يرزقه الله علما، أو جاها، أو مالا، أو محبة في قلوب الآخرين، فتجده يخدم أقاربه، ويفتح لهم صدره، ومن هنا قد يحسده بعض أقاربه، ويناصبه العداء، ويثير البلبلة حوله، ويشكك في إخلاصه.
17 - كثرة المزاح فإن لكثرة المزاح آثارا سيئة؛ فلربما خرجت كلمة جارحة من شخص لا يراعي مشاعر الآخرين
مما يوطد الصلة ويقويها :
5 - قبول أعذارهم إذا أخطأوا، واعتذروا: ومن جميل ما يذكر في ذلك ما جرى بين يوسف - عليه السلام- وإخوته، فلقد فعلوا به ما فعلوا، وعندما اعتذروا - قبل عذرهم، وصفح عنهم الصفح الجميل؛ فلم يقرعهم، ولم يوبخهم، بل دعا لهم، وسأل الله لهم المغفرة لهم.
6 - الصفح عنهم ونسيان معايبهم، حتى ولو لم يعتذروا: فهذا مما يدل على كرم النفس، وعلو الهمة؛ فالعاقل اللبيب، يعفو عن أقاربه وينسى عيوبهم، ولا يذكرهم بها، ومن جميل ما يذكر في ذلك قول القائل:
وحسبك من ذل وسوء صنيعة ... مناواة ذي القربى وإن كان قاطع (1)
ولكن أواسيه وأنسى عيوبه ... لترجعه يوما إلي الرواجع
ولا يستوي في الحكم عبدان: واصل ... وعبد لأرحام القرابة قاطع (2)
8 - التغاضي والتغافل: فالتغاضي والتغافل من أخلاق الأكابر والعظماء، وهو مما يعين على استبقاء المودة، واستجلابها، وعلى وأد العداوة وإخلاد المباغضة.
9 - بذل المستطاع لهم: من الخدمة بالنفس، أو الجاه، أو المال.
11 - توطين النفس على الرضا بالقليل من الأقارب: فالعاقل الكريم لا يستوفي حقه كاملا، بل يرضى بالقليل وبالعفو الذي يأتي من أقاربه، حتى يستميل بذلك قلوبهم، ويبقي على مودته لهم كما قيل:
12 - مراعاة أحوالهم، وفهم نفسايتهم، وإنزالهم منازلهم: فمن الأقارب من يرضى بالقليل، فتكفيه الزيارة السنوية، وتكفيه المكالمة الهاتفية، ومنهم من يرضى بطلاقة الوجه والصلة بالقول فحسب، ومنهم من يعفو عن حقه كاملا، ومنهم من لا يرضى إلا بالزيارة المستمرة، وبالملاحظة الدائمة؛ فمعاملتهم بمقتضى أحوالهم يعين على الصلة، واستبقاء المودة.
13 - ترك التكلف مع الأقارب ورفع الحرج عنهم: وهذا مما يغري بالصلة؛ فإذا علم الأقارب عن ذلك الشخص أنه قليل التكلف، وأنه يتسم بالسماحة- حرصوا على زيارته وصلته.
14 - تجنب الشدة في العتاب: حتى يألف الأقارب المجيء، ويفرحوا به؛ فالكريم هو الذي يعطي الناس حقوقهم، ويتغاضى عن حقه إذا قصر فيه أحد. ثم إن كان هناك من خطأ يستوجب العتاب فليكن عتابا لطيفا رقيقا.
15 - تحمل عتاب الأقارب وحمله على أحسن المحامل: وهذا أدب الفضلاء، ودأب النبلاء؛ ممن تمت مروءتهم، وكملت أخلاقهم، وتناهى سؤددهم، ممن وسعوا الناس بحلمهم، وحسن تربيتهم، وسعة أفقهم.
18 - المبادرة بالهدية إن حصل خلاف مع الأقارب: فالهدية تجلب المودة، وتكذب سوء الظن، وتستل سخائم القلوب، كما قيل:
19 - أن يستحضر الإنسان أن أقاربه لحمة منه: فلا بد له منهم، ولا فكاك له عنهم، فعزهم عز له، وذلهم ذل له، والعرب تقول: " أنفك منك وإن ذن[9]
21 - الحرص التام على تذكر الأقارب في المناسبات والولائم: ومن الطرق المجدية في ذلك أن يسجل الإنسان أسماء أقاربه، وأرقام هواتفهم في ورقة، ثم يحفظها عنده، وإذا أراد دعوتهم فتح الورقة حتى يستحضرهم جميعا، ويتصل بهم إما بالذهاب إليهم، أو عبر الهاتف أو غير ذلك.
ثم إن نسي واحدا منهم فليذهب إليه، وليعتذر منه، وليسع في رضاه ما استطاع إلى ذلك سبيلا.
22 - الحرص على إصلاح ذات البين: فمما ينبغي على الأقارب- وعلى الأخص من وهبهم الله محبة في النفوس - أن يبادروا إلى إصلاح ذات البين إذا فسدت، وألا يتوانوا في ذلك؛ لأنها إذا لم تصلح ويبادر في رأب صدعها فإن شرها سيستطير، وبلاءها سيكتوي بناره الجميع.
23 - تعجيل قسمة الميراث: حتى يأخذ كل واحد نصيبه، ولئلا تكثر الخصومات والمطالبات، ولأجل أن تكون العلاقة بين الأقارب خالصة صافية من المكدرات.
25 - الاجتماعات الدورية: سواء كانت شهرية أو سنوية أو غير ذلك، فهذه الاجتماعات فيها خير كثير؛ ففيها التعارف، والتواصل، والتواصي، وغير ذلك خصوصا إذا كان يديرها أولو العلم، والحصافة.
26 - صندوق القرابة: الذي تجمع فيه تبرعات الأقارب واشتراكاتهم، ويشرف عليه بعض الأفراد، فإذا ما احتاج أحد من الأسرة مالا لزواج، أو نازلة، أو غير ذلك بادروا إلى دراسة حاله، وساعدوه ورفدوه؛ فهذا مما يولد المحبة، وينمي المودة.
27 - دليل الأقارب: فيحسن بالأقارب أن يقوم بعضهم بوضع دليل خاص، يحتوي على أرقام هواتف القرابة ثم يطبع ويوزع على جميع الأقارب، فهذا الصنيع يعين على الصلة، ويذكر المرء بأقاربه إذا أراد السلام عليهم، أو دعوتهم للمناسبات والولائم.
30 - وأخيرا: يراعى في ذلك كله أن تكون الصلة قربة الله: خالصة لوجهه وحده لا شريك له، وأن تكون تعاونا على البر والتقوى، لا يقصد بها حمية الجاهلية ولا عيبتها.





[1] لسان العرب 11/ 728، وانظر: التكافل الاجتماعي في الشريعة الإسلامية، د/ محمد بن أحمد الصالح ص 107.
[2] البخاري (6138) .
[3]  البخاري (1396) ، ومسلم (13) .
[4] أدب الدنيا والدين للماوردي ص153.
[5]  البخاري (5986) ، ومسلم (2557) .
[6]  بهجة قلوب الأبرار للشيخ ابن سعدي، ص 74- 75.
[7] البخاري 1.
[8]   مسلم (2558) .                                                                                                                                                              
[9]  ذن: سال مخاطه.

0 comentarios:

Publicar un comentario