miércoles, 7 de marzo de 2012

غزوة بدر وحاجة الأمة إلى الرجال

0 comentarios

مقـدمة

غزوات النبي صلى الله عليه وسلم كلها وبعوثه وسراياه كانت بعد الهجرة في مدة عشر سنين، فالغزوات سبع وعشرون، وقيل أقل من ذلك أو أكثر، قاتل منها في تسع. وأما سراياه وبعوثه فقريب من ستين،

·        والغزوات الكبار الأمهات سبع: بدر وأحد والخندق وخيبر والفتح وحنين وتبوك.

وفي شأن هذه الغزوات نزل القرآن، فسورة الأنفال في غزوة بدر، وفي أحد آخر سورة آل عمران، وفي قصة الخندق وقريظة وخيبر صدر من سورة الأحزاب، وسورة الحشر في بني النضير، وفي قصة الحديبية وخيبر سورة الفتح، وذكر الفتح صريحا في سورة النصر.

والغزوة هي التي خرج فيها الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، سواء أحارب فيها أم لم يحارب. والسرية ما خرج فيها أحد قادته.

ذكرى غزوة بدر
   -  عندما ندرس السيرة النبوية فلكي نكتشف أولا أسرار المنهاج النبوي، كيف ربى النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه؟ كيف دعا إلى الله هو وأصحابه؟ كيف هاجر؟ كيف جاهد؟ كيف نصر دين الله وبلغ رسالته؟

   -  عندما نذكر غزوة بدر الكبرى فإنما نذكر أهم غزوة وقعت في شهر رمضان المبارك لنفهم أن هذا الشهر هو شهر الصيام والقيام نعم، هو شهر القرآن والإحسان نعم، هو شهر الذكر والدعاء نعم، لكنه أيضا هو شهر الجهاد والاستشهاد.

   -  عندما نذكر غزوة بدر الكبرى إنما نذكر ذكرى عظيمة انتصر فيها رسول الله والمؤمنون وهم قلة في العدة والعدد على الكفار والمشركين الأكثرين عددا وعتادا. ذكرى نصر الله فيها الحق على الباطل.

   -  عندما نذكر غزوة بدر الكبرى إنما نذكر صفحة مشرقة من حياة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام رضي الله عنهم، صفحة مشرقة بالإيمان والثبات والمواقف.

   -  عندما نذكر غزوة بدر الكبرى إنما لنستشعر معاني الإيمان الذي فقدناه، ومعاني الرجولة التي انصرفنا عنها، ومعاني الجهاد الذي نكسنا عنه، ومعاني الإقبال على الله الذي أعرضنا عنه. نستشعر هذه المعاني كلها لنحييها فينا وفي أمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

    **  فلا يمكن أن ننتصر اليوم في معاركنا الداخلية ضد الفساد والاستبداد والخارجية ضد اليهود والاستكبار العالمي كما انتصر أهل بدر في معركتهم، إن لم نكن مؤمنين كما كانوا، ورجالا كما كانوا، ومجاهدين كما كانوا، وأبطالا كما كانوا.

حاجة الأمة إلى الرجال .

الأمة اليوم في حاجة أكثر مما مضى إلى رجال أمثال من حضر بدر، كأبي بكر وعمر وعلي وحمزة ومصعب بن عمير وغيرهم الكثير رضي الله عنهم.

الأمة في حاجة إلى رجال ربانيين، لهم القدرة بما يملكونه من قوة الإيمان وقوة الإرادة، على أن ينقلونها من الغثائية إلى الحضور الوازن، ومن الضعف إلى القوة، ومن الذل والهوان إلى الكرامة والحرية، ومن الشتات إلى الوحدة، ومن الاستضعاف إلى الاستخلاف والتمكين في الأرض.

  -  ويقول الله عز وجل: وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم، وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم، وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا، يعبدونني لا يشركون بي شيئا . هذا موعود الله للمؤمنين الذين يعملون الصالحات بالاستخلاف والتمكين والأمن في الدنيا.

منطلق الغزوة وهدفها :
·       إن غزوة بدر لا يمكن عزلها عن السنوات الأولى من الدعوة، بل هي امتداد لها وحلقة من حلقاتها. فثلاثة عشرة سنة في مكة إضافة إلى عامين في المدينة، كل هذه السنوات كانت كافية لتربية الصحابة عن طريق الصحبة المباشرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يجمعهم على الله تعالى في مجالس الذكر والعلم والإيمان ...

·       فإن الهدف لهذه الغزوة هو البحث عن الخلاص الجماعي للأمة وهو تحقيق العدل. بما يعنيه العدل من استرجاع المستضعفين لحقوقهم المسلوبة كاملة من أمن وحرية وكرامة وإنصاف، وبما يعنيه من تمكين لدين الله عز وجل في الأرض ورفع رايته.

لذلك قال تعالى :  وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم؛ وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم؛ ويريد الله أن يحق الحق بكلماته يقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولوكره المجرمون.

·       إن معركة بدرٍ في التحليل السطحي معركة عابرة لا يرجى أن يكون لها أي أثر من أي نوع، إلا في بعض النقاط غير المرئية في حياة الصحراء، ولكن التحليل العميق يثبت غير ذلك تمامًا، فبعد بدر ولدت أمة ثابتة راسخة لها رسالة ولها هدف ولها طموح، تغير التاريخ البشري حقًا بعد قيام دولة الإسلام، فقد نشأت الأمة التي حملت على عاتقها هداية البشرية، الأمة التي ستصبح خير أمة أخرجت للناس. خرج الجيش الذي سيزلزل بعد ذلك عروش كسرى وقيصر.
الحديث حول الغزوة :
القدر منذ الوهنة الأولى يحضر لكل شيء

القَدَر يُمهِّد للموقعة ويفرضه القد فُرِضَت الموقعة على المسلمين فرضًا، وفُوجِئوا على غير استعداد بتحدي صناديد قريش وأبطالها لهم؛ ولم يكن بُدٌّ من قَبول هذا التحدي، وواجه النبي- صلى الله عليه وسلم- الموقف بما يتطلبه من إيمان وثقة، غير أن كثيرًا من المسلمين تساءل..؛ إذ كيف يواجه هذا العدو الذي لم يستعد له؟! "كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ المُؤمِنينَ لَكَارِهُونَ يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إلى المَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ". (الأنفال: 5-6)
يوم الفرقان أو غزوة بدر كانت في 17 من رمضان سنة 2 هجرية .

v    أسباب غزوة بدر :

قافلة مكية عائدة من الشام إلى مكة بقيادة أبي سفيان بن حرب

لكن هذه القافلة كانت تختلف عن بقية القوافل في بعض الأمور المهمة:
    -  أولاً: هذه القافلة من أكثر قوافل مكة مالاً، وضربها يمثِّل ضربة اقتصادية هائلة لمكَّة؛ ألف بعير مُوقَرَة بالأموال، لا   تقل عن 50 ألف دينار ذهبي.
-         ثانيًا: هذه القافلة بقيادة أبي سفيان بن حرب من سادة قريش ومن سادة بني أميَّة. ومن الواضح أن للقافلة عند قريش  أهميةً بالغةً، ومن ثَمَّ جعلت لها حراسة مشددة وقوية مكوَّنة من ثلاثين أو أربعين رجلاً..
-         ثالثًا: وهو الأهم، أن هذه القافلة تمرُّ بجوار بدر ، وبدر على بُعد 70 كم جنوب المدينة، واتَّجه الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg مباشرة إلى بدر؛ لكي يقطع الطريق على القافلة. ولا شك أن هذا سيهزُّ كفار مكة.
v    عدد الذين خرجوا الى بدر :
المسلمون في غزوة بدر كانوا 313 أو 314 أو 317 على اختلاف الروايات؛ ولذلك أيضًا خرج الأنصار ولأول مرة مع المهاجرين، بينما كانت الغزوات والسرايا التي قبل بدر كلها معتمدة كُلِّيَّةً على المهاجرين.
v    الرسول يستشير أصحابه في الخروج  إلى القافلة :
كان خروج الأنصار برغبتهم وبشورى من رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، كما جاء في صحيح مسلم، وقد استشار رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpgالناس في الخروج للقافلة، وأعلن الموافقةَ أبو بكر وعمر وكثير من المهاجرين، ومع ذلك أخذ الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg يطلب المزيد من الرأي .
   - حتى قال سعد بن عبادة زعيم الخزرج: "إيَّانا تريدُ يا رسولَ الله؟ والذي نفسي بيده، لو أمرتنا أن نُخِيضَها البحر لأخضناها (أي الخيل)، ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها إلى بَرْكِ الْغِمَادِ لفعلنا". وخرج الأنصار وبعدد كبير[1].

وتزود الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg بسلاح المسافر، وأخذ معه فرسين وسبعين من الإبل، وقسَّم جيش المسلمين إلى مهاجرين وأنصار، وأعطى راية المهاجرين لعلي بن أبي طالب، وأعطى راية الأنصار لسعد بن معاذ، وأعطى الراية العامَّة للجيش لمصعب بن عمير، وجعل على الساقة في مؤخرة الجيش قيس بن صعصعة؛ فهو إعداد في منتهى القوة، ولا تنسَ أن ذلك الجيش يخرج لقافلة يحرسها ثلاثون أو أربعون رجلاً، وهذا يعني أن الجيش الإسلامي عشرة أضعاف حُرَّاس قافلة مكة تقريبًا.
v    أبو سفيان ينجو بالقافلة:

علم أبو سفيان بالخبر من عيونه ثم أرسل رسالة سريعة إلى مكة لاستنفار جيش مكة للخروج لإنقاذ القافلة، أرسل الرسالة مع ضمضم بن عمرو الغفاري.
 -  وبسرعة كان ضمضم في مكة، ووقف على بعيره، وشقَّ قميصه، وبدأ في الصراخ على أهل مكة: "يا معشر قريش، اللطيمةَ اللطيمةَ، أموالكم مع أبي سفيان قد عرض لها محمدٌ في أصحابه، لا أرى أن تدركوها، الغوثَ الغوثَ"

v    تكوين جيش المشركين :
بدأت قريش في جمع المقاتلين من كل مكان، وعملوا على إعداد جيش على أعلى مستوى:
 - ألف وثلاثمائة مقاتل من قريش، وما حولها من قبائل العرب.
- 100  فرس.
- 600  درع.
-  إبل كثيرة لا يعرف عددها بالضبط، ولكنهم كانوا ينحرون للطعام فقط تسعة أو عشرة من الجِمَال في كل يوم.
 -          خرج على قيادة الجيش كل زعماء الكفر تقريبًا: عتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وأبو جهل، وعقبة بن   أبي معيط، ولم يخرج أبو لهب بل أخرج واحدًا مكانه.
         -  جعلوا على رأس الجيش أبا جهل، فرعون هذه الأمة وسيِّد قريش.
·       إبليس وأبو جهل يتعاونا في إتمام المعركة :
فعندما قررت قريش الخروج خافت من غدر بني بكر بها، وكان بينهما خلاف قديم؛ فكاد ذلك يقعدها، فتمثَّل لهم الشيطان في صورة سُراقة بن مالك بن جعشم المدلجي، وكان من أشراف بني كنانة فقال لهم: "أنا جارٌ لكم من أن تأتيكم كنانة من خلفكم بشيء تكرهونه". فخرجوا جميعًا، والقصة سندها صحيح، ولها أكثر من طريق.
v    في قلب المعركة :
·       المبارزة قبل المعركة :

كانت هذه عادة الحروب القديمة، أن يتبارز أفراد قلائل كنوع من الاستعراض، ثم يبدأ الهجوم العام الشامل بعد ذلك.

لقد قام ثلاثة من عائلة واحدة!

لكن العجيب الذي يلفت النظر هو قيام عتبة بن ربيعة.عتبة بن ربيعة كان من الحكماء المعدودين في قريش.

 وكان إلى آخر لحظة يجادل المشركين في قضية القتال، لدرجة أن الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg نظر إليه من بعيد قبل بدء المعركة، وكان عتبة يركب جملاً أحمر، فقال http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpgلأصحابه: "إِنْ يَكُنْ فِي أَحَدٍ مِنَ الْقَوْمِ خَيْرٌ، فَعِنْدَ صَاحِبِ الْجَمَلِ الأَحْمَرِ، إِنْ يُطِيعُوهُ يَرْشُدُوا".
 -  علي بن أبي طالب قتل شيبة.
 -  وحمزة بن عبد المطلب قتل عتبة، لم تنفع عتبةَ حكمتُه.
 -  وأصيب عبيدة والوليد بإصابات بالغة، فانطلق عليٌّ وحمزة على الوليد بن عتبة فقتلاه..

v    تبشير الجنود وبثُّ الثقة فيهم:

  -  سُرّ رَسُولُ اللّهِ - صَلّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّمَ - بِقَوْلِ سَعْدٍ وَنَشّطَهُ ذَلِكَ ثُمّ قَالَ: "سِيرُوا وَأَبْشِرُوا، فَإِنّ اللّهَ تَعَالَى قَدْ وَعَدَنِي إحْدَى الطّائِفَتَيْنِ! وَاَللّهِ لَكَأَنّي الآن أَنْظُرُ إلَى مَصَارِعِ الْقَوْمِ!! " [السهيلي 3/ 57]

  - في اليوم السابق ليوم بدر مشى - صلى الله عليه و سلم - في أرض المعركة وجعل يُري جنوده مصارع رؤوس المشركين واحدًا واحدًا.
وَجَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ: هَذَا مَصْرَعُ فلان- ووضع يده بالأرض -، وَهَذَا مَصْرَعُ فلان، وَهَذَا مَصْرَعُ فلان - إنْ شَاءَ اللّهُ -، فَمَا تَعَدّى أَحَد مِنْهُمْ مَوْضِعَ إشَارَتِهِ [ابن القيم: زاد المعاد 3/ 15....

- قال أنس: "ويضع يده على الأرض هاهنا هاهنا. فما ماطَ أحدهم عن موضع يد رسول الله" [البيهقي: دلائل النبوة (21)]

- وقال عمر: " فوالذي بعثه بالحق! ما أخطؤوا الحدود التي حد رسول الله " [مسلم (2873)].


v    تشجيع النبي لهم في المعركة :

   -  رفع رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg صوته ليُسمِع الجميع: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لاَ يُقَاتِلُهُمُ الْيَوْمَ رَجُلٌ، فَيُقْتَلُ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ إَلاَّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ ".
   -  وفي الحديث : إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ". رواه البخاري عن أبي هريرة.
v    دعاء النبي مع أصحابه :
-  وكان من دعاء النبي- صلى الله عليه وسلم - ما ذكره علي بن أبي طالب، حيث قال: "لما كان يوم بدر قاتلتُ شيئًا من قتال، ثم جئتُ مسرعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -لأنظر ما فعل، فإذا هو ساجد يقول: " يا حي يا قيوم "، لا يزيد عليهما، ثم رجعت إلى القتال ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، ثم ذهبت إلى القتال. ثم رجعت وهو ساجد يقول ذلك. " [الصالحي 4/ 37].

-  و نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المشركين وتكاثرهم وإلى المسلمين فاستقلهم، فركع ركعتين، وقام أبو بكر عن يمينه، فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- في صلاته: " اللهم لا تودع مني، اللهم لا تخذلني، اللهم أنشدك ما وعدتني " [الصالحي 4/ 38]
-  وكان من دعائه كذلك لجنوده: " اللهم إنهم حفاة فاحملهم، اللهم إنهم عراة فاكسهم، اللهم إنهم جياع فأشبعهم " [أبو داود: (2747)، وحسنه الألباني]. قال عبد الله بن عمرو: ففتح الله له يوم بدر فانقلبوا حين انقلبوا وما منهم رجل إلا وقد رجع بجمل أو جملين واكتسوا وشبعوا.


v    إمداد الله للمسلمين بالملائكة في غزوة بدر

 ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إلى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ ﴾ [الأنفال: 12].

  -  فمن حديث ابن عباس رضي الله عنهما أيضا قال: إن النبي rقال يوم بدر: «هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب»

  -  فعن ابن عباس t قال: (بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في إثر رجل من المشركين أمامه، إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم  فنظر إلى المشرك أمامه فخر مستلقيًا فنظر إليه فإذا هو خُطِم أنفهوشُقَّ وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله فقال: «صدقت, ذلك مدد من السماء الثالثة

  -  ومن حديث علي بن أبي طالب t قال: (فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيرًا، فقال العباس: يا رسول الله إن هذا والله ما أسرني, لقد أسرني رجل أجلح  من أحسن الناس وجهًا على فرس أبلق  ما أراه في القوم، فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال «اسكت فقد أيدك الله بملك كريم»

  -  ومن حديث أبي داود المازني قال: (إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قتله غيري
من أبطال غزوة بدر
إن ممن حضر غزوة بدر رجل أعطى الله كل شيء، أول من أسلم من الرجال، الرفيق في الهجرة والصاحب في الغار،

·        أبو بكر الصديق رضي الله عنه :
جاء في مسند البزار عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: "أيها الناس أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: أو قال قلنا: أنت يا أمير المؤمنين، قال: أما أني ما بارزت أحدا إلا انتصفت منه، ولكن أخبروني بأشجع الناس؟ قالوا: لا نعلم، فمن؟ قال: أبو بكر رضي الله عنه، إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشا، فقلنا: من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا يهوى إليه أحد من المشركين، فوالله ما دنا منه إلا أبو بكر شاهرا بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا يهوي إليه أحد إلا أهوى إليه. فهذا أشجع الناس. فقال علي: ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذته قريش فهذا يجأه وهذا يتلتله وهم يقولون: أنت الذي جعلت الآلهة إلها واحدا؟ قال: فو الله ما دنا منه أحد إلا أبو بكر، يضرب هذا ويجاء هذا ويتلتل هذا، وهو يقول: ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ ثم رفع عليٌّ بردة كانت عليه فبكى حتى اخضلّت لحيتُه، ثم قال: أنشدكم بالله أمؤمن آل فرعون خير أم أبو بكر؟ فسكت القوم. فقال: ألا تجيبوني؟ فوالله لساعة من أبي بكر خير من ملء الأرض من مؤمن آل فرعون، ذاك رجل كتم إيمانه وهذا رجل أعلن إيمانه".

·       سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.
"فلما بردت الحرب، وولى القوم منهزمين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ""من ينظر لنا ما صنع أبو جهل؟" فانطلق ابن مسعود، فوجده قد ضربه ابنا عفراء حتى برد، وأخذ بلحيته فقال: أنت أبو جهل؟ فقال: لمن الدائرة اليوم؟ فقال: لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهل أخزاك الله يا عدو الله؟ فقال: وهل فوق رجل قتله قومه؟ فقتله عبد الله. ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: قتلته. فقال: "الله الذي لا إله إلا هو"، فرددها ثلاثا، ثم قال: "الله أكبر الحمد لله الذي صدق وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده، انطلق أرنيه" فانطلقنا فأريته إياه، فقال: "هذا فرعون هذه الأمة""

·       سيدنا بن الحمام رضي الله عنه :
 "لما دنا العدو وتواجه القوم، قام رسول الله في الناس فوعظهم، وذكرهم بما لهم في الصبر والثبات من النصر، والظفر العاجل، وثواب الله الآجل، وأخبرهم أن الله قد أوجب الجنة لمن استشهد في سبيله، فقام عمير بن الحمام، فقال: يا رسول الله، جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: نعم، قال: بخ بخ يا رسول الله. قال:" ما يحملك على قولك بخ بخ؟" قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: "إنك من أهلها"، قال: فأخرج تمرات من قرنه، فجعل آكل منهن، ثم قال: لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر، ثم قاتل حتى قتل" . فكان أول قتيل.


·        موقف عمير بن أبي وقاص :
شاب لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره، خاف أن يرده الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg؛ لأنه ما زال صغيرًا.
أخذ يتوارى بين القوم حتى لا يراه الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg فيرده. رآه أخوه المجاهد العظيم سعد بن أبي وقاص http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg. فقال له: ما يحملك على هذا؟ قال: أخاف أن يراني رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg فيستصغرني ويردني، وأنا أحب الخروج؛ لعل الله أن يرزقني الشهادة. رآه الرسول http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg، فأشفق عليه من القتال، وردَّه. بكى عمير http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg؛ فستضيع عليه فرصة الموت في سبيل الله.

·        - عوف بن الحارث http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/t_20.jpg :
سأل رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: يا رسول الله، ما يُضحك الرب من عبده؟ قال: "غَمْسُهُ يَدَهُ فِي الْعَدُوِّ حَاسِرًا".
هنا ألقى عوف درعه وقاتل حاسرًا. هذا الفعل يلقي الرعب في قلوب العدو؛ لأنه يعبر عن إنسان لا يهاب الموت بل يطلبه.

·        موقف أم حارث بن سراقة : استشهد ابنها حارثة في بدر.
فجاءت الى رسول الله فقالت يا رسول الله، قد عرفت منزلة حارثة مني، فإن يكن في الجنة أصبر وأحتسب، وإن تكن الأخرى تَرَ ما أصنع. فقال لها رسول الله http://islamstory.com/sites/all/themes/islamstory/images/r_20.jpg: يَا أُمَّ حَارِثَةَ، إِنَّهَا جِنَانٌ فِي الْجَنَّةِ، وَإِنَّ ابْنَكِ أَصَابَ الْفِرْدَوْسَ الأَعْلَى".


نزول سورة الأنفال تلخص شروط النصرو انبعاث المسلمين ليكون لهم موقع ومكانة بين الأمم؟

مشروع في هذا العمق والضخامة تطلب إعدادا جيدا ومن نوع خاص للجيل الذي سيحمل المشروع ويبلغه للآفاق، حددت سورة "الأنفال" مواصفاته ومعالم تربيته أثناء مرحلة "كفوا أيديكم وأقيموا الصلاة" قبل الهجرة، تربية تؤطّرها التقوى ومن تجلياتها:

  .1 دوام الذكر، وتلاوة القرآن، وإقامة الصلاة، وإنفاق المال إحياءً للقلوب وترقيا في درجات الإيمان: "إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون، الذين يقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون، أولئك هم المؤمنون حقا.."(4)

   2. التضرع والافتقار بين يدي الحق سبحانه: "إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين، وما جعله الله إلا بشرى لكم ولتطمئن به قلوبكم، وما النصر إلا من عند الله.."(9،10)

   3. إخلاص النية وتصحيح القصد في أي عمل: "ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله، والله بما يعملون محيط."(48)

   4.  طاعة الرسول صلى الله عليه وسلّم باعتباره القائد الموجه وعدم خيانته: "يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول، وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون."(27)

   5.  اليقين في قدرة الله تعالى فهو الفاعل: "فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم، وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى، وليبلي المؤمنين منه بـلاءً حسنا، إن الله سميع عليم."(17). هو سبحانه يفعل وينسب لعباده نيلا للثواب والأجور جزاء صدقهم.

   6. تآلف الصف فلا تباغض ولا تحاسد ولا صراعات تنافسا على زعامة أو جلبا لمصلحة، وإذا حدث -وهذا طبيعي ووارد- فإصلاح ذات البين أمر واجب حفاظا على تلاحم الصف، فلا عجب أن يكون أول أمر قرآني هو: "فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم."(1)، لأن الفرقة والتنازع تذهب القوة وتشتت الجهود: "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم."(47). ورحم الله تعالى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب كان يقول للجند:" لا يخرجن معنا اليوم من آذى جاره". وتآلف الصف وتصافيه نعمة إلهية ذكّر بها الحق سبحانه نبيه الكريم إشارة إلى أهميتها: "هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين وألف بين قلوبهم، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم، ولكن الله ألف بينهم، إنه عزيز حكيم."(63)

   7. إعداد العدة والأخذ بالأسباب في حدود المستطاع: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم، الله يعلمهم.."(61)

   8. الثبات عند الزحف وأساسه الثقة في معية الله تعالى مع جنده، ووسيلة ذلك هو دوام الذكر: "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولّوهم الأدبار.."(15)، "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون."(46)

   9. الشورى وصناعة القرار بشكل جماعي ضمانا للانخراط الإيجابي في المشروع، وفي غزوة بدر الكبرى موقف عظيم ناصع للشورى حقق تماسك صف المسلمين، فبعد أن أفلتت القافلة وأمام إصرار صناديد قريش على قتال المسلمين استشار رسول صلى الله عليه وسلم قادة الجيش مناديا فيهم "أشيروا علي أيها الناس" فتدخل من ينوب عن المهاجرين ومن ينوب عن الأنصار كل على حدة، وأجمعوا على المواجهة في مشهد صدق رائع عبّر عنه سعد بن معاذ نيابة عن الأنصار، جاء فيه:" ... فوالذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منها رجل واحد..

  -  وصدق حافظ إبراهيم - رحمه الله - حين قال:
رأي الجماعة لا تشقى البلاد به **** رغم الخلاف و رأي الفرد يشقيها
01. التعبئة رفعا للمعنويات وشحذا للهمم: "يا أيها النبي حرض المؤمنين على القتال، إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين، وإن تكن منكم مائة صابرة يغلبوا ألفا من الذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون."(66)، وبعد قرار المواجهة الحربية "عبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشه، ومشى في موضع المعركة، وجعل يشير بيده: "هذا مصرع فلان غدا إن شاء الله، وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله."


. 11 مشاركة القائد جنوده في الصعاب:

فالقائد الصالح هو من يشارك جنوده الصعاب، ويكابد معهم الآكام والشعاب، ويحفزهم على القليل والكثير من الصالحات، ليكون قدوة طيبة أخلاقية لجنوده في المنشط والمكره، وليس القائد بالذي يتخلف عن جيشه رهبًا من الموقف أو يتلذذ بصنوف النعيم الدنيوي وجنده يكابد الحر والقر. والقائد إذا ركن إلى لذة المهاد الوثير؛ حُرم لذة المشاهد والمواقف. وبعض الرجال في الحروب غثاء!

          -  فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كنا يوم بدر، كل ثلاثة على بعير، فكان أبو لبابة وعلي بن أبي طالب زميلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: فكانت إذا جاءت عقبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالا: نحن نمشي عنك قال: " ما أنتما بأقوى مني وما أنا بأغنى عن الأجر منكما " [ابن هشام 2/ 389 وحسنه الألباني في تحقيق فقه السيرة 167].


   على قدر ربانية المربي المعصوم صلى الله عيه وسلم وصدق الصحابة واستعدادهم في طلب وجه الله تعالى أثمرت التربية النبوية جيل غزوة بدر الفريد الذين أيد بهم الله تعالى نبيه ونصر دينه في زمن قياسي، فاستحقوا الثناء الإلهي، يقول تعالى في خواتم سورة "الفتح": "محمد رسول الله، والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم، تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا...".

0 comentarios:

Publicar un comentario