miércoles, 19 de diciembre de 2012

لو كنت صادقاً لعرفت الصادقين

0 comentarios

الصدق مع الله تعالى هو مقام عال من مقامات الدين  :
   -  يقول الإمام ابن القيم رحمه الله في المدارج في مقام الصدق  « ..هو منزل القوم الأعظم الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين ،والطريق الأقوم ، الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين » ... إلى أن يقول : « فهو روح الأعمال ، ومحك الأحوال ، والحامل على اقتحام الأهوال ، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال ، وهو أساس بناء الدين ،وعمود فسطاط اليقين ، ودرجته تالية لدرجة ( النبوة ) التي هي أرفع درجات العالمين ومن مساكن النبيين تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين، كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين.».

لذلك أثنى الله تعالى على أنبيائه ورسله وخلع عليهم حلة التفضيل بالصدق فقال تعالى : واذكر في الكتاب ابراهيم أنه كان صيدقا نبيئا
 -  واذكر في الكتاب موسى إنه مخلصا وكان رسول نبيئا }
   - واذكر في الكتاب اسماعيل انه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيئا }
   - واذكر في الكتاب ادريس انه كان صديقا نبيئا .. }

حتى تكون صادقا مع الله تعالى لا بد أن تكون صادقا مع نفسك ومع من حولك فإنه لا يمكن بلوغ الصدق مع الله إلا بالصدق مع من النفس أولا ثم مع الناس بشكل تدرجي تصاعدي
   -  وهو ما يبينه قول النبي (ص) : « إن الصدق يهدي إلى البر ، وإن البر يهدي إلى الجنة ، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب صديقا ، وإن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار ، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا »
صدق الإنسان مع نفسه :
من علامات صدق العبد مع نفسه أن ينشغل بتربيتها وإصلاحها وتقويمها أكثر مما ينشغل  بالاخرين . وأن يكون دائم الشعور بالتقصير والتأنيب والمحاسبة والمراجعة
الصدق مع الناس :

الصدق في الأقوال والمعاملات  :
والصدق في القول تعبير عن شخصية واضحة ، ومروءة وشهامة وكرم ، ولا يلجأ للكذب إلا لئيم الطبع ، خبيث النفس ، ضعيف الشخصية ، والفطرة السليمة تستعيب الكذب وتستقبحه ، ولذلك أجمعت الديانات السماوية على تحريمه وتجريمه

        أ - الصدق في نقل الأخبار:
وهذا بدوره يتطلب مــن الناقل التثبت فيما يقال ، واجتناب الظنون والأوهام والحذر من التحدث بكــل مــــا يُسْمَعُ
-      قال صلى الله عليه وسلم : إياكم والـظـن فـــــإن الظن أكذب الحديث«
   -   وقال: كفى بالمرء إثماً أن يحدث بكل ما سمع« (3).
         ب- الصدق في الوعد:
والوعد قد يكون على مكان معين أو في زمن معين أو على أعطية أو زواج أو أي أمر آخـــر يعـد به الرجل أخاه ، فإن الإخلاف في هذه الأمور وأمثالها بدون مبرر شرعي يعتبر كذباً لقوله تعالى: ((واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاْ نبياْ))
        ج - الوفاء بالعقود والعهود:
فإخلاف العهد والغدر فيه من أشد أنواع الكذب. قال تعالى: ((يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود)) وقال تعالى: ((والموفون بعهدهم إذا عاهدوا))
 -      يـقـــول صلى الله عليه وسلم: ( أربع من كُنّ فيه كان منافقاً خالصاً ، ومن كانت فيه خصلة منهـن كان فيه خصلة من النفاق: إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر.)

    -  وعن عبادة بن الصامت ـرضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه قال « اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة : اصدقوا إذا حدثتم، وأوفوا إذا وعدتم ، وأدوا إذا ائتمنتم ، واحفظوا فروجكم ، وغضوا أبصاركم ، وكفوا أيديكم
ثم الصدق في مقامات الدين :

·         كالصدق في الاخلاص وطلب وجه الله تعالى  ...
  يـقــــول صـاحـب الإحياء: ( إن مخالفة الظاهر للباطن إن كانت عن قصد سميت رياء ويفوت بها الإخلاص ، وإن كانت عن غير قصد فيفوت بها الصدق) ،
·        والخوف والرجاء والتعظيم والزهد والرضا والتوكل والحب وسائر هذه الأمور فإن هذه الأمور مباديء ينطلق الاسم بظهورها ، ثم لها غايات وحقائق والصادق المحقق من نال حقيقتها .
·             -  وقال الثوري في قوله تعالى: " ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة " قال: هم الذين ادعوا محبة الله تعالى ولم يكونوا بها صادقين .

    -   قال الله تعالى: (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثـم لـم يـرتـابــوا) إلى قوله ((أولئك هم الصادقون)
     - ولذلك في صحيح مسلم : { من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه } .

والصدق في المقامات هو نتيجة لمجاهدة وتربية وطلب وسعي ولا يكون إلا بالتدرج سيرا حتى الوصول :

 - يقول مالك بن دينار : إن الصدق يبدو في القلب ضعيفاً كما يبدو نبات النخلة، يبدو غصناً واحداً، فتُسقى فينتشر، ثم تُسقى فينتشر، حتى يكون لها أصل أصيل عظيم يوطأ، وظل يُستظل به، وثمرة يؤكل منها.

من ثمرات الصدق مع الله تعالى :

أن الله تعالى يدنيه ويقربه ويفتح له فتح العارفين المقربين :

-  وقال رجل لحكيم: ما رأيت صادقاً! فقال له: لو كنت صادقاً لعرفت الصادقين. 
-  وقيل: إذا طلبت الله بالصدق أعطاك مرآة تُبصر فيها كلَّ شيء من عجائب الدنيا والآخرة 
-  وجاء عن الشَّيْخُ  الْإِمَامُ يُمْنُ بْنُ رِزْقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ :   وَاعْلَمْ يَا أَخِي أَنَّ مَنْ صَدَقَ اللَّهَ أَوْصَلَهُ إلَى الْجَوَلَانِ فِي مَلَكُوتِ السَّمَوَاتِ بِقَلْبِهِ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إلَيْهِ بِطَرَفِ مَا قَدْ أَفَادَهُ السَّيِّدُ الْكَرِيمُ فَصَارَ قَلْبُهُ وِعَاءً لِخَيْرٍ لَا يَنْفَدُ ، وَعَجَائِبَ فِكْرٍ لَا تَنْقَضِي ، وَمَعَادِنَ جَوَاهِرَ لَا تَفْنَى ، وَبُحُورِ حِكْمَةٍ لَا تُنْزَحُ أَبَدًا .

 -  وسئل فتح الموصلي عن الصدق، فأدخل يده في كير الحداد.. وأخرج الحديدة المحماة.. ووضعها على كفه، وقال: هذا هو الصدق.
ان الله تعالى يفتح للعبد قلوب الناس ويجعل له القبول في الأرض :

إن الصادق محبوب إلى الله وإلى الخلق إن الله يرفع ذكره ويزيد أجره وإن أبين دليل على ذلك ما يحصل من ثناء الناس على الصادقين في حياتهم وبعد مماتهم أخبارهم مقبولة وأمانتهم موثوقة قد أفلح الصادقون وخاب الكاذبون..

 - وأوحى الله تعالى إلى داود عليه السلام: يا داود من صدقني في سريرته صدقته عند المخلوقين في علانيته.

ويروى أن قاصاً كان بقرب محمد بن واسع رحمة الله عليه، وقد كان يقول القاص: ما لي لا أرى القلوب لا تخشع، والعيون لا تدمع، والجلود لا تقشعر؟ فقال ابن واسع : ما أرى القوم أوتوا إلا من قِبلك، إن الذكر إذا خرج من القلب وقع على القلب.
كم من كلمات ولدت ميتة، ومن ثَمَّ جُعلت هباء مع أصحابها لتكون من أصحاب القبور، وكم من كلمات ولدت حية، وبقيت فيها الحياة مع حياة أصحابها وبعد مماتهم، أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

لا يعرف الشَّوق إلا مَنْ يُكَابده       ولا الصَّبابة إلا مَنْ يُعانِيها

النجاة يوم القيامة والفوز بالجنة :
قال تعالى: { هَذَا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ } [المائدة:119].
أن الله تعالى وعد الصادقين بالنصر والتمكين :
 - قال بعضهم: الصدق سيف الله في الأرض، ما وضع على شيء إلا قطعه

0 comentarios:

Publicar un comentario