sábado, 8 de diciembre de 2012

القناعة كنز لا يفنى

0 comentarios

إن هناك مبدأ نساه الكثير من  الناس اليوم الا من رحم الله ، وأصبح أقرب ما  يكون الى المثاليات التي  لا وجود لها الا في أذهان المتفلسفين خاصة  في هذا  الزمان الذي تغولت فيه حضارة المادة وصارت  تلتهم بلا رحمة مقدرات  الضعفاء والمساكين وتطاردهم لتقتسم  أقواتهم ومعايشهم وتفرقها بسخاء على كروش الأغنياء والمنتفعين ،  انه  مبدأ القناعة  والرضا بقسمة الله في خلقه وطلب الغنى عما في أيدي الناس .

ان حضارة المادة قد أغلقت على الناس منافذ الهداية فهم لا يرتاحون أبدا من الشقاء والعناء والتعب في بحث مستمر من أجل  اشباع مطالبها واحتياجاتها التي لا تنتهي أبدا ولا تتوقف .


ما هي القناعة؟
القناعة هي الرضا بما قسم الله، ولو كان قليلا، وهي عدم التطلع إلى ما في أيدي الناس...

   -   يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم، ورُزق كفافًا، وقَنَّعه الله بما آتاه) [مسلم].


*  وقال الجاحظ: القناعة هي: الاقتصار على ما سنح من العيش والرضا بما تسهل من المعاش ، وترك الحرص على اكتساب الأموال وطلب الراتب العالية مع الرغبة في جميع ذلك وإيثاره والميل إليه قهر النفس على ذلك والتقنع باليسر منه ).
طمع النفس وشرهها :
ازداد التسخط في الناس وعدم الرضى بما رزقوا إذا قلت فيهم القناعة . وحينئذ لا يرضيهم طعام يشبعهم ، ولا لباس يواريهم ، ولا مراكب تحملهم ، ولا مساكن تكنّهُم ؛ إذ يريدون الزيادة على ما يحتاجونه في كل شيء ، ولن يشبعهم شيء ؛ لأن أبصارهم وبصائرهم تنظر إلى من هم فوقهم ، ولا تبصر من هم تحتهم ؛ فيزدرون نعمة الله عليهم ، ومهما أوتوا طلبوا المزيد ، فهم كشارب ماء البحر لا يرتوي أبدًا .


- قال أبو ذؤيب الهذلي:

والنفسُ راغبةٌ إذا رَغَّبْتَها      وإذا تُرَدُّ إلى قَليلَ تَقنَعُ

جاء عن فضالة بن عبيده-رضي الله عنه-أنه سمع رسول الله-صلى الله عليه وسلم-يقول : (طوبى لمن هدي إلى الإسلام، وكان عيشة كفافاً وقنع )



كُنْ بِما أوتِيتَهُ مُقْتَنِعاً     تَقْتَفي عيشَ القنوعِ المكتفي
                    كسراجِ دُهْنُه قوتٌ له     فإذا غَرَّقْتَه فيه طفي

 - رحم الله ابراهيم بن أدهم وهو يوصي عطاء بن رباح : يا ابراهيم قليل من الدنيا مع الحكمة خير من الكثير من الدنيا بدون حكمة . يا ابراهيم : ان كان القليل من الدنيا يكفيك فان الكثير منها لا يغنيك . يا ابراهيم : انما بطنك بحر من البحور وواد من الأودية ولا يملأ جوف ابن ادم الا التراب.)

    إن الغني هو الغني بنفسه    ولو أنه عار المناكب حاف
  ما كل ما فوق البسيطة كافيا     فاذا قنعت فكل شيء كاف


  - يحكى أن ثلاثة رجال ساروا في طريق فعثروا على كنز، واتفقوا على تقسيمه بينهم بالتساوي، وقبل أن يقوموا بذلك أحسوا بالجوع الشديد، فأرسلوا أحدهم إلى المدينة ليحضر لهم طعامًا، وتواصوا بالكتمان، حتى لا يطمع فيه غيرهم، وفي أثناء ذهاب الرجل لإحضار الطعام حدثته نفسه بالتخلص من صاحبيه، وينفرد هو بالكنز وحده، فاشترى سمًّا ووضعه في الطعام، وفي الوقت نفسه، اتفق صاحباه على قتله عند عودته؛ ليقتسما الكنز فيما بينهما فقط، ولما عاد الرجل بالطعام المسموم قتله صاحباه، ثم جلسا يأكلان الطعام؛ فماتا من أثر السم.. وهكذا تكون نهاية الطامعين وعاقبة الطمع.

إن الناس لو قنعوا بالقليل ما بقي بينهم فقير ولا محروم

إن القناعة لا ينالها الا مؤمن واثق الايمان يعلم أن ربه لا ينساه :

   - إن القناعة لا ينالها الا مؤمن واثق الايمان بمولاه شديد الصلة بسيده ومن علم أن سيده لرزقه  ضامن  عاش حياته  آمن ، لذلك ارتاح الصالحون  عندما فهموا أن اللقمة التي كتب لهم أكلها لو اجتمت الدنيا ومن فيها لكي تحرمهم منها لما وجدت لذلك من سبيل.

إن الايمان بالله تعالى واليقين في عظمة ملكه ووسع خزائنه خفف على الكثيرين أهوال ما يجدون في حياتهم من عنت وشقاء ، ومن كان ايمانه في قلبه فانه يحمل جنته معه لا تفارقه، ومن ذاق حلاوة الايمان مهما تلاطمت حوله أمواج الأزمات فقد رسى على بر الأمان والاطمئنان .

       - وفي الحديث: ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.


  - سأل سليمان الحكيم نملة : كم تأكلين في السنة؟ فأجابت النملة : ثلاث حبات فأخذها ووضعها في علبة .. ووضع معها ثلاث حبات ومرت السنة ... ونظر سيدنا سليمان فوجدها قد أكلت حبة ونصف فقال لها : كيف ذلك قالت : عندما كنت حرّة طليقة كنت أعلم أن الله تعالى لن ينساني يوماً .. لكن بعد أن وضعتني في العلبة خشيت أن تنساني!!! فوفرت من أكلي للعام القادم .
·        فإذا علمت هذا فلا تسأل شيئا إلا من الله :
وما أحوجنا في هذا الزمان الذي كثرت فيه المغريات إلى القناعة، لكي نعيش سعداء أغنياء أعزاء، بعيدون عما في أيدي الناس ، يحبنا الله؛ لأننا لا نطلب حوائجنا إلا منه، ويحبنا الناس؛ لأننا لا نطلب منهم شيء إلا ما أعطيناهم.

      - كتب بعض بني أمية إلى أبي حازم يعزم عليه إلا رفع إليه حوائجه فكتب إليه: "قد رفعت حوائجي إلى مولاي فما أعطاني منها قبلت وما أمسك عني قنعت".
    - وأوصى أعرابي صاحبه فقال :
يا مالك لا تسأل الناس والتمس      يكفيك فضل الله فالله أوسع
ولو تسأل الناس التراب لأوشكوا    اذا قيل هاتوا أن يملوا ويمنعوا

     - وكان محمد بن واسع- رحمه الله-"يبل الخبز اليابس بالماء ويأكل ويقول: من قنع بهذا لم يحتج إلى أحد".
      - وقال آخر:
اضْرَعْ إلى الله لاَ تَضْرعْ إلىَ النَّاسِ        وَاْقنَعْ بَيأْسٍ فإنَّ العزَّ في اليأس
وَاسْتعَنْ عَنْ كُلَّ ذِي قُربىَ وَذي رَحمٍ        إنَّ الغنىَّ مَن اسْتَغَنْىَ عَنِ النَّاسِ.

  
لذلك القناعة عزة للنفس:
القناعة تجعل صاحبها حرًّا؛ فلا يتسلط عليه الآخرون، أما الطمع فيجعل صاحبه عبدًا للآخرين.
  -   وقد قال الإمام علي-رضي الله عنه-: الطمع رق مؤبد (عبودية دائمة).
   وقال أحد الحكماء: من أراد أن يعيش حرًّا أيام حياته؛ فلا يسكن قلبَه الطمعُ.
-   وقال بعضهم : إزهد بما عند الناس يحبك الناس ، وارغب فيما عند الله يُحبك الله).

   - وهذا الخليل بن أحمد الفراهيدي رفض أن يكون مؤَدِّباً لابن سليمان بن علي والي الأهواز ثم أخرج لرسوله خبزاً يابساً وقال له : ما دمتُ أجدُ هذا فلا حاجةَ إلىَّ سليمان، ثم أنشد :

أبْلغْ سُليْمانَ أنيَّ عنْهُ في سَعَةٍ         وَفي غِنىً غَيْرَ أَنيِّ لَسْتُ ذاَ مَالِ
شُحَّاً بِنَفْسَ أنِي لا أرَى أحداً           يمُوتُ هزْلاً ولا يبقى على حَالِ
والفَقْر في النَّفْس لاَ في الماَلِ نَعْرفُهُ       وَمِثْلُ ذَاكَ الغْنىَ في النَّفْس لاَ الماَلِ


- ويتمثل هذا المعنى الإمام الشافعي في أبيات جميلة فيقول :
رَأيْتُ الْقَناعةَ رَأْسَ الْغِنىَ      فَصِرْتُ بأَذْيَالِهَا مُتُمسَكْ
فَلاَ ذَا يَراَني عَلىَ بَابِه      وَلاَ ذَا يَرانِي بهِ مُنْهَمِكْ
    فَصِرْتُ غَنِيَّاً بِلاَ دِرْهَمِ     أَمُرُّ عَلىَ النَّاسِ شِبْهَ الَمْلِكْ

- فالمسلم عندما يشعر بالقناعة والرضا بما قسمه الله له يكون غنيا عن الناس، عزيزًا بينهم، لا يذل لأحد منهم. أما طمع المرء، ورغبته في الزيادة يجعله ذليلاً إلى الناس، فاقدًا لعزته،
-   وقال الله صلى الله عليه وسلم: (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنى، ومن يستعففْ يعِفَّهُ الله، ومن يستغنِ يغْنِهِ الله) [متفق عليه].

  - بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن المسلم القانع الذي لا يسأل الناس ثوابُه الجنة، فقال: (من يكفل لي أن لا يسأل الناس شيئًا وأتكفل له بالجنة؟)، فقال ثوبان: أنا. فكان لا يسأل أحدًا شيئًا. [أبو داود والترمذي وأحمد].
القناعة سبيل للراحة النفسية:
     - قال القرطبي في تفسير قول الله تعالى:  (فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً )(النحل: من الآية97) "هي القنـــاعة".


فليعلم الإنسان أن القنـاعة راحة ورحبة يستروح وينعم فيها وبها صاحبها، فإن لم ينفع فهو في عذاب وتباب ، وفي فاقة وسهاد، ومذبوح بسكين الفقر وإن أصاب ملك قارون إذ حرم القنـاعة، فكسدت عليه البضاعة...

  - وفي الحديث القدسي: (يابن آدم تفرغْ لعبادتي أملأ صدرك غِنًى، وأَسُدَّ فقرك. وإن لم تفعل، ملأتُ صدرك شُغْلا، ولم أسُدَّ فقرك) [ابن ماجه].
 -وصدق القائل:
هـي القنـاعة لا تـرضى بهــا بـدلا    فيهــا النعيـم وفيهــا راحـة البـدنِ
انظـر لمـن ملــك الدنيـا بأجمـعـها     هـل راح منها بغيــر القطـن والكفـنِ

-  وقال أبو حاتم-رحمه الله-: "من أكثر مواهب الله لعباده وأعظمها خطراً القناعة ، وليس شيء أروح للبدن من الرضا بالقضـاء، والثقة بالقاسم، ولو لم يكن للقناعة خصلة تحمدُ إلا الراحة، وعدم الدخول في مواضع السوء لطلب الفَضْل لكان الواجب على العاقل  ألا يفارق القناعة على حالة من الأحوال".


والغنى الحقيقي هو غنى القلب :

إن القناعة تكون بالقلب فمن غنيَ قلبه غنيت يداه، ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه، ومن قنع لم يتسخط وعاش آمنا مطمئنا، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائت نهاية لرغبته.

  - فالقناعة تكون بالقلب: فمن غنى قلبه، غنيت يداه ، ومن افتقر قلبه لم ينفعه غناه ، ومن قنع لم يتسخط ، وعاش آمناً مطمئناً، ومن لم يقنع لم يكن له في الفوائد نهاية لرغبة.


  - وفي الحديث عن أبي ذر رضي الله تعالى عنه أ، النبي صلى الله عليه وسلم قال له : ( أترى يا أبى ذر أن كثرة المال هي الغنى ؟ انما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب ، من كان الغنى في قلبه فلا يضره ما لقي من الدنيا ومن كان فقره في قلبه فلا يغنيه ما أكثر له في الدنيا .)

  - وقال الله صلى الله عليه وسلم: (من أصبح منكم آمنًا في سربه، معافًى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا) [الترمذي وابن ماجه].
طبيعة الحياة الدنيا :

نحن نقنع أنفسنا بان حياتنا ستصبح أفضل بعد أن نتزوج .. نستقبل طفلنا الأول او طفلا أخر بعده ومن ثم نصاب بالإحباط لان أطفالنا مازالوا صغارا ونؤمن بان الأمور ستكون على مايرام بمجرد تقدم الأطفال بالسن
ومن ثم نحبط مرة أخرى لان أطفالنا قد وصلوا فترة المراهقة الآن .. ونبدأ بالاعتقاد بأننا سوف نرتاح فور انتهاء هذه الفترة من حياتهم ومن ثم نخبر أنفسنا بأننا سوف نكون في حال أفضل عندما نحصل على سيارة جديد ورحلة سفر وأخيرا إن نتقاعد الحقيقة انه لايوجد وقت للعيش بسعادة أفضل من الآن .. فإن لم يكن الآن فمتى إذاً ؟

حياتك مملوءة دوما بالتحديات :
التحديات كان دائما يبدو بان الحياة الحقيقية هي على وشك أن تبدأ ولكن في كل مرة كان هناك محنة يجب تجاوزها .. عقبة في الطريق يجب عبورها عمل يجب انجازه .. دين يجب دفعه .. ووقت يجب صرفه...

لا وجود للطريق نحو السعادة السعادة هي بذاتها الطريق

ولذلك فاستمتع بكل لحظة بقلبك بداخلك فالسعادة تنبعث من القلب إلى الخارج لا من الخارج إلى القلب ..
   السعادة هي رحلة وليست محطة تصلها لاوقت أفضل كي تكون سعيدا أكثر من الآن عش وتمتع باللحظة الحاضرة.



إذا أردت أن ترتاح انظر إلى حال من هو أقل منك في أمور الدنيا ، وعدم النظر إلى من هو فوقك فيها ؛

   - ولذا قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم انظروا إلى من أسفل منكم ، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة اللّه

وليس في الدنيا أحد لا يجد من هو أفضل منه في شيء ، ومن هو أقل منه في أشياء ؛ فإن كنت فقيرا ففي الناس من هو أفقر منك! وإن كنت مريضًا أو معذبا ففيهم من هو أشد منك مرضا وأكثر تعذيبًا ، فلماذا ترتفع رأسك لتنظر من هو فوقك ، ولا تخفضه لتبصر من هو تحتك؟!



0 comentarios:

Publicar un comentario