miércoles, 26 de diciembre de 2012

الأمانة : الفضيلة الغائبة

0 comentarios


 
الأمانة هي أداء الحقوق، والمحافظة عليها وهي خلق جليل من أخلاق الإسلام، وأساس من أسسه، فهي فريضة عظيمة حملها الإنسان، بينما رفضت السماوات والأرض والجبال أن يحملنها لعظمها وثقلها.
       يقول تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنا وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلومًا جهولاً}[الأحزاب: 72].

إن الأمانة فضيلة ضخمة لا يستطيع حملها الرجال المهازيل[8]، بل إنها تُثقِل كاهل الوجود كله، ومن ثَمّ فلا ينبغي لإنسان أن يستهين بها، أو يُفْرِط في حقِّها
والأمانة فيها ما هو حق لله وما هو حق للبشر :
·        ما هو حق لله :
        1.   أمانة الدين بعقائده وشرائعه وكذلك الجوارح المكلفة وأمانة العلم والمعرفة  :
     ومر علي بن أبي طالب في المسجد فرأى واعظا يعظ الناس ،  فقال له : أتعرف أحكام القرآن وناسخه ومنسوخه ، فقال : لا ، فقال علي ، هلكت وأهلكت ، ثم منعه من التحدث إلى العامة لئلا يفسد عليهم دينهم بجهله ، وهذه أمانة في صيانة العلم وحفظ عقائد الناس من أن يفسدها الجاهلون.

    2   .  كل ما أعطاك الله من نعمة فهي أمانة لديك يجب حفظها واستعمالها وفق ما أراد منك المؤتمن ، وهو الله جل وعلا ، فالبصر أمانة ، والسمع أمانة، واليد أمانة ، والرجل أمانة ، واللسان أمانة ، والمال أمانة أيضاً ، فلا ينفق إلا فيما يرضي الله 
·        ما فيه حق للبشر :
         الأمانة في الودائع :
      وقد أمرنا الله بأداء الأمانات، فقال تعالى: {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58].
      فقال تعالى: {والذين هم لأمانتهم وعهدهم راعون}
    الأمانات في الأعمال والمعاملات المالية :
        قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه ، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره
       قال صلى الله عليه وسلم وهو يحكي لأصحابه رضي الله عنهم : " اشترى رجل من رجل عقاراً له ، فوجد الذي اشترى العقار في عقاره جرة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ، إنما اشتريت منك الأرض ، ولم ابتع منك الذهب ، فقال الذي شرى الأرض ( أي : الذي باعها ) : إنما بعتك الأرض وما فيها ، قال : فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ فقال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، قال : أنكحوا الغلام بالجارية ، وأنفقوا على أنفسكما منه ، وتصدقا "(

        وقد إستعمل النبي رجلاً على جمع الصدقة فلما رجع هذا الرجل قال: هذا لكم، وهذا أهدي إلي. فخطب النبي  فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ((أما بعد فإني أستعمل رجالاً منكم على أمور ولاني الله، فيأتي أحدكم فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت لي فهلا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه فينظر أيهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده لا يأخذ منه شيئاً إلا جاء يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيراً له رغاء أو بقر له خوار أو شاة تيعر))،

     واستدان ابن عمر بن الخطاب من أبي موسى الأشعري حين كان واليا على الكوفة أموالا من خزينة الدولة ليتاجر بها على أن يردها بعد ذلك كاملة غير منقوصة ، واتجر ولد عمر فربح ، فبلغ ذلك عمر فقال له : إنك حين اشتريت أنقص لك البائعون في الثمن لأنك ولد أمير المؤمنين ، ولما بعت زاد لك المشترون في الثمن لأنك ولد أمير المؤمنين ، فلا جرم أن كان للمسلمين نصيب فيما ربحت ، فقاسمه نصف الربح ، واسترد منه القرض وعنفه على ما فعل

  -  ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل من بني إسرائيل أنه سأل رجلاً من بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار ، فقال : ائتني بالشهداء أشهدهم ، فقال : كفى بالله شهيدا ، قال : فائتني بالكفيل ، قال : كفى بالله كفيلا ، قال : صدقت ، فدفعها إليه على أجل مسمى ، فخرج في البحر ، فقضى حاجته ، ثم التمس مركباً يركبها ، يقدم عليه للأجل الذي أجله ، فلم يجد مركباً ، فأخذ خشبة ونقرها ، فأدخل فيها ألف دينار ، وصحيفة منه إلى صحابه ، ثم زجج موضعها ، ثم أتى بها البحر ، فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت تسلفت فلاناً ألف دينار فسألني كفيلا ، فقلت : كفى بالله كفيلا ، فرضي بك ، وسألني شهيداً فقلت : كفى بالله شهيداً ، فرضي بذلك ، وإني جهدت أن أجد مركباً أبعث إليه الذي له فلم أقدر ، وإني استودعكها ، فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه ، ثم انصرف ، وهو في ذلك يلتمس مركباً يخرج إلى بلده .
فخرج الرجل الذي كان أسلفه ، ينظر لعل مركباً قد جاء بماله ، فإذا بالخشية التي فيها المال ، فأخذها لأهله حطباً ، فلما نشرها وجد المال والصحيفة . ثم أقدم الذي كان أسلفه فأتى بالألف دينار ، فقال : والله ما زلت جاهداً في طلب مركبة لآتيك بمالك ، فما وجدت مركباً قبل الذي أتيت فيه ، قال : هل كنت بعثت إلي شيء ؟ قال : أخبرك أني لم أجد مركباً قبل الذي جئت فيه ‍‍‍‍‍‍‍. قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشية ، فانصرف بالألف دينار راشداً

وكذلك منها رد الديون إلى أصحابها :
        فإن النبي كان يكثر من دعائه فيقول: ((اللهم إني أعوذبك من المأثم والمغرم)) وسئل عن سبب إكثاره من هذا الدعاء، فقال: ((إن المرء اذا إستدان حدث فكذب، ووعد فأخلف))
       وفي الحديث : عليه الصلاة والسلام: ((مطل الغني ظلم)).
·        السر كذلك أمانة ، وإفشاؤه خيانة
، ولو حصل بينك وبين صاحبك خصام فهذا لا يدفعك لإفشاء سره ، فإنه من لؤم الطباع ، ودناءة النفوس ،
- قال صلى الله عليه وسلم : ( إذا حدث الرجل بحديث ثم التفت فهي أمانة ) ومن أشد ذلك إفشاء السر بين الزوجين .
- فعن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن من أعظم الأمانة عند الله يوم القيامة : الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ، ثم ينشر سره ). 
     
      أمانة المسؤوليات :
         قال صلى الله عليه وسلم: (ألا كلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راعٍ وهو مسئول عن رعيته، والرجل راعٍ على أهل بيته وهو مسئول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها (زوجها) وولده وهي مسئولة عنهم، والعبد راع على مال سيده وهو مسئول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) [متفق عليه].

      فعن أبي ذر قال: قلت يارسول الله ألا تستعملني – أي ألا تعطيني ولاية أو إمارة – قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: ((يا أبا ذر إنك ضعيف وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه))    

·        إن الكفاية العلمية أو العملية ليست لازمة لصلاح النفس، فقد يكون الرجل رضي السيرة حسن الإيمان، ولكنه لا يحمل من المؤهلات المنشودة ما يجعله منتجاً في وظيفة معينة، ألا ترى إلى يوسف الصديق؟ إنه لم يرشح نفسه لإدارة شؤون المال بنبوته وتقواه فحسب بل بحفظه وعلمه أيضاً. {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} (يوسف: 55)
·        ومن الأمانة ألا يستغل المرء مركزه لمنفعة شخصية له أو لأقربائه    

ضياع الأمانة ماذا يترتب عنه   :
      ضياع للدين وحلول للنفاق :     
  قال صلىالله عليه وسلم: (لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له)
-  قال صلىالله عليه وسلم  : آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان} متفق عليه. 

.خيانة عظمى لله ورسوله وللمومنين  :

    -  قال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أمانتكم وأنتم تعلمون} [الأنفال   

   -  قال رسول الله " صلى الله عليه وسلم :  " ( من أستعمل رجلاً على عصابة وفيهم من هو أرضى لله منه فقد خان الله ورسوله والمؤمنين )

    - وقال " صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً :  ( من ولى من أمر المسلمين شيئاً فأمر عليهم أحداً محاباة فعليه لعنة الله لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً حتى يدخله جهنم )

   -   وفي الحديث : ((من بات غاشا لرعيته لم يجد رائحة الجنة)).   

** قال الإمام الذهبي في كتاب الكبائر( ) : والخيانة في كل شيء قبيحة ، وبعضها شر من بعض ، وليس من خانك في فلس كمن خانك في أهلك ومالك ، وارتكب العظائم .
الضياع والشتات والفساد :    
والأُمَّة التي لا أمانة فيها هي الأُمَّة التي تعبث فيها الشفاعاتُ بالمصالح المقرَّرة، وتطيش بأقدار الرجال الأكْفَاء؛ لتهملهم وتُقَدِّم مَنْ دونهم..
ولذلك كلما قلَت الأمانة فسدت الحياة ،
     وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن زمان تقل فيه الأمانة حتى تندر فقال : {فلا يكاد أحد يؤدي الأمانة، حتى يقال: إن في بني فلان رجلا أمينا} متفق عليه.
     وأخبر صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم عن فساد الدنيا عندما يذهب خيار الناس ويبقى شرارهم الذين فسدت عهودهم وأماناتهم
    فقال: {كيف بكم وبزمان يوشك أن يأتي يغربل الناس فيه غربلة، ثم تبقى حثالة من الناس قد مرجت عهودهم وأماناتهم} رواه ابن ماجه  وصححه الألباني.
   عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِذَا ضُيِّعَتْ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ قَالَ كَيْفَ إِضَاعَتُهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ إِذَا أُسْنِدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرْ السَّاعَةَ)



0 comentarios:

Publicar un comentario