lunes, 20 de junio de 2011

من فقه الأولويات - 2 - أولوية عمل القلوب على عمل الجوارح

0 comentarios
فإن الأعمال القلبية لها منزلة وقدر، وجلالة ومكانة عظيمة في الدين؛ فهي في الجملة أعظم من أعمال الجوارح-

ولربما قيل له قلب لكثرة تقلبه، فهو كثير التقلب بالخواطر والواردات والأفكار والعقائد، ويتقلب على صاحبه في النيات والإرادات كثيراً، كما أنه كثير التقلب من حال إلى حال، يتقلب من هدى إلى ضلالة، ومن إيمان إلى كفر أو نفاق، ولهذا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ أَنْ يَقُولَ: [ يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ]

·        منزلة القلب :  
كما يقول العز بن عبد السلام في [قواعد الأحكام 1 / 167]: مبدأ التكاليف كلها وهو مصدرها، وصلاح الأجساد موقوف على صلاحه وفساد الأجساد موقوف على فساده، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: [... أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ ] رواه البخاري ومسلم.
ويقول ابن رجب رحمه الله في شرح هذا الحديث: [ ...أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً ] يقول: ' إن فيه إشارة إلى أن صلاح حركات العبد بجوارحه، واجتنابه للمحرمات، واتقاءه للشبهات بحسب صلاح حركة قلبه، فإن كان قلبه سليماً ليس فيه إلا محبة الله ومحبة ما يحبه الله وخشية الله وخشيته الوقوع فيما يكرهه؛ صلحت حركات الجوارح كلها، ونشأ عن ذلك اجتناب المحرمات كلها، وتوقي الشبهات حذراً من الوقوع في المحرمات. وإن كان القلب فاسداً قد استولى عليه اتباع هواه وطلب ما يحبه ولو كرهه الله؛ فسدت حركات الجوارح كلها، وانبعث إلى كل المعاصي والمشتبهات بحسب اتباع الهوى هوى القلب ' [جامع العلوم والحكم 1 / 210].
 وكان يقول  سلمان الفارسي رضي الله عنه في كلمة مختصرة جليلة، يعبر بها عن معنى كبير يقول:' لكل امرئ جواني وبراني – جواني يعني: الداخلي، والبراني: هو الخارجي – لكل امرئ جواني وبراني فمن يصلح جوانيه يصلح الله برانيه ومن يفسد جوانيه يفسد الله برانيه'[ الزهد لابن المبارك 'زيادات نعيم بن حماد' ص 17] ..
     سادسا : أنها سبب المراتب العالية في الجنة:
 فالحب في الله عبادة قلبية محضة،
وقد صح من حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [ إِنَّ لله جُلَسَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَنْ يَمِينِ الْعَرْشِ وَكِلْتَا يَدَي الله يَمِينٌ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ وُجُوهُهُمْ مِنْ نُورٍ لَيْسُوا بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ وَلَا صِدِّيقِينَ] قِيلَ يَا رَسُولَ الله مَنْ هُمْ قَالَ: [ هُمْ الْمُتَحَابُّونَ بِجَلَالِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى] رواه الطبراني في الكبير12/134
    ثانيا -  أن العبادات القلبية أشق من عبادات الجوارح:
   -  فما أسهل الصلاة والصوم والرحلة الى الحج ولكن ما أصعب الاخلاص في كل ذلك .  -  وما أصعب ترك الناس وأحوالهم والحب لهم ما تحبه لنفسك .
يقول يونس بن عبيد رحمه الله - وقد كتب إليه أحد إخوانه يسأله عن مسائل فقال يونس- :'أتاني كتابك تسألني أن أكتب إليك بما أنا عليه : أخبرك بأني عرضت على نفسي أن تحب للناس ما تحب لها، وتكره للناس ما تكره لها، فإذا هي عن ذلك ، ثم عرضت عليها مرة أخرى ترك ذكرهم إلا من خير لا أذكرهم لا أتكلم بهم بسوء ، فوجدت الصوم في اليوم الحار أيسر عليها من ذلك – هذا أمري يا أخي والسلام'
   ثالثا -  أن العبادات القلبية أجمل أثراً من عبادات الجوارح بل هي مُجَمِّلَةٌ لعبادات الجوارح: (تذوق لذة العبادة)
كان بعض السلف يقول: 'مساكين أهل الدنيا خرجوا من الدنيا وما ذاقوا أطيب ما فيها، قالوا:وما أطيب ما فيها؟ قال:محبة الله والأنس به والشوق إلى لقائه والإقبال عليه والإعراض عما سواه' [تهذيب مدارج السالكين ص 245] .
   رابعا : أن العبادات القلبية قد تكون في بعض الأحيان معوضة للعبد عن عبادات الجوارح:  
 - جاء رجال للنبي صلى الله عليه وسلم ليحملهم في الغزو فقال:لا أجد ما أحملكم عليه فيتولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ألا يجدوا ما ينفقون، فهؤلاء كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: [ مَا سِرْتُمْ مَسِيرًا وَلَا قَطَعْتُمْ وَادِيًا إِلَّا شَرِكُوكُمْ فِي الْأَجْرِ] رواه مسلم وابن ماجة وأحمد .:
    خامسا : أن أعمال الجوارح كما ذكر ابن القيم رحمه الله- في مدارج السالكين - لها حد معلوم وأما أعمال القلوب لا حد لها بل تضاعف أضعافاً:
وذلك لأن أعمال الجوارح مهما كثرت وعظمت لها وقت معلوم، الصلاة لها وقت، والصيام له وقت، والحج له وقت وله حد محدود. أما العبادات إذا كانت متعلقة بالقلب-العبادات القلبية- فإنها تكون حالاً ملازمة للعبد في صحوه ونومه، وصحته ومرضه، وصفائه وكدره، وفي جميع أموره

وكم من أقوام طرق أسماعهم القرآن، وسمعوا النبي صلى الله عليه و سلم يدعوهم إلى الإيمان والتوحيد، فكبهم الله عز وجل في النار على وجوههم، وكم من أقوام سمعوا كلمة واحدة، فقلب ذلك حياتهم رأساً على عقب، فتحولت أمورهم وأحوالهم، وتبدلت شئونهم، وتركوا الملذات والشهوات التي حرمها الله عز وجل بسبب كلمة واحدة سمعوها، وما ذلك إلا لصلاح القلب، أو فساده، فحق لهذا المحل الشريف أن يعتني به غاية العناية،
       - وإذا كان القلب فاسداً، فلربما سجد صاحبه وركع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الدرك الأسفل من النار كعبد الله بن أبي بن سلول ومن معه من المنافقين،
 يقول الحسن البصري رحمه الله :' داو قلبك فإن حاجة الله إلى عباده صلاح قلوبهم، إن الله لا ينظر إلى أجسامكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم – وأشار بأصبعه إلى صدره- وأعمالكم' .
وقد كان رحمه الله يجلس في مجلس خاص في منزله لا يتكلم فيه عن شئ إلا في معاني الزهد والنسك والرقاق، والقضايا المتعلقة بالأعمال القلبية، فإن سئل سؤالاً يتعلق بغيرها في ذلك المجلس تبرم، وقال:' إنما خلونا مع إخواننا نتذاكر'

لماذا كانت أعمال القلوب أولى من أعمال الجوارح :

1)    لأن اختلال العبادات القلبية لربما هدم العبادات التي تتعلق بالجوارح: ومن أمثلة ذلك:

-         الإخلاص: وهو عمل قلبي، فإذا زال الإخلاص من قلب العبد، فوقع في الشرك، أو إذا وقع في النفاق الأكبر؛ فإن إيمانه يضمحل، وإذا وقع في الرياء؛ فإن إيمانه يختل، وذلك العمل الذي خالطه الرياء يكون باطلاً؛ فالله طيب لا يقبل طيباً كما قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: [أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنْ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلًا أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ] رواه مسلم

-         التواضع: وهو عمل قلبي يظهر أثره على الجوارح، ما الذي يبطله ويفسده؟ الكبر، والكبر هو تعاظم في القلب يظهر أثره على جوارح الإنسان، فهذا يدل على اختلال عبادة التواضع- وهي عبادة قلبية- لداء الكبر، ومعلوم أن الكبر مانع من دخول الجنة .

-         الحسد: داء قلبي، وعلة من علل القلوب تفسد القلب، وهو يُذْهِبُ ما يجب على المؤمن من صفاء قلبه لإخوانه المسلمين

0 comentarios:

Publicar un comentario