miércoles, 13 de marzo de 2013

وليعفوا وليصفحوا

0 comentarios


إنَّ العفو عن الآخرين ليس بالأمرِ الهيِّن؛ إذ له في النّفسِ ثِقلٌ لا يتِمّ التغلُّب عليه إلاّ بمصارعةِ حبِّ الانتصار والانتقامِ للنفس، ولا يكون ذلك إلا للأقوياءِ الذين استعصَوا على حظوظ النّفس ورغباتها وإن كانت حقًّا لهم يجوزُ لهم إمضاؤُه لقوله تعالى: وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ فَأُوْلَئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ [الشورى:41]، غيرَ أنَّ التنازل عن الحقّ وملكةَ النفس عن إنفاذِه لهو دليلٌ على تجاوزِ المألوفِ وخَرق العادات. ومِن هنا يأتي التميُّز والبراز عن العُموم، وهذا هو الشَّديد الممدوحُ الذي يملِك نفسه عند الغضب
 -  كما في الصحيحَين وغيرهما عن النبي [3]، وقد أخرج الإمام أحمَد في مسنده قولَ النبيِّ : ((من كظم غيظًا وهو قادرٌ على أن ينفِذَه دعاه الله على رؤوسِ الخلائق حتى يخيِّرَهُ من أيِّ الحور شاء))[4].
فضل العفو :
- يقول تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) [التغابن: 14].
-   يقول تعالى: (وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ) [البقرة: 219].
-   قال تعالى: {وإن تعفوا وتصفحوا وتغفروا فإن الله غفور رحيم} [التغابن: 14].
-  وقال تعالى: {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم} [النور: 22].
   * والاية نزلت في لما حلف أبو بكر رضي الله عنه أن لا ينفق على مسطح وكان قريبه لكونه تكلم في واقعة الإفك فقال أبو بكر نعم نحب ذلك وعاد إلى الإنفاق عليه

-  قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( رأيت قصورا مشرفة على الجنة فقلت : ياجبريل لمن هذه ؟ قال: للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس )
فإن كنت تبغي بالعقاب تشفيا     فلا تزهدن عند التجاوز في الأجر

  - رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ حَارِثٍ الْهِلَالِيُّ { أَنَّ جِبْرِيلَ نَزَلَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إنِّي أَتَيْتُك بِمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ : { خُذْ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنْ الْجَاهِلِينَ } .
      ** وَرَوَى سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ قَالَ : يَا جِبْرِيلُ مَا هَذَا قَالَ : لَا أَدْرِي حَتَّى أَسْأَلَ الْعَالِمَ .  ثمَّ عَادَ جِبْرِيلُ ، وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ إنَّ رَبَّك يَأْمُرُك أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَك ، وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ ، وَتَعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَكَ } .

أُحِبُّ مَكَارِمَ الْأَخْلَاقِ جَهْدِي     وَأَكْرَهُ أَنْ أَعِيبَ وَأَنْ أُعَابَا
وَأَصْفَحُ عَنْ سِبَابِ النَّاسِ حِلْمًا     وَشَرُّ النَّاسِ مَنْ يَهْوَى السِّبَابَا
وَمَنْ هَابَ الرِّجَالَ تَهَيَّبُوهُ      وَمَنْ حَقَرَ الرِّجَالَ فَلَنْ يُهَابَا
 - وعن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا وقف العباد نادى مناد ليقم من أجره على الله فليدخل الجنة قيل ومن ذا الذي له على الله أجر قال العافون عن الناس فيقوم كذا وكذا ألفا فيدخلونها بغير حساب أخرجه الطبراني في مكارم الأخلاق وفيه الفضل بن يسار ولا يقابع على حديثه

 - وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ثلاث والذي نفسي بيده لو كنت حلافا لحلفت عليهن ما نقص مال من صدقة فتصدقوا ولا عفا رجل عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا زاده الله بها عزا يوم القيامة ولا فتح رجل على نفسه باب مسألة إلا فتح الله عليه باب أخرجه الترمذي من حديث أبي كبشة الأنماري ولمسلم وأبي داود نحوه من حديث أبي هريرة
v    ففي العفو راحة وسكينة وطمأنينة :

  -  وَرَوَى هِشَامٌ عَنْ الْحَسَنِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : { أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ كَأَبِي ضَمْضَمٍ كَانَ إذَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ قَالَ : اللَّهُمَّ إنِّي تَصَدَّقْتُ بِعِرْضِي عَلَى عِبَادِك } .
    - قال ابن القيم رحمه الله في مدارجه : فإنه متى شهد العبد العفو والصفح والحلم  وفضله وحلاوته وعزته، لم يعدل عنه إلا لعشى في بصيرته فإنه ما زاد الله عبداً بعفوٍ إلا عزاً  كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلم بالتجربة والوجود وما انتقم أحد لنفسه إلا ذل.
       هذا وفي الصفح والعفو والحلم من الحلاوة والطمأنينة والسكينة وشرف النفس وعزها ورفعتها عن تشفيها بالانتقام، ما ليس شيء منه في المقابلة والانتقام."
وفي دراسة نشرت على مجلة "دراسات السعادة" اتضح أن هناك علاقة وثيقة بين التسامح والمغفرة والعفو من جهة، وبين السعادة والرضا من جهة ثانية.
فقد جاؤوا بعدد من الأشخاص وقاموا بدراستهم دراسة دقيقة، درسوا واقعهم الاجتماعي ودرسوا ظروفهم المادية والمعنوية، ووجهوا إليهم العديد من الأسئلة التي تعطي بمجموعها مؤشراً على سعادة الإنسان في الحياة.
وتبين بنتيجة هذه الدراسات أن هؤلاء المتسامحون لا يعانون من ضغط الدم، وعمل القلب لديهم فيه انتظام أكثر من غيرهم، ولديهم قدرة على الإبداع أكثر، وكذلك خلصت دراسات أخرى إلى أن التسامح يطيل العمر، فأطول الناس أعماراً هم أكثرهم تسامحاً ولكن لماذا؟
ويقول العلماء: إنك لأن تنسى موقفاً مزعجاً حدث لك أوفر بكثير من أن تضيع الوقت وتصرف طاقة كبيرة من دماغك للتفكير بالانتقام! وبالتالي فإن العفو يوفر على الإنسان الكثير من المتاعب، فإذا أردت أن تسُرَّ عدوك فكِّر بالانتقام منه، لأنك ستكون الخاسر الوحيد!!!


v    التفاوت بين كتم الغيظ والعفو والصفح والرضى :

الصفح أبلغ من العفو، فإن العفو هو عدم المؤاخذة مع إمكان بقاء أثر ذلك في النفس، أما الصفح فهو التجاوز عن الخطإ مع محو أثره من النفس.

  - قال القرطبي في التفسير: والعفو ترك المؤاخذة بالذنب، والصفح إزالة أثره من النفس، صفحت عن فلان إذا أعرضت عن ذنبه، وقد ضربت عنه صفحا إذا أعرضت عنه وتركته، ومنه قوله تعالى: أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا {الزُّخرف:5}.

     -  طلب أحد الصالحين من خادم له أن يحضر له الماء ليتوضأ، فجاء الخادم بماء، وكان الماء ساخنًا جدًّا، فوقع من يد الخادم على الرجل، فقال له الرجل وهو غاضب: أحرقْتَني، وأراد أن يعاقبه، فقال الخادم: يا مُعَلِّم الخير ومؤدب الناس، ارجع إلى ما قال الله -تعالى-. قال الرجل الصالح: وماذا قال تعالى؟!
قال الخادم: لقد قال تعالى: {والكاظمين الغيظ}.
قال الرجل: كظمتُ غيظي.
قال الخادم: {والعافين عن الناس}.
قال الرجل: عفوتُ عنك.
قال الخادم: {والله يحب المحسنين}. قال الرجل: أنت حُرٌّ لوجه الله

·        و مشهد الرضى وهو فوق مشهد العفو والصفح وهذا لا  يكون إلا للنفوس المطمئنة سيما إن كان ما أصيبت به سببه القيام لله فإذا كان ما أصيب به في الله وفي مرضاته ومحبته : رضيت بما نالها في الله وهذا شأن كل محب صادق يرضى بما يناله في رضى محبوبه من المكاره ومتى تسخط به وتشكى منه كان ذلك دليلا على كذبه في محبته والواقع شاهد بذلك والمحب الصادق كما قيل :
من أجلك جعلت خدي أرضا ... للشامت والحسود حتى ترضى
 ومن لم يرض بما يصيبه في سبيل محبوبه فلينزل عن درجة المحبة وليتأخر فليس من ذا الشأن
·        من خالط الناس يجب أن يصبر على أذاهم فإن فيهم الجاهل والسفيه والوقح والمفتون ... :
- سيرة موسى عليه السلام الذي كلمه الله بلا ترجمان قال: يا رب! أريد منك مسألة، قال: ما هي يا موسى؟ قال: أسألك أن تكف ألسنة الخلق عني، -تكلموا فيه وفي عرضه، حتى تكلموا في بعض أموره الخاصة ومعاشرته للنساء، وقالوا: أنه آدر لا يستطيع أن يأتي النساء وأمورٌ كثيرة: { فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً } [الأحزاب:69]- فقال الله عز وجل: يا موسى! وعزتي وجلالي ما اتخذت ذلك لنفسي، إني أخلقهم وأرزقهم وإنهم يسبونني ويشتمونني.

-  قال تعالى :? وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً ? . وقال تعالى : ? وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَاماً ? .

-  يقولُ الجنرالُ أيزنهاور: «دعونا لا نضيِّعُ دقيقةً من التفكيرِ بالأشخاصِ الذين لا نحبُّهم»
ثم إنَّ بعض الناس قد بلغ من القسوةِ ما لا يمكن معها أن يعفوَ لأحد أو يتجاوَز عنه، لا ترونَ في حياته إلاّ الانتقام والتشفِّي، ليس إلا. ترونَه وترونَ أمثالَه كمثَل سماءٍ إذا تغيَّم لم يُرجَ صَحوُه، وإذا قَدر لا يُنتَظَر عفوه، يغضِبُه الجرمُ الخفيّ، ولا يرضيه العذرُ الجليّ، حتى إنّه ليرَى الذنبَ وهو أضيقُ من ظلِّ الرمح، ويعمَى عن العذرِ وهو أبيَنُ من وضَح النهار.


  -  قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَجُلٍ أَسْمَعَهُ كَلَامًا : يَا هَذَا لَا تُغْرِقَنَّ فِي سَبِّنَا ، وَدَعْ لِلصُّلْحِ مَوْضِعًا ، فَإِنَّا لَا نُكَافِئُ مَنْ عَصَى اللَّهَ فِينَا بِأَكْثَرَ مِنْ أَنْ نُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ .

 - وَشَتَمَ رَجُلٌ الشَّعْبِيَّ فَقَالَ : إنْ كُنْت مَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لِي ، وَإِنْ لَمْ أَكُنْ كَمَا قُلْت فَغَفَرَ اللَّهُ لَك .

 - وَاغْتَاظَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَلَى خَادِمٍ لَهَا ثُمَّ رَجَعَتْ إلَى نَفْسِهَا فَقَالَتْ : لِلَّهِ دَرُّ التَّقْوَى مَا تَرَكَتْ لِذِي غَيْظٍ شِفَاءً

  - وَقَسَّمَ مُعَاوِيَةُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قِطَافًا فَأَعْطَى شَيْخًا مِنْ أَهْلِ دِمَشْقَ قَطِيفَةً فَلَمْ تُعْجِبْهُ ، فَحَلَفَ أَنْ يَضْرِبَ بِهَا رَأْسَ مُعَاوِيَةَ .فَأَتاهُ فَأَخْبَرَهُ فَقَالَ لَهُ مُعَاوِيَةُ : أَوْفِ بِنَذْرِك وَلْيَرْفُقْ الشَّيْخُ بِالشَّيْخِ .

   - نظَمَه الْخَلِيلُ بن أحمد شِعْرًا فَقَالَ :
سَأُلْزِمُ نَفْسِي الصَّفْحَ عَنْ كُلِّ مُذْنِبٍ     وَإِنْ كَثُرَتْ مِنْهُ إلَيَّ الْجَرَائِمُ
فَمَا     النَّاسُ إلَّا وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ     شَرِيفٌ وَمَشْرُوفٌ وَمِثْلٌ مُقَاوِمُ
فَأَمَّا الَّذِي فَوْقِي فَأَعْرِفُ قَدْرَهُ      وَأَتْبَعُ فِيهِ الْحَقَّ وَالْحَقُّ لَازِمُ
    وَأَمَّا الَّذِي دُونِي فَأَحْلُمُ دَائِبًا      أَصُونُ بِهِ عِرْضِي وَإِنْ لَامَ لَائِمُ
وَ أَمَّا الَّذِي مِثْلِي فَإِنْ زَلَّ أَوْ هَفَا     تَفَضَّلْت إنَّ الْفَضْلَ بِالْفَخْرِ حَاكِمُ .

·        وصاحب النفس الكريمة أعلى وأعز من أن يخوض مع السفهاء أو يلقي لهم بالا :

-  قالتِ البعوضةُ للنخلةِ : تماسكي ، فإني أريدُ أنْ أطير وأدَعَكِ . قالتِ النخلةُ : واللهِ ما شعرتُ بكِ حين هبطتِ عليَّ، فكيف أشعرُ بكِ إذا طرتِ ؟!


     -  وَأَكْثَرُ رَجُلٌ مِنْ سَبِّ الْأَحْنَفِ وَهُوَ لَا يُجِيبُهُ فَقَالَ : وَاَللَّهِ مَا مَنَعَهُ مِنْ جَوَابِي إلَّا هَوَانِي عَلَيْهِ .


     -  وَمِثْلُ ذَلِكَ قَوْلُ بَعْضِ الزُّعَمَاءِ فِي شِعْرِهِ :
أَوَكُلَّمَا طَنَّ الذُّبَابُ طَرَدْتُهُ      إنَّ الذُّبَابَ إذًا عَلَيَّ كَرِيمُ

  - وَقَالَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ : أَكْرِمُوا سُفَهَاءَكُمْ فَإِنَّهُمْ يَقُونَكُمْ الْعَارَ وَالشَّنَارَ .

  - وَقَالَ مُصْعَبُ بْنُ الزُّبَيْرِ : مَا قَلَّ سُفَهَاءُ قَوْمٍ إلَّا ذَلُّوا
·        العفو عادة الكرماء كبار النفوس ولا يعفو الا من سما صدره من الأحقاد والضغائن :

والعفو عن الزلات والهنات والمظلمات ليس ضعفاً ولا نقصاناً

  -  وقيل : من عادة الكريم اذا قدر غفر واذا رأى زلة ستر 
  -  والعرب تقول : لا سؤدد مع الانتقام
اذا مرضتم أتيناكم نعودكم     وتذنبون فنأتيكم ونعتذر
  - وما أجمل قول المقنع الكندي :
وإن الذي بيني وبين بني أبي    وبين بني عمي لمختلف جداً
فإن أكلوا لحمي وفرت لحومهم     وإن هدموا مجدي بنيت لهم مجداً

 - وقال يزيد بن ميسرة إن ظللت تدعو على من ظلمك فإن الله تعالى يقول إن آخر يدعو عليك بأنك ظلمته فإن شئت استجبنا لك وأجبنا عليك وإن شئت أخرتكما إلى يوم القيامة فيسعكما عفوي

 - وجلس ابن مسعود في السوق يبتاع طعاما فابتاع ثم طلب الدراهم وكانت في عمامته فوجدتها قد حلت فقال لقد جلست وإنها لمعي فجعلوا يدعون على من أخذها ويقولون اللهم اقطع يد السارق الذي أخذها اللهم افعل به كذا فقال عبد الله اللهم إن كان حمله على أخذها حاجة فبارك له فيها وإن كان حملته جراءة على الذنب فاجعله آخر ذنوبه.

- وقال الفضيل ما رأيت أزهد من رجل من أهل خراسان جلس إلي في المسجد الحرام ثم قام ليطوف فسرقت دنانير كانت معه فجعل يبكي فقلت أعلى الدنانير تبكي فقال لا ولكن مثلتني وإياه بين يدي الله عز و جل فأشرف عقلي على إدحاض حجته فبكائي رحمة له.

   - وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بن أحمد بن حنبل قَالَ أَبِي : وَجَّهَ إلَيَّ الْوَاثِقُ أَنْ اجْعَلْ الْمُعْتَصِمَ فِي حِلٍّ مِنْ ضَرْبِهِ إيَّاكَ ، فَقُلْتُ مَا خَرَجْتُ مِنْ دَارِهِ حَتَّى جَعَلْتُهُ فِي حِلٍّ ، وَذَكَرْتُ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ { لَا يَقُومُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَّا مَنْ عَفَا } فَعَفَوْتُ عَنْهُ .

-  ولذلك يروى عن عمر بن عبد العزيز أنه خرج رضي عنه وهو خليفة للمسلمين في وسط الليل، يريد أن يصلي في مسجد بني أمية الجامع في دمشق ، وكان يخرج وحده في الليل يتفقد أمور الناس، وربما صلى في المسجد، وربما زار المقبرة،  فلما خرج ودخل المسجد في الظلام وطأ برجله أحد النوام، فقال: من هذا الحمار الذي وطأني؟ فقال عمر بن عبد العزيز : أنا عمر بن عبد العزيز ولست بحمار، ثم صلى رضي الله عنه، وانصرف ]].

     * فيقول العلماء: "إنها من حسناته الفريدة التي يرى أنها قليلة لا يلتفت إليها بل هي من أعظم الحسنات؛ لأن أهل السلطان يغضبون على أي شيء، وأما هذا فرضي الله عنه، ما غضب
   - وكان سالم بن عبد الله رضي الله عنه يطوف، فزاحمه رجل من أهل العراق ، فكأن سالماً زاحم الرجل فالتفت إليه العراقي، فقال: والله إني لأظنك شيخ سوء، فقال سالم : ما عرفني إلا أنت، ثم انصرف من الطواف رضي الله عنه وأرضاه ]].

-  قال الحسن بن علي -رضي الله عنهما- لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه، واعتذر في الأخرى، لقبلت عذره ما يعلم كذبه
حلم الأحنف بن قيس :


- قال رجل: للأحنف: إن قلت واحدة لتسمعن عشراً! فقال: أنت إن قلت عشراً لم تسمع واحدة!

- وألح رجل عليه بالشتم، فلما فرغ قال: هل لك في الغذاء فإنك مذ اليوم تحدوا بأحمال ثقال؟

    * وقيل له يوما : ممن تعلمت العفو وحسن الخلق؟ قال: من قيس بن عاصم المنقري! فقيل له: وكيف ذلك وما بلغ من حلمه؟ قال؛ بينما هو جالس في داره إذ جاءت خادم له بسفود عليه شواء فسقط من يديها فوقع على ابن له فمات! فدهشت الجارية! فقال: لا روع عليك! أنت حرة لوجه الله تعالى!

·        العفو الحقيقي لا يكون إلا عند الاقتدار والتمكن :
    -   وَقَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : { إذَا قَدَرْت عَلَى عَدُوِّك فَاجْعَلْ الْعَفْوَ شُكْرًا لِلْقُدْرَةِ عَلَيْهِ } .

    -  ومن روائع القصص في الاثر: أن رجلاً لم يعمل في حياته حسنة قط!! تأملوا هذا الرجل ما هو مصيره؟ إلا أنه كان يتعامل مع الناس في تجارته فيقول لغلامه إذا بعثه لتحصيل الأموال: إذا وجدتَ معسراً فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عني، فلما مات تجاوز الله عنه وأدخله الجنة


    - ذات يوم، أراد مَعْنُ بن زائــدة أن يقتل مجموعة من الأسـرى كانوا عنده؛ فقال له أحدهم: نحن أسراك، وبنا جوع وعطش، فلا تجمع علينا الجوع والعطش والقتل.
فقال معن: أطعمـوهم واسقوهم. فلما أكلوا وشربوا،
قـال أحدهم: لقد أكلنا وشربنا، فأصبحنا مثل ضيوفك، فماذا تفعل بضيوفك؟!
فقـال لهم: قد عفوتُ عنكم.

   -  قيل أن ملكا من ملوك الفرس قرب إليه طباخه طعاما قوقعت منه نقطة على المائدة  فأعرض الملك إعراضا تحقق بهالطباخ قتله فعمد إلى الإناء فكفأه على المائدة  فقال الملك : ما حملك على ما فعلت وقد علمت أن سقوط النقطة أخطأت بها يدك ...  قال : استحييت أن الناس تسمع عن الملكأنه استوجب قتلي و استباح دمي  مع قديم خدمتي و لزومي حرمته في نقطة واحدة أخطأت بهايدي  فأردت أن يعظم ذنبي ليحسن بالملك قتلي و يعذر في قتل من فعل مثل فعلي ..  فعفا عنه و أمر بإجازته و وصله

-  جيء بامرأة إلى الحجاج وقد أسر جنده ابنها وزوجها وأخاها .  فقال لها الحجاج: اختاري أحدهم فأطلق سراحه فقالت:يا أمير المؤمنين أما الزوج فهو موجود وأما الابن فهو مولود ولكن الأخ مفقود لذا اخترت الأخ .  فأعجب الحجاج بذكائها وأطلق سراحهم جميعا...
ولكن لا بد لتبيان الفرق بين العفو والذل والاتنصار للحق والانتقام للنفس :
 أن العفو إسقاط حقك جودا وكرما وإحسانا مع   قدرتك على الانتقام فتؤثر الترك رغبة في الإحسان ومكارم الأخلاق بخلاف الذل فإن صاحبه يترك الانتقام عجزا وخوفا ومهانة نفس فهذا مذموم غير محمود
قال بعض السلف كانوا يكرهون أن يستذلوا فإذا قدروا عفوا فمدحهم على عفو بعد قدرة لا على عفو ذل وعجز ومهانة
وهذا هو الكمال الذي مدح سبحانه به نفسه في قوله وكان الله عفوا قديرا والله غفور رحيم
 - والعفو من المخلوق ظاهره ضيم وذل وباطنه عز ومهانة وانتقام ظاهره عز وباطنه ذل فما زاد الله بعفو إلا عزا لا انتقم أحد لنفسه إلا ذل ولو لم يكن إلا بفوات عز العفو ولهذا ما انتقم رسول الله لنفسه قط
·        ونكتة المسألة أن الانتقام شيء والانتصار شيء فالانتصار أن ينتصر لحق الله ومن أجله ولا يقوى على ذلك إلا من تخلص من ذل حظه ورق هواه



0 comentarios:

Publicar un comentario