miércoles, 20 de febrero de 2013

كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ

0 comentarios

لماذا الموت ؟ :

  -     يخطئ من يظن أن الموت فناء محض وعدم تام، ليس بعده حياة ولا حساب ولا حشر ولا نشر ولا جنة ولا نار. إذ لو كان الأمر كذلك لا نتفت الحكمة من الخلق والوجود، ولاستوى الناس جميعاً بعد الموت واستراحوا، فيكون المؤمن والكافر سواء، والقاتل والمقتول سواء، والظالم والمظلوم سواء، والطائع والعاصي سواء، والزاني والمصلي سواء، والفاجر والتقي سواء..
-         قال تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]،
-         وقال سبحانه: وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ [يس:79،78].

ولو أنا إذا متنا تركنا     لكان الموت غابة كل حي
ولكنا إذا متنا بعـــثناو       نسأل بعده عن كل شيء

الموت هو الفراق الأكبر :


 -  أنها اللحظات التي قال المولى عز وجل : { كلا إذا بلغت التراقي وقيل من راق } . نعم عباد الله إنه الفراق ... إنه ليس فراقا عاديا وليست رحله عاديه يودع فيها المرء أهله وذويه فترة ثم يعود إليهم وليست تجربه حرة يؤديها الإنسان فإن فشل فيها لجأ إلى غيرها حتى يرتاح إلى نتائجها .إنها تجربة نادرة مع المرء .. ورحلة إلى عالم آخر وفراق في غاية الألم والحرقة .
الموت حتم لازم
إن الحقيقة التي لا مراء فيها أن الموت حتم لازم، لا تمنع منه حصانة القلاع، ولا ارتفاع الأسوار، ولا يحول دونه الحجَّاب، ولا ترده الأبواب.
 (أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ) [النساء:78].
 (وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيدُ [ق:19
! فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34].
·        كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]،
  كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ (26) وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ [الرحمن:26،27]
، كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [القصص:88].

     - وعن عبد اللّه بن عمر- رضي اللّه عنهما- قال: (أخذ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم بمنكبي فقال: «كن في الدّنيا كأنّك غريب أو عابر سبيل». وكان ابن عمر يقول: إذا أمسيت فلا تنتظر الصّباح، وإذا أصبحت فلا تنتظر المساء وخذ من صحّتك لمرضك، ومن حياتك لموتك)* «6».

ذكر الموت :

إننا حين ندعو أنفسنا والناس من حولنا إلى الإكثار من ذكر الموت فليس ذلك بسبب اليأس من الحياة أو التشاؤم، لكنه التذكير بالكأس الذي لابد لكل منَّا أن يشربه وهو عنه غافل لاهٍ. 
- فإن الموت إذا نزل بساحة العبد نسي ما كان فيه من اللذة والنعيم:
       - قال تعالى : ( أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ . ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ . مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) (الشعراء: 205-207
* قرأ بعض السلف هذه الآيات فبكى وقال: إذا جاء الموت لم يغن عن العبد ما كان فيه من اللذة والنعيم.

لذلك سماه الله مصيبة :

والموت من أعظم المصائب، وقد سماه الله تعالى مصيبة في قوله سبحانه: فَأَصَابَتْكُم مُّصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة:106]،

- لذلك حث النبي على ذكر الموت والإكثار منه، فقال عليه الصلاة والسلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } [الترمذي وحسنه].
      * قال الإمام القرطبي: "قال علماؤنا: قوله عليه السلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات
 } كلام مختصر وجيز، وقد جمع التذكرة وأبلغ في الموعظة، فإن من ذكر الموت حقيقة ذكره نغص عليه لذته الحاضرة، ومنعه من تمنيها في المستقبل، وزهده فيما كان منها يؤمل، ولكن النفوس الراكدة، والقلوب الغافلة، تحتاج إلى تطويل الوعاظ، وتزويق الألفاظ، وإلا ففي قوله عليه الصلاة والسلام: { أكثروا ذكر هاذم اللذات } مع قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ [آل عمران:185]، ما يكفي السامع له، ويشغل الناظر فيه".

    -  فعن أنس بن مالك أن رسول الله مر بمجلس وهم يضحكون فقال: { أكثروا ذكر هاذم اللذات }، أحسبه قال: { فإنه ما ذكره أحد في ضيق من العيش إلا وسعه، ولا في سعة إلا ضيقه عليه } [البزار وحسنه المنذري].

   - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: أتيت النبي عاشر عشرة، فقام رجل من الأنصار فقال: يا نبي الله! من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال: { أكثرهم ذكراً للموت، وأكثرهم استعداداً للموت، أولئك الأكياس، ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة } [الطبراني وحسنه المنذري].

  -وكان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة: الرحيل الرحيل. فلما توفي فقد صوته أمير المدينة، فسأل عنه فقيل: إنه قد مات فقال:
ما زال يلهج بالرحيل وذكره *** حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه مستيقظاً متشمراً *** ذا أهبة لم تلهه الآمال

الموت موعظة وعبرة  :

  -قال الأوزاعيّ، عن يحيى بن أبي كثير: كان أبو بكر الصّدّيق يقول في خطبته: «أين الوضأة الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم، الّذين كانوا لا يعطون الغلبة في مواطن الحرب. أين الّذين بنوا المدائن وحصّنوها بالحيطان قد تضعضع بهم، وصاروا في ظلمات القبور الوحا الوحا «4» النّجا النّجا»)

    - روى أبو نعيم الحافظ بإسناده ؛ أنّ عمر بن عبد العزيز شيّع مرّة جنازة من أهله، ثمّ أقبل على أصحابه ووعظهم
أنّه قال: «إذا مررت بهم فنادهم إن كنت مناديا، وادعهم إن كنت داعيا... سل غنيّهم: ما بقي من غناه؟ وسل فقيرهم: ما بقي من فقره؟ واسألهم عن الألسن الّتي كانوا بها يتكلّمون، وعن الأعين الّتي كانوا للّذّات بها ينظرون، وسلهم عن الجلود الرّقيقة والوجوه الحسنة والأجساد النّاعمة ما صنع بها الدّيدان تحت الأكفان... وكم من ناعم وناعمة أضحوا ووجوهم بالية، وأجسادهم من أعناقهم بائنة، وأوصالهم ممزّقة، وقد سالت الحدق على الوجنات، وامتلأت الأفواه دما وصديدا، ودبّت دوابّ الأرض في أجسادهم، ففرّقت أعضاءهم، ثمّ لم يلبثوا إلّا يسيرا حتّى عادت العظام رميما، فقد فارقوا الحدائق وصاروا بعد السّعة إلى المضائق، قد تزوّجت نساؤهم، وتردّدت في الطّرق أبناؤهم، وتوّزعت القرابات ديارهم وقراهم فمنهم واللّه الموسّع له في قبره الغضّ النّاظر فيه المتنعّم بلذّاته، يا ساكن القبر غدا ما الّذي غرّك من الدّنيا أين دارك الفيحاء ونهرك المطّرد؟ وأين ثمارك الينيعة؟ وأين رقاق ثيابك؟ وأين طيبك وبخورك، وأين كسوتك لصيفك وشتائك؟ ...

 - حدّث محمّد بن خلف قال: سمعت أبي قال: رجعنا من ميّت مع ابن السّمّاك فأنشأ ابن السّمّاك يقول:    تمرّ أقاربي جنبات قبري ... كأنّ أقاربي لا يعرفوني
               ذوو الأموال يقتسمون مالي ... ولا يألون أن جحدوا ديوني
              وقد أخذوا سهامهم وعاشوا ... فيا للّه ما أسرع ما نسوني)*

-وكان بعض الصالحين ينادي بليل على سور المدينة: الرحيل الرحيل. فلما توفي فقد صوته أمير المدينة، فسأل عنه فقيل: إنه قد مات فقال:
ما زال يلهج بالرحيل وذكره *** حتى أناخ ببابه الجمال
فأصابه مستيقظاً متشمراً *** ذا أهبة لم تلهه الآمال

 ولقد أحسن من قال في تفسير قوله تعالى: وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [القصص:77]، هو الكفن.
 -  وكان يزيد الرقاشي يقول لنفسه: ( ويحك يا يزيد! من ذا يصلي عنك بعد الموت؟ من ذا يصوم عنك بعد الموت؟ من ذا يترضى ربك عنك بعد الموت؟ ثم يقول: أيها الناس! ألا تبكون وتنوحون على أنفسكم باقي حياتكم؟ مَن الموت طالبه.. والقبر بيته.. والتراب فراشه.. والدود أنيسه.. وهو مع هذا ينتظر الفزع الأكبر.. كي يكون حاله؟ ) ثم يبكي رحمه الله.

تزود من التقوى فإنك لا تدري *** إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر
فكم من صحيح مات من غير علة *** وكم من سقيم عاش حينا من الدهر
وكم من صبي يرتجى طول عمره *** وقد نسجت أكفانه وهو لا يدري

الأسباب الباعثة على ذكر الموت
  1-  زيارة القبور، قال النبي : { زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة } [أحمد وأبو داود وصححه الألباني].
  2-  زيارة مغاسل الأموات ورؤية الموتى حين يغسلون.
  3-  مشاهدة المحتضرين وهن يعانون سكرات الموت وتلقينهم الشهادة.
  4-  تشييع الجنائز والصلاة عليها وحضور دفنها.
  5-  تلاوة القرآن، ولا سيما الآيات التي تذكر بالموت وسكراته كقوله تعالى: وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ [ق:19].
  6-  الشيب والمرض، فإنهما من رسل ملك الموت إلى العباد.
 7-  الظواهر الكونية التي يحدثها الله تعالى تذكيراً لعباده بالموت والقدوم عليه سبحانه كالزلازل والبراكين والفيضانات والانهيارات الأرضية والعواصف المدمرة.
  8-   مطالعة أخبار الماضين من الأمم والجماعات التي أفناهم الموت وأبادهم البلى.

صور من حسن الخاتمة

  - دخل صفوان بن سليم على محمد بن المنكدر وهو في الموت فقال له: يا أبا عبدالله! كأني أراك قد شق عليك الموت، فما زال يهون عليه ويتجلى عن وجه محمد، حتى لكأن وجهه المصابيح، ثم قال له: لو ترى ما أنا فيه لقرت عينك، ثم مات.
 -   ولما احتضر عبدالرحمن بن الأسود بكى. فقيل له: مم البكاء؟ فقال: أسفاً على الصلاة والصوم، ولم يزل يتلو القرآن حتى مات.
 -   وسمع عامر بن عبدالله المؤذن وهو في مرض الموت فقال: خذوا بيدي إلى المسجد، فدخل مع الإمام في صلاة المغرب، فركع ركعة ثم مات رحمة الله.

صور من سوء الخاتمة

  -   قيل لرجل عند الموت: قل لا إله إلا الله، وكان سمساراً، فأخذ يقول: ثلاثة ونصف.. أربعة ونصف.. غلبت عليه السمسرة.
 -    وقيل لآخر: قل لا إله إلا الله، فجعل يقول: الدارالفلانية أصلحوا فيها كذا وكذا، والبستان الفلاني أعملوا فيه كذا، حتى مات.
 -    وقيل لأحدهم وهو في سياق الموت: قل لا إله إلا الله، فجعل يغني، لأنه كان مفتوناً بالغناء، والعياذ بالله.



0 comentarios:

Publicar un comentario