lunes, 20 de junio de 2011

في فقه الأولويات في الدين 1

0 comentarios
أن القيم والأحكام والأعمال والتكاليف متفاوتة في نظر الشرع تفاوتًا بليغًا، وليست كلها في رتبة واحدة، فمنها الكبير ومنها الصغير، ومنها الأصلي ومنها الفرعي، ومنها الأركان ومنها المكملات، ومنها ما موضعه في الصلب، وما موضعه في الهامش، وفيها الأعلى والأدنى والفاضل والمفضول.

·        وهذا واضح من النصوص نفسها:

 كما في قول الله تعالى : (أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ اللّهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ . الَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ اللّهِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ) (التوبة: )

وقول الرسول الكريم : (الإيمان بِضْع وسبعون ُ شعْبة : أعلاها "لا إله إلا الله "، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق).

وقد كان الصحابة رضي الله عنهم حريصين كل الحرص على أن يعرفوا الأَوْلى من الأعمال، ليتقرَّبوا إلى الله تعالى به، ولهذا كثرت أسئلتهم عن أفضل العمل، وعن أحب الأعمال إلى الله تعالى، كما في سؤال ابن مسعود وأبى ذر وغيرهما، وجواب النبي (صلى الله عليه وسلم ).

ولذا كثر في الأحاديث: أفضل الأعمال كذا، أو أحب الأعمال إلى الله كذا وكذا.
-         مثل رواية : عمرو بن عَبَسة -رضي الله عنه - قال : قال رجل :يا رسول الله، ما الإسلام؟ قال : (أن يسلم لله قلبك، وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك؟ قال : فأيّ الإسلام أفضل؟ قال : (الإيمان)، قال : وما الإيمان؟ قال : (أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، والبعث بعد الموت ) قال: فأيّ الإيمان أفضل؟ قال : (الهجرة)، وقال : وما الهجرة؟ قال (أن تهجر السُّوء )، قال : فأي الهجرة أفضل؟ قال : (الجهاد)، قال : وما الجهاد؟ قال (أن تقاتل الكفار إن لقيتهم )، قال : فأي الجهاد أفضل؟ قال: (من عُقر جواده وأُهريق دمه).

وذكرت بعض الأحاديث نسبة، مثل  - (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ (الفرد) بسبع وعشرين درجة) - (سبق درهم مائة ألف درهم )، - (رباط يوم وليلة خير من صيام شهر وقيامه ) -  (إن مقام أحدكم في سبيل الله أفضل من صلاته في بيته سبعين عامًا).
·        وفي الجانب المقابل وضعت معايير لبيان الأعمال السيئة، كما بينت تفاوتها عند الله، من كبائر وصغائر، وشبهات ومكروهات، وذكرت أحيانًا بعض النسب بين بعضها وبعض، مثل :

-         (درهم ربا يأكله الرجل، وهو يعلم، أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية).

·        وحذَّرت من أعمال اعتبرها شرًا من غيرها، وأسوأ مما سواها، مثل حديث:

- (شر الناس: الذي يسأل بالله، ثم لا يعطي).
- (شرار أُمتي: الثرثارون المتشدقون المتفيهقون، وخيار أُمتي: أحاسنهم أخلاقًا).
- (أسرق الناس : الذي يسرق صلاته، لا يتم ركوعها ولا سجودها، وأبخل الناس : مَن بخل بالسلام).

·        كما بيَّن القرآن أن الناس ليسوا متساوين في منازلهم، وإن كانوا متساوين في إنسانيتهم بأصل الخِلقة، وإنما هم متفاوتون بعلومهم وأعمالهم تفاوتًا بعيدًا.

يقول القرآن :

-  (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) (الحجرات:13)

- (... هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ...) (الزمر:9)

-  (لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُـلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيما) 

-  (وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور * ولا الظل ولا الحَرور، وما يستوي الأحياء ولا الأموات )

- (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) وهكذا نجد أن الناس يتفاوتون ويتفاضلون، كما تتفاوت الأعمال وتتفاضل، ولكن تفاضلهم إنما هو بالعلم والعمل والتقوى والجهاد.
1.    إختلال ميزان الأولويات في الأمة

من نظر إلى حياتنا في جوانبها المختلفة - مادية كانت أو معنوية، فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية أو سياسية أو غيرها - وجد ميزان الأولويات فيها مختلا كل الاختلال .

** ما يتعلق بالفن والترفيه مُقدَّم أبدًا على ما يتعلق بالعلم والتعليم: *

وفي الأنشطة الشبابية : نجد الاهتمام برياضة الأبدان مُقدَّمًا على الاهتمام برياضة العقول،

وكأن معنى رعاية الشباب : رعاية الجانب الجسماني فيهم لا غير، فهل  الإنسان بجسمه أو بعقله ونفسه؟
يا خادم الجسم كم تسعى لخدمته           أتطلب الربح مما فيه خسران؟
أقبل على النفس، واستكمل فضائلها       فأنت بالنفس - لا بالجسم – إنسان!

·        إن نجوم المجتمع، وألمع الأسماء فيه، ليسوا هم العلماء ولا الأدباء، ولا أهل الفكر أو الدعوة ، بل هم الذين يسمونهم ( الفنانين والفنانات ) ولاعبو الكرة ، وأمثالهم .
الصحف والمجلات، والتليفزيونات والإذاعات، لا حديث لها إلا عن هؤلاء وأعمالهم
(وبطولاتهم ) ومغامراتهم وأخبارهم مهما تكن تافهة، أما غيرهم فهم في ظل الظل، بل في أودية الصمت والنسيان.
يموت الفنان، فترجّ الأرض لموته، وتمتلئ أنهار الصحف بالحديث عنه.
ويموت العالم أو الأديب أو الأستاذ الكبير ، فلا يكاد يحس به أحد!

وفي الجانب المالي :

ترصد المبالغ الطائلة والملايين في تمويل السهرات وحماية أمن الخاصة وخدمة أصحاب المصالح المرسلة من أهل الكروش .
في حين تشكو الجوانب التعليمية والصحية والدينية والخدمات الأساسية، من التقتير عليها، وادعاء العجز والتقشف إذا طلبت بعض ما تريد لتطوير نفسها، ومواكبة عصرها، فالأمر كما قيل : تقتير هنا، وإسراف هناك !
ما رأيت إسرافًا إلا    وبجانبه حق مضيع!

2. إخلال المتدينين اليوم بفقه الأولويات
·        كثيرًا من نجد الذين حُرموا نور العلم ورشد الفقه، يذيبون الحدود بين الأعمال فلا تتمايز، أو يحكمون عليها بغير ما حكم الشرع، فيُفرطون أو يَفرطون، وهنا يضيع الدين بين الغالي فيه والجافي عنه.
وكثير من هؤلاء - مع إخلاصهم - يشتغلون بمرجوح العمل، ويدعون راجحه،
وينهمكون في المفضول، ويغفلون الفاضل. وقد يكون العمل الواحد فاضلا في وقت مفضولا في وقت آخر، راجحًا في حال مرجوحًا في آخر، ولكنهم - لقلة علمهم وفقههم - لا يفرقون بين الوقتين، ولا يميزون بين الحالين.

أمثلة :
  1. كمن يذهب الى الحج كل عام ويترك مصالح أخرى يستطيع تحقيقها .

  1. كمن يترك تخصصه في مجالات مختلفة يمكن أن يفيد الأمة افادة جلية ويتخصص في أمور قد فرغ منها غيره بحجة خدمة الدعوة الاسلامية . !

ولو ترك كل مسلم مهنته فمنذا يقوم بمصالح المسلمين : ولقد بُعِث الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعملون في مهن شتَّى، فلم يطلب من أحدٍ منهم أن يدع مهنته ليتفرغ للدعوة، وبقي كل منهم في عمله وحرفته، سواء قبل الهجرة أم بعدها . فإذا دعا داعي الجهاد، واسُتْنفِروا، نفروا خفافًا وثقالا مجاهدين بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله

  1. واخرون يقيمون معارك يومية يحمى وطيسها من أجل مسائل جزئية أو خلافية، مهملين معركة الإسلام الكبرى مع أعدائه الحاقدين عليه، والكارهين له، والطامعين فيه، والخائفين منه، والمتربصين به.

حتى الأقاليت والجاليات التي تعيش في ديار الغرب : في أمريكا وكندا وأوروبا، فيها من جعلوا أكبر همهم وتحدياتهم :

* الساعة أين ٌتلبس، أفي اليد اليمنى أم اليسرى؟
   * لبس الثوب الأبيض بدل " القميص والبنطلون " : واجب أم سُنَّة؟
   *  دخول المرأة في المسجد: حلال أم حرام؟
   * والأكل على المنضدة، والجلوس على الكرسي للطعام، واستخدام الملعقة والشوكة : هل يدخل في التشبه بالكفار أو لا؟

ومما وقع فيه المسلمون في عصور الانحطاط ولا زال قائمًا إلى اليوم :

1 -- أنهم تركوا - إلى حد كبير - فروض الكفاية المتعلقة بمجموع الأُمة : كالتفوق العلمي والصناعي والحربي، الذي يجعل الأمة مالكة لأمر نفسها وسيادتها حقًا وفعلا، لا دعوى وقولا . . ومثل الاجتهاد في الفقه واستنباط الأحكام، ومثل نشر الدعوة إلى الإسلام، ومثل إقامة الحكم الشورى القائم على البيعة والاختيار الحر، ومثل مقاومة السلطان الجائر، والمنحرف عن الإسلام، ناهيك بالمعادي له !

2-- وأهملوا بعض الفرائض العينية، أو أعطوها دون قيمتها، مثل فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، التي قدَّمها القرآن على الصلاة والزكاة في وصف مجتمع الإيمان . قال تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ...)

3-- واهتموا ببعض الأركان أكثر من بعض، فاهتموا بالصوم أكثر من الصلاة، فلهذا لم يكد يوجد مسلم مفطر في نهار رمضا ن ولا مسلمة .
    - كما أن أكثر الناس اهتموا بالصلاة أكثر مما اهتموا بالزكاة،
 مع أن الله تعالى قرن بينهما في كتابه الكريم في ( 28 ) موضعًا،
 حتى قال ابن مسعود : أُمرنا بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة ومَن لم يزك فلا صلاة له
وقال الصِّدِّيق أبو بكر : والله لأُقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة .
وأجمع الصحابة على قتال مانعي الزكاة، كما قاتلوا أدعياء النبوة ومن اتبعهم من المرتدين، وكانت الدولة المسلمة أول دولة في التاريخ تقاتل من أجل حقوق الفقراء.

4-- واهتموا ببعض النوافل أكثر من اهتمامهم بالفرائض والواجبات، كما هو ملاحظ عند كثيرمن المتدينين، الذين أكثروا من الأذكار والتسابيح والأوراد، ولم يولوا هذا الاهتمام لكثير من الفرائض، وخصوصًا الاجتماعية، مثل : بر الوالدين؟ وصلة الأرحام، والإحسان بالجار، والرحمة بالضعفاء، ورعاية اليتامى والمساكين، وإنكار المنكر، ومقاومة الظلم الاجتماعي والسياسي.

5- واهتموا بالعبادات الفردية، كالصلاة والذِكر، أكثر من اهتمامهم بالعبادات الاجتماعية التي يتعدى نفعها، كالجهاد، والفقه، والإصلاح بين الناس، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالصبر والمرحمة، والدعوة إلى العدل والشورى، ورعاية حقوق الإنسان عامة، والإنسان الضعيف خاصة.

6- وأهتم كثير من الناس بفروع الأعمال، وأهملوا الأصول، مع قول الأقدمين : من ضَّيع الأصول، حُرِم الوصول . وأغفلوا أساس البناء كله، وهو العقيدة والإيمان والتوحيد، وإخلاص الدين لله.

7- ومما وقع فيه الخلل والاضطراب : اشتغال كثير من الناس بمحاربة المكروهات، أو الشبهات، أكثر مما اشتغلوا بحرب المحرَّمات المنتشرة، أو الواجبات المضيعة، ومثل ذلك : الاشتغال بما اختلف في حِلِّه وحُرمته عما هو مقطوع بتحريمه . وهناك أناس مولعون بهذه الخلافيات، مثل مسائل التصوير والغناء والنقاب ونحوها، وكأنما لا هم لهم إلا إدارة المعارك الملتهبة حولها، ومحاولة سَوْق الناس قسرا إلى رأيهم فيها، في حين هم غافلون عن القضايا المصيرية الكبرى التي تتعلق بوجود الأمة ومصيرها وبقائها على الخريطة .

هذا الخلل الكبير الذي أصاب أمتنا اليوم في معايير أولوياتها، حتى أصبحت ُتصغِّر الكبير، وُتكبِّر الصغير، وُتعظِّم الهين، وُتهوِّن الخطير، وُتؤخِّر الأول، وُتقدِّم الأخير، وتهمل الفرض وتحرص على النفل، وتكترث للصغائر، وتستهين بالكبائر، وتعترك من أجل المختَلف فيه، وتصمت عن تضييع المتَفق عليه .. كل هذا يجعل الأمة اليوم في أمَسِّ الحاجة - بل في أشد الضرورة - إلى " فقه الأولويات "، لُتبدئ فيه وُتعيد، وتناقش وتحاور، وتستوضح وتتبين، حتى يقتنع عقلها، ويطمئن قلبها، وتستضيء بصيرتها، وتتجه إرادتها بعد ذلك إلى عمل الخير وخير العمل

0 comentarios:

Publicar un comentario