viernes, 19 de abril de 2013

ما زال رسول الله يوصيني بالجار

0 comentarios


قال تعالى:  وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالجَنبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ مُخْتَالاً فَخُوراً
} [النساء: 36].
   * من تفسير المنار :   وقد يأنس الإنسان بجاره القريب ، ما لا يأنس بنسيبه البعيد ، ويحتاجان إلى التعاون والتناصر ما لا يحتاج الأنسباء الذين تناءت ديارهم ، فإذا لم يحسن كل منهما بالآخر لم يكن فيهما خير لسائر الناس
وقد اختلف المفسرون في الجار ذي القربى ، والجار الجنب :
  -  فقال بعضهم : الأول هو القريب منك بالنسب ، والثاني هو الأجنبي لا قرابة بينك وبينه ذكره بن عباس .
  -  وقال بعضهم : الأول الأقرب منك دارا ، والثاني من كان أبعد مزارا .
  -  وقيل : إن ذا القربى من كان قريبا منك ولو بالدين ، والأجنبي من لا يجمعك به دين ولا نسب .
الجيران ثلاثة :
في حديث ضعيف السند عند أبي نعيم ، والبزار عن جابر بن عبد الله ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " الجيران ثلاثة :
       1. فجار له ثلاثة حقوق : حق الجوار ، وحق القرابة ، وحق الإسلام
       2. وجار له حقان : حق الجوار ، وحق الإسلام 
       3.  وجار له حق واحد : حق الجوار "
 ومعنى الجوار : المراد بالجار من تجاوره ويتراءى وجهك ووجهه في غدوك أو رواحك إلى دارك ، فيجب أن تعامل من ترى وتعاشر بالحسنى ، فتكون في راحة معهم ، ويكونوا في راحة معك ، اهـ

                                                        حد الجوار:
يطلق وصف الجار على من تلاصق داره دارك، وعلى غير الملاصق إلى أربعين داراً، وقد سئل الحسن البصري عن الجار فقال: "أربعين دارا أمامه وأربعين خلفه وأربعين عن يمينه وأربعين عن يساره". (الأدب المفرد.
     * وروي عن علي رضي الله عنه أنّ من سمع النداء فهو جار.
     * وقيل: إنّ من صلى معك صلاة الصبح في المسجد فهو جار.
 - وقد جعل الله عز وجل الاجتماع في المدينة جواراً، قال تعالى: لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلاً}[الأحزاب: 60]  ممّا يدل على أنّ حد الجوار أكبر من ذلك.

الجار الصالح :
   -  وقال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أربع من السعادة : المرأة الصالحة ، والمسكن الواسع ، والجار الصالح والمركب الهنيء . وأربع من الشقاوة : الجار السوء والمرأة السوء والمركب السوء والمسكن الضيق "


     -  ولقد باع أبو جهم العدوى داره بمائه ألف درهم ثم قال للمشترى : بكم تشترون جوار سعيد بن العاص قالوا : وهل يشترى جوار قط ، قال : إذاً ردوا علىّ دارى وخذوا مالكم فإني والله لا أدع جوار رجل إن قعدت سأل عنى ، وإن رآني رحب بى ، وإن غبت حفظني ، وإن شهدت قربني ، وإن سألته قضى حاجتي ، وإن لم أسأل بدأني ، وإن نابتنى حاجة فرج عنى . فبلع ذلك سعيداً فبعث إليه بمائة ألف درهم. مانع الشمرى : شذر الذهب من كلام العرب ص 124 .
الجار شاهد على جاره :

  -  قال عمرإذا كان في المرء ثلاث خصال فلا يُشك في صلاحه : إذا حمده ذو قرابته ، وجاره ، ورفيقه .


  -  ولقد قد جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم فقال : كيف لي أن أعلم إذا أحسنت وإذا أسأت ؟
قال : إذا سمعتَ جيرانك يقولون أن قد أحسنت ، فقد أحسنت ، وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت ، فقد أسأت . رواه الإمام أحمد وغيره ، وهو حديث صحيح .


  - ولذا لما شهد رجل عند عمر رضي الله عنه بشهادة قال له عمر : لست أعرفك ولا يضرك أن لا أعرفك ، ائت بمن يعرفك . فقال رجل من القوم : أنا أعرفه . قال : بأي شيء تعرفه ؟  قال : بالعدالة والفضل فقال : فهو جارك الأدنى الذي تعرفه ليله ونهاره ، ومدخله ومخرجه ؟  قال : لا . قال : فمعاملك بالدينار والدرهم ، اللذين بهما يستدل على الورع ؟ قال : لا . قال : فرفيقك في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق ؟ قال : لا . قال : لست تعرفه ، ثم قال للرجل : ائت بمن يعرفك . رواه البيهقي في الكبرى .

التعوذ بالله من جار السوء :
-  عنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعَوَّذُوا بِاللَّهِ مِنْ جَارِ السَّوْءِ فِي دَارِ الْمُقَامِ - الإقامة - فَإِنَّ جَارَ الْبَادِيَةِ يَتَحَوَّلُ عَنْكَ "
-  قال لقمان لابنه : يا بني قد حملت الحجارة والحديد والحمل الثقيل ، فلم أجد شيئاً قط أثقل من جار السوء .
    -  كان أبو الأسود الدؤلي ، صاحب علي من سادات السلف وأعيانهم، واضع علم النحو بتوجيه من علي رضي الله عنه، وقد كان لأبي الأسود جيران بالبصرة، كانوا يخالفونه في الاعتقاد، ويؤذونه في الجوار، ويرمونه في الليل بالحجارة، ويقولون له: إنما يرجمك الله تعالى؛ فيقول لهم: كذبتم، لو رجمني الله لأصابني، وأنتم ترجمونني ولا تصيبونني؛ ثم باع الدار، فقيل له: بعتَ دارك؟! فقال: بل بعت جاري !!! 
*  و أخذ الناس يلومونه على هذا العمل فرد عليهم :
    يلوموني أن بعت بالرخص منزلي **** ولم يعلموا جاراً هناك ينغــص
       فقلت لهم كفوا الملام فإنمــــــــــا **** بجيرانها تغلو الديار وترخص

حق الجار في الإسلام :
 -   والنبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالجار، وبين أنّ ذلك إنّما هو بأمر الله عز وجل فقال صلى الله عليه وسلم: « ما زال جبريل يوصيني بالجار، حتى ظننت أنّه سيورثه» [متفق عليه]. أي: حتى ظننت أنّه سيجعل له نصيباً من الميراث ويدخله في جملة الورثة.
الاحسان إليه وقضاء حوائجه وتفقد حاله وأن تخلفه في أهله في غيبته  :

 -  من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " أتدرون ما حق الجار ؟ إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وإن استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته وإن أصابته مصيبة عزيته ولا تستعل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه وإذا اشتريت فاكهة فاهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ولا تؤذه بقتار قدرك إلا أن تغرف له منها . ثم قال : أتدرون ما حق الجار ؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله " أخرجه الخرائطي في مكارم الأخلاق وابن عدي في الكامل وهو ضعيف

    -  هذه أسماءُ بنت أبي بكر تقول : تَزَوّجَني الزّبَير وما لـه في الأرضِ مِنْ مالٍ ولا مَمْلوكٍ ولا شيءٍ غيرَ ناضحٍ وغير فَرَسِهِ ، فكنتُ أعلِفُ فرسَهُ وأستقي الماءَ وأخرِزُ غَربَهُ وأعجِن ، ولم أكن أُحسِنُ أخبزُ ، وكان يَخبزُ جاراتٌ لي من الأنصار ، وكن نِسوَةَ صِدق . رواه البخاري ومسلم .


    -  وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا ذر فقال : يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك . رواه  مسلم .

    -  وفي رواية له عن أبي ذر رضي الله عنه قال : إن خليلي صلى الله عليه وسلم أوصاني إذا طبخت مرقا فأكثر ماءه ، ثم أنظر أهل بيت من جيرانك ، فأصبهم منها بمعروف .

  -  إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : : "ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم"

*  وإن الصالحين كانوا يتفقدون جيرانهم ويسعون في قضاء حوائجهم، فقد كانت الهدية تأتي الرجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فيبعث بها إلى جاره، ويبعث بها الجار إلى جار آخر، وهكذا تدور على أكثر من عشرة دور حتى ترجع إلى الأول.

  -  قال حاتم الطائي :
           ولا تشتكيني جارتي غير أنها    إذا غاب عنها بعلها لا أزورها
              سيبلغها خيري ويرجع بعلها     إليها ولم تقصر عليها ستورها

* وقد رُوِي عن ابن عباسرضي الله عنهما - قال: "ثلاثة أخلاق كانت في الجاهلية مستحبة، والمسلمون أولى بها:
         أولها: لو نزَل بهم ضيف، لاجتهدوا في بِره.
         والثاني: لو كان منهم امرأة كبرت عنده لا يطلقها، ويمسكها مخافة أن تضيعَ.
        والثالث: إذا لحِق بجارهم دَينٌ، أو أصابه شدة أو جَهْد، اجتهدوا حتى يَقضوا دينه، وأخرجوه من تلك الشدة".


   *  وانظر إلى ابن المقفع لَمَّا بلغه أن جارًا له يبيع داره في دَين رَكِبه، وكان يجلس في ظل داره، فقال: ما قمت إذًا بحرمة ظل داره إن باعها مُعدمًا، فدفع إليه ثمن الدار، وقال له: لا تَبِعْها.

 - وروى أنس بن مالك رضي اللَّه تعالى عنه عن رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم أنه قال :  "إن الجار يتعلق بجاره يوم القيامة فيقول: يا رب وسعت على أخي هذا وقترت عليّ أمسى جائعاً يمسي هذا شبعان فسله لما أغلق بابه دوني وحرمني ما قد وسعت عليه". 

                                               تتذكره بالهدية والمعروف :

-  ولما ذبح عبد الله بن عمر رضي الله عنهما شاة قال لغلامه: إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي.

    *   كما أنّه على المهدى له أن لا يستقله ويحتقره وإن كان قليلاً

-  ولأجل كل ذلك قال صلى الله عليه وسلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه: «يا نساء المسلمات، لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة» [متفق عليه].
         *  والفرسن: عظم قليل اللحم، وهو خف البعير كالحافر للدابة.


-   وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لي جارين، فإلى أيهما أهدي؟ قال: "إلى  أقربهما منكِ بابًا".
* والحكمة في ذلك أن الأقرب بابًا يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها، فيتشوف إليها، بخلاف الأبعد؛ "سُبل السلام" (2/ 172)
                                    نصحه وإرشاده :
    -  فقد أخرج الطبراني في "المعجم الكبيرأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطب ذات يوم، فأثنى على طوائف من المسلمين خيرًا، ثم قال: ((ما بال أقوام لا يُفقِّهون جيرانهم، ولا يعلِّمونهم ولا يعظونهم، ولا يأمرونهم ولا ينهونهم؟ وما بال أقوام لا يتعلمون من جيرانهم، ولا يتفقَّهون ولا يتَّعظون؟ والله ليعلِّمن قوم جيرانهم ويفقِّهونهم، ويعظونهم ويأمرونهم وينهونهم، وليتعلَّمن قوم من جيرانهم، ويتفقَّهون ويتعظون؛ أو لأُعاجلنهم العقوبة))، ثم نزَل، فقال قوم: مَن ترونه عنى بهؤلاء؟ قال: عنى الأشعريين؛ فإنهم قوم فُقهاء، ولهم جيران من أهل المياه والأعراب، فبلغ ذلك الأشعريين، فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا: يا رسول الله، ذكرت قومًا بخير، وذكرتنا بشرٍّ، فما بالنا؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرة أخرى: ((ليعلِّمن قوم جيرانهم، وليعظنهم، وليأمرنهم ولينهونهم، وليتعلَّمن قوم من جيرانهم، ويتعظون، ويتفقَّهون؛ أو لأعاجلنهم العقوبة في الدنيا))، فقالوا: يا رسول الله، أَنُفطن غيرنا؟ فأعاد عليهم قوله، فأعادوا قولهم: أنُفطن غيرنا؟ فقال ذلك أيضًا، فقالوا: أمْهِلنا سنة - فأمَهلهم سنة؛ ليعلِّموهم، ويفقِّهوهم، ويعظوهم، ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه الآية: ﴿ لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ * كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ [المائدة: 78 - 79].                                  
   - وقد جاء الحديث : ( يجيء الرّجل يوم القيامة متعلّقاً بجاره ، فيقول : ياربّ هذا خانني ، فيقول : يا رب ، وعزّتك ، ما خنته في أهلٍ ولا مال ، فيقول : صدق يا رب ، ولكنّه رآني على معصية فلم ينهني عنها )ضعيف).
                                 ستره وصيانة عرضه :

  - ومما يدلّ على تعظيم حق الجار قوله عليه الصلاة والسلام لأصحابه يوماً : ما تقولون في الزنا ؟ قالوا : حرمه الله ورسوله ، فهو حرام إلى يوم القيامة . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره . فقال : ما تقولون في السرقة ؟ قالوا : حرمها الله ورسوله ، فهي حرام . قال : لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره . رواه الإمام أحمد .

- عن سعيد بن المسيب قال : حرمة الجار على الجار كحرمة أمه .
 

   * ولقد كان العرب في الجاهلية يفخرون بصيانتهم أعراضَ الجيران، ولما جاء الإسلام أكَّد على هذا الأمر، حتى قال أحدهم:
    ما ضرَّ جاري إذ أُجاوِره     ألاَّ يكونَ لبيتِه سِتْرُ 
أعمى إذا ما جارَتي خَرَجَت       حتى يُوَارِي جارتي الخِدْرُ
- بل إن عنترة – الشاعر الجاهلي – يقول :
                         وأغض طرفي ما بدت لي جارتي        حتى يواري جارتي مأواها

                                       عدم إذايته والتغليظ في ذلك :
-  قال صلى الله عليه وسلم : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره . رواه البخاري ومسلم .
-  وقال عليه الصلاة والسلام : والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن ، والله لا يؤمن . قيل : ومن يا رسول الله ؟ قال : الذي لا يأمن جاره بوائقه . رواه البخاري .
- ولقد  قيل للنبي صلى الله عليه على آله وسلم : يا رسول الله إن فلانة تقوم الليل ، وتصوم النهار ، وتفعل ، وتصّدّق ، وتؤذي جيرانـها بلسانـها ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : لا خير فيها هي من أهل النار . قيل : وفلانة تصلى المكتوبة وتصّدق بأثوار ولا تؤذي أحداً ، فقال رسول الله صلى الله عليه على آله وسلم : هي من أهل الجنة . رواه الحاكم في المستدرك والبخاري في الأدب المفرد . وهو حديث صحيح .
  *  ذكر الغزَّالي في الإحياء (2/ 291): أن بعضهم شكا كثرة الفئران في داره، فقيل له: لو اقتنيت هرًّا؛ أي: قطة؛ حتى يهرب الفأر من دارك، فقال: أخشى أن يسمع الفأر صوت الهر، فيهرب إلى الجيران، فأكون قد أحببت لهم ما لا أحبُّ لنفسي".

   * ينبغي أن يكون لسان حالك:
     أَقولُ لجاري إذ أتاني مُعاتبًا       مُدِلاًّ بحقٍّ أو مُدِلاًّ بباطلِ 
إذا لم يَصل خيري وأنت مُجاورٌ       إليكَ فما شرِّي إليك بواصِلِ 
                                               تحمل أذاه برفق ولين :
*   قال الغزالي: "اعلم أنّه ليس حق الجوار كف الأذى فقط بل احتمال الأذى، ولايكفى احتمال الأذى بل لابد من الرفق وإسداء الخير والمعروف".
 - عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْحُبُلِيِّ مرفوعا  ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَشْكُو إِلَيْهِ جَارَهُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كُفَّ أَذَاكَ عَنْهُ وَاصْبِرْ لأَذَاهُ ، فَكَفَى بِالْمَوْتِ مُفَرِّقًا " .
  * وحدَثت قصة أيضًا مع سهل بن عبدالله التستري - رحمه الله - فقد كان له جار مجوسي، وكان في نفس البيت في الطابق الأعلى، فانفتَحت فتحة في كنيف المجوسي، فكان يقع منها الأذى في دار سهل، فكان يضع كل يوم الجفنة تحت الفتحة، فينزل فيها الأذى، ثم يأخذ ذلك بالليل ثم يَطرحه بعيدًا، فمكث - رحمه الله - على هذا الحال زمانا طويلاً إلى أن أتى سهلاً المرَضُ، فاستدعى سهل جاره المجوسي، وقال له: ادخل ذلك البيت وانظر ما فيه فرأى الفتحة والقذر، فقالما هذا؟
قال سهلهذا منذ زمن طويل يسقط من دارك، وأنا أتلقاه بالنهار وأُلقيه بالليل، ولولا أنه حضَرني أجلي ما أخبرتك، وأنا أخاف أن لا تتَّسع أخلاق غيري لذلك، فافعل ما ترى، فقال المجوسي: أيها الشيخ، أنت تعاملني بهذه المعاملة منذ زمن طويل، وأنا مقيم على كفري، أيها الشيخ، مد يدك، فأنا أشهد أنْ لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ثم مات سهل - رحمة الله عليه.

-  و في قصة أبي حنيفة مع جاره : وهذا هو الإمام الجليل أبو حنيفة النعمان ، كان له جار فاسق سكير عواد ومغنٍ إذا جن الليل أقبل على لعبه ولهوه ، وكان إذا أكثر صياحه وغنائه إذا ثمل قال :

أضاعوني وأي فتى أضاعوا       ليوم كريهة وسداد ثغر

حتى حفظ أبو حنيفة كل غنائه لكثرة ما كان يردده . فأخذه الحرس من داره وهو سكران وحبسوه فافتقده أبو حنيفة ، وافتقد صوته ، فقال : ماذا فعل جارنا ؟ لقد فقدنا صوته ، فقيل : أخذه الحرس البارحة وحبسوه ، فقال : قوموا بنا نسعى في خلاصه ، فإن حق الجار واجب ، ولقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالجار ، فأتى مجلس الأمير فلما بصر به قام إليه وأخذ بيده ، ورفعه مكاناً عليا وقال : ما جاء بك يا أبا حنيفة ؟ قال : جئت لمحبوس عندك من جيراني ، أخذه الحرس البارحة ، وأسألك أن تطلقه ، وتهب لي جرمه ، فقال الأمير : قد فعلت ولجميع من معه في الحبس ، هلا بعثت برسول حتى أقضى به حقك وأخرج من واجبك ! فلما أن أخرج من حبسه قال له أبو حنيفة : هل أضعناك يا فتى ؟ قال : لا يا سيدي ومولاي ، لا تراني اليوم أفعل شيئاً تتأذى به ثم أخرج أبو حنيفة عشرة دنانير وأعطاها له ، وقال : استعن بهذا المال على نقصان دخلك وقت الحبس ، ومتى كان لك حاجة فابسطها إلينا ، واترك الحشمة فيما بينا وبينك ، فقام الرجل وقبل رأس أبى حنيفة ، وكان بعد ذلك يختلف إلى درسه وتفقه حتى صار من فقهاء الكوفة \". على فكرى : أحسن القصص ج4 ص 29 ، 30 .



  

0 comentarios:

Publicar un comentario