jueves, 8 de septiembre de 2011

الغيبة -أكل لحوم البشر-

0 comentarios
الغيبة من أخطر الامراض التي تنخر في المجتمع وتزعزع تماسكه وتدمر العلاقات .وقد فشا هذا المرض (الغيبة) في الناس فلا يكاد يخلو منه بر ولا فاجر ولا عالم ولا جاهل بل قد تمكن الشيطان في التدخل في هذه الجهة وأجلب بخليه ورجله من هذه الوجوه فيا مصيبتاه.
قل للمغتاب هل ترضى من عدوك هذا أن يغتابك ويظهر مساويك ما سترت كما أظهرت ما ستر من مساويه؟ هل تفرغت من عيوبك فأصلحتها؟ ومن نفسك فهذبتها؟ ومن سيئاتك فحسنتها؟ ومن غلطاتك فصححتها ؟ هل ربيت بنيك؟ وأدبت ذويك؟ وهل أصلحت فسادك وسددت أخطاءك؟ هل أصلحت عيوبك حتى تذكر عيوب غيرك؟
 
    - قال الحسن البصري وهو يكشف أهل زمانه وظهور الغيبة فيهم فكيف بزماننا : عاش المسلمون برهة من الزمن وإن الرجل ليحرم غيبة أخيه ودرهمه وسوطه أن يجده ملقى في الأرض حتى يرده عليه، فبيناهم كذلك إذا طعن الشيطان طعنة فنفرت القلوب فصارت وحشاً ،فإذا هو يستحل دم أخيه وماله، وهو بالأمس يحرم غيبته ودرهمه وسوطه.
ما هي الغيبة :
عرفها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((أتدرون ما الغيبة؟)) قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: ((ذكرك أخاك بما يكره)) .
قال زين الدين المعبيري: الغيبة وهي ذكرك أخاك بما يكره سواء كان في بدنه أو دينه أو دنياه أو خادمه أو عمامته أو غير ذلك.
صور الغيبة وما يدخل فيها :

     - ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغيبة إنما تقع فيما يكرهه الإنسان ويؤذيه فقال: ((بما يكره)).

 -   قال النووي في الأذكار مفصلاً ذلك: ذكر المرء بما يكرهه سواء كان ذلك في بدن الشخص أو دينه أو دنياه أو نفسه أو خلْقه أو خُلقه أو ماله أو والده أو ولده أو زوجه أو خادمه أو ثوبه أو حركته أو طلاقته أو عبوسته أو غير ذلك مما يتعلق به سواء ذكرته باللفظ أو الإشارة أو الرمز.
   -  قالت عائشة رضي الله عنها قلت للنبي r حسبك من صفية كذا وكذا؟ قال بعض الرواة : تعني قصيره فقال لها: «لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته» رواه أبو داود والترمذي.
ومن الصور التي تعد أيضاً في الغيبة قال النووي: ومنه قولهم عند ذكره : الله يعافينا ، الله يتوب علينا ، نسأل الله السلامة ونحو ذلك ، فكل ذلك من الغيبة .

 -    ومن صور الغيبة ما قد يخرج من المرء على صورة التعجب أو الاغتمام أو إنكار المنكر قال ابن تيمية: ومنهم من يخرج الغيبة في قالب التعجب فيقول : تعجبت من فلان كيف لا يعمل كيت وكيت... ومنهم من يخرج [النية في قالب] الاغتمام فيقول: مسكين فلان غمني ما جرى له وما ثم له.. .
  - قال الفضيل بن عياض : ربما قال الرجل لا إله إلا الله ، أو سبحان الله، فأخشى عليه النار، قيل : وكيف ذلك؟ قال: يغتاب بين يديه ويعجبه ذلك. فيقول: لا إله إلا الله، وليس موضعه ، إنما هذا أن ينصح له في نفسه ويقول له: اتق الله.
التغليظ في تحريم الغيبة وكونها من الكبائر :
·        فالذي يتكلم في أعراض الناس كالذي يأكل لحمهم :
-  قال تعالى:  (أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا فكرهتموه).
  -  عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله r قال:«لما عرج بي مررت بقوم لهم أظفار من نحاس يخمشون بها وجوههم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ فقال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضهم». سنن أبي داود [4878].
  -  عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «كنا عند النبي r فقام رجل فوقع فيه رجل من بعده، فقال له النبي r : تخلل، قال :مم أتخلل؟ ما أكلت لحماً: إنك أكلت لحم أخيك» صححه الألباني رحمه الله.
- أضاف إبراهيم بن أدهم أناسا فلما قعدوا على الطعام جعلوا يتناولون رجلاً بالغيبة، فقال إبراهيم: إن الذين كانوا قبلنا يأكلون الخبز قبل اللحم وأنتم بدأتم باللحم قبل الخبز.
  -  سئل الإمام الشهاب العابر المقدسي الحنبلي: عن رجل يقول رأيت كاني آخذ لحوم الناس ودماميلهم وأطعم لحم كل واحد الآخر.
   فقال له الشهاب العابر: «تتكلم في عرض هذا عند هذا..» كتاب البدر المنير 259.

·        الذي يغتاب الناس لا ينفعه عمل ولا يلحقه من الله رضا :

    - روي أن امرأتين صامتا على عهد رسول الله r ، كانتا تغتابان الناس، فأخبر بذلك النبي r فقال: «صامتا عما أحل الله لهما، وأفطرتا على ما حرم الله عليهما» رواه الإمام أحمد في المسند.
   -  وقد روي عن بعض أئمة السلف: أنه يتوضأ من الغيبة كما يتوضأ من الحدث ومن أغتاب منهم وهو صائم قضى صيام يومه.
-  قال رسول الله rأياكم والغيبة، فإن الغيبة أشد من الزنا، إن الرجل قد يزني فيتوب فيتوب الله عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حتى يغفر له صاحبه» أورده ابن الجوزي في كتاب (منهاج القاصدين 2/675).
  - قال عمر بن عبدالعزيز  أياك أن تقابل من ظلمك بسب أو شتم أو غير ذلك، وذلك أنه يظلمك مرة فتصير تلعنه وتشتمه كلما تذكرت فعله حتى تستوفي بذلك حقك ويصير عليك بعد ذلك التبعة.
     -  وقيل: مثل الذي يغتاب الناس كمثل من نصب منجنيقاً يرمى به حسناته شرقاً وغرباً، يغتاب واحد سانياً وآخر حجازياً  وآخر تركياً فيفرق حسناته، ثم يقوم ولا شيء معه.
     -  قيل: يؤتى العبد يوم القيامة كتابه، فلا يرى فيه حسنة، فيقول: أين صلاتي وصيامي وطاعتي؟ فيقال له :لقد ذهب عملك كله باغتيابك الناس.
     -  وقد نام شقيق البلخي ليلة عن ورده فعاتبته امرأته، فقال: لا تعاتبيني بأن نمت عن وردي هذه الليلة ، فإن غالب علماء بلخ وزهادها يصلون لي ويصومون ويفعلون، فقالت له: وكيف ذلك؟ قال: يبيت أحدهم يصلي طوال الليل ويصبح صائماً طول النهار ثم ينال من عرض شقيق ويأكل من لحمه فتكون حسناتهم كلها في ميزانه.
·        نقل الاجماع على تحريم الغيبة وكونها من الكبائر :

 لذلك نقل القرطبي الاتفاق على كونها من الكبائر لما جاء فيها من الوعيد الشديد في القرآن والسنة ولم يعتد رحمه الله بخلاف بعض أهل العلم ممن قال بأنها من الصغائر  و هو قول جماهير أهل العلم.
    - وقد فصل ابن حجر محاولاً الجمع بين الرأيين فقال: فمن اغتاب ولياً لله أو عالماً ليس كمن اغتاب مجهول الحالة مثلاً.
    -  فيرى عن أحمد بن الحكم الصاغاني قال جاء رجل إلى ابن حميد قال: إني اغتبت أسود بن سالم، فأتيت في منامي، فقيل لي: تغتاب ولياً من أولياء الله لو ركب حائطاً ثم قال سر لسار.
     - وقد روى عن النبي r أنه قال لمعاذ  رضي الله عنه :«أقطع لسانك عن حملة القرآن، وطلاب العلم، ولا تمزق الناس بلسانك فتمزقك كلاب النار» أخرجه الربيع بن حبيب في المسند

وقد قالوا: ضابطها ذكر الشخص بما يكره ، وهذا يختلف باختلاف ما يقال فيه ، وقد يشتد تأذيه بذلك .(أي تشتد خطورة على حسب ما يقال وشناعته) فمن يتكلم على حذاء فلان ونعله لا كمن يتكلم في دينه وعرضه ).

ماذا يجب علينا تجاه مجالس الغيبة :
·        الدفاع عن المغتاب وعدم المضي مع المغتابين فيما يذهبون إليه:
     -  قال النبي r :«من ذب عن لحم أخيه بظهر الغيب، كان حقاً على الله أن يحرم لحمه على النار» وورد بلفظ «من ذب عن عرض أخيه بالغيبة». وصححه الألباني في الجامع الصغير [40 ، 6].
  -  وروى الطبراني عن النبي r أنه قال: « من أذل مؤمن وهو يقدر على أن ينصره فلم ينصره أذله الله عز وجل يوم القيامة على رؤوس الخلائق».
   - قال النبي r : «ما من امرئ يخذل أمراً مسلماً في موضع تنتهك فيه حرمته، وينتقص فيه من عرضه، إلا  خذله الله في موظن يحب فيه نصرته، وما من امرئ ينصر مسلماً في موضع ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته، إلا نصره الله في موطن يحب نصرته)، رواه أحمد وأبو داود.
    -  ذكر عن عيسى بن مريم عليه السلام أنه قال لأصحابه: أرأيتم لو أتيتم على رجل نائم قد كشف الريح عن بعض عورته، كنتم تسترون عليه؟ قالوا نعم، قال: بل كنتم تكشفون البقية، قالوا: سبحان الله كيف نكشف البقية . قال: أليس يذكر عندكم الرجل فتذكرونه بأسوأ ما فيه، فأنتم تكشفون بقية الثوب عن عورته.
·        القيام من المجلس الذي فيه غيبة :
  -  قال تعالى : ( وإذا رأيت الذي يخوضون في آياتنا فأعرض عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره )
     -  قال القرطبي رحمه الله تعالى : فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم يكون معهم في الوزر فإن لم يقدر على النكير فينبغي أن يقوم فمستمع الغيبة والمغتاب شريكان فكما يحرم على المغتاب الغيبة يحرم على السامع استماعها وإقرارها.
-          روي أن الله تعالى أوحى إلى موسى عليه السلام: طهر لسانك وقلبك من الغيبة. قال: موسى عليه السلام: يا رب كيف أطهر قلبي؟ قال: إذا سمعت في مكان غيبة فلا ترض بقلبك ، وتحول عن مكانك.
أسباب غيبة الناس وهتك أعراضهم :
·        ضعف الإيمان وحلول النفاق :
-  حادثة الإفك وكيف فتن المنافقون المسلمين في عرض أم المؤمني عائشة .
     ** ولما عثرت أم مسطح في مرطها، وقالت تعس مسطع قالت لها عائشة رضي الله عنه : بئس ما قلت، أتسبين رجلاً شهد بدراً مع النبيr؟

ونفهم من هذه القصة أن الغيبة معول هدم وشر مستطير وفتنة أيما فتنة . وباعثة  على قطع أواصر المحبة ما بين أفراد المجتمع
- قال أحد السلف : إذا رأيت قساوة في قلبك ووهنا في الطاعة وحرماناً في رزقك فاعلم أنك تكلمت في عرض أحد أخوانك.
-  قال رسول الله r :« يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته» أخرجه الإمام أحمد (13340).
-  قال الحسن: ابن آدم لن تصيب حقيقة الإيمان حتى لا تعيب الناس بعيب هو فيك، وحتى تبدأ بنفسك، وأحب العباد إلى الله من كان كذلك.
·        موافقة الأقران والجلساء ومجاملتهم :
- قال الله على لسان أهل النار {وكنا نخوض مع الخائضين} [المدثر:45]
            قال قتادة في تفسير الآية : كلما غوى غاو غوينا معه .
-  وفي الحديث : (( ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكله الله إلى الناس)) .
-  وقال تعالى: { فويل يومئذ للمكذبين الذين هم في خوض يلعبون} قال ابن كثير : أي هم في الدنيا يخوضون في الباطل .
·        أن يكون دافعه الحسد حيث لم يبلغ مبلغ الذي يغتابه ولم يحقق ما يحققه ولم يصل إلى مستواه :
- قال أبي الحسن سلام الأشبيلي: الغيبة تدل على الحسادة والبغي وتدخل مداخل النميمة والسعي وتنبئ عن غائلة وحقد، وتكشف عن خبث وعقد.
    - قال عباد بن زكريا حدثنا عوف قال: وجدت في كتاب وهب بن منبه: إن للحاسد ثلاث علامات يتملق إذا شهد ويغتاب إذا غاب ويشمت بالمصيبة.
   -  قال ابن عبد البر: والله لقد تجاوز الناس الحد في الغيبة والذم . . . وهذا كله بحمل الجهل والحسد
·        أن يكون هذا الامر كنوع من التنفيس عن غضب حدث نتيجه لمشكله حصلت بينهم  واراد الانتقام بان يبين انه الافضل ويظهر انه الحمل الوديع الذي يجب ان يلتف الناس حوله وهذا النوع هو من اضعف انواع البشر واجبنهم فهم لا يقوون على المواجهه وحل النزاعات بصوره سلميه.
·        أن يكون صاحب الغيبة مدفوعا من جهة (إما بمال أومن أجل مصلحة ، أو مغرورا به ...) لا يدري حتى ما يقول وربما لا يعرف حتى الذي يغتابه  ولم يجالسه في حياته ولا يعرف عليه شيئا وربما لو جالسه ساعة لتراجع عن كل تهمه وكلامه...
من الذي تجوز غيبته :
    -  وروي عن رسول الله r أنه قال «ثلاثة لا غيبة فيهم: الإمام الجائر، وشارب الخمر ، والمعلن بفسقه» أورده صاحب كتاب كشف الخفا من قول سفيان بن عينية 2./224
    -  وعن أنس بن مالك قال رسول الله r :«من ألقى جلباب الحياء عن وجهه فلا غيبة له» الحديث أخرجه ابن عدي وأبو الشيخ في كتاب ثواب  الأعمال عن أنس بسند ضعيف.


0 comentarios:

Publicar un comentario