jueves, 28 de julio de 2011

شهر رمضان كيف نستقبله ؟

0 comentarios
 لا شك -أيها الإخوة- أن هذا الخبر الذي نترقبه وننتظره هو من أعظم ما يُفرح به قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [يونس:58].
وقد خرج ابن أبي الدنيا والطبراني وغيرهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده وسلوا الله أن يستر عوراتكم ويؤُمن روعاتكم" (ضعيف الجامع).


وفي الطبراني من حديث محمد بن مسلمة مرفوعًا: "إن لله في أيام الدهر نفحات فتعرضوا لها، فلعل أحدكم أن تصيبه نفحة فلا يشقى بعدها أبدًا" (صحيح الجامع).

·        والناس عند قدوم رمضان صنفان :
صنف فرح :
لكن أسباب الفرحة تتفاوت تفاوتاً عظيماً.
-         فمن الناس من يكون فرحه بدخول هذا الشهر؛ لأنه تاجر يعتقد أنه سوف ينمي بضاعته ويروجها في هذا الشهر... فهذا همه الدنيا فقط .
-         ومن الناس من تكون فرحته فرحة العابث اللاهي الذي لا يذكر من رمضان إلا إيقاد المصابيح، وسهر الليالي، والجلسات الطويلة المتصلة
-         ومن الناس من يكون فرحه فرح الصبيان الذين لا يذكرون من شهر رمضان إلا ألوان الأطعمة المتميزة التي يتعاطونها في هذا الشهر الكريم.
  ومن الناس من يفرحون برمضان، كما كان يفرح به أصحاب محمد -عليه الصلاة والسلام- فكان -عليه الصلاة والسلام- إذ يبشرهم برمضان، لم يجد ما يبشرهم به في مقدم هذا الشهر الكريم، إلا ما رواه أبو هريرة رضي الله عنه في صحيح البخاري وصحيح مسلم أن النبي e كان يقول لأصحابه: {فُتِحَتْ أبوابُ الجنة، وغُلِّقَتْ أبوابُ النيران، وصُفِّدَتِ الشياطينُ ومَرَدَةُ الجن}
      - وفي رواية الترمذي : {إذا كان أول ليلة من رمضان غُلِّقَتْ أبوابُ النار؛ فلم يُفتح منها باب، وفُتِحَتْ أبوابُ الجنة؛ فلم يُغلق منها باب، وينادِي منادٍ: يا باغي الخير هَلُمَّ وأقبل، ويا باغي الشر أقصر، ولله في كل ليلة عتقاءُ من النار}.
وهؤلاء عودوا أنفسهم على الصيام والطاعة:
  -  يروى أن قوماً من السلف باعوا جارية لهم فاشتراها رجل، فلما أقبل رمضان بدأ يتهيأ بألوان المطعومات والمشروبات لاستقبال شهر رمضان -كما يصنع الناس في هذا الزمان- فقالت لهم: لماذا تصنعون هذا؟!
قالوا: نصنعه لاستقبال رمضان. قالت: وأنتم لا تصومون إلا في رمضان! والله لقد جئت من عند قومٍ السنة عندهم كأنها رمضان، لا حاجة لي إليكم ردوني إليهم. فرجعت إلى سيدها الأول.
    - ويروى أن الحسن بن صالح وكان من الزهاد العباد الورعين الأتقياء، كان يقوم الليل هو وأخوه وأمه أثلاثاً، يقوم ثلثاً ويقوم أخوه ثلثاً آخر وتقوم أمه الثلث الباقي، فلما ماتت أمه تناصف هو وأخوه الليل، فصار يقوم نصفه ويقوم أخوه النصف الآخر، فلما مات أخوه نقل عنه أنه كان يقوم الليل كله.
  -  قيل: إن الحسن بن صالح هذا باع أمةً له، فلما انتصف الليل عند سيدها الجديد، قامت في وسط الدار وصاحت: يا قوم، الصلاة الصلاة، فقاموا فزعين، وقالوا: هل طلع الفجر؟! قالت: وأنتم لا تصلون إلا المكتوبة!! فلما أصبحت رجعت إلى سيدها، وقالت: لقد بعتني على قوم سوء، بعتني على قومٍ لا يصلون إلا الفريضة، ولا يصومون إلا الفريضة، لا حاجة لي إليهم ردوني ردوني، فردها.
-    وكان مجمع التيمي - رحمه الله - يصوم في الصيف حتى يسقط.
  -   وكانت بعض الصالحات تتوخى أشد الأيام حرا فتصومه فيقــال لها في ذلك ، فتقول : إن السعر إذا رخص اشتراه كل أحد. في إشارة إلى إنها لا تؤثر إلا العمل الذي لا يقدر عليه إلا قليل من الناس لشدته عليهم، وهذا من علو الهمة
  -  وعن ابن سيرين قال: خرجت أمّ أيمن مهاجرة إلى الله ورسوله وهي صائمة ليس معها زاد، ولا حمولة، ولا سقاء، في شدّة حرّ تهامة، وقد كادت تموت من الجوع والعطش ، حتى إذا كان الحين الذي يفطر فيه الصائم سمعت حفيفا على رأسها، فرفعت رأسها فإذا دلْوٌ معلّق برشاء أبيض، قالت : فأخذته بيدي فشربت منه حتى رويت، فما عطشتُ بعد، فكانت تصوم وتطوف لكي تعطش في صومها فما قدرت على أن تعطش حتى ماتت\" مصنف عبد الرزاق 4/309.
    السبب الآخر: أنهم يدركون أن هذا الشهر من أعظم مواسم الطاعات والتنافس في القربات: {وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ}[المطففين:26] ويعلمون أن الله عز وجل يجري فيه من الأجور ما لا يجري في غيره من الشهور، ولذلك يفرحون بقدومه فرح الغائب بقدوم غائبه وحبيبه، وهؤلاء لا شك همُ المؤمنون الصادقون، نسأل الله أن يجعلنا منهم.

قومٌ كارهون
وفي مقابل ذلك تجد طائفةً أخرى من الناس يستثقلون هذا الشهر الكريم، ويستعظمون نـزوله بهم إذا نـزل، فهو كالضيف الثقيل، ثم يعدون أيامه وساعاته ولياليه، وهم يعيشون على أعصابهم، ويفرحون بكل يومٍ يمضي وليلة تفوت
-    لأنهم أولاً: اعتادوا على اللذات، والشهوات، من التوسع في المأكل والمشرب والملبس والمنكح، وغيرها.... فضلاً عن اللذات المحرمة، فوجدوا في هذا الشهر مانعاً وقيداً يحبسهم ويحول بينهم وبين لذاتهم؛ فاستثقلوه واستطالوا أيامه ولياليه.
    -   ثانياً: لأنهم قومٌ عظم تقصيرهم في الطاعات، حتى إن منهم من لا يؤدي الصلاة، ومنهم من يقصر كثيراً في حقوق الله، فإذا جاء هذا الشهر التزموا ببعض العبادات، فلم يجد حلاوتها فاستثقلوها ...
بماذا نستقبل رمضان :
معاتبة النفس حقيقة ومحاسبتها على ما مضى  :
كم سنة أدركتِ رمضان، ثم خرجتِ منه كما دخلتِ فيه
هل زادت العبد قرباً من الله عزَّ وجلَّ؟!  /  هل زادته بصيرة في نفسه؟ هل زادته خوفاً من الله؟!   /   هل زادته رغبة في الجنة؟!   /   هل زادته خوفاً من النار؟!  /  هل زادته إقبالاً على الطاعة؟!   /  هل زادته إعراضاً عن المعصية؟!   /   هل زادته زهداً في الدنيا؟!
     - قال ابن الخراط- في كتابه الصلاة والتهجد- كتب الحسن البصري إلى عمر بن عبد العزيز- رحمهما الله- : أما بعد، فإنه من حاسب نفسه ربح ومن غفل عنها خسر، ومن نظر العواقب نجا، ومن أطاع فهو أفضل، ومن حلُم غنم، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم، ومن فهم علم، فإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فَسَلْ، وإذا غضبت فأمسك، واعلم أن أفضل الأعمال ما أُكرهم النفسُ عليه.
ومن ذلك يجب :
v    أن تعد  بيانا عن عيوبك وذنوبك المستعصية
من ذا الذي ترجى سجاياه كلها       كفى بالمرء نبلاً أن تعد معايبه

شهر رمضان فرصة سانحة لعلاج الآفات والمعاصي والعادات، إنه شهر حمية أي امتناع      -  والشهوات (طعام وجماع) والشهوات مادة النشوز والعصيان
-  كما أن الشياطين فيه تصفّد وهم أصل كل بلاء يصيب ابن آدم،
- أضف إلى ذلك: جماعية الطاعة، حيث لا يبصر الصائم في الغالب إلا أمةً تصوم وتتسابق إلى الخيرات فتضعف همته في المعصية وتقوى في الطاعة
روى الطبراني بسند ضعيف عن النبي r: "بعدًا لمن أدرك رمضان فلم يغفر له، إذا لم يفغر له فمتى؟"
وروى أيضا بإسناد فيه نظر عن عبادة بن الصامت مرفوعًا: "أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحُطُّ الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بكم ملائكته فأروا الله من أنفسكم خيرًا فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله" الحديث.
v  التوبة النصوح من كل الآثام وتطهير القلب ليستقبل رحمة الله :

-         عقد العزم وتحريك الهمم والمنافسة في الخيرات :

وعلى قدر نفاسة الهمة تشرئب الأعناق، وعلى قدر خساستها تثَّاقل إلى الأرض، قال الشاعر:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم      وتأتي على قدر الكرام المكارم

قال الحسن: من نافسك في دينك فنافسه، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره.
وقال وهيب بن الورد: إن استطعت ألا يسبقك إلى الله أحد فافعل، وقال الشيخ شمس الدين محمد بن عثمان التركستاني: ما بلغني عن أحد من الناس أنه تعبد عبادة إلا تعبدت نظيرها وزدت عليه.
وعن فاطمة بنت عبد الملك زوج أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله قال: ما رأيت أحدًا أكثر صلاة ولا صيامًا منه ولا أحدًا أشد فرقًا من ربه منه، كان يصلي العشاء ثم يجلس يبكي حتى تغلبه عيناه ثم ينتبه فلا يزال يبكي تغلبه عيناه، ولقد كان يكون معي في الفراش فيذكر الشيء من أمر الآخرة فينتفض كما ينفض العصفور من الماء ويجلس يبكي فأطرح عليه اللحاف.
وكان أبو مسلم الخولاني قد علق سوطًا في مسجد بيته يخوّف به نفسه، وكان يقول لنفسه: قومي فوالله لأزحفن بك زحفًا، حتى يكون الكلل منك لا مني، فإذا دخلت الفترة (الفتور) تناول سوطه وضرب به ساقه، وقال: أنت أولى بالضرب من دابتي، وكان يقول: أيظن أصحاب محمد r أن يستأثروا به دوننا؟ كلا والله لُتُزاحمَنَّهم عليه زحامًا حتى يعلموا أنهم قد خلفوا وراءهم رجالاً.
تعظيم النية :
     - قال الإمام أحمد: أحب لكل عمل مِن صلاة، أو صيام، أو صدقة، أو نوع من أنواع البر.. أن تكون النية متقدمة في ذلك قبل الفعل. قال النبي e: "الأعمالُ بالنياتِ.."؛ فهذا يأتي على كل أمر من الأمور.
    - وقال الفضل بن زياد: سألت أبا عبد الله (يعني أحمد بن حنبل) عن النية في العمل، قلتُ: كيف النية؟ قال: يعالج نفسه إذا أراد عملاً؛ لا يريد به الناس.
قال الثوري: كانوا يتعلمون النية للعمل كما تتعلمون العمل. وقال بعض العلماء: اطلب النية للعمل قبل العمل، وما دمت تنوي الخير فأنت بخير.
     وكان بعض المريدين يطوف على العلماء يقول: مَن يدلني على عمل لا أزال فيه عاملا لله تعالى؛ فإني لا أحب أن يأتي عليّ ساعة من ليل أو نهار إلا وأنا عامل من عمال الله؟ فقيل له: قد وجدت حاجتك.. اعمل الخير ما استطعت، فإذا فترتَ أو تركتَه؛ فهِمّ بعمله؛ فإنَّ الهامَّ بعمل الخير كعامله.
    وكتب سالم بن عبد الله إلى عمر بن عبد العزيز: اعلم أن عون الله تعالى للعبد على قدر النية، فمَن تمت نيته تم عون الله له، وإن نقصت نقص بقدره.] [الإحياء]
     وقال سفيان الثوري: ما عالجت شيئًا أشد عليّ مِن نيتي، لأنها تتقلب عليّ!
     وقال مُطَرِّف بن عبد الله: صلاح العمل بصلاح القلب، وصلاح القلب بصلاح النية، ومَن صفا صُفِّي له، ومَن خلَّط خُلِّط عليه.
وقال عبد الله بن المبارك: رُبَّ عمل صغير تعظمه النية، ورُبَّ عمل كبير تصغره النية..
     ذكر ابن أبي الدنيا عن معقل بن عبيد الله الجزري قال: كانت العلماء إذا التقوا تواصوا بهذه الكلمات، وإذا غابوا كتب بها بعضهم إلى بعض أنه: مَن أصلح سريرته أصلح الله علانيته، ومَن أصلح ما بينه وبين الله كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومَن اهتم بأمر آخرته كفاه الله أمر دنياه.
     ومَن علم الله صدق باطنه أعانه على ظاهره، وبلغه المراد؛ فإنما يتعثر مَن لم يخلص. والصادق الموفق يزين سريرته للحق كما يزين علانيته للخلق.
فأسـاسُ أعمــالِ الورى نِـيَّــاتُــهم         وعلى الأسـاسِ قواعــدُ البُـنيـانِ

كلمة أخيرة :
فإنّ رأس مالنا الأوقات واللحظات، وكل نَفَس مِن أنفاس العمر جوهرة نفيسة نستطيع أنْ نشتري بها كنزًا لا يفنى أبد الآباد، وتضييعه وخسارته، أو اشتراء صاحبه به ما يجلب هلاكه لا يسمح به إلا أقل الناس عقلاً، وأكثرهم حمقًا
     وقال سعيد بن جبير: كل يوم يعيشه المؤمن غنيمة.
     قال ابن عطاء الله السكندري: رُبَّ عُمر اتسعت آمادُه، وقلَّت أمدادُه. ورُبَّ عُمر قليلة آمادُه، كثيرة أمدادُه
     وكتب بعض السلف إلى أخ له: ياأخي! يُخيل لك أنك مقيم؛ بل أنت دائب السير، تُساق مع ذلك سوقًا حثيثًا.. الموت متوجه إليك، والدنيا تُطوَى مِن ورائك، ومامضى من عمرك فليس بعائد عليك إلى يوم التغابن.
     عن ابن مسعود t أنه كان يقول: إنكم في ممر الليل والنهار في آجال منقوصة وأعمال محفوظة، والموت يأتي بغتة.. فمَن زرع خيرًا فيوشك أن يحصد رغبة.. ومَن زرع شرًّا فيوشك أن يحصد ندامة.. ولكل زارع ما زرع.
كان الحسن البصري يشيع جنازة، فأخذ بيد رفيقه قائلا: ماذا يفعل هذا الميت إذا عاد إلى الحياة؟! فقال: يكون أفضل مما كان قبل الموت. فقال الحسن: فإنْ لم يكن هو فكن أنتَ..


0 comentarios:

Publicar un comentario